اختار المغرب الذهاب في طريق جديد لتطوير إمكانياته في المجال الفلاحي، تزامنا مع توالي المشاكل التي لم ينجح مخطط المغرب الأخضر الممتد ما بين 2008 و2018 في حلها، وخاصة الجفاف والخصاص في سوق المحلية، إذ ضخ المكتب الشريف للفوسفاط ربع مليار دولار في صندوق استثماري يحمل اسم “بذرة” بالولايات المتحدة الأمريكية بهدف الاستثمار في مجال الحلول الذكية والمبتكرة المتعلقة بالفلاحة والمياه.
وعلى عكس مخطط المغرب الأخضر ثم الجيل الأخضر اللذان تُركا لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإن الجهتان اللتان تقفان وراء هذا الاستثمار هما المكتب الشريف للفوسفاط وجامعة محمد السادس التقنية متعددة التخصصات، عبر صندوق استثماري أنشئ بمدينة سان فرانسيسكو بقيمة 50 مليون دولار في أبريل من سنة 2022، قبل أن تقوم الـ OCP بضخ 200 مليون دولار إضافية مؤخرا ستتحول إلى استثمارات في شركات أمريكية ناشئة.
وتقوم فكرة الصندوق على المساهمة في رأس مال الشركات الحديثة التي تعمل على الوصول إلى نتائج مبتكرة في مجالات الفلاحة والماء والطاقة والمعادن، من أجل نقل تلك الحلول إلى المغرب وباقي دول القارة الإفريقية، ويركز الصندوق على البحث في مجال التكنولوجيات الحديثة الفلاحية وتوفير المياه والطاقات المتجددة، إلى جانب تطوير وسائل ومعايير إنتاج الأسمدة التي يعد المكتب الشريف للفوسفاط من بين أكبر منتجيها في العالم.
وشرع الصندوق في اقتناء حصص من الشركات الأمريكية الناشئة خلال عامه الأول، منها التي تعمل في مجال الاستعانة بالروبوتات للحد من استخدام المواد الكيميائية في الفلاحة، وأخرى تعمل في مجال تحليل التربة، حيث ركز في سنته الأولى على الاستثمار في المؤسسات المرتبطة بالقطاع الفلاحي، على أن يوسع استثماراته بعد أن تمت مضاعفة الأموال المرصودة له هذه السنة 4 مرات مقارنة بالسنة الماضية، مع وضع المياه في صدارة أولوياته.
وفي مارس الماضي أعلن المكتب الشريف للفوسفاط أن أرباحه السنوية ارتفعت بـ72 في المائة سنة 2022، لتصل إلى 28,2 مليار درهم أي 2,7 مليار دولار، بعدما كانت لا تتجاوز 16,3 مليار درهم سنة 2021 أي مليار ونصف المليار دولار، مستفيدا من تزايد الطلب على الأسمدة المغربية في السوق الدولية، وحسب النتائج المالية السنوية للمجموعة، جاء هذا الأداء الاستثنائي نتيجة ارتفاع أسعار أسمدة الفوسفاط إلى مستويات قياسية، بدعم من اضطرابات سلاسل الإمداد والقيود المفروضة على الصادرات وارتفاع تكاليف المدخلات.
وقال المكتب إنه رقم معاملات المجموعة برسم سنة 2022، سجل ارتفاعا بنسبة 36 في المائة مقارنة بالسنة الماضية ليصل إلى أزيد من 114,5 مليار درهم، موضحا في بلاغ حول نتائجه عند متم دجنبر 2022، أن هذا الأداء يعكس أساسا ارتفاع الأسعار في القطاعات الثلاث والذي ساهم في تعويض انخفاض حجم المبيعات.
وأورد المصدر ذاته أن رقم معاملات الصخور الفوسفاطية ارتفع بنسبة 51 في المائة على أساس سنوي، ويرجع ذلك بالأساس إلى تحسن الأسعار التي رافقت انخفاض حجم الصادرات نحو مناطق الاستيراد الرئيسية، وأن رقم معاملات الحامض الفوسفوري سجل ارتفاعا طفيفا بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي.
وبالنسبة للأسمدة، ارتفع رقم المعاملات بنسبة 44 في المائة مقارنة مع السنة الفارطة بفضل ارتفاع أسعار المبيعات التي عوضت تأثير انخفاض حجم الصادرات، فيما ساهمت الظروف الاقتصادية غير الملائمة للفلاحين والمرتبطة بارتفاع الأسعار في انخفاض الطلب العالمي، وارتفع هامش الربح الإجمالي إلى 70,38 مليار درهم مقابل 55,22 مليار درهم في السنة الماضية، وقد أدى تحسن أسعار البيع إلى تعويض تكاليف المواد الأولية، خاصة الأمونياك والكبريت.