تقاريرمنوعات

“لا مثيل له عربياً” بكلفة مليار دولار وبطول يزيد عن 1055 كلم.. كيف سيحول الطريق “تيزنيت – الداخلة” الصحراء لبقعة تنبض بالحياة؟

بلغت نسبة التقدم الإجمالي لإنجاز أشغال المشروع الضخم للطريق السريع الذي يربط تزنيت بالداخلة (1055 كلم بتكلفة إجمالية تقارب 10 ملايير درهم) 72 في المائة، حسب ما أكده، أمس الخميس، مدير هذا المشروع خلال زيارة ميدانية لوفد برلماني عن لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين.

وأوضح مدير المديرية المؤقتة المكلفة بإنجاز الطريق السريع تزنيت- الداخلة، مبارك فنشا، أن نسبة تقدم المشروع تتوزع كما يلي: 66 في المائة بالنسبة للطريق السريع، و 71 في المائة بالنسبة للمنشآت الفنية الكبرى، و 100 في المائة بالنسبة لتهيئة الطريق الوطنية رقم 1 بين العيون والداخلة.

وبالمناسبة، قام أعضاء الوفد بزيارة عدة مقاطع من هذا المشروع الضخم، الذي يندرج في اطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة، خاصة زيارة المقطع رقم 1 للطريق السريع بين تزنيت وكلميم وكذا المنشآت الفنية التابعة له التي انتهت الأشغال به.

بعد ذلك، توقف أعضاء الوفد على أشغال المقطعين الثاني والثالث من محور تزنيت-كلميم، حيث تم الاطلاع، رفقة عامل إقليم سيدي إفني، الحسن صدقي، على تقدم الأشغال على مستوى هاذين المقطعين.

كما تتبع الوفد عرضا مفصلا حول تقدم الأشغال بأوراش الطريق السريع التابعة لجهة كلميم واد نون والتي بلغت 58 في المائة بكلفة اجمالية تناهز3.8 مليار درهم.

ويضم الطريق السريع على مستوى جهة كلميم- واد نون ثمانية مقاطع بطول إجمالي يصل إلى 292 كلم و 11 منشأة فنية كبرى بتكلفة إجمالية بلغت 4180 مليون درهم.

وسيكون لهذا المشروع الكبير تأثير اقتصادي واجتماعي إيجابي على سكانة الجهات المعنية، وخاصة من خلال تشجيع الاستثمار العام والخاص، وخفض تكاليف استعمال السيارات، والمساهمة في تطوير المقاولة الوطنية، وإنعاش الشغل وخلق مناصب للشغل مؤقتة ودائمة.

وأكد رئيس لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، أبليلا مولاي عبد الرحمان، في تصريح للصحافة، أن هذه الزيارة الميدانية للوفد البرلماني تهدف إلى الاطلاع على مدى تقدم أشغال الطريق السريع تزنيت-الداخلة، مشيرا إلى أن هذا المشروع الوطني الهام سيربط المغرب بباقي دول القارة الإفريقية.

يشار إلى أن مشروع الطريق السريع تزنيت- الداخلة، والذي يزيد طوله عن 1055 كلم، بتكلفة إجمالية تناهز 10 مليارات درهم، يندرج في إطار اتفاقية شراكة بين وزارة التجهيز والماء ووزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية وجهة العيون- الساقية الحمراء وجهة كلميم- واد نون وجهة الداخلة- وادي الذهب وجهة سوس- ماسة.

أهمية الطريق

يضيف المغرب بهذه الطريق لبنة وتحفة جديدة الى صرح إنجازاته الضخمة من قبيل القطار فائق السرعة وميناء طنجة المتوسط ومجمع نور.

ولهذه المشروع الضخم، فضلا عن تأثيره في التثبيت النهائي للأقاليم الجنوبية في محيطها الطبيعي، بعدا قاريا يمنحها تأثيرا استراتيجيا لا يمكن إنكاره.

ولم تكن إفريقيا جنوب الصحراء قريبة قط بهذا الشكل، حيث سيعطي هذا المشروع دفعة قوية لتدفق التبادل البشري والمبادلات الاقتصادية والثقافية بين المملكة وبلدان من قبيل موريتانيا والسنغال ومالي.

وكان مشروع الطريق السريع تيزنيت – الداخلة، الذي وصفه وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، عبد القادر اعمارة، ب”الضخم”، ثمرة اتفاقية شراكة موقعة بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالعيون سنة 2015، في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة.

ويهم المشروع، الذي له وقع مباشر على المعيش اليومي لساكنة تفوق مليوني نسمة تتوزع على عشرة أقاليم جنوب المغرب، تثنية الطريق الوطنية رقم 1 الرابط بين تزنيت والعيون على طول 555 كلم، وتعزيز وتوسيع الطريق إلى 9 أمتار بين العيون والداخلة على طول 500 كلم .

ويمول الطريق السريع تزنيت – الداخلة من طرف الدولة والجهات الأربع المعنية (العيون الساقية الحمراء، كلميم واد نون، الداخلة واد الذهب وسوس ماسة) في حدود 8,5 مليار درهم، يضاف إليها مليار درهم لمشروع الطريق الدائرية غرب مدينة العيون على طول 7 كيلومترات ومعبر واد الساقية الحمراء.

وبالنسبة لساكنة الصحراء المغربية، تحديدا، فإن مشروع الطريق السريع تزنيت – الداخلة هو حلم بدأ يتحقق على أرض الواقع بالفعل.

وفي أفق أقل من سنتين، سيصبح العبور المزعج للمنعرجات الملتوية الرابطة بين تيزنيت وكلميم والطرق الرملية بين طان طان والعيون أو بين هذه الأخيرة ومدينة الداخلة التي تقطعها يوميا مئات الشاحنات الكبيرة المحملة بالأسماك، ممتعا لأصحاب السيارات عوض أن تكون رحلة شاقة ومتعبة كما هو عليه الأمر الآن، فحتى إن لم تكن طريقا سيارا، فهي تحمل كثيرا من صفاتها ومميزاتها.

وبالفعل، سيمكن إنجاز هذا المشروع من تقليص مدة وكلفة التنقل وتحسين سيولة حركة السير ومستوى الخدمة والسلامة الطرقية، كما سيسهل حركة نقل البضائع بين المدن الجنوبية للمملكة والمراكز الرئيسية للإنتاج والتوزيع.

ولتنفيذ هذا المشروع في أفضل الظروف، أحدثت وزارة التجهيز بنية لهذه الغاية مقرها العيون.

ويتواجد المهندسون والتقنيون التابعون لهذه البنية يوميا بالميدان للإشراف ومراقبة عمل المقاولات المكلفة بإنجاز 15 مقطعا المكونة لهذا المشروع .

وأكيد أن المهمة ليست سهلة والتحدي كبير. فالمهندسون مطالبون بإبراز قدراتهم الابتكارية وبذل مجهود على المستوى المفاهيمي والتقني لتجاوز معيقات بيئة صحراوية غير مضيافة، حيث يتوجب الانطلاق من الصفر في أماكن كثيرة وذلط على اعتبار أن الوجود الإسباني لم يستثمر قط في البنيات التحتية الطرقية في هذا الجزء من التراب الوطني.

وأمام هذا الإكراه الرئيسي، يتعين تشييد طريق سريع على موقع رئيس على امتداد 162 كلم وإنجاز طريق سريع عن طريق تثنية الطريق الوطنية رقم 1 على طول 393 كيلومترا.

ولكن، وبالرغم من طبيعة الميدان وتعقد التضاريس الجغرافية، فإن الأشغال في هذا المشروع تسير بوتيرة مطردة على مستوى جميع المحاور.

وفي هذا الإطار، أكد ياسين زيتون، رئيس قسم الأشغال بالقسم الشمالي بالمديرية المؤقتة لتهيئة الطريق الوطنية رقم واحد بين تيزنيت والداخلة، أن المقطع الأول من هذا المحور والممتد من تزنيت الى سيدي إفني (37 كلم) بلغت نسبة تقدم الأشغال به 41 في المائة.

أما بالمقطع الرابع الممتد من المدخل الجنوبي لكلميم الى زرويلة (نحو 6ر 22 كلم ) فبلغت بنسبة تقدم الأشغال به 92 في المائة.

وتسجل نفس الملاحظة على مستوى محور جهة العيون الساقية الحمراء. وهذا ما يؤكده مدير مديرية التهيئة المؤقتة للطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين تيزنيت والداخلة، عبد الله الرايس، لوكالة المغرب العربي للأنباء بقوله إن نسبة الأشغال تناهز 59 بالمائة مع وصول نسبة إنجاز مقاطع طرقية بين طرفاية والعيون نسبة 84 بالمائة.

وبخصوص توسيع وتقوية الطريق الوطنية رقم1 التي تربط بين العيون والداخلة على طول 500 كيلومتر، فالمشروع في مراحله الأخيرة، وبدأ خبراء الطرق والمستخدمون العاديون في التنويه بجودته وسلامة مساره .

ويبدي مسؤولو المديرية تفاؤلهم لانتهاء الأشغال في الآجال المحددة، ممتسلحين بتقدم الأشغال بالأوراش وبإرادة الدولة للقيام بكل ما يلزم ليطلق المشروع في الآجال المحددة مع نهاية 2021.

وحذر الوزير اعمارة، الذي تفقد مؤخرا المقطع الرابط بين طرفاية والعيون، المتعهدين بأنه لا يمكن التساهل مع أي تأخير غير مبرر في هذا المشروع. وقد وجدت شركات نفسها خارج المشروع بعد فسخ العقود معها.

ولم توقف ظروف الحجر الصحي الذي أقره المغرب لمحاربة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كويد 19 ) الأشغال بهذا المشروع الضخم ، وذلك لسببين ، أولهما احترام الالتزام الرسمي الموقع بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وثانيهما إنجاح مشروع محوري سيرسم مستقبل الأقاليم الجنوبية.

المصادر : مواقع الكترونية عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى