ينّاير هو اليوم الأول من السنة الأمازيغية في شمال أفريقيا، ويقابل يوم 13 من يناير في التقويم اليوليوسي (الذي تم إنشاؤه في العام الـ45 قبل الميلاد من قبل الإمبراطور جوليوس قيصر)، وتعتمد السنة الأمازيغية على التقويم الزراعي الذي يُستخدم في الأصل لتنظيم العمل الزراعي الموسمي.
ووفقًا لهذا التقويم، فإن السنة الجديدة تبدأ في 13 يناير/كانون الثاني، حيث يبدأ الانتقال إلى مناخ أكثر اعتدالًا ويتم الاحتفال به في 12 يناير (أي قبل بدء السنة الأمازيغية بيوم) في منطقة شمال أفريقيا حيث تصبح الأرض مثمرة وأكثر خصوبة.
فرعون أمازيغي
يعود الاحتفال بالعام الجديد إلى عام 951 قبل الميلاد من التقويم الغريغوري حيث يقابل حدثاً سياسياً ذا أهمية لا توصف بالنسبة للأمازيغ، ففي أصل هذا التاريخ الرمزي يقبع تقاليد الأجداد وحلم رجل.
ففي هذا العام سيثبت الأمازيغ أنفسهم تدريجيا ويؤثّرون على ملوك فرعون، ففي عام 950 ق.م عند وفاة الفرعون بسوسمان الثاني، حصل أمازيغي اسمه شيشنق على وضع فرعون في مصر وكذا كهنوت مصر العالي. وفي عهده أسس عاصمته في بوباستيس (Bubastis) وهي واحدة من أكبر المدن القديمة في مصر، فجمع شمل مصر ثم غزا فلسطين للاستيلاء على الذهب.
حكم شيشنق منطقة تمتد من الجزء الشرقي لليبيا حاليا إلى دلتا النيل، وأصبح ملكا على مصر كفرعون من 950 وحتى 929 قبل الميلاد، وقد اعتمد الأمازيغ هذا الحدث لبدء تقويمهم.
ينتشر الأمازيغ في شمال القارة الأفريقية من المغرب غربا إلى مصر شرقا، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى نهر النيجر جنوبا، ويتوزعون في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا، وبالإضافة إلى الشمال يعيش ملايين من الأمازيغ في أوروبا.
السنة الجديدة
يواصل البربر على مر السنين محاولة اكتساب المزيد من الحقوق والمطالبة باعتراف أكبر بهويتهم، خاصة في البلدان المغاربية وفي الصحراء حيث يوجد العديد منهم. فهم السكان الأصليون لشمال أفريقيا، ووجودهم هناك سبق وجود العرب والإسلام وسبقت لغتهم وثقافتهم الفتوحات الإسلامية لشمال أفريقيا في القرن السابع الميلادي.
يُطلق عليهم الأمازيغ وتعني “الإنسان الحر”، ويعتقد كثير من سكان شمال أفريقيا أنه نظرا للجذور الأمازيغية العميقة لبلدانهم، يجب أن تكون يِنّاير يوم عطلة رسمية.
في الجزائر
هناك أكثر من 13 مليون أمازيغي في الجزائر يمثلون نحو ثلث مجموع السكان، واليوم تعترف الجزائر برأس السنة الأمازيغية حيث أعلنت أن يوم 12 يناير عطلة رسمية في البلاد لأول مرة في العام 2018.
يتركز معظم السكان الأمازيغ في منطقة القبائل شرقي الجزائر العاصمة، كما يوجد الأمازيغ في الوسط والشرق والجنوب، وأصبحت اللغة الأمازيغية اللغة الرسمية الثانية مع اللغة العربية في دستور 2016.
في المغرب
يوجد في المغرب ثمانية ملايين أمازيغي وأكثر من 33 مليون شخص يتحدث إحدى اللهجات البربرية الرئيسية الثلاث في البلاد: تاريفيت وتامازيغت وتاشلحيت. وتدعو أصوات أمازيغية عديدة إلى عطلة رسمية في يوم رأس السنة الأمازيغية في المملكة على منوال الجزائر.
وفي ذلك يعتمد النشطاء الأمازيغ على اعتراف الدستور المغربي الجديد (2011) بلغتهم كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية. ومن أبرز نتائج هذا الاعتراف ظهور أبجدية تيفيناغ في المباني العامة، بالإضافة إلى العربية والفرنسية.
ومنذ عام 2010 كُرست قناة تلفزيونية عمومية مغربية تدعى “تامازيغت” لتعزيز الثقافة الأمازيغية. ويخطط مشروع قانون قيد الدراسة حاليا من قبل الحكومة المغربية لتنويع تعلم اللغة في المدارس، بما في ذلك تعميم اللغة الأمازيغية.
في ليبيا
يَعتبر الأمازيغ أنفسهم مهمشين في ليبيا، فقد اضطهدوا في ظل دكتاتورية الزعيم الليبي معمر القذافي الذي نفى وجودهم، واليوم يدعون إلى إضفاء الطابع الرسمي على لغتهم مثل اللغة العربية، وحصولهم على التمثيل العادل في البرلمان إذ يمثلون 10٪ من السكان ويعيشون بشكل خاص في الجبال غرب طرابلس أو في الصحراء الجنوبية.
ومنذ سقوط نظام القذافي في 2011 أصبحت مطالبهم أكثر إلحاحا، والعلم الأمازيغي يطفو على جميع المباني العامة بجوار العلم الليبي، وغالبا ما يطفو وحده في مناطقهم الخاصة، كما ظهرت كتب مدرسية باللغة الأمازيغية، على الرغم من أنها غير معتمدة من قبل وزارة التعليم.
في تونس
الوزن الديمغرافي للأمازيغيين في تونس غير معروف، ويحظر هناك إجراء أي إحصاء على أساس الإثنية أو اللغة، كما يحظر إجراء إحصاء خاص بالمناطق الجنوبية، ويقيم غالبية الأمازيغ في تونس العاصمة وذلك بسبب الهجرة الجماعية.
يِنّاير في الشتات
اليوم تمتلك السنة الأمازيغية الجديدة بعدا دوليا، لأنه يُحتفل بها في فرنسا وإيطاليا وأسبانيا (جزر الكناري)، فالمحتفون بها يعتبرونها رمزا للسلام والسخاء والأمل والتضامن والصداقة بين الشعوب وأكثر من مجرد تاريخ، فهي بالنسبة لهم رمز وتقاليد وتاريخ وهوية ومعلم وذاكرة للأمازيغ والشعب المغاربي بشكل عام.
لغة وعادات وتقاليد وأساطير
الأمازيغ من أكثر العرقيات التي تتمسك بدرجة كبيرة بعاداتها وتقاليدها التي يتخللها بعض الأساطيرفعلى الرغم أنهم موجودون في أكثر من دولة، منها المغرب والجزائر وليبيا ومصر وتونس، إلا أن كل منطقة لها خصوصيتها.
لا توجد إحصاءات رسمية بعدد الأمازيغ في الدول العربية حتى الآن، إلا أن النسبة الأكثر منهم في المملكة المغربية، حيث تشير التقديرات إلى أنهم أكثر من 10 ملايين.
احتفل الأمازيغ في ينايرالماضي بدخول عام 2970، ويختلف تاريخ الاحتفال بهذا العيد بين الأمازيغ بين يومي الثاني عشر والثالث عشر من يناير، إذ أن السنة الأمازيغية مرتبطة بالتقويم الفلاحي.
تقول طالبة “أمازيغية” من منطقة سوس، إن الموروث الأمازيغي يختلف من مكان لآخر داخل المملكة المغربية.
وأمازيغ الشمال “الريف”، هم من الأمازيغ المحافظين على تقاليدهم، ويتزوجون من الريفيين فقط حتى الآن ويتحدثون لهجتهم الريفية.
أما أمازيغ الأطلس “الشلوح” هم من الأمازيغ العرب الذين تعايشوا مع العرب و تزوجوا منهم، الأمر ذاته بالنسبة لأمازيغ الشرق.
فيما يتعلق بأمازيغ جهة سوس ماسة، يعرفون بالتجارة البقالة والثراء، كما أنهم لا يتزوجون من خارج تركيبتهم الاجتماعية، ويتحدثون بلغتهم المحلية الخاصة.
تحافظ معظم المكونات الأمازيغية على بعض الطقوس في المغرب، وبعضها يدخل في إطار الأساطير التي يتم إحياء بعض التقاليد الخاصة بها للآن.
ضمن الطقوس الخاصة بعيد رأس السنة أن النساء يقمن بوضع ثلاث لقمات قبل النوم في سطوح المنازل، وترمز إلى الشهور الثلاثة الأولى من السنة” يناير، فبراير ومارس” واستدرارا للمطر يرشن المكان الذي وضعت فيه اللقمات بالملح.
عيد رأس السنة الأمازيغية هو مثله مثل الأعياد الدينية في المغرب، وأن دستور 2011، أقر اللغة الأمازيغية إلى جانب العربية في المغرب.
والطقوس في رأس السنة الأمازيغية تختلف من مكان لآخر، حيث يختلف أمازيغ شمال المغرب عن جنوبه، إلا أن بعض الطقوس العامة تتمثل في إعداد طبق الكسكس، كما توضع نواة التمر في الكسكس، ومن يحصل على هذه النواة يكون محظوظ السنة.
والمتوارث في الثقافة الأمازيغية أن الذي كان يحصل على هذه النواة، تصبح مفاتيح خزائن القبائل تحت تصرفه.
تتمثل الطقوس في ثلاثة أنواع “طقوس تطهيرية”، وهي التي تهدف إلى التخلص من كل قديم وغير نافع بوسائل وأدوات وأشياء جديدة
“طقوس تغذوية” من خلال إعداد الأطباق المتنوعة من محاصيل محلية ادخرت في فصل الشتاء.
“طقوس صيدلية” من خلال جمع أنواع بعينها من النباتات المتوفرة في ذلك الفصل لتحضير أدوية منها بواسطة مزجها بمنتجات طبيعية.
تتخلل طقوس الزواج بعض الاحتفالات التقليدية، أو ما يسمى بـ “أحواش” وهي رقصة جماعية، يوزن فيها الكلام، ليغنى.
وفي بعض الأحيان تكون هناك “معركة شعرية” بين الشعراء وقد يكون هذا الشاعر إمام مسجد.
تقام الطقوس على عدة أيام منها في اليوم الأول يقوم والد بإسناد مهمة الإشهار – لبراح- القبيلة الذي يضرب الأجراس في أزقة القرى إعلان الزواج، وتذهب نساء القرية إلى منزل العريس حاملات بعض الكميات من القمح إلى والدة العريس.
تجلب النساء معهن اللوز وثمار أركان وتقمن بصنع زيت أركان وأخريات بصنع أملو – عصيدة اللوز – وطهو السمن.
في الأيام التالية الثالث والرابع والخامس، تذبح الذبائح عادة تكون بقرة أو أكثر حسب إمكانيات العريس ونفس الشيء في بيت العروس.
ضمن القصص الأسطورية المتوارثة منذ آلاف السنوات ما يعرف بـ”إيسلي” و”تيسليت” وهما بحيرتان تقعان بمنطقة أميلشيل جنوب شرق المغرب.
فيما يعرف بموسم الخطوبة تحتضن المنطقة الشعرات من شباب خاصة في فترة الحصاد، سبتمبر من كل عام، ويجتمعون لمدة 3 أيام.
ينظم الاحتفال طوال هذه الأيام بمشاركة المئات تخليدا للقصة الأسطورية “إيسلي وتيسليت”، وتعرف بالأمازيغية “العريس والعروس”.
عرفت المنطقة بحسب الروايات والمصادر المتعددة قصة حب أسطورية بين شاب اسمه موحا من قبيلة “أيت إبراهيم” وفتاة تدعى حادة من “أيت إعز”، وكان بينهما عداوة حالت دون ارتباط العشيقين ما دفع بالحبيبين إلى الانتحار، حيث انتحر موحا في بحيرة إسلي، بينما انتحرت حادة في بحيرة تيسليت، ويعقد الاحتفال السنوي بهدف تزويج الشباب في إطار تخليد قصة الحب الأسطورية.
بحسب الأسطورة أن عاشقة المطر اعترضت على إله المطر، الأمر الذي دفعه للاختفاء، فغابت الأمطار وجفت الأنهار من المياه.
الأسطورة تقول أن” روح تيسليت”، حزنت على غياب المطر وبكت، ثم وتضرعت إليه، ليعود أنزار لأخذ حبيبته إلى السماء، ومن ثم حلت هطلت الأمطار مرة أخرى.
تصنع عروسة المطر من القصب وملعقة خشبية كبيرة، وتزين بلباس نسائي أمازيغي ويضعن النساء على رأسها منديلا، ثم يخرجن في مسيرة حافيات الأقدام، يتقدمهن أطفال كرمز البراءة والصفاء من الذنوب في اتجاه مسجد القرية، وهي على الأغلب لم تعد موجودة في الوقت الراهن.
إحدى الحكايات المتداولة في بعض المناطق الأمازيغية، “تاكمارت نيسمضال”، أي بغلة القبور، هي امرأة بجسد بغلة تظهر في الظلام الدامس وتصول وتجول في القرى، وتختفي مع سماع أذان صلاة الفجر.
بحسب المتداول أن هذه المرأة تبحث دائما عن الرجال، وما إن يقع أحدهم في قبضتها حتى تقوم بحمله على ظهرها إلى المقبرة لدفنه حيا، كما يسمع صوتها على بعد مئات الأميال بحسب ما يتردد في بعض الأماكن.
تستخدم الكلمات الأمازيغية حتى الآن بين المكون الأمازيغي في المغرب، كما ان بعض هذه الكلمات تستعمل في الدارجة المغربية، وفيما يلي بعض الكلمات الأمازيغية.
المصادر : مواقع الكترونية عربية – الجزيرة