أظهرت دراسة حديثة أعدها فريق بحثي ألماني ونشرتها مجلة “ساينس أدفانسز” أن أحجار الألماس الكريمة التي تستخدم في الزينة مصدرها قيعان البحار والمحيطات، بعد أن بينت آثار الملح المحتجزة في العديد من قطع الحجر الثمين أنه تشكل من قيعان البحار القديمة التي دفنت في أعماق قشرة الأرض.
وتشكل معظم الألماس الموجود على سطح الأرض بهذه الطريقة، في حين تشكل باقي الألماس عن طريق بلورة الصهارة الذائبة في أعماق القشرة الأرضية.
ويتمثل الألماس في بلورات من الكربون تتشكل تحت قشرة الأرض في أجزاء قديمة جدا من وشاح الأرض، ثم تصعد إلى سطحها نتيجة لحدوث الثورات البركانية التي تطلق نوعا خاصا من الصهارة يسمى الكمبرليت (صخر بركاني على شكل أنابيب مختلفة الأشكال مصدرها البراكين).
ويتشكل الكمبرليت على عمق يتراوح بين 150 إلى 200 كيلومتر تحت سطح الأرض، قبل أن يقذف به البركان خارجا.
ألماس الأحجار الكريمة
عادة ما يتكون الألماس المصنوع من الأحجار الكريمة من الكربون الخالص، في حين أن ما يوصف بالألماس الليفي -وهو أقل جاذبية للاستخدام في المجوهرات- غالبا ما يتضمن بقايا صغيرة من الصوديوم والبوتاسيوم والمعادن الأخرى التي تكشف عن معلومات حول البيئة التي تشكل فيها.
وينمو الألماس الليفي بسرعة أكبر من ألماس الأحجار الكريمة، مما يعني أنه يحبس عينات صغيرة من السوائل من حوله أثناء تكوينه.
وتحل الدراسة إشكالية أمضى العلماء في مناقشتها وقتا طويلا لمعرفة كيفية تشكل الألماس، ويقول مؤلفها الرئيسي مايكل فورستر: “كانت هناك نظرية مفادها أن الأملاح المحبوسة داخل الألماس جاءت من مياه قيعان البحار، لكن لم يكن ممكنا اختبار هذه الفرضية، وفي دراستنا الحالية أظهرنا أن هذه الأملاح جاءت من الرواسب البحرية”.
وأظهر الباحثون -بناءً على التجارب التي أجراها مايكل فورستر وستيفن فولي وأوليفييه ألارد وزملاؤهم في معهد غوته وجامعة يوهانس غوتنبرغ بألمانيا، لإعادة نمذجة الضغوط الشديدة ودرجات الحرارة التي وجدت أدلة عليها على بعد 200 كيلومتر تحت الأرض- أن مياه البحر المختلطة برواسب قاع المحيط تتفاعل بشكل جيد لإنتاج توازن الأملاح اللازم لتشكيل الألماس.
تجارب وأبحاث
ووضع الباحثون لاختبار هذه الفكرة عينات من الرواسب البحرية في وعاء به صخرة البيريدوتيت النارية، النوع الأكثر شيوعا من الصخور الموجودة في الجزء من الوشاح حيث يتشكل الألماس، ثم زادوا الضغط والحرارة مع منح العينات الوقت للتفاعل مع بعضها بعضا في ظروف مثل تلك الموجودة في أماكن مختلفة في الوشاح.
ووجد الباحثون -في ضغوط تتراوح بين أربعة وستة غيغا باسكال ودرجات حرارة تتراوح بين 800 درجة مئوية و1100 درجة مئوية، تتوافق مع أعماق تتراوح بين 120 و180 كيلومترا تحت سطح الأرض- أملاحا تتشكل بتوازن من الصوديوم والبوتاسيوم تتطابق إلى حد كبير مع البقايا الصغيرة الموجودة في الألماس.
ويقول مايكل فورستر في البيان الصحفي المرفق بالدراسة “لقد أدركنا أن هناك نوعا من السوائل المالحة يجب أن توجد أثناء تشكل الألماس، والآن أكدنا أن الرواسب البحرية تفي بالغرض”.
ويضيف أنه لكي تحدث هذه العملية يجب أن تنزلق كتل كبيرة من قاع البحر إلى عمق يزيد على 200 كيلومتر تحت سطح الأرض بسرعة كبيرة، في عملية تعرف باسم “الاندساس” حيث تنزلق صفيحة تكتونية أسفل أخرى.
ويبرر الباحثون أهمية الهبوط السريع للكتل الأرضية بأن الرواسب يجب أن تضغط إلى أكثر من أربعة غيغا باسكال (40,000 ضعف الضغط الجوي) قبل أن تبدأ الذوبان في درجات حرارة أكثر من 800 درجة مئوية وجدت في الوشاح القديم.
المصدر : الصحافة الألمانية + الجزيرة