اشتهرت واحة أمتضي الواقعة بين سفوح جبال الأطلس الصغير في عمق الصحراء بالجنوب المغربي، بجريان مياه عين “بوكاع” طوال أيام السنة، ومن دون أن يتأثر منسوب المياه فيها بمواسم الجفاف أو ندرة الأمطار.
وتمتد تلك الواحة الخضراء، التي يسكنها الأمازيغ وسط فج صخري عميق، على طول وادي أمتضي لحوالي 3 كيلومترات، حيث تختبئ أشجارها الوارفة من نخل ورمان، بين الجبال ما جعل المستقرين بها عرضة لهجمات متتالية عبر القرون.
فكان لزاما على ساكني هذه “الجنة” وسط الصحراء أن يجدوا رمزا آخر للحياة، أطلقوا عليه اسم “إيكودار”، وهي المخازن الجماعية.
وتعتبر مخازن “إيكودار” الأمازيغية التاريخية أقدم نظام بنكي في العالم، حيث كانت عبارة عن منشآت تخصص لادخار وتخزين وحماية أموال وممتلكات الأسر التي تعيش في الواحة تحث إشراف أحد أمناء القبيلة المشهود له بالصدق والأمانة.
وكانت هذه المخازن التي تقام وسط الحصون تحتوي على العشرات من الغرف الصغيرة وكان يخصص لكل أسرة حساب واحد وهو عبارة عن غرفة خاصة تضع فيها كل ما تملكه من ممتلكات نفيسة كالمجوهرات والأموال والحبوب لحمايتها من النهب والسرقة.
ولا يأخذ سكان أمتضي (حوالي 900 كم جنوب العاصمة الرباط) أي فوائد عن ادخار مؤونتهم أو ممتلكاتهم الثمينة ولا تدفع أي مصاريف مقابل ذلك باستثناء واجبات الحراسة والترميم.
الحصن الثاني، الذي لا يزال شامخا، يسمى “أكادير ندعيسى”، وهو يطل على قرية إدعيسى، وقد فُتح للسياح منذ ستينات القرن الماضي، ولا يختلف كثيرا في هندسته عن حصن “أكلوي”، ويتكون هو أيضا من غرف للتخزين وأبراج للمراقبة وأسوار محصنة.
وبين منابع الماء، التي تزين واحة أمتضي بأحواض وشلالات ساحرة، انتصبت حصونها التاريخية الشامخة، التي حمت ساكنيها من غارات الطامعين في خيراتهم، وسمحت بتخزين مؤونتهم ومحاصيلهم بعيدا عن كل متربص.
ويعود تاريخ هذا الفج الصخري، بحسب دراسات علمية، إلى نشاط جيولوجي قبل أكثر من مليون سنة، حيث تكونت تضاريسه بفعل التعرية وقوة جريان المياه.
وخلَّفَ هذا النشاط الجيولوجي أشكالا فنية على جنبات الوادي تسر الزائرين، فضلا عن تكتلات طينية على شكل مرتفعات ومنخفضات وكهوف خلفتها شلالات مائية كانت متدفقة باستمرار من أعالي الكتل الصخرية، ونحتت المياه لنفسها مصارف طبيعية بين هذه الكتل المكونة من صخور ورمال وطين تجمعت وتصلبت على مدى ملايين السنين.
وقال إبراهيم أضرضور، وهو شاب من سكان أمتضي، إن هذه “الحصون كانت تستخدم في الماضي كمخازن جماعية يحفظ فيها السكان أموالهم وقوتهم ومحاصيلهم الزراعية في فترات تاريخية غاب عنها الاستقرار في المنطقة. وكانوا أيضا يلجأون إليها للاحتماء في فترات الاضطرابات والحروب القبلية”.
ويوجد في الواحة “أكادير أكلوي”، وهو حصن، وفق سكان المنطقة، جرى تشييده قبل أكثر من تسعة قرون، ثم أعيد بناء هذا المعمار التراثي الجبلي أكثر من مرة، ويتميز بهندسة محكمة ومنيعة، إضافة إلى أبراج للمراقبة.
وللولوج إلى الحصن يلزم الزائر تجاوز أكثر من بوابة. ويتكون هذا البناء من أربعة طوابق مقسمة إلى أكثر من 90 غرفة للتخزين، ولكل أسرة غرفتها الخاصة وفق الأعراف القديمة المنظمة للحصن.
الحصن الثاني، الذي لا يزال شامخا، يسمى “أكادير ندعيسى”، وهو يطل على قرية إدعيسى، وقد فُتح للسياح منذ ستينات القرن الماضي، ولا يختلف كثيرا في هندسته عن حصن “أكلوي”، ويتكون هو أيضا من غرف للتخزين وأبراج للمراقبة وأسوار محصنة.
وتقود مواصلة المسير في عمق واحة أمتضي، الزائر إلى طبيعة خلابة ومياه متدفقة على شكل شلالات تروي الحقول والأشجار.
قالت السائحة البريطانية فال ليير “أنا معجبة جدا بهدوء الواحة وسكانها الطيبين، وكونها لا تزال تحتفظ بموروثها الطبيعي والتاريخي، الذي يشرح لنا كيف استطاع سكانها مقاومة مشاكل ومصاعب الحياة، على جميع الأصعدة”.
وبجانب السياحة، لا يزال سكان أمتضي يزاولون نشاطا زراعيا معيشيا، يشمل أشجار اللوز والخروب والزيتون والرمان، وبعض الخضروات.
لكن التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة جعلت الواحة تفقد الكثير من الأراضي المخصصة للأنشطة الفلاحية؛ بسبب الفيضانات والسيول التي تجرف الأراضي، وتهدد معالمها التاريخية العريقة.
ووفق عمر بالحوس، وهو شاب يرافق السياح، فإن “السكان لم يعودوا يعتمدون على المحاصيل القليلة جدا كمصدر عيشهم اليومي، لهذا فنحن في أمسّ الحاجة إلى الدعم الدائم للحفاظ على هذا الموروث البيئي، الذي يساعد السكان على الاستقرار، ويساهم في الحفاظ على البنايات التاريخية، لنضمن استمرار تدفق السياح”.
إيكودار
كلمة أمازيغية وهي بصيغة الجمع، مفردها : أكادير agadir و تعني لغويا : المَخزن المشترك، وهي عبارة عن منشآت جماعية قديمة عالية الاسوار وذات ابراج.
تُبنى فوق قمم الجبال، ويعود تاريخ بناء جلها الى ما قبل 1000 سنة و كانت تخصص لإدخار وتخزين ممتلكات الاسر الامازيغية قديما لحمايتها من النهب و السرقة ، ولم تعد تستعمل اليوم.
وتعتبر هذه المنشاءات اليوم من المعالم التاريخية الامازيغية التي تزخر بها العديد من المناطق الامازيغية بالخصوص جنوب المغرب حيث نجد إيكودار الامازيغية شامخة على قمم المرتفعات ضاربة بجدورها في عمق التاريخ .
تعتبر إيكودار الامازيغية التاريخية أقدم نظام بنكي في العالم، بحيث كانت عبارة عن منشآت عامة تخصص لإدخار وتخزين وحماية اموال و ممتلكات الاسر الامازيغية تحث حراسة مشددة وإدارة أحد أمناء القبيلة المشهود له بالصدق والامانة.
و كانت هذه المنشآت تحتوي على عشرات الغرف الصغيرة كخزائن، و كان يخصص لكل أسرة حساب واحد و كان عبارة عن غرفة خاصة تضع بها كل ما تملكه من ممتلكات نفيسة كالمجوهرات والاموال والحبوب و كل الاغراض الثمينة لحمايتها من النهب و السرقة .
و هذا كان أقدم نظام بنكي في العالم بفارق ان كل الاسر لا تأخد أي فوائد عن الادخار ولا تدفع أي مصارف مقابل ذلك بإستثناء واجبات الحراسة و الترميم.
وقد كانت هذه المخازن الجماعية فعالة في حماية ممتكات السكان في تلك الاوقات حيث الاضطرابات وانتشار اللصوص وقطاع الطرق.
شكل الغرف والخزائن من الداخل احد اجنحة مخزن جماعي مهجور الجناح به عشرات الغرف الصغير كخزائن والاحجار البارزة هي عبارة عن سلالم للصعود الى الغرف العلوية حيت يحتوي كل مخزن على ثلاث طوابق او أكثر.
وكل غرفة لها باب سميك و ثلاثة اقفال و علامة خاصة، أزيد من 600 أكادير يعود تاريخها لازيد من 1000 سنة و قد كشفت العديد من الدراسات الميدانية التي قام بها مهتمين مغاربة واجانب حول هذه المخازن المشتركة «إيكودار» عن وجود أزيد من 600 مخزن جماعي في مختلف مناطق المغرب الناطقة بالامازيغية.
وتختلف أشكالها و احجامها من منطقة إلى أخرى، إلا أن مناطق تركزها هي منطقة سوس الامازيغية على وجه الخصوص، والتي تحتضن أكبر عدد منها خاصة في إقليم اشتوكة آيت باها في المناطق الجبلية منها، وكذا الأطلس الصغير.
جل هذه المخازن الامازيغية التاريخية بنيت قبل قرون ولا تزال صامدة الى اليوم فضلا عن وجود بعض المخازن من الحجم الكبير بمنطقة الأطلس المتوسط بمنطقة تيزي نسلي قبائل آيت عبدي بإقليم بني ملال، وهي المعروفة بمخازن «أوجكال» التي توجد في منطقة جبلية شديدة الوعورة.
وهو الأب الأكبر للمخازن الجماعية، والملاحظ أن هذه المخازن توجد في المناطق التي تتميز بشح في الموارد الطبيعية. لجنة خاصة تقوم بزيارة لاحد المخازن المشتركة و كانت هذه المخازن الجماعية ذات جدران سميكة وأسوار عالية و ابراج للحماية و فتحات لقدف السهام.
تبنى على قمم مرتفعة شديدة الانحدار بالضرورة لتكون منيعة على الاقتحام و كانت الاسر الامازيغية المنضوية تحث قيادة زعيم واحد هي التي تتولى إنشاء هذه البنيات و وضع القوانين الخاصة بها و كانت كل قبيلة أمازيغية خصوصا في الجنوب المغربي تتوفر على أكادير خاص بها.
و يعتبر أكادير «إينومار»، أكبر مخزن جماعي على المستوى الوطني يتم اكتشافه لحدود اليوم، والذي يضم 303 غرفة خزن، بعد أن تم الكشف في وقت سابق أنه يضم فقط 295 غرفة تخزين، ويوجد بدوار إيدوسكا بالجماعة القروية تسكدلت، والذي يحتاج، حسب الباحث المختص خالد ألعيوض، إلى إمكانيات كبرى من أجل الترميم.
و قد تم إيداع ملف ترميمه لدى منظمة اليونسكو باعتباره من أكبر هذه المخازن وأهمها، في إطار الاعتراف بهذه المخازن التي تشكل منظومة متكاملة في تدبير الموارد الطبيعية باعتبارها تراثا إنسانيا عالميا بأبعاده الأمازيغية المغربية.
أكادير امتضي احد اقدم المخازن الجماعية بالجنوب المغربي مكان بناء هذه المخازن يتم اختياره بعناية فوق قمم شاهقة شديدة الانحدار بحيث يصعب على اللصوص اقتحامها ليلا او نهارا قانون تنظيم هذه المخازن الجماعية.
وكانت طريقة تنظيم هذه المخازن الجماعية وادارتها، أن القوانين التي تنظمها كانت تكتب على ألواح خشبية، وهي بمثابة قوانين يصادق عليها الجميع ولا يمكن التحايل عليها أو التدرع بجهلها، وكانت تنص على العقوبات و طريقة تنظيم والاستفادة من هذه المخازن وكانت تصف الحقوق والواجبات وتقر لكل حق حقه.
بدءا بواجب الحراس والأمناء الذين يسمون بالامازيغية «إنفلاس» إلى واجب كلاب الحراسة، والقطط أيضا التي كانت توجد داخل المخازن، والتي كانت مهمتها متمثلة في حمايتها من الفئران والقوارض والتي يمكن أن تفسد مدخرات الاسر، وكان لهذه القطط نصيب يسمى «أغنجى وموش».
ويتم توثيق هذا النصيب في لوح من الألواح كاعتراف بحقها في الحياة وإقرار بدورها في الحفاظ على المكان، أما في الأطلس المتوسط الشرقي، فقد كان السكان يضعون الثعابين السامة بدهاليز هذه المخازن لترهيب اللصوص، حيث إن هذه الثعابين غالبا ما كانت من الأنواع السامة جدا، كما كان القائمون على هذه المخازن يحاولون إخفاء كافة المنافذ المؤدية إليها، باستعمال كل أساليب التمويه التي يمكن أن تمنع من الوصول إليها بسهولة .
السيارات المغربية
عادت الروح للعلاقات التجارية بين المغرب ومصر بعد فترة من الجمود، واستطاع الاتفاق حول دخول السيارات المصنعة بطنجة إلى السوق المصرية تحطيم الحواجز بين البلدين، وتم من خلال ذلك تدشين مرحلة جديدة بالنظر لما يربط البلدين من علاقات استراتيجية قاريا وجهويا، مع العلم أن هذه العلاقات قائمة وموجودة على أكثر من صعيد، سواء اقتصاديا ودبلوماسيا وتاريخيا.
حيث أكد آنذاك وزير الصناعة والتجارة الأسبق، مولاي حفيظ العلمي، أنه تم منع دخول 3 حاويات محملة بالبضائع المصرية إلى المغرب من بين 5، وقال إنها “كانت مزيفة جاءت من الصين وتم وضع عليها علامة صنع في مصر”.
وقال وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، إنه “بناء على الصعوبات التي تم استقاؤها من المتعاملين الاقتصاديين ببلادنا حول ولوج السوق المصرية، تم الدخول في مفاوضات ثنائية مكنت من ولوج سيارات رونو المنتجة بمنطقة طنجة إلى السوق المصرية بإعفاء تام من الرسوم الجمركية”.
أسباب التوتر بين البلدين
وتعود قصة التوتر إلى سنة 2014، عندما منعت مصر دخول السيارات التي يتم تصنيعها بطنجة، بدون أسباب واضحة علما أن هناك ثلاث اتفاقيات تبادل تجاري حر بين البلدين.
كما سبق أن أثيرت القضية في اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية لدراسة مخطط تسريع التنمية الصناعية بالبرلمان المغربي، يوم الأربعاء 23 يونيو 2021، وتم الحديث في ذلك الاجتماع عن منع دخول 3 حاويات محملة بالبضائع المصرية إلى المغرب من بين 5، على أساس أنها جاءت من الصين وتم وضع عليها علامة «صنع في مصر».
يذكر أن السيارات تعتبر من أهم الصادرات المغربية إلى مصر، لكن هذه الأخيرة كانت لا تقبل سوى السيارات المصنعة في مصنع «سوماكا» وترفض منتجات مصنع «رونو بطنجة».
وأشار مزور، إلى “موافقة الجانب المصري على اعتماد المعهد المغربي للتقييس كجهة حكومية معتمدة من طرف السلطات المغربية لمنح شهادة تثبت أن المصانع والشركات المغربية مطبق بها نظام للرقابة على الجودة”.
وبحسب المسؤول الحكومي، فإن إبرام اتفاقيات التبادل الحر يندرج ضمن خيار الانفتاح الاقتصادي والتجاري الذي يتماشى واختيارات بلادنا في تقوية علاقتها مع مختلف دول العالم، وفي إطار التوجهات الملكية السامية الرامية إلى زيادة حضور المملكة المغربية ضمن البيئة الاقتصادية الدولية مع تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني والرفع من مستويات التبادل التجاري والاستثمارات.
وحسب موقع “العمق” فقد مكنت هذه الاتفاقيات، يضيف وزير الصناعة والتجارة، من إعطاء دينامية جديدة للاستثمارات الخارجية بالمغرب، التي عرفت قفزة نوعية خلال العشرين سنة الأخيرة، حيث انتقل مجموعها من 77.5 مليار درهم بين عامي 1991 و2000 إلى 249 مليار درهم بين عامي 2001 و2010 ثم 351.5 مليار بين 2011 و2020. الشيء الذي يؤكد على أهمية هذه الاتفاقيات في استقطاب الاستثمارات من مختلف دول العالم.
وأوضح المتحدث، أن هذه الاتفاقيات ساهمت في الرفع من وتيرة الصادرات والتي بلغت خلال العشر سنوات الأخيرة معدل نمو سنوي يناهز 16% مع الولايات المتحدة الامريكية، و13% في إطار اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، و16% في إطار اتفاقية أكادير، و12% مع دولة الإمارات العربية المتحدة، و30% مع تركيا، و6% مع الاتحاد الأوروبي.
وشدد مزور، على أن وزارته تعمل بانتظام على تقييم نتائجها وتأثيراتها واتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة لمعالجة أية اختلالات قد تضر بالاقتصاد الوطني، مبرزا أنه تعتمد المقاربة المتبناة من طرف الوزارة في هذا الشأن على تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل فيما يخص ضبط المبادلات التجارية مع شركائنا.
وتحدث مزور، عن التوقيع على اتفاق تعديلي لاتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا في 24 غشت 2020 بالرباط، والذي ينص على أساس استثنائي على ادماج قائمة سلبية تضم أكثر من 1200 منتج يندرج تحت 630 تعرفة جمركية تشمل عدة قطاعات، وبالتالي سيتم استبعادها من الامتيازات الجمركية لاتفاقية التبادل الحر. بحيث سيتم تطبيق رسوم جمركية على هذه المنتجات تعادل 90٪ من القانون العام للتعريفات الجمركية الخاصة بها.
وبخصوص الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، فقد أشار مزور إلى أنه جاري العمل على مراجعة قواعد المنشأ المرفقة بالاتفاقيتين من أجل جعلها تتناسب مع اهتمامات المغرب الرامية إلى تسهيل أكثر لولوج الصادرات المغربية نحو هذين السوقين الهامين وضمان حماية أكثر للقطاعات الحساسة ببلادنا من المنافسة.
المصدر: مواقع إلكترونية – مواقع عربية وأمازيغية