“الزراعة بدون تربة”.. ابتكار يمنح باحثاً عربياً الفوز بجدارة
الاجتهاد يغلب الذكاء أحياناً، إنه رأي غالبية الأشخاص الذين يصنفون مع الناجحين حول العالم.
فمن المؤسف إيجاد شخص ذكي ولكنه كسول ويفتقر إلى العزيمة والنشاط، وبالمقابل، ستشعر بتفاؤل كبير عند مصادفتك للمجتهدين حتى لو غابت عنهم صفة الذكاء، فاحتمال نجاحهم مؤكد بحسب خبراء.
وفي مقالنا اليوم سنتناول شخصية من ألمع نجوم الباحثين العرب في مجال الزراعة، إليكم التفاصيل:
فاز الباحث المصري محمد أبو السعود محمد بجائزة مؤسسة عبد الحميد شومان للباحثين العرب، عن تطبيقاته في مجال الزراعة بدون تربة، وقال الباحث لموقع “سكاي نيوز عربية” إن هذه الجائزة تدفعه لتحقيق مزيد من الإنجاز العلمي للمساعدة في تحسين حياة البشر.
وتم الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز مؤسسة عبد الحميد شومان للباحثين العرب في دورتها الـ 40 لعام 2022، نهاية هذا الأسبوع، وفاز بالجائزة هذا العام 17 باحثا من مختلف الجنسيات العربية.
وتعتبر جوائز مؤسسة عبدالحميد شومان للباحثين العرب، ومقرها الأردن، أحد أبرز الجوائز على مستوى الباحثين العرب، وهي أول جائزة عربية تعني بالبحث العلمي، وتهدف إلى الإحتفاء ودعم الباحثين العرب في المجالات المختلفة، تعلن سنويا.
وجائزة هذا العام أُعلنت في 6 مجالات مختلفة تتناول العلوم الطبية والصحية ومجال علوم الهندسة والعلوم التكنولوجية والزراعية، بالإضافة إلى العلوم الإنسانية والإجتماعية والتربوية والعلوم الأساسية ومجال العلوم الإدارية والاقتصادية، وذلك في 12 موضوعا مختلفاً.
محمد أبو السعود محمد، الفائز بجائزة شومان في الزراعة، يعمل وكيل الإرشاد والتدريب بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي التابع لمركز البحوث الزراعية في وزارة الزراعة المصرية، وقد حصد الجائزة عن موضوع “نظريات وتطبيقات في الزراعة بدون تربة” .
وعن أهمية تلك الجائزة، قال أبو السعود لموقع “سكاي نيوز عربية”: إن “جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب هي من أقدم الجوائز العربية المتخصصة في مجال البحث العلمي، وهي على المستوى البحثي والمهني ذات قيمة كبيرة، ولن نبالغ كثيراً إذا قلنا إنها المرادف العربي لجائزة نوبل على مستوى البحث العلمي العربي، لذا تقدم تلك الجائزة حفاوة كبيرة للباحث العربي كلا في مجاله”.
وتابع: أن” للجائزة أهمية كبيرة ليس على المستوى المادي، بل على مستوى الدعم النفسي والمعنوي، أن هناك من يقوم بتقدير أناس قد وهبوا حياتهم من أجل البحث العلمي.
أهمية الجائزة في الدعم النفسي الرهيب عندما تتأزم أمور الباحثين وخاصة المصريين الذين يواجهون العديد من المصاعب.
الجائزة هي دفعة للأمام نحو تطوير للذات أكثر وبالتالي تطوير مستوى البحث العلمي المقدم”.
وأضاف أن” الباحثين أي باحثين من أي جنسية في أي دولة بالعالم، ينسون أنفسهم كثيرا وعائلاتهم وحياتهم.
الباحثون مدمنون عمل وتغيير، ولا يرضون عن عملهم دائما بل يسعون للمزيد”.
وشدد على أن “البحث العلمي هو القاطرة الحقيقية لأي تقدم، ليس فقط على المستوى العلمي بل على مستوى تحسين حياة البشر ووضعهم الصحي والاقتصادي والحياتي وتسهيل سبل العيش والحياة والقضاء على الجوع والفقر”.
تنوعت البحوث التي شارك بها الباحث المصري محمد أبو السعود محمد في منافسات جائزة عبدالحميد شومان للباحثين العرب في حقل العلوم التكنولوجية والزراعية موضوع “نظريات وتطبيقات في الزراعة بدون تربة” حيث تناولت البحوث عدد من أهم المجالات البحثية في مجال الزراعة بدون تربة، بحسب ما أكده الباحث لموقع سكاي نيوز عربية.
وبحسب الباحث فإن بعض الأبحاث تناولت “الزراعة بدون تربة البيئية، حيث تعني تلك البحوث بالزراعة البيئية بدون تربة بهدف حفض استخدام البيئات المستوردة، واستبدالها ببيئات محلية متجددة، مثل المكمورة و مكمورة دودة الأرض، علاوة على خفض استخدام الأسمدة الكيماوية والمحاليل المغذية، عن طريق استخدام أسمدة عضوية سائلة، مثل مستخلصات مكمورة دودة الأرض في تغذية نباتات الخضر المختلفة”.
ووفق أبو السعود، فبعض الأبحاث تناولت “نظم الزراعة بدون تربة التجارية، وهي مجموعة من البحوث التي اهتمت بتطوير نظم تجارية ملائمة للزراعة بدون تربة تحت البيوت المحمية (الطماطم – الخيار – الخس – الكرفس …) مع المقارنة الإنتاجية والاقتصادية، وتقدير كفاءة استغلال المياه والطاقة، ودراسة ارتباط الطاقة بإدارة النظم الإنتاجية للزراعة بدون تربة، من خلال تقييم نظم مختلفة لإمداد الهواء في نظم الزراعة المائية”.
مجموعة أبحاث أخرى وفقاً للباحث تناولت” الزراعة فوق أسطح المدن، واستعرضت تلك البحوث مجموعة كبيرة من النظم ونباتات الخضر، والتي يمكن زراعتها فوق أسطح المباني، ومدى مساهمتها في حماية البيئة وتوفير الأمن الغذائي”.
أيضاً تناول الباحث وفقاً لتأكيده “تطبيقات الزراعة بدون تربة الذكية، حيث يتم الرصد و التحكم في كافة عوامل المناخ الدقيق علاوة على الظروف البيئية للزراعة بدون تربة داخل البيوت المحمية، وتم تصميم نموذج مصغر لبيت محمي، وكذلك تصميم نظام رصد وتحكم متكامل باستخدام لوحات إلكترونية، ومجموعة من المستشعرات والمتحكمات مع البرمجة الذكية للنظام، باستخدام تكنولوجيا إنترنت الأشياء IOT لعرض كافة البيانات على الإنترنت”.
وقال الباحث إنه يعكف حالياً على” تطوير نظم زراعة بدون تربة، علاوة على نظم المصنع النباتي الذكي والمخصصة لإنتاج الخضر الورقية كالخس والكرفس والريحان وكرنب السلاطة والكيل، والذي يمكن من خلاله مضاعفة الإنتاج أكثر من 20 ضعف لوحدة المساحة و3 أضعاف وحدة الزمن”.
تجدر الإشارة إلى أن محمد أبوالسعود محمد، تخرج في كلية الزراعة بجامعة عين شمس عام 1993، وحصل على درجة الدكتوراه من ذات الجامعة عام 2005، وتجاوز عدد الأبحاث التي نشرها 60 بحثاً علمياً في النشرات العلمية الدولية والمحلية، بالإضافة إلى النشرات الفنية في مجال الزراعة بدون تربة، وحصل على العديد من الدورات التدريبية في النرويج واليونان والصين وهولندا وإيطاليا.
ومن هنا يمكننا استخلاص الدروس المستفادة من تجربة محمد أبو السعود، كتطبيق عملي للحكمة الشهيرة “من جدّ وجد، ومن سار على الدرب وصل”.