حقيقة أغرب من الخيال.. تقنيات جديدة ستجعل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية أمراً طبيعياً ليلًا ونهاراً
لا أحد ينكر الدور المهم الذي يؤديه توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بالنسبة إلى الدول الفقيرة، قبل البلدان المتقدمة، في الوقت نفسه، لا يوجد من يُجزِم إمكان الاعتماد على ضوء الشمس باعتباره مصدرًا موثوقًا للإمدادات، نظرًا لطبيعته المتقطعة، مثل طاقة الرياح.
وأمام ذلك، طوّر علماء الألواحَ الشمسية التي يمكن أن تعمل ليلًا وبواسطة المطر أيضًا، ويمكن لهذه الابتكارات أن تحول الطاقة الشمسية إلى مصدر كهرباء يعمل على مدار اليوم؛ ما يساعد في تحقيق العالم للحياد الكربوني بحلول 2050.
ومع انخفاض أسعار الألواح الشمسية بنسبة 80% خلال العقد الماضي، وبعدما أصبحت ذات جدوى اقتصادية للدول الفقيرة، التي لا تزال تعاني نقص الكهرباء، خاصة في أفريقيا، يمكن أن تساعد 3 ابتكارات في جعل توليد الكهرباء من طاقة الشمس مصدرًا موثوقًا على نطاق واسع، وفق تقرير حديث صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي، واطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ليلًا
في ابتكار واعد للطاقة المتجددة الموثوقة على مدار الساعات الـ24، اختبر العلماء الألواح التي تستمر في إنتاج الكهرباء حتى عندما تغرب الشمس.
كما يعرف الجميع أن الألواح الشمسية التقليدية تعمل في ضوء النهار فقط؛ لذلك هناك حاجة إلى بطاريات تخزين باهظة الثمن لتمكين استخدام الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية في الليل.
وفي هذا الصدد، اختبر فريق في جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الألواحَ الشمسية التي تحافظ على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على مدار الساعة.
ويُبنى هذا الابتكار على حقيقة أن الألواح الشمسية تبرد في الليل، ويمكن توليد الكهرباء من اختلاف درجات الحرارة بين هذه الألواح الباردة والهواء المحيط الذي لا يزال دافئًا، ويُجرى ذلك باستخدام مولد كهربائي حراري ينتج الكهرباء مع مرور الحرارة من خلاله.
ويقول باحثو جامعة ستانفورد إنه يمكن تصنيع مثل هذه الألواح باستخدام مكونات متاحة بسهولة، مع إمكان تحديث الألواح الحالية، لتكون قادرة على توفير مصدر كهرباء موثوق لنحو 750 مليون شخص حول العالم يفتقرون إلى الكهرباء في الليل، بحسب التقرير.
تشغيل الألواح الشمسية خلال المطر
يختلف حجم الكهرباء المولّدة من الألواح الشمسية التقليدية باختلاف شدة ضوء الشمس، وليس غروب الشمس فقط، كما أن الغيوم والأمطار يمكن أن تجعل توليد الكهرباء أقل فاعلية.
وأمام ذلك، يرى علماء من جامعة سوشو في الصين أن الاحتكاك الناتج عن سقوط قطرات الأمطار الغزيرة على الألواح، يمكن استغلاله في تعزيز توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.
ويأتي ذلك من خلال استخدام مولد كهربائي فوق لوح شمسي تقليدي، والذي يحوّل الحركة، التي تكون في هذه الحالة تأثير قطرات المطر- إلى كهرباء.
وإضافة إلى زيادة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الأيام الممطرة، يمكن للألواح التي تعمل بالاحتكاك استمرار التوليد خلال الليل، حال هطول المطر، بحسب التقرير الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
روبوتات تنظيف الألواح الشمسية
يمكن للغبار أن يحجب الضوء عن الألواح الشمسية؛ إذ تشير الأبحاث إلى أن الأشياء المتراكمة على السطح يمكن أن تقلل من إنتاج الألواح الشمسية بنسبة تصل إلى 85%، وفقًا للتقرير.
ويستغرق تنظيف منشأة كبيرة للطاقة الشمسية وقتًا طويلًا ومكلفًا؛ إذ يُكلف الغسيل اليدوي بفرشاة وماء نحو مليوني دولار على مدى 10 سنوات، وفقًا لتقديرات إحدى الدراسات لمحطة الطاقة الشمسية على نطاق المرافق.
وفي حالة عدم القيام بذلك بانتظام؛ فإن هذه الأوساخ تلتصق في نهاية المطاف بالألواح الشمسية؛ ما يقلل من توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، ولمواجهة هذه المشكلة؛ فإنه يمكن استخدام روبوتات التنظيف الجاف المستقلة.
وتعمل هذه الروبوتات ليلًا للحد من تعطيل الألواح في أثناء توليد الكهرباء نهارًا، وباستخدام أقمشة من الألياف الدقيقة ونفاثات من الهواء، أدى استخدامها لمدة عام واحد إلى توفير ما يكفي من المياه لتلبية احتياجات 220.800 ألف شخص.
وفي الوقت الحالي، تُستخدم روبوتات التنظيف في ملايين الألواح الشمسية في 30 مشروعًا كبيرًا، من تشيلي إلى الهند، بحسب منتدى الاقتصادي العالمي.
اقرأ أيضًا: الطاقة الشمسية.. العالم يحتاج إلى إضافة 5.2 تيراواط بحلول 2030 (تقرير)
يُعدُّ تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح -في ظل تحديات أمن الطاقة التي يواجهها العالم حاليًا- فرصة كبيرة، خاصة مع الحاجة إليها لمواجهة أزمة تغير المناخ.
وأوضحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) -في تقرير آفاق تحولات الطاقة العالمية، الصادر اليوم الثلاثاء 29 مارس/آذار- أن العالم سيحتاج إلى زيادة سعة الطاقة الشمسية 7 مرات إلى 5.2 تيراواط بحلول عام 2030، و14 تيراواط بحلول منتصف القرن، لخفض الاحترار العالمي 1.5 درجة مئوية.
وفي عام 2021، بلغت السعة التراكمية المركبة للطاقة الشمسية 843 غيغاواط على مستوى العالم، بزيادة 133 غيغاواط عن العام السابق له.
تعزيز إضافات الطاقة الشمسية
ترى آيرينا أن العالم يحتاج إلى إضافة 450 غيغاواط من الطاقة الشمسية الجديدة سنويًا حتى نهاية هذا العقد.
ومن المقرر أن تستحوذ آسيا -بقيادة الصين والهند- على ما يقرب من نصف سعة الطاقة الشمسية المثبتة حول العالم، مع إضافات سنوية بمقدار 210 غيغاواط حتى عام 2030، بحسب التقرير.
وبحسب التقرير، فإن أوروبا من المرجح أن تستحوذ على 19% -55 غيغاواط سنويًا- من إجمالي السعة المركبة عالميًا بحلول 2030.
ومن المتوقع أن تستحوذ أميركا الشمالية على حصة 14% بنهاية العقد الجاري، أي ما يعادل 90 غيغاواط سنويًا، تليها منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بمقدار 70 غيغاواط سنويًا.
ومن ناحية أخرى، فإنه بموجب سيناريو 1.5 درجة مئوية، يجب أن ترتفع السعة المركبة للطاقة الكهرومائية 30% بحلول عام 2030 إلى ما يقرب من 1500 غيغاواط.
كما يجب أن تؤدي الطاقة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الشمسية المركزة وطاقة المحيطات أدوارًا مهمة في دعم إزالة الكربون، رغم أنها لا تمثّل سوى 5% من سوق الطاقة المتجددة حاليًا.
ومن المتوقع أن تنمو هذه التقنيات 6 أمثال بحلول عام 2030 لتصل إلى 750 غيغاواط، من أجل تحقيق الحياد الكربوني منتصف القرن.
تعزيز تحول الطاقة
رغم أهمية الطاقة الشمسية في مواجهة أزمة تغير المناخ، فإن هذا لا يغفل حاجة العالم إلى المزيد من التقنيات النظيفة.
من جانبه، قال مدير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، فرانشيسكو لا كاميرا، إن تحول الطاقة بعيد كل البعد عن المسار الصحيح، على الرغم من أن التحول السريع إلى الطاقة النظيفة قد يكون حلًا للتحديات التي تواجه الحكومات -حاليًا- حول أمن الطاقة والتعافي الاقتصادي والقدرة على تحمل تكاليف فواتير الكهرباء للمنازل والشركات.
وبلغت القدرة المركبة للكهرباء المتجددة 3 آلاف و64 غيغاواط العام الماضي، لكنها في حاجة إلى الزيادة بأكثر من 3 أمثال بحلول نهاية العقد، لتلبية سيناريو 1.5 درجة مئوية.
ويجب أن تتوسع مصادر الطاقة المتجددة في جميع القطاعات من 14% من إجمالي استهلاك الكهرباء إلى 40% عام 2030، مع ارتفاع الإضافات السنوية للطاقة المتجددة عالميًا 3 مرات، بحسب التقرير.
ووفق التقرير، فإن العالم يحتاج إلى استثمار ما يصل إلى 5.7 تريليون دولار سنويًا حتى عام 2030، بما في ذلك ضرورة إعادة توجيه 0.7 تريليون دولار سنويًا بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وحول الوظائف، تقدر آيرينا أن الابتعاد عن الوقود الأحفوري سيؤدي إلى فقدان 12 مليون وظيفة، لكن تحول الطاقة يعد بتوفير 85 مليون وظيفة بنهاية هذا العقد.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية