رغم كل النصائح التي نسمعها يوميًا بخصوص أهمية اختيار الشخص لطريقه الخاص في الحياة وألا يقلد أحدًا، إلا أن ذلك لا يلغي مبدأ الاقتداء بأفعال الناس الناجحة وأخذ ما هو مفيد من خبراتهم في المجالات التي سطع نجمهم بها.
وحين يتعلق الأمر بعالم المال والأعمال نرى أن أغلب الأثرياء في العالم يتبعون عادات وسلوكيات أساسية مشتركة في تنظيم حياتهم. وقد أحب رجل الأعمال “جون رامبتون” اختصار الأمر بجملة واحدة فقال: “أكثر الناس نجاحا على هذا الكوكب هم الأشخاص الذين يخصصون ساعة يوميا للقراءة والتعلم”.
وكتب “رامبتون” في مقال نشره موقع “إنتروبرونر” (Entrepreneur) الأميركي، أن أكثر الأشخاص نجاحا في العالم يقضون وقت فراغهم في التعلم، مشيرًا إلى توصيات أو نقاط هامة في هذا الصدد.
الأثرياء لا يشاهدون التلفاز:
اكتشف “توماس كورلي”، الذي درس حياة 233 ثريًا طوال 5 سنوات على، أنهم لا يشاهدون التلفاز، وبدلا من ذلك، ادعى 86% منهم أنهم يقرؤون ليس من أجل المتعة فحسب، كما أشار 63% منهم إلى أنهم استمعوا إلى الكتب الصوتية في أثناء تنقلاتهم الصباحية.
وينسب إلى خبيرة الإنتاجية “شونسيه مادوكس” قولها إن الأشخاص الناجحين يقرؤون، وفي المتوسط يقرأ الواحد منهم كتابين أو أكثر شهريا. لذلك، تقترح على الجميع قراءة المدونات، والمواقع الإخبارية، والأدب الخيالي وغير الخيالي في أثناء فترة التوقف للاستمتاع بمزيد من المعرفة. وإذا كنتم تتنقلون كثيرا، فاستمعوا إلى الكتب الصوتية أو البودكاست.
وتساءل الكاتب “رامبتون” في هذا الصدد: من لديه الوقت للجلوس والقراءة؟ بين العمل والأسرة، يكاد يكون من المستحيل إيجاد وقت فراغ، قائلا إنه -بوصفه رائد أعمال وأبًا- يمكنه أن يتحدث، ولكن إلى حد ما فقط. بعد كل شيء، إذا كان “باراك أوباما” يقرأ في أثناء وجوده في البيت الأبيض، فما العذر الذي لديك؟
في الواقع إن الرئيس الأسبق “أوباما” ليس الزعيم الوحيد الذي ينسب نجاحه إلى القراءة؛ فكل من “بيل غيتس” مؤسس مايكروسوفت، و “جيف بيزوس” مؤسس أمازون، و “وارن بافيت”، و “أوبرا وينفري”، و “إيلون ماسك”، و “جاك ما” قراء شرهون.
نستذكر هنا تصريح “غيتس” لصحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) حين قال: “القراءة هي إحدى الطرق الرئيسية التي تعلمتها منذ أن كنت طفلا، ولا تزال”.
قاعدة الساعات الخمس:
هي قاعدة شهيرة تحمل مفهومًا غاية بالبساطة: “بغض النظر عن مدى انشغال الأشخاص الناجحين، فإنهم يقضون دائما ما لا يقل عن ساعة يوميا -أو 5 ساعات في الأسبوع- في التعلم أو التدريب. ويفعلون ذلك طوال حياتهم المهنية”.
الأجزاء الثلاثة لقاعدة الـ 5 ساعات:
أولًا: القراءة
أصحاب الملايين العصاميون، يقرؤون ما بين ساعة و3 ساعات يوميا. ويقول “إيلون ماسك” إنه تعلم كيفية بناء الصواريخ، التي تؤدي إلى “سبيس إكس” (SpaceX)، عن طريق القراءة.
بالإضافة إلى توسيع نطاق معرفتك، يقول “جاك ما” -الشريك المؤسس لـ”علي بابا” (Alibaba)- “يمكن للقراءة أن تمنحك بداية جيدة؛ هذا غالبا ما لا يستطيع أقرانك الحصول عليه. مقارنة بالآخرين، من المرجح أن يعرف القراء إستراتيجيات وتكتيكات الصناعات الأخرى”.
ويحث الكاتب القراء قائلا “حتى إذا كنت لا تستطيع الالتزام بساعة أو أكثر من القراءة كل يوم، فابدأ بـ 20 إلى 30 دقيقة”، مشيرا إلى أنه لديه دائما كتاب بجانبه، لذا عندما ينتظر لبدء اجتماع أو في غرفة الانتظار بعيادة الطبيب، يمكنه القراءة بدلا من إضاعة الوقت على الهاتف الذكي. يمكنك أيضًا تجربة الكتب الصوتية في أثناء تنقلاتك اليومية أو في أثناء ممارسة الرياضة
ثانيًا: تخصيص وقت للتأمل والتفكير والنقاش مع الذات
تتضمن قاعدة الـ 5 ساعات أيضا التفكير والتأمل. قد يكون هذا مجرد التحديق في الحائط أو تدوين أفكارك. والتركيز على الماضي يعطيك فرصة للتعلم من الأخطاء التي ارتكبتها، وكذلك تقييم ما فعلته بشكل صحيح. نتيجة لذلك، ستكون أكثر ملاءمة لتحقيق أهدافك وتحسين حياتك.
في عام 2014، وجدت دراسة أجرتها جامعة تكساس أن الراحة العقلية والتفكير يحسن التعلم.
ويقول الكاتب -بشأن جدولة وقت التفكير- إنه وجد أن حجز فترة من 15 إلى 20 دقيقة بعد الغداء أمر مثالي، لأنها تأتي بعد الخروج من فترة الركود التي أعقبت الغداء، وينصح بالبدء بوقت قصير: 5 أو 10 دقائق يوميا، ثم واصل طريقك حتى لا تشعر بالإرهاق.
وتعرف على الأسئلة التي تريد طرحها. التزم بسؤالين أو 3 فقط تركز على ذلك اليوم المحدد. على سبيل المثال، إذا حضرت مؤتمرا، فاسأل، “ما النقاط الرئيسية؟” و”كيف يمكنني تطبيق هذا على عملي؟”
ثالثًا: التجربة
الجزء الثالث والأخير هو التجريب السريع، إذ أشار “رامبتون” إلى أن اختراع “جي ميل” (Gmail) تم لأن شركة “غوغل” (Google) سمحت للموظفين بتجربة أفكار جديدة.
سبب فائدة التجارب هو أن لديك حقائق -وليس افتراضات- توضح لك ما ينجح. ويمكنك التعلم من أخطائك والحصول على آراء الآخرين. وأفضل ما في الأمر أن التجربة لا تستغرق وقتا طويلا. في معظم الأوقات، تختبر من خلال الأنشطة نفسها التي تؤديها من دون اختبار.
حتى أن “جاك ما” يوصي بتطبيق المعرفة التي تعلمتها على سيناريو من واقع الحياة. على سبيل المثال، بعد قراءة كتاب عن التعاون والعمل الجماعي، يمكنك القيام بعمل تطوعي جديد لاستخدام هذه المعرفة.
عندما تجعل التعلم عادة، فمن المرجح أن تكون أكثر نجاحا وإنتاجية في مجالات مختلفة من حياتك. ومن خلال الاستثمار في عادة القراءة، يمكنك التأكد من أنك تنمي نفسك -وشركتك- كل يوم.