مع تغير عادات الاستهلاك بالمغرب خلال شهر رمضان، تتربع الطماطم على عرش الاستهلاك وتغدو نجمة الأسواق، مع ارتفاع الطلب والارتفاع في الأسعار، ويعتبر قطاع زراعة الطماطم بالمغرب مؤشر تطور القطاع الزراعي، ودليل تنافسيته.
ويعني اسمها ” الثمرة المُوَرمة”، وتسمى الطماطم أو البندورة في الشام و”المطيشة” في المغرب، وهي ثاني أنواع الخضروات الأكثر استهلاكا في العالم، ومكون غذائي لا غنى عنه في المطبخ المتوسطي والمطبخ المغربي خصوصا.
ارتفاع الطلب
ترتبط الطماطم عند المغاربة في رمضان بطبق حساء “الحريرة” الرئيسي على مائدة الإفطار، الذي يعد في كل البيوت على اختلاف مستويات المعيشة، وتشهد أسعار الطماطم في السوق الداخلية خلال الأسبوع الأول من رمضان ارتفاعا ملحوظا.
وسجلت اللجنة الوزارية -المكلفة بتتبع التموين والأسعار وعمليات المراقبة والجودة (حكومية)- ارتفاع أسعار الطماطم، مقابل استقرار أسعار المواد الأكثر استهلاكا على مستوى أسواق الجملة والبيع بالتقسيط والأسواق التجارية الكبرى.
ويقول عبد الإله بهجة الكاتب العام لاتحاد جمعيات أسواق الجملة للخضار والفواكه بالمغرب -للجزيرة نت- إن الطماطم تظهر فعليا ميكانيزمات السوق من عرض وطلب، وتخضع لبورصة خاصة. ونبه بهجة لوجود محتكرين كبار يتوفر لديهم لوجيستيك الصيانة والتخزين، ولهم القدرة على إدارة دواليب السوق، وقال بهجة إن ارتفاع الطلب الدولي -وخصوصا مع فتح التصدير نحو أفريقيا- يؤثر على السوق الداخلي، مشيرا إلى أن العديد من الضِّياع تفضل التصدير.
نجمة صادرات الخضار
زراعة الطماطم هي الأولى من حيث حجم صادرات المغرب من الخضار، ويقدر إنتاجها السنوي بحوالي 800 ألف طن، ربعه موجه للتصدير. وبلغت صادرات المغرب من الطماطم خلال الشهور الثمانية الأولى من 2020 ما يناهز 342 ألف طن، بقيمة تجاوزت 4 مليارات درهم.
وسجلت صادرات الطماطم المغربية 567 ألف طن خلال الموسم 2019-2020، وتميز الموسم 2020-2021 بوضعية تجارية ملائمة في الأسواق الدولية، إذ ارتفعت صادرات الطماطم بنحو 3%، لتبلغ 117 ألف و400 طن حتى 22 نوفمبر/تشرين الثاني، فيما ارتفعت صادرات الطماطم المغربية إلى الدول الأوروبية بنسبة 12%.
ويوفر المغرب الطماطم لأسواق أوروبا وروسيا وأميركا الجنوبية، ودول غرب أفريقيا وموريتانيا، وتصدر المغرب -السنة الماضية- قائمة المصدرين إلى إسبانيا على مستوى الطماطم، وحسب بيانات رسمية، فإن المغرب رفع صادراته من الطماطم نحو إسبانيا إلى 307% في السنوات العشر الماضية.
وبحسب تصنيف سابق لمكتب الإحصاءات التابع لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة يعد المغرب رابع أكبر مصدر للطماطم بما يمثل 7.15% من الإجمالي العالمي.
قدرة إنتاجية وتنافسية
يقول المحلل الاقتصادي عبد النبي أبو العرب إن المغرب طور قدرته الإنتاجية؛ حيث رفع تنافسيته الإنتاجية بـ 22%، وتمكن من رفع المردودية وحجم الإنتاج والمساحات المزروعة وجودة التخزين.
ويعتبر أبو العرب أن الطماطم المغربية علامة دالة على نجاح القطاع الزراعي المغربي، بنوعية ملحوظة على مستوى الجودة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الطماطم المغربية اليوم هي الأولى من حيث الاستهلاك في بريطانيا، ولها زبائن أوفياء في السوق الدولي، وتشهد إقبالا لتنافسيتها على مستوى السعر والجودة.
وحسب وسائل إعلام إسبانية خسرت إسبانيا 30% من مبيعاتها في الاتحاد الأوروبي بسبب العرض المغربي بأسعار منخفضة وكفاءة الإنتاج، ورفع المغرب صادراته إلى دول الاتحاد الأوروبي في عام 2020 إلى 518 ألف طن مقارنة بـ 310 آلاف طن قبل عقد من الزمن.
ووفقا لمعطيات وزارة الزراعة المغربية فإن المساحة التي تم تحقيقها في زراعة الخضروات الخريفية -حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2020- هي 100 ألف و900 هكتار، منها 9 آلاف و235 هكتارا للطماطم، وبالنسبة لزراعة الخضراوات الشتوية بلغت إنجازات الأصناف الرئيسية 61 ألفا و470 هكتارا، ومن المتوقع أن يغطي الإنتاج احتياجات الاستهلاك والتصدير لشهري أبريل/نيسان ويونيو/حزيران.
وفيما يخص برنامج الخضروات الربيعية فبلغ 89 ألفا و700 هكتار، ومن المتوقع أن يغطي الإنتاج الاحتياجات الاستهلاكية لموسم الصيف، وينتج المغرب طماطم توجه للتصدير مباشرة وأخرى صناعية توجه للتصبير والتعليب.
ويقول أبو العرب إن المخططات الزراعية الإستراتيجية جعلت المغرب اليوم يدخل في مرحلة الزراعة التنافسية، وهو ما مكّنه من وفرة الخضروات داخليا واستقرار الأسعار، وأيضا من توفير منتجات وخضروات وفواكه أصبحت عنصرا أساسيا في الأسواق المستقبِلة.
جودة الطماطم المغربية تزعج المنافسين داخل الاتحاد الأوروبي
عادت الطماطم المغربية لتخلق الجدل وسط السوق الأوروبية، حيث طلبت كلارا أغيليرا ، المتحدثة باسم اللجنة الأوروبية للزراعة، من المفوضية الأوروبية توضيحات حول سبب سماحها بزيادة واردات هذا المنتوج.
وقالت إن “صادرات الطماطم من المغرب إلى الاتحاد الأوروبي تحافظ على منحنى تصاعدي، وتتوقع أن تتجاوز 500 ألف طن خلال الموسم الفلاحي الحالي، مقارنة مع الحصة التفضيلية المنصوص عليها في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب البالغة 285 ألف طن”.
وفي مراسلة كتابية موجهة إلى المفوضية الأوروبية، تساءلت النائبة عما إذا كانت على علم بهذه الأحداث التي ندد بها القطاع الإسباني، وإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا تسمح “بعدم الامتثال للحصة دون التعريفة الجمركية في منتصف الموسم الفلاحي يإقليم الأندلس”.
وقالت إن الطماطم المغربية تتسبب في “اضطرابات في القطاع الإسباني”، حيث تؤدي إلى انهيار الأسعار.
وقد أصبح معروفا أن دخول الطماطم المغربية إلى السوق الأوروبية، يتسبب في أزمة لمنتجي ومصدري الفواكه والخضر في بعض الدول الأوروبية، خاصة إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، إذ بات تصدير المنتوج المغربي يشهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، بفضل احترامه المعايير المحددة من قبل الاتحاد في ما يخص الجودة، والمراقبة الصحية، ما يؤدي، في بعض الأحيان، إلى إغراق الأسواق بالمنتوج، ويتسبب في انهيار الأسعار في أوروبا عند كل موسم فلاحي.
المصادر : مواقع الكترونية عربية – الجزيرة