استخدم باحثون طريقة مبتكرة لدراسة كيفية تشكل الأرض، من خلال فحص الصهارة التي تتدفق من أعماق باطن الكوكب.
وقال الباحثون في الدراسة التي نشرت في 5 يوليو/تموز الجاري بدورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances) إن التوقيعات الكيميائية من عينات الصهارة تحتوي على سجل لتوقيت وطبيعة المواد التي اجتمعت لتشكيل الأرض.
وتظهر الدراسة أن الأرض المبكرة تراكمت من المواد الحارة والجافة، مما يشير إلى أن مياه كوكبنا -المكون الأساسي لتطور الحياة- ربما تكون قد وصلت في وقت متأخر من تاريخ تكوين الأرض
وأوضح وي ليو المؤلف الرئيسي للدراسة طالب الدراسات العليا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أن أهمية النتائج تتمثل في تحسين فهمنا للكيفية التي جرى بها تكوين الكواكب، وهو موضوع لا يزال يثير نقاشا علميا قويا. علاوة على ذلك، فإن الدراسة توفر رؤى قيمة حول اللبنات الأساسية للكواكب الأخرى القريبة من الأرض مثل عطارد والزهرة، والتي يعتقد أيضا أنها نشأت من مواد جافة مماثلة لكوكب الأرض.
وأضاف “ليو” في البيان الصحفي المنشور على موقع “فيز دوت أورغ” (Phys.org) أن مثل هذه الدراسة التي تتناول استكشاف الكواكب الخارجية تمثل أهمية كبيرة، لأن دراسة الماء ربما يكون أفضل وسيلة للبحث عن حياة خارج كوكب الأرض، وتابع “في الدراسة، استخدمنا الديناميات الجزيئية لتقدير معاملات تقسيم سيليكات المعدن لليود والبلوتونيوم في أثناء تكوين اللب، ووجدنا أن كلا من اليود والبلوتونيوم ينقسمان جزئيا إلى سائل معدني”.
وأشار الباحث إلى أنه عن طريق استخدام نمذجة تشكيل اللب متعددة المراحل، أظهر الفريق أن تشكيل اللب وحده من غير المرجح أن يفسر الاختلافات بين كل من اليود أو البلوتونيوم في خزانات الوشاح. بدلا من ذلك، كشفت النتائج عن تاريخ تراكم غير متجانس للمعادن في وشاح الأرض، حيث أعقب التراكم السائد للكواكب الصغيرة المتباينة الفقيرة المتقلبة مرحلة ثانوية من تراكم النيازك غير المتمايزة الغنية بالمواد المتطايرة.
وقد يعني هذا التفسير أن الأرض ورثت جزءا من المواد المتطايرة، بما في ذلك مياهها، من التراكم المتأخر للكوندريت، مع مساهمة كربونية ملحوظة. والكوندريت هو عبارة عن نيزك حجري غير معدني لم تتغير خصائصه عن الأصل الأم الذي انفصل عنه، بفعل الانصهار على سبيل المثال.
ويعتقد الباحثون أن الصهارة الأم يمكن أن تكون قد تولدت من مجموعة متنوعة من الأعماق في داخل الأرض، بما في ذلك الوشاح العلوي، الذي يبدأ على بُعد حوالي 15 كيلومترا تحت السطح ويمتد لحوالي 680 كيلومترا، أو الوشاح السفلي، الذي يمتد من عمق 680 كيلومترا وصولا إلى حدود الوشاح الأساسي عند حوالي 2900 كيلومتر تحت الأرض، وفقا للبيان الصحفي.
ويتضمن تكوين الأرض تراكم المواد بمرور الوقت. وتعطي العينات المأخوذة من الوشاح السفلي والعلوي أدلة مختلفة عما كان يحدث بمرور الوقت أثناء تراكم الأرض. ومن خلال فحص التواقيع الكيميائية في أعماق الأرض، لاحظ العلماء غياب المواد المتطايرة، مثل الماء واليود، والتي تتبخر بسرعة.
في المقابل، عندما حلل الباحثون عينات من الوشاح العلوي، اكتشفوا وجودا أعلى بكثير من المواد المتطايرة، وكانت نسب هذه المواد أكبر بـ3 مرات من تلك الموجودة في الوشاح السفلي. وبناء على هذه النسب الكيميائية، طور الباحثون نموذجا قدم تصورات بشأن نشأة الأرض من المواد الحارة كالصهارة، والجافة كالنيازك.
كما أشارت النتائج إلى أن إضافة المواد المتطايرة الأساسية الضرورية للحياة، بما في ذلك الماء، حدثت في وقت متأخر نسبيا في تكوين الأرض، وتحديدا خلال آخر 15% أو أقل من تطور الكوكب.
المصدر: الجزيرة نت – وكالات