تمتلك طبيعة “ساحرة” ولقبت بهوليود أفريقيا المنطقة العربية.. كيف تحول المغرب لوجهة مفضلة لأباطرة صناع السينما العالمية؟

أعلن المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، عزم وزارته الزيادة في الدعم المقدم للإستثمارات الأجنبية في مجال السينما بالمملكة.

وأوضح بنسعيد خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل بصدد تفعيل قرار جديد وزارة المالية للرفع من الدعم الموجه للإستثمار الدولي في مجال السينما من 20 إلى 30 في المائة.

وقال الوزير المذكور، أن الغلاف المالي الذي تخصصه الوزارة للأفلام الأجنبية سيرتفع من 1 مليار درهم إلى 3 ملايير درهم (300 مليار سنتيم).

و ذكر أن الأمر سينعكس إيجابا على خلق فرص الشغل بالمغرب ، خاصة في المناطق المعروفة بتصوير الافلام.

وأوضح بنسعيد خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل بصدد تفعيل قرار جديد وزارة المالية للرفع من الدعم الموجه للإستثمار الدولي في مجال السينما من 20 إلى 30 في المائة.

وقال الوزير المذكور، أن الغلاف المالي الذي تخصصه الوزارة للأفلام الأجنبية سيرتفع من 1 مليار درهم إلى 3 ملايير درهم (300 مليار سنتيم).

و ذكر أن الأمر سينعكس إيجابا على خلق فرص الشغل بالمغرب ، خاصة في المناطق المعروفة بتصوير الافلام.


تصوير الأفلام العالمية بالمغرب.. آفاق واعدة

بموازاة التطور الكمي الملاحظ الذي تسجله السينما المغربية على مستوى الإنتاج الذي يحافظ منذ عقد من الزمان على وتيرة تفوق عشرين فيلما طويلا في العام، يراهن المغرب على قطاع آخر لرفع مردود الفن السابع من الجانب الاقتصادي والمهني بالأساس، ويتعلق الأمر بجذب كبرى شركات الإنتاج العالمية لتصوير مشاريعها بالفضاءات الطبيعية بالبلاد.

وإن كانت مدينة “ورزازات” قد كرست عبر السنوات نفسها كفضاء لتصوير أفلام هوليودية شهيرة، فإن السلطات المشرفة على القطاع تتطلع إلى توسيع جاذبية البلاد في مناطق أخرى، ورفع التنافسية التي باتت محتدمة مع تهافت دول أخرى على تقديم تسهيلات وحوافز أكبر لاستقطاب “رساميل” السينما العالمية.

ولا يعد التصوير الأجنبي بالمغرب واجهة لخلق فرص الشغل المباشر للتقنيين والكومبارس ومتعهدي الخدمات اللوجستية فحسب، بل أيضا قناة لترويج الصورة السياحية المتنامية للبلاد التي يزورها سنويا أكثر من عشرة ملايين سائح، وبوصفه مدرسة غير نظامية لتكوين مهنيي الفن السابع في المغرب وشحذ مهاراتهم عبر الاحتكاك بتجارب دولية متقدمة.

مستقبل واعد

وجاءت المعطيات التي كشف عنها المركز السينمائي حديثا- وهي المؤسسة المشرفة على قطاع السينما بالمملكة المغربية- لتعزز مناخ التفاؤل بمستقبل حركة تصوير الإنتاجات العالمية داخل فضاءات توفر مناظر طبيعية متفردة وبنى استقبال مجهزة.

فقد أفاد المركز بأن الاستثمارات الأجنبية بلغت في النصف الأول من العام الجاري 61 مليون دولار، أي بزيادة قدرها 150% مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2013 الذي لم يتجاوز خلاله مبلغ الاستثمارات السينمائية 24 مليون دولار.

وحسب هذه المعطيات، فإن المبلغ هو حصيلة استثمارات 22 إنتاجا سينمائيا وتلفزيونيا أجنبيا في المغرب، وتوزعت هذه الأعمال بين أميركية (تسعة) وفرنسية (أربعة) وإنجليزية (ثلاثة) وألمانية (اثنان) وإنتاج واحد كندي وبلجيكي وهندي، بالإضافة إلى إنتاج إيطالي أميركي مشترك.

أرض الشمس والنور والمجال الصحراوي الممتد، توفر فضاءات ورزازات وغيرها من المناطق إضاءة طبيعية تجذب صناع السينما عبر العالم.

جغرافية البحر والجبل والصحراء والتنوع العرقي الذي يوفر احتياطيا سخيا من الوجوه تحت الطلب، والتراث الشعبي الخصب، فضلا عن مجهودات الدولة لإغراء كبرى شركات الإنتاج، كلها عناصر تصنع جاذبية سينمائية متميزة للمكان المغربي.

وتحتفظ الذاكرة السينمائية بعناوين أفلام شهيرة كتبت حكايتها على أرض المغرب، يعود أقدمها الى أواخر الأربعينيات من القرن الماضي مع فيلم “عطيل” لأورسن ويلز، لتتوالى أفلام كبار المخرجين العالميين، من قبيل “الرجل الذي عرف أكثر من اللازم” لألفريد هيتشكوك و”لورانس العرب” لديفد لين و”الإغراء الأخير للمسيح” لمارتن سكورسيزي و”شاي في الصحراء” لبرناردو برتولوتشي و”غلادياتور” لريدلي سكوت و”الإسكندر” لأوليفر ستون و”أنديجين” لرشيد بوشارب و”بابل” لأليخاندرو غونزاليث أنريتوي وغيرها.

إنعاش الاستثمار

ولعل التدابير العمومية المتخذة أسهمت في إنعاش هذا النوع من الاستثمار الأجنبي الذي يجتمع فيه العامل الفني بالاقتصادي، وخصوصا ما يتعلق باحتياجات تصوير الأفلام التاريخية وأفلام الحركة التي تتضمن تصوير حشود كبيرة أو جيوش، بحيث فتح المجال أمام إسهام الجيش المغربي، وتم تسهيل إجراءات الاستيراد المؤقت للأسلحة والذخيرة الضرورية لتصوير الأفلام، والحصول على تخفيضات في النقل الجوي وتحديد أسعار رمزية للتصوير بالفضاءات والآثار التاريخية وإعفاءات ضريبية وتسهيل الإجراءات الإدارية.

وفي سياق تجاوز الاعتماد على المميزات الطبيعية، ومواكبة التطورات التقنية والصناعية، عمد العديد من المستثمرين، المغاربة والأجانب إلى تشييد أستوديوهات للتصوير مجهزة بأحدث المعدات في كل من الدار البيضاء وورزازات.

وقد حظي تشجيع حركة تصوير الإنتاجات السينمائية الأجنبية بالمغرب باهتمام ملاحظ في إطار ما سمي “الكتاب الأبيض للسينما المغربية”، وهو وثيقة مرجعية لتطوير القطاع تم تبني محاورها من خلال مختلف المشاركين في الندوة القومية للسينما (أكتوبر 2012)، وصدرت في أكتوبر 2013.

وسجلت الوثيقة أن الامتيازات التفضيلية التي يوفرها المغرب لم تعد كافية في ظل احتدام المنافسة بين الدول، بحيث لم تعد الصناعة السينمائية مرتبطة ببلد بعينه بل أصبحت عابرة للقارات، بحسب ما توفره كل دولة من إمكانيات مالية وفنية وخدمات ذات جودة.

وأوصى المهنيون في هذا الكتاب بتعزيز الإطار المؤسساتي من خلال تعميم لجان جهوية للفيلم تكون بمثابة مخاطب للمستثمرين في مختلف المناطق المغربية، وخلق صندوق للترويج للمغرب كفضاء للتصوير، وتوفير جيل جديد من التحفيزات تجاه المنتجين العالميين، علما أن نظام التحفيزات الحالي يعود إلى عام 1997، وتطوير القوانين المتعلقة بالاستثمار في المجال السينمائي.

ووضعت السلطات المعنية نصب عينيها المجهودات التي تبذلها دول أخرى لجلب مشاريع التصوير السينمائي والتلفزيوني العالمية.

ويتعلق الأمر بنموذجين تمثلهما جمهورية التشيك وتونس، اللتان وفّرتا تدابير مؤسساتية مثل “الشُبّاك الوحيد” و”إعفاءات جمركية” ولوجستية، مما يحتم توفير بنية صلبة جاذبة تثمن الامتيازات الطبيعية للبلاد وتضعها في نسق متكامل يشمل الموارد البشرية المؤهلة والبنيات المتطورة والقاعدة القانونية والمؤسساتية المرنة لربح الرهان السينمائي الصعب.

لماذا أصبحت المغرب قبلة شركات تصوير الأفلام العالمية

تمثل المغرب قبلة شركات تصوير الأفلام الأجنبية في المنطقة القارة الأفريقية، خاصة أن عائدات التصوير بلغت 60 مليون دولار في 2018، مقارنة مع 48 مليون دولار في العام الماضي 2017.
التسهيلات التي تقدمها المغرب لعمليات التصوير والإنتاج في المغرب تعد أحد أبرز الأسباب التي دفعت شركات الانتاج إلى التصوير فيها دون غيرها من دول المنطقة، حتي اكتسبت الكثير من المناطق شهرة عالمية، إثر تصوير بعض السلاسل العالمية والأفلام بالمغرب، حيث بلغ حجم الاستثمار في الفترة ما بين أول يناير/كانون الثاني، حتى 31 أغسطس/ آب 2019، بلغت 98 إنتاجا، باستثمار بلغت قيمته 667 مليون درهم. ما يقارب 73 مليون دولار.

من ناحيته قال صارم الحق الفاسي مدير المركز السينمائي المغربي، إن الدعم الحكومي للسينما يعود لنحو أربعين عاما إلا أنه تطور في السنوات الخمس الأخيرة، حيث أصبح يشمل الأفلام الروائية والوثائقية والوثائقي المختص بمجال التاريخي المختص بالصحراء.


وأضاف في تصريحات خاصة إلى “سبوتنيك”، السبت، أن الغلاف المالي لدعم الإنتاج في المغرب يمثل نحو 7.5 مليون دولار سنويا، وأن الدعم الذي يقدمه المغرب يصل إلى 20 من الاستثمار (تخفيض الرسوم الجمركية)، فيما يصل الدعم الوطني إلى الثلثين من ميزانية الإنتاج.

وأوضح أن أول انتاج روائي أجنبي صور في المغرب كان عام 1919 منذ مائة عام من الآن، ما يؤكد أن المغرب لديه تجربة كبيرة في استقطاب الإنتاج الأجنبي على مدار السنوات الماضية حتى الآن، حسب قوله.

وأشار إلى أن الاستقرار السياسي في المغرب، والجغرافيا التي تتيح العديد من أماكن التصوير والاستديوهات تدفع العديد من شركات الإنتاج للتصوير في المغرب.

ويرى أن الدعم المقدم من المملكة للإنتاج الأجنبي عام 2018 ضاعف الإنتاج بنحو 47% مقارنة بعام 2017، وأن العام 2019 تضاعف الإنتاج الأجنبي بنسبة 50%عن 2018، حيث شهد العام الحالي تصوير موسم كامل من السلسلة الأمريكية “هوملاند”، على عكس الفترات السابقة التي كانت تصور بعض المشاهد أو الحلقات.

وشدد الفاسي على أن المغرب يدعم المهرجانات السينمائية منذ العام 2012 بشكل كبير، حيث يقيم المغرب نحو 80مهرجانا، على رأسها مهرجان “مراكش الدولي”، ومهرجان الرباط، والوطني للفيلم في طنجة، والعديد من الأفلام، يدعمها المركز السينمائي المغربي، خاصة أن الدعم المقدم لهذه المهرجانات يساهم إحياء الجمهور السينمائي مرة أخرى. وأكد أن الدعم المقدم للمهرجانات يتراوح من 2.5مليون دولار حتى 3 مليون دولار سنويا.

وفيما يتعلق بتفاصيل الدورة الجديدة من مهرجان مراكش الدولي، أوضح أن إستراليا هي ضيف الشرف، وأنه يجرى التحضير للشخصيات التي تكرم هذا العام.

وأضاف أن الدعم المقدم للقاعات السينمائية يبلغ نحو مليون دولار سنويا.

أشهر المدن المغربية

تعد أشهر المدن المغربية هي مدينة “ورزازات”، وتعود قصة المدينة إلى عام 1962 حين اختار المخرج الإنجليزي، دايفيد لين، المدينة المغربية لتصوير فيلمه الشهير “لورنس العرب”، الذي شارك في بطولته الراحل عمر الشريف.

حققت مدينة ورزازات مجد الشهرة لتصبح قبلة أشهر المخرجين السينمائيين، الذين فضلوا المدينة فيما بعد لتصوير مشاهد وصلت لكل العالم.

أبرز الأفلام التي صورت 2018

ومن بين أبرز الأفلام الأجنبية التي جرى تصويرها في المغرب خلال العام 2018، فيلم Waiting for the Barbarians للممثل الشهير “جوني ديب” ونجم أفلام توايلايت “روبرت بارتسون”، وفيلم John Wick 3 الذي شارك فيه النجم العالمي بطل أفلام ماتريكس “كيانو ريفس” والنجمة الحائزة على الأوسكار “هالي بيري”، إلى جانب فيلم Men in Black International من بطولة كل من “كريس هيمسورث” و”تيسا طومبسون” وبطل سلسلة أفلام Taken “ليامن يسون” و”إيما طومبسون”.

كما صور مسلسل Baghdad Central والذي يحكي قصة العاصمة العراقية بغداد في 2003 إبان الغزو الأمريكي، والسلسلة الأمريكية – الإيطالية المكونة من ثمانية أجزاء Zero Zero Zero، والسلسلة الفرنسية Spy للمخرج غيدون راف، وبطولة الممثل البريطاني ساشا بارون كوهن.

المغرب.. قبلة صناع الأفلام والمسلسلات العالمية

المسلسل الشهير «صراع العروش»، الجزء الخامس من سلسلة أفلام «مهمة مستحيلة»، فيلم «جيمس بوند-القتل ليس لعبة»، الجزء الخامس من سلسلة «بريزن بريك»، فيلم «لورانس العرب»، وغيرها من الأفلام والمسلسلات العالمية، صورت أجزاء منها في المغرب، الذي يعد قبلة لتصوير تلك الأعمال الأجنبية منذ

سنة 1919، بفضل مجموعة من عوامل الجذب، التي تتمتع بها المملكة المغربية؛ وأبرزها تنوع مناظرها الطبيعية.

وظفر المركز السينمائي المغربي (مؤسسة رسمية تعنى بالسينما وبالإنتاج السمعي البصري في المغرب)، مؤخراً، بثاني أضخم عقد خاص بتصوير عمل سينمائي أجنبي في المغرب، بقيمة 200 مليون درهم مغربي (حوالي 20 مليون دولار أمريكي)، مع شركة إنتاج أمريكية، بحسب ما كشف عنه المركز.

عوامل الجذب

بدأ تصوير الأعمال الأجنبية في المغرب مع الفيلم الفرنسي «مكتوب» لجون بانشون ودانييل كانتان، الذي تم تصويره في مدينة طنجة (شمال المغرب) سنة 1919.

ويعود اختيار صناع الأفلام والمسلسلات العالمية للمغرب، من أجل تصوير أجزاء من أعمالهم فيه، إلى توافره على مختلف أنواع مواقع التصوير، التي يمكن أن يحتاج إليها أولئك الصناع.

وبحسب المركز السينمائي المغربي، فإنهم يجدون في المملكة المغربية الجبال المكسوة بالثلوج، والصحاري المفروشة بالرمال، وقصور ألف ليلة وليلة، والبنايات العصرية، والقصبات، والفيلات الكاليفورنية، والمطارات العصرية، وقرى الصيادين، والطرق السيارة، ومدارج هبوط الطائرات في قلب الصحراء، وغيرها من مواقع التصوير الأخرى.

ولا تقدم تلك الأعمال مواقع التصوير في المغرب على أساس أنها مناطق مغربية فقط، بل تقدم أيضاً وكأنها مناطق في دول أخرى؛ روما القديمة في فيلم «كَلَادْيَيْتُرْ»، والفلوجة العراقية في فيلم «قناص أمريكي»، والصومال في فيلم «سقوط الصقر الأسود»، ومصر في فيلمي «مهمة كليوباترا» و«نزهة عند أوزيريس»، والمملكة الخيالية «لويستيروس» في مسلسل «صراع العروش»، والنماذج كثيرة.

ويوضح المركز المذكور، عبر موقعه الإلكتروني، أن هناك عوامل جذب أخرى؛ من بينها المساهمة الفعالة لكافة مؤسسات الدولة الرسمية، بما فيها القوات المسلحة الملكية، وسلاح الجو الملكي، والبحرية الملكية، ورجال الدرك الملكي، والأمن الوطني، وتسهيل عملية الاستيراد المؤقت للأسلحة والذخيرة اللازمة لتصوير الأفلام، والتخفيضات التي تمنحها الخطوط الملكية المغربية للنقل الجوي للأشخاص والمعدات، إلى جانب التسعيرة الرمزية الخاصة بتصوير المواقع والمعالم التاريخية، والإعفاء الضريبي على كافة المقتنيات والخدمات المحصل عليها في المغرب، إضافة إلى إحداث أقسام في المركز السينمائي المغربي، من أجل تسهيل الإجراءات، والتواصل مع الإدارات والسلطات المعنية بالتصوير.

ومن أجل ازدهار هذا القطاع الحيوي، قام العديد من المستثمرين المغاربة والأجانب بإنشاء استوديوهات مجهزة بشكل تام للتصوير، في كل من الدار البيضاء و ورزازات (الجنوب الشرقي للمغرب)، وهي استوديو «أطلس»، وستوديو «كان زمان»، وستوديو «سينيدينا»، وستوديو «إستر أوندروميدا»، وستوديو «كلا». وقام ملك المغرب، محمد السادس، بتدشين استوديو «سينيسيتا» في مدينة وارزازات سنة 2005.

وصنفت اليومية البريطانية «ذو غارديان» المغرب، في أبريل 2015، أفضل ثاني وجهة عالمية لتصوير الأفلام.

عائدات ضخمة

توفر هذه الصناعة آلاف فرص الشغل بالنسبة للمغاربة، خصوصاً في مدينة ورزازات، التي تحولت إلى «هوليوود إفريقيا والعالم العربي».

وبلغت مداخيل المغرب من تصوير الأفلام الأجنبية على أراضيه 667 مليون درهم مغربي (حوالي 75 مليون دولار أمريكي) سنة 2019، بحسب ما كشف عنه المركز السينمائي المغربي. ويعرف الرقم تطوراً سنة تلو الأخرى، إذ كان 60 مليون دولار في سنة 2018، و48 مليون دولار في السنة التي قبلها.

الحفاظ على أسوار ومآثر المدن القديمة وإكراه التحضر.. مدينة الرباط نموذجا

بيعتقد المستشار بمجلس جهة الرباط عادل بن حمزة أن الحفاظ على التراث خاصة في جانبه العمراني الذي يتعلق بالمشهد العام، لا يمكن أن يكون محط تناقض مع مسألة العصرنة والتحديث التي يعرفها المشهد الحضري والعمراني سواء في الرباط أو غيرها من المدن.

تعتبر أسوار المدن وأبوابها القديمة تراثا عمرانيا وإنسانيا يختزن تاريخ الحقب السابقة، ويسهم في التميز الثقافي والهوياتي، ومنه ما يدخل ضمن التراث الإنساني العالمي المشترك.

لكن المدن تتسع وتستجيب لمظاهر التحضر وحاجيات المواطن المعاصر، مما يضعها في تحدٍّ بين الحفاظ على تراثها المعماري وخصوصياتها التاريخية وبين الإبداع والانفتاح.

وتظهر جولة بمدينة الرباط مدى التكامل المعماري بين العمارة القديمة، وانسياب التطور في الزمن نحو عمارة العصر الكولونيالي (الاستعماري) الحديث، وبين أشكال العمارة العصرية التي جعلت من المدينة “عاصمة الأنوار”. لكن أحيانا هذا الانسياب نحو العصرنة لا يكون سلسا، ويتطلب مجهودا لتحقيق معادلة المدينة التراثية والعصرية في الآن ذاته.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” (UNESCO) “يساعد كل من التراث والإبداع على إرساء الأسس اللازمة لنشوء مجتمعات معرفة مفعمة بالحياة وتزخر بأوجه الابتكار والازدهار”.

مدينة الرباط عاصمة المغرب، تسبح فوق تاريخ يمتد لأكثر من 27 قرنا من الزمن، تمتح من الحضارات القديمة، وتوثق للتاريخ الحديث، وهي واحدة من المدن التي تتطور باستمرار. فكيف يمكن الحفاظ على تاريخ المدينة وتراثها والاستجابة للعصر في الوقت نفسه؟

موروث مشترك

في عام 2012 أدرجت اليونسكو الرباط، بوصفها عاصمة حديثة ومدينة تاريخية وتراثا مشتركا، على قائمة التراث العالمي.

وتعتبر الرباط نتاج حوار بين الماضي القديم والتاريخ العربي الإسلامي والحداثة الغربية. موروثها المعماري لا تخطئه العين، وتعدّ صومعة حسان (التي تعود للعصر الموحدي) بمثابة شامة على جبين المدينة وتدل عليها، ويحيط بها السور الموحدي الذي يطوّق معمارها المتميز بطول يبلغ 2263 مترا مدعما بـ74 “برجا”، ويشتمل على 5 أبواب ضخمة.

بناء إرث للأجيال القادمة

يعتقد المستشار بمجلس جهة الرباط عادل بن حمزة أن الحفاظ على التراث خاصة في جانبه العمراني الذي يتعلق بالمشهد العام، لا يمكن أن يكون محط تناقض مع مسألة العصرنة والتحديث، التي يعرفها المشهد الحضري والعمراني سواء في الرباط أو غيرها من المدن.

ويوضح بن حمزة، في حديث للجزيرة نت، أن ما تفرزه المدارس الهندسية العمرانية الجديدة هو مساهمة في بناء إرث للأجيال القادمة، معتبرا أن لكل مرحلة تمثلها الخاص للمجال وللهندسة والجمالية المعمارية في ارتباط مع الحركية وما تفرضه كل مرحلة تاريخية من إكراهات.

وهذا ما عبّر عنه الخبير في التراث والبحث الأركيولوجي عبد الجليل هجراوي بالقول إن “الهوية الثقافية تشكّل تمييزا للشعوب والحضارات، ولا يمكن العيش من دونها، لكن التوسع الحضري وإبداع بنايات جديدة ضرورة تغدي سيرورة التاريخ”.

وأفاد هجراوي الذي شغل منصب مدير التراث بوزارة الثقافة في وقت سابق، -في حديثه للجزيرة نت- بأن مشكل الحفاظ على التراث تحد عالمي، إذ لا يمكن الحفاظ على كل أشكال العمران التاريخية خصوصا في حالة المغرب ذي التاريخ الغني والمتنوع، وفق قوله.

تراث ومعلمة عصرية

يقول عادل بن حمزة “من باب المنطق أن نميز بين العمارة في سنة 2022 والعمارة قبل ألف سنة مثلا، المهم ألا يكون هذا على حساب ذلك”.

واستشهد بن حمزة بمشروع محطة القطار وسط المدينة (توجد بين نمطين معماريين متكاملين، نمط العمارة الموحدية في الأسوار المحيطة بالمدينة، ونمط العمارة المغربية الكولونيالية الذي تشكل المحطة الحالية جزءا منه). ويعتبر المتحدث ذاته أن هندسة المحطة لم تأخذ بعين الاعتبار هذا التنوع والتكامل في المشهد العمراني المجاور، والذي يعتبر درسا في الانتقال المشهدي العمراني، حسب توصيف بن حمزة.

وكان شكل البناية الضخم قد أثار الكثير من الجدل والاستهجان، واستنفر حماة التراث لتسجيل مواقف ضد البناية، خصوصا بشأن واجهة المشروع التي تقابل السور الموحدي وتهدّده.

وتوقفت أشغال مشروع إنجاز المحطة الجديدة للقطار “الرباط المدينة”، ولا يعرف لحد الآن مصير البناية.

معلمة المسرح الكبير بالرباط من المشاريع العصرية الرائدةمعلمة المسرح الكبير بالرباط من المشاريع العصرية الرائدة (الجزيرة)


تعارض مع معايير التصنيف

وكانت منظمة اليونسكو قد عبّرت في وقت سابق عن اعتراضها على طريقة تنفيذ السلطات المغربية لبعض المشاريع المندرجة في إطار برنامج لتطوير العاصمة الرباط، ومن بينها توسيع محطة السكك الحديدية، وذلك بسبب تعارضها مع المعايير التي اعتمدتها المنظمة الأممية لتصنيف المدينة العتيقة للرباط تراثا عالميا للإنسانية.

وقبل المحطة، كان برج محمد السادس (بناية عصرية بأكثر من 50 طابقا بضفة وادي أبي رقراق) الذي يشرف على انتهاء الأشغال به، قد شهد تعديلا سابقا.

وحسب وثيقة لليونسكو، قالت لجنة التراث العالمي إن التدابير المتخذة بشأن التأثير البصري للبرج واندماجه المجالي قد حققت بعض الفوائد. وأضافت أن الحلول المقترحة لامتداد واجهة محطة “الرباط-المدينة” بالمحاذاة مع القديمة هي الأنسب من الناحية المعمارية والفنية، مشيرة إلى أن تفاصيل مشروع ترميم المبنى الأصلي من المحطة سيقدم إلى مؤتمر مركز التراث العالمي، للنظر فيه من قبل الهيئات الاستشارية.

وطلبت اليونسكو، حسب المصدر ذاته، من الرباط الاستمرار في تقديم معلومات عن المشاريع الجارية والمخططة التي قد تؤثر على القيمة العالمية الاستثنائية للمدينة، وأن تقدم إلى مركز التراث العالمي بحلول الأول من فبراير/شباط القادم تقريرا محدثا عن حالة الحفاظ على الممتلكات، لكي تدرسه لجنة التراث العالمي في دورتها الـ45.

التوافق ممكن.. كيف؟

يقترح عبد الجليل هجراوي نظرية الجزء من الكل، ويناقش في حديثه مع الجزيرة نت معايير اختيار الجزء المعبر عن التراث للاحتفاظ به. ويدفع هجراوي بضرورة التقاء الآراء العلمية والمتخصصة في مختلف المجالات ذات الصلة من أجل قرار مشترك.

واعتبر هجراوي أن الإشكال يتمثل في “ما المؤشرات لاختيار الجزء من الكل؟ ومن له الصلاحية للقيام بهذه العملية؟”.

وسجل رئيس جمعية رباط الفتح عبد الكريم بناني، في تدوينة على الصفحة الرسمية للجمعية تحمل توقيعه، أن مآثر الرباط تحتضر، لافتا الانتباه إلى أحد أبواب المدينة “باب الأحد”، الذي اعتبر أن إصلاحه بخس الموروث التاريخي والحضاري والثقافي للمعلمة. وقال “هؤلاء المسؤولون يشتغلون من دون الاكتراث للقيمة الحضارية لهذه المآثر ومن دون الرجوع إلى العارفين بهذا التراث”.

ويعتقد بن حمزة أن التوفيق بين العصرنة والحفاظ على التراث ممكن متى تشبّع المعماريون بعراقة هويتهم الحضارية، ومتى كان المسؤول الذي يصيغ دفتر الشروط على القدر نفسه من الوعي.

يذكر أن المدن التراثية بالمغرب تشهد مشاريع ترميم وتأهيل ضمن “مشروع إنقاذ المدن العتيقة”.

المصادر : مواقع الكترونية عربية وعالمية

Exit mobile version