لا شك أن الطريقة التي يُنمي فيها المليارديرات وأثرياء العالم أموالهم مختلفة كثيرًا عن مفهوم البعض التقليدي عن كسب المال، فالأمر أكبر من وظيفة براتب ممتاز أو تجارة رابحة.
في هذا الصدد، يوضح “تقرير الثروة” -الصادر عن وكالة “نايت فرانك” (Knight Frank) للاستشارات العقارية في مارس/آذار الحالي، بالتفصيل- كيف يستثمر أصحاب الثروات الضخمة أموالهم.
وأشار التقرير إلى أن أغنياء العالم يخزنون أموالهم على شكل مجموعات فنية ضخمة أو عبر العملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال، وتشكل كل فئة من فئات الأصول نسبة مئوية من متوسط المحفظة.
أولًا: الاستثمار العقاري
إجمالا تشكل العقارات التجارية النسبة الأكبر من محافظ أصحاب الثراء الفاحش، وتنقسم الاستثمارات العقارية إلى مباشرة وغير مباشرة. ويشهد متوسط المحفظة استثمار 21% بشكل مباشر في العقارات التجارية، بينما يتم استثمار 13% من خلال تمويل الديون أو صناديق الاستثمار العقاري.
ثانيًا: أسواق الأسهم
أظهر التقرير أن الاستثمارات في الأسهم تأتي بالمرتبة الثانية، حيث إن 26% من المحافظ الاستثمارية لأثرياء العالم تذهب إلى أسواق الأسهم، وتصل هذه النسبة إلى الثلث في الأميركتين.
وعام 2022، أنفقت شركة “بيركشير هاثاواي” (Berkshire Hathaway) التابعة للمستثمر الأبرز في أميركا “وارن بافيت”، رقما قياسيا قدره 68 مليار دولار على الأسهم.
وقد أكد 43% من المشاركين في استطلاع “نايت فرانك” أن عملاءهم يستثمرون في أسهم القطاع العقاري، بينما يحل الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية بالمرتبة الثانية بنسبة بلغت 35%.
وأشار التقرير إلى أن العوامل البيئية تعد مهمة في كيفية اختيار الأثرياء للعقارات التي يرغبون في الاستثمار فيها، حيث قال 57% إن عملاءهم ينظرون فيما إذا كان العقار يحتوي على مصدر للطاقة الخضراء.
ثالثًا: السندات
ليس من المستغرب أن تشكل السندات 17% من متوسط محفظة أغنى أثرياء العالم، وهو النوع الأكثر استقرارا وأقل مخاطرة. ويعتمد المستثمرون هنا على السند الإذني، ويتم إصداره عادة من قبل الحكومات أو الشركات العملاقة، حيث يكون المُصدر ملزما بدفع الفائدة في تاريخ استحقاق محدد، عادة من 1-30 عاما.
وقالت “بلاك روك” (Black Rock)، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، إن هناك إقبالا ملحوظا من قبل المستثمرين على السندات مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة الفدرالية.
رابعًا: الملكية الخاصة
إن الملكية الخاصة تعني الاستثمار بشركة ليست في سوق الأسهم بعد، وهو ما يعني أن الاستثمار أكثر خطورة ولكن الشركة لديها إمكانات نمو عالية، ويخصص أغنى أغنياء العالم في المتوسط 9% من محافظهم الاستثمارية في مثل هذا النوع من الاستثمارات، ويمكن أن يشمل رأس المال الاستثماري أيضا المساعدة في تأسيس الشركات الناشئة.
وكان الملياردير الأميركي “بيتر ثيل” أول مستثمر على “فيسبوك” عام 2004، حيث استثمر مبلغ 500 ألف دولار، وحصل على ربح 638 مليونا عندما تم إدراج فيسبوك في البورصة بعد 8 سنوات.
خامسًا: استثمارات الشغف
إن استثمارات الشغف أشياء مثل اللوحات الفنية والسيارات والمقتنيات الثمينة التي يمكن شراؤها للتمتع وكمخزن للقيمة. وتشكل استثمارات الشغف ما يقرب من 5% من متوسط محافظ أثرياء العالم.
وقال 59% من المشاركين باستطلاع “نايت فرانك” إن عملاءهم من المرجح أن يشتروا الأعمال الفنية هذا العام، وجاءت الساعات في المرتبة التالية، بينما توقع ثلث العملاء شراء سيارات كلاسيكية، وأظهر الاستطلاع أن 20% من تلك الاستثمارات توجهت لسوق حقائب اليد الفاخرة.
وعام 2017، أصبحت “سالفاتور موندي” (Salvator Mundi) -للفنان ليوناردو دافنشي- أغلى لوحة بيعت على الإطلاق بمبلغ وصل إلى 450.3 مليون دولار.
سادسًا: الذهب
في المتوسط، يخزن أغنى أثرياء العالم 3% من استثماراتهم في الذهب، ويعتبرونه ثاني أكثر عمليات الشراء أمانا بعد الممتلكات. ويقول المحلل المالي “جيمس جيسون”: أظهر التاريخ أنه خلال التباطؤ الاقتصادي، من الكساد العظيم إلى جائحة كوفيد 19، ترتفع قيمة الذهب”.
ووفقا لمجلس الذهب العالمي، فإن الطلب على سبائك المعدن الأصفر والعملات المعدنية ارتفع بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط من العام الماضي بنحو 5 أضعاف عام 2022 عن العام السابق.
سابعًا: العملات المشفرة
يرى أغنى أثرياء العالم أن العملة المشفرة هي الاستثمار الأكثر تقلبا، لكنها لا تزال تشكل 2% من متوسط محافظهم. وفي تقريرها العام الماضي، قالت “نايت فرانك” إن 18% من أصحاب الثروات الكبيرة يمتلكون نوعا من العملات المشفرة. وفي حين لا يزال 34% يعتقدون أن سوق “الرموز غير القابلة للاستبدال” لديه الكثير من الإمكانات، وغيّر 20% رأيهم بعد الانهيار الأخير للعملات المشفرة.