بعدّ منطقة الدقم الصناعية في سلطنة عمان واحدة من أهم المناطق الاقتصادية في الشرق الأوسط، إذ تؤدّي دورًا رئيسًا لأسواق الطاقة، نظرًا للأنشطة المتنوعة التي تضمّها، وفي مقدّمتها المصافي، ومحطات تخزين النفط، وتوليد الكهرباء، ومعالجة غاز النفط المسال، وإمدادات الغاز الطبيعي المسال.
وتمتلك منطقة الدقم الصناعية إمكانات واسعة لاستقطاب استثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية، فالمنطقة التي تأسست في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2011 تعمل على استقطاب مجموعة متنوعة من الأنشطة الاقتصادية والصناعية كالمصافي والصناعات البتروكيماوية والأنشطة التجارية والسياحية واللوجستية والصناعات الخفيفة والمتوسطة والصناعات السمكية ومشروعات التطوير العقاري.
تبلغ مساحة المنطقة 2000 كيلومتر مربع، وهو ما يؤهلها لمواكبة طلبات المستثمرين الراغبين في الحصول على أراضٍ كبيرة نسبيًا لتنفيذ مشروعاتهم الاستثمارية.
مركز إقليمي للطاقة المتجددة
أوضح نائب رئيس العامة للمناطق الاقتصادية والمناطق الحرة، أحمد بن حسن الذيب، أن منطقة الدقم الصناعية أصبحت محركًا تنمويًا في محافظة الوسطى ومركزًا إقليميا للطاقة المتجددة والمواد الهيدروكربونية والخدمات اللوجستية وقاعدة للصناعات التصديرية ومركزًا للصناعات السمكية ومقصدًا لسياحة الأعمال.
وقال، إن حجم الاستثمارات الخاصة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم يبلغ حاليًا أكثر من 3.6 مليار ريال عُماني (9.35 مليار دولار أميركي) بينما وصل عدد عقود انتفاع المشروعات الاستثمارية لنحو 431 مشروعًا.
تتمتع منطقة الدقم الصناعية بمجموعة من الميزات النسبية والتنافسية التي تؤهلها لتصبح محطة إقليمية للنقل البحري وبوابة إمداد لوجستي لمنطقة الخليج، إذ إنها تقع على بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي، بعيدًا عن مضيق هرمز الذي شهد العديد من المناوشات بين إيران وأميركا وسبّب تعطّل إمدادات النفط عدّة مرات.
منح الموقع منطقة الدقم الصناعية ميزة إستراتيجية بوقوعها على خطوط الملاحة الدولية بين الشرق والغرب وبالقرب من الأسواق الاستهلاكية في آسيا وأفريقيا، كما تتميز بقربها من مناطق إنتاج النفط والغاز.
لا تقتصر مجالات الاستثمار في منطقة الدقم الصناعية على القطاع الصناعي فقط، بل يمكن للمستثمرين الاستثمار في قطاعات اقتصادية متعددة كالسياحة والتخزين والخدمات اللوجستية والتطوير العقاري وإنشاء المجمعات التجارية والصناعات السمكية والغذائية، إضافة إلى الذكاء الاصطناعي وتجارب الطائرات المسيرة “الدرون”، والطاقة النظيفة ومشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا.
وتتميز منطقة الدقم الصناعية بموقعها الإستراتيجي على بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي، كما تتميز بوجود بنية أساسية متكاملة تتضمن مطارًا جويًا، وميناء متعدد الأغراض يوفر رصيفًا تجاريًا ورصيفًا نفطيًا، إضافة إلى ميناء للصيد البحري متعدد الأغراض، وشبكة متكاملة من الطرق المزدوجة والمفردة، ومجموعة من الفنادق والمنشآت السياحية.
مصفاة الدقم
تُعدّ مصفاة الدقم أحد مشروعات الشراكة الناجحة بين سلطنة عمان والكويت، وهو مشروع مشترك بالتساوي بين شركة “أوكيو” المملوكة لسلطنة عمان وشركة البترول الكويتية العالمية المملوكة لدولة الكويت.
تبلغ الطاقة التكريرية للمصفاة 230 ألف برميل يوميًا، وستعمل على إنتاج الديزل ووقود الطائرات إضافة إلى النافتا وغاز النفط المسال، ومن المتوقع أن تنتهي الأعمال الإنشائية نهاية العام الحالي 2022.
محطة استقبال الغاز الطبيعي
تمّ تشغيل محطة استقبال الغاز الطبيعي في منطقة الدقم الصناعية خلال الربع الأول من عام 2021، بهدف توفير احتياجات مصفاة الدقم ومشروعات الصناعات الثقيلة والبتروكيماوية المتوقعة من الغاز في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
تعدّ محطةَ تجميعٍ ومعالجة تضم 4 قاطرات منفصلة يجري فيها معالجة الغاز وتنقيته، وتبلغ سعة كل قاطرة 5 ملايين متر مكعب يوميًا، ومن خلال هذه القاطرات يُضَخّ الغاز في خطوط التوزيع.
تستقبل المحطة الغاز من منطقة سيح النهيدة من خلال خط للغاز بطول 220 كم وحجم 36 بوصة وتبلغ طاقته الاستيعابية 25 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا.
محطة تخزين النفط برأس مركز
قامت شركة النفط العمانية “أوكيو” بتنفيذ برنامج استثماري لتطوير محطة تخزين النفط الخام برأس مركز، وتشمل مرافق مينائية ومجمع خزّانات نفطية، إضافة إلى تطوير مواقع لجذب استثمارات أطراف ثالثة إليها في مجال تخزين النفط الخام والمواد الهيدروكربونية.
وتبلغ السعة الاستيعابية للتخزين في المرحلة الأولى 25 مليون برميل من النفط، ورُبِطت المحطة بمصفاة الدقم عبر خط أنابيب بطول 80 كيلومترًا، وتمّ إنشاء 8 خزانات ضخمة لتخزين النفط الخام بالمصفاة، ومن المتوقع إنجاز المحطة في النصف الأول من عام 2022.
ميناء الدقم
يعدّ ميناء الدقم من أهم محركات منطقة الدقم الاقتصادية، وأحد المشروعات الإستراتيجية التي تنفّذها سلطنة عمان لدعم الاقتصاد الوطني وتنشيط الحركة الاقتصادية.
من المتوقع أن يسهم حجم ميناء الدقم والإمكانات المتوفرة به في استقطاب الاستثمارات إلى المنطقة، خاصة قطاع الصناعات التصديرية، إذ يتمتع الميناء ببنية أساسية متطورة، ويبلغ إجمالي أطوال كاسرَي الأمواج نحو 8.7 كم، بينما يصل عمق حوض الميناء إلى 18 مترًا، وقناة الدخول إلى 19 مترًا، ما يؤهله لاستقبال ومناولة سفن الحاويات العملاقة.
ويتألف الميناء من 3 أرصفة رئيسة، هي: الرصيف التجاري، والرصيف الحكومي، ورصيف المواد السائلة والسائبة (الرصيف النفطي)، ويعمل الميناء حاليًا برافعات مؤقتة.
وقامت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بالتعاقد مع شركة ليبهر الألمانية لتوريد 4 رافعات آلية لنقل الحاويات من السفن إلى الرصيف التجاري والعكس.
كما قامت بشراء 12 رافعة للساحات ذات الإطارات المطاطية بقيمة إجمالية بلغت 27.9 مليون ريال عماني (72.47 مليون دولار)، ومن المتوقع أن تغادر الشحنة الأولى ميناء “فينت في أيرلندا”خلال النصف الثاني من شهر فبراير/شباط 2022م، على أن تستكمل بقية الشحنات قبل شهر مايو/أيار 2022م لبدء التجميع والتجهيز استعدادًا لمرحلة التدشين والتشغيل للرافعات الجديدة في نهاية الربع الأول من عام 2023.
تعدّ محطة الكهرباء والمياه جزءًا من مجمّع متكامل تنفّذه شركة مرافق المركزية بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وتُولِّد المحطة كهرباء بسعة 326 ميغاواط، وتتضمن محطة لتحلية مياه بطاقة إنتاج تبلغ 36 ألف متر مكعب يوميًا، ومنشآت سحب مياه البحر بسعة إمداد تصل إلى 1.5 مليون متر مكعب يوميًا.
تتضمن المحطة خط نقل الكهرباء بالجهد العالي 132 كيلو فولت من المحطة إلى مشروع خزّانات النفط برأس مركز على بعد نحو 80 كيلومترًا من منطقة الصناعات الثقيلة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
مصفاة إنتاج حامض السيباسك
تُعدّ مصفاة إنتاج حامض السيباسك من مشروعات الشراكة الناجحة بين القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وهو أول مشروع من نوعه يُقام في الشرق الأوسط لإنتاج حامض السيباسك الذي يُستخرج من (زيت الخَرْوَع)، ويدخل في العديد من الصناعات الكيماوية وصناعات البلاستيك والأدوية.
دخلت المصفاة حيز الإنتاج التجاري في عام 2019، وتعدّ أول مشروع صناعي في قطاع الصناعات الثقيلة يُشَغَّل في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وبلغ إنتاج الشركة خلال هذه المرحلة 12 ألف طن سنويًا.
ويعدّ حامض السيباسك أبرز منتجات الشركة، إلّا أن هناك منتجات أخرى تنتجها المصفاة، كمادة الغلسرين التي تُستَخدَم في الصناعات الغذائية والطبية، ومادة الأوكتانول التي تُستخدم في الصناعات البلاستيكية.
مصنع كروة لإنتاج الحافلات
أُسّس مصنع كروة لإنتاج الحافلات على عقد الشراكة بين الصندوق العماني للاستثمار، وشركة مواصلات قطر لإقامة مصنع لتجميع الحافلات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
دخل المصنع حيز الإنتاج التجاري في عام 2021، وتتضمن المرحلة الأولى إنتاج (500) حافلة سنويًا.
وتعدّ شركة كروة للسيارات مشروعًا مشتركًا بين دولة قطر ممثلة بشركة النقل الوطنية (مواصلات قطر) بحصة 70%، وسلطنة عُمان التي يمثّلها جهاز الاستثمار العُماني بحصة 30%.
وتعدّ شركة هايجر الصينية شريكًا إستراتيجيًا في المشروع، والمصنع مجهّز بأحدث التقنيات التكنولوجية، ويضم ورش إنتاج مختلفة لأعمال التقطيع واللحام والصباغة وتجميع المكونات والمواد والمعدّات والمحركات، إضافة إلى ورش صيانة مركزية ومخازن ومحطات كهرباء ومحطة وقود، ومبنى الإدارة ومرافق أخرى.
مصنع الدقم هونج تونج للأنابيب
مشروع لتطوير قطاع الصناعات وزيادة جاذبية المنطقة للمشروعات الصناعية المختلفة، فقد تمكنت الهيئة خلال المرحلة السابقة من توقيع عقد لتطوير جزء من المنطقة الصناعية باسم (المدينة الصناعية الصينية – العمانية).
ويعدّ مصنع الدقم هونج تونج للأنابيب أحد المصانع الاستثمارية، وبُدئ الإنتاج التجاري في عام 2021، كما يعدّ أول مصنع يبدأ الإنتاج في المدينة الصناعية الصينية – العُمانية بالدقم.
المصنع متخصص في إنتاج الأنابيب غير المعدنية المصنوعة من مادة لدائن البولي إيثلين المقوى التي تُستخدم بشكل رئيس في قطاع النفط والغاز، ويبلغ حجم إنتاجه نحو 700 كيلومتر سنويًا.
مجمع الحوض الجاف
يعمل لخدمات إصلاح وصيانة السفن، وهو أكبر ساحة وأحدثها في الوطن العربي، ويستقبل السفن متعددة الأحجام والأنواع، وبلغ عدد السفن التي استقبلها الحوض منذ تشغيله في عام 2011 وحتى نهاية عام 2021 نحو 1170 سفينة.
كما بدأ الحوض في عام 2021 المرحلة الثانية من المشروع لتصنيع السفن، ويتكون الحوض الجاف بالدقم من حوضين، الأول بطول 410 أمتار وعرض 95 مترًا، والثاني بطول 410 أمتار وعرض 80 مترًا، وبعمق يصل إلى 14 مترًا، ويستطيع الحوض الجاف تقديم الخدمة لسفن تبلغ حمولتها 600 ألف طن.
كما يشتمل الحوض على رصيف بطول 2800 متر وورش صناعية وساحات مهيّأة بمساحة 453 ألف متر مربع.
إمكانات متميزة
كما توجد بولاية الدقم وولايات محافظة الوسطى الأخرى العديد من المعادن التي يمكن استغلالها لإقامة مشروعات صناعية؛ الأمر الذي يؤهل المنطقة لتصبح قاعدة صناعية متكاملة لصناعات تحويلية تقوم على الخامات الطبيعية التي تتوافر في المحافظة.
من جانبه، قال محافظ الوسطى، الشيخ معضد بن محمد اليعقوبي، إن المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تشكّل أهمية بالغة في مسيرة الاقتصاد العُماني، ومحورًا رئيسًا في إيجاد اقتصاد تنافسي.
وأوضح أن المنطقة شهدت تحولًا نحو الاتجاه إلى اتّباع منهجية الاقتصاد الحر من خلال تقديم حزمة من التسهيلات والحوافز الجاذبة، مشيرًا إلى أن احتضان محافظة الوسطى لهذه المنطقة حقّق مفهوم التوازن في مسار التنمية في السلطنة، وأصبحت المحافظة من خلال المنطقة الاقتصادية وجهة للمستثمرين، وأفرزت حراكًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياحيًّا في مختلف ولايات المحافظة، ودفعت بعجلة التنمية في شتى المجالات.
مشروعات اقتصادية وفندقية
تتضمن أهم مشروعات منقطة الدقم الصناعية في ميناء الصيد البحري (متعدد الأغراض) ومنطقة الصناعات السمكية، وهو أكبر ميناء للصيد البحري في سلطنة عمان بمساحة 600 هكتار وبعمق 10 أمتار.
وتحتضن أيضًا مطار الدقم، الذي بدأ في تقديم خدماته للمسافرين بين الدقم ومسقط في 23 يوليو/تموز 2014م من خلال مبنى مؤقت، وجرى في 17 سبتمبر/أيلول 2018م تشغيل مبنى المسافرين الذي يتّسع لـ 500 ألف مسافر سنويًا.
كما أُنجِزَت قرية النهضة في الدقم بطاقة استيعابية قدرها 22500 سرير ووفق أعلى المواصفات ومتطلبات منظمة العمل الدولية، وتعدّ نموذجًا للمساكن العمالية العالمية من خلال ما تتضمّنه من مرافق سكنية وترفيهية مختلفة، كملاعب كرة القدم وكرة الطائرة وكرة السلة والقاعة الرياضية متعددة الأغراض وحوض السباحة وصالة اللياقة البدنية وغيرها من المرافق الأخرى المساندة كالعيادة ومحلات التسوق والحلاقة ومنافذ البيع بالتجزئة، وبدأت القرية تقديم خدماتها في عام 2017م.
وتتمتع منطقة الدقم الاقتصادية بمناخ معتدل طيلة أيام السنة، ويتّصف موروثها الطبيعي والجيولوجي بالتنوع، ما يؤهل المنطقة لأن تصبح مقصدًا سياحيًا مهمًا ومتميزًا للسياح المحليين والأجانب على السواء، وبلغ إجمالي الغرف الفندقية بالدقم حتى نهاية عام 2021 نحو 2250 غرفة فندقية.
المصادر : مواقع الكترونية عربية – الطاقة