للإلتفاف على مخططات بوتين في أوكرانيا والعالم.. شركات عالمية تبحث عن بدائل للغاز الروسي في أعماق الأطلسي وسواحل المغرب
كشفت شركة “NewMed Energy” أنها تُجري حاليا مفاوضات مع المغرب من أجل الحصول على ترخيص التنقيب عن الغاز على السواحل المتوسطية والأطلسية المغربية، ووصف المدير التنفيذي للشركة، يوسي أبو، أن المفاوضات وصلت مرحلة متقدمة حسب مصادر إعلامية.
وأعلنت الشركة عن هذه الخطوة أول أمس الثلاثاء كشفت فيها عن تغيير إسمها من “Delek Drilling” إلى “NewMed Energy” وأوضحت استراتيجيتها الجديدة التي تهدف إلى تعزيز من أنشطتها في الحصول على تراخيص التنقيب عن الغاز، مشيرة إلى أن المغرب من البلدان التي تسعى للحصول على الترخيص للتنقيب فيها.
ووفق الشركة فإن المغرب يُعتبر من الدول ذات الإمكانيات الهائلة من الناحيتين الجيولوجية والتجارية، وفي حالة الحصول على الترخيص للتنقيب عن الغاز بالمملكة المغربية ستكون هي ثاني شركة عالمية تدخل إلى المغرب في هذا المجال بعد شركة “راتيو بيتروليوم إينيرجي”.
وكانت شركة “راتيو بيتروليوم إينيرجي” قد أعلنت في الشهور الأخيرة أنها وقعت اتفاقية مع المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، حصلت بموجبها على الحق الحصري في الدراسة والتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في كتلة الداخلة الأطلسية.
ويشمل مساحة تمتد إلى 129 ألف كيلومتر مربع بالإضافة إلى المياه الضحلة والعميقة إلى مسافة 3000 متر، حيث ستمتد أعمال الدراسة والبحث لعام واحد قابل للتمديد، على أن تمتد أشغال التنقيب لـ8 سنوات يمكن تمديدها إلى 10 سنوات.
وبخصوص شركة “نيوميد إينيرجي” فإنها لم تُعلن بعد عن المناطق التي تهدف إلى استغلالها في التنقيب في حالة الحصول على الترخيص للقيام بذلك، غير أنه من المتوقع أن يكون ذلك على الواجهة الأطلسية وبالسواحل الجنوبية المغربية، بالنظر إلى وجود مؤهلات كبيرة في هذه المناطق حسب دراسات سابقة.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن المغرب سرّع من وتيرة البحث والتنقيب عن الغاز داخل المملكة في السنتين الأخيرتين، وبالخصوص في الشهور الأخيرة التي تلت إيقاف اتفاقية أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي ينطلق من الجزائر عبورا من المغرب ووصولا إلى إسبانيا، والذي كان يسمح للمغرب بالحصول على حاجياته من الغاز.
ومعلوم أن شركة “Chariot” البريطانية المتخصصة في التنقيب عن النفط والغاز أعلنت في 10 يناير الماضي عن اكتشافات جديدة للغاز الطبيعي بالمغرب، وصفتها بأنها “تجاوزت التوقعات” التي كانت لدى الشركة سابقا، مما يجعل إمكانية تحول المملكة المغربية من البلدان المنتجة للغاز أقرب إلى التحقق.
وحسب بلاغ رسمي للشركة، فإن أعمال الحفر التي قامت بها منصة “ستيان دون” في منطقة الحفر الثانية التي تقع قبالة ساحل العرائش، أو التي يُطلق عليها بـ”بئر أنشواز 2″ أدت إلى اكتشاف مخزون مهم للغاز يفوق ما تم اكتشافه في البئر الأول “أنشواز 1” في نفس الساحل بحوالي الضعف.
وأوضحت الشركة في ذات السياق، أن أعمال التنقيب في منطقة الحفر الثانية تشير المعطيات الأولية إلى وجود غاز على مساحة 100 متر، وذلك أكثر مما تم اكتشافه في منطقة الحفر الأولى التي أظهرت المعطيات السابقة إلى وجود الغاز على مساحة 55 متر فقط.
وقال أدونيس بوروليس، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لشركة شاريوت البريطانية تعليقا على هذه المستجدات، أن “هذه نتيجة هائلة وأود أن أشكر المكتب الوطني المغربي للكربوهيدرا وشركائنا على الترخيص وجميع المشاركين على دعمهم الذي لا يقدر بثمن، والذي مكّن من حفر البئر بأمان ونجاح وفي الوقت المناسب خلال فترة التحديات التشغيلية واللوجستية الكبيرة المطروحة بسبب وباء كورونا”.
وقالت الشركة أنها ستعمل على تحليل كافة المعلومات والمعطيات الناتجة عن هذا الاكتشاف الجديد، استعدادا لاتخاذ الخطوات المقبلة، بشأن عمليات استخراج الغاز من البئرين معا.
هل يصمد قطاع الغاز في أوكرانيا أمام الغزو الروسي؟
مع بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية برًا وجوًا وبحرًا، في أكبر هجوم في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، تجد أوكرانيا -وهي أكبر مستهلكي الغاز الروسي في أوروبا- نفسها في ورطة.
ورغم أن أوكرانيا بلد عبور رئيس للغاز الروسي إلى أوروبا، فإنها تواجه خطر تدمير بنيتها التحتية، رغم تأكيد الممثل الرسمي لشركة “غازبروم” الروسية سيرجي كوبريانوف، لوكالة تاس، أن إمدادات الغاز ستواصل تدفّقها عبر أوكرانيا بشكل طبيعي، وفقًا لاحتياجات المستهلكين من أوروبا، والتي تبلغ 83 مليون متر مكعب/يوميًا.
وحسبما نقلت وكالة رويترز عن شركة الطاقة الأوكرانية نفتوغاز، اليوم الخميس، فإن البنية التحتية للطاقة في البلاد لم تتعرض لقصف منهجي، و”الوضع تحت السيطرة” حتى الآن.
كيف تتأثر إمدادات الطاقة
وفقًا لمصادر رسمية وخبراء، فقد دُمِج نظام إمداد الغاز الطبيعي المحلي في خطوط أنابيب نقل الغاز، إذ تعتمد البلاد بشكل كبير على إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا.
روسيا وأوكرانيا
وتتيح خطوط أنابيب الغاز العابر للأراضي الأوكرانية الحفاظ على المستوى الضروري من الضغط في شبكة الغاز الأوكرانية، لتزويد كل من أوروبا والمستهلكين المحليين بالغاز.
وتشير التقارير إلى أن أوكرانيا لم تستورد الغاز مباشرة من روسيا منذ 2015، لكنها تشتريه من التجار الغربيين جزءًا من الغاز الروسي الذي يمر عبر الأراضي الأوكرانية إلى أوروبا.
احتياجات أوكرانيا من الغاز
في 2021، استهلكت أوكرانيا 27.3 مليار متر مكعب من الغاز، إذ بلغ إنتاجها نحو 19.8 مليار متر مكعب، واضطرت لتعويض الفارق من خلال استيراد 2.6 مليار متر مكعب، بينما استعانت بنحو 4.9 مليار متر مكعب من الغاز من المخازن الجوفية.
واستخدمت الأسر 32% من كميات الغاز المستهلك، بيبنما استهلك منتجو الحرارة 24%، وذهبت 44% الباقية إلى قطاعات الصناعة والجيش والمستهلكين الآخرين.
ويرى الخبراء أنه إذا حافظت روسيا على نقل الغاز عبر أوكرانيا إلى أوروبا، وظلت خطوط أنابيب نقل الغاز تعمل، فإن أوكرانيا قادرة على تزويد السكان والصناعة بالغاز، خاصة أنها تستهلك نحو 140 إلى 150 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا في موسم البرد الحالي.
وتحصل أوكرانيا على نحو 55 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز من إنتاجها، ويمكن أن تحصل على 90 مليونًا من الغاز المُخزَّن تحت الأرض، ولكن إلى متى يمكن أن تصمد؟ فالبلاد لم تستورد الغاز في الأشهر الأخيرة، لكن لديها 11.3 مليار متر مكعب من الغاز في المخازن المملوكة لشركات أوكرانية.
احتياطيات ضعيفة
بحسب مصادر مطّلعة على قطاع الغاز في أوكرانيا، فإنه حال وقف روسيا لعبور الغاز في خطوط الأنابيب أو تدميرها، فإن أوكرانيا لن تستطيع توفير الغاز للأسر والبنية التحتية الحيوية سوى لمدة تتراوح بين 5 إلى 7 أيام فقط.
الغاز الروسي
وإذا توقف ضخّ الغاز في خطوط الأنابيب، سيبدأ المخزون في الانخفاض، ولن تكون لدى أوكرانيا كميات كافية من الغاز في المخازن للحفاظ على الضغط وتزويد المستهلكين بالغاز، بينما قالت مصادر، إن قطع إمدادات الغاز عن الصناعة قد يطيل عمر النظام لعدّة أيام.
من الناحية النظرية، حسب تحليل رويترز، يمكن استيراد الغاز بمعدل يصل إلى 40 مليون متر مكعب/يوميًا، لكن هذا الأمر صعب بسبب نقص الموارد في أوروبا ونقص الأموال لشرائه.
كما إن استبدال نوع آخر من الطاقة بالغاز، مثل الكهرباء، ممكن جزئيًا فقط، لأن الدولة تستخدم الغاز لإنتاج جزء من الكهرباء، ولديها احتياطيات غير كافية من الفحم لمحطاتها العاملة بالفحم.
إنتاج الكهرباء في أوكرانيا
وفقًا لوزارة الطاقة الأوكرانية، فإن البلاد تستهلك نحو 23 ألف ميغاواط، ولديها قدرة إضافية لإنتاج 3400 ميغاواط أخرى، بينما يُوَفَّر نحو 55% من الإنتاج من خلال 4 محطات طاقة نووية في أوكرانيا، و29% من خلال المحطات الحرارية.
ومع ذلك، يُحرَق جزء من التوليد الحراري بالغاز، ويستهلك ما يصل إلى 10 ملايين متر مكعب/يوميًا، ما يعني تأثيرًا غير مباشر لأيّ انقطاع في إمدادات الغاز.
ففي عام 2014، سيطر الانفصاليون الموالون لروسيا على جميع مناجم الفحم الأوكرانية تقريبًا، الأمر الذي أجبر أوكرانيا على استيراد الفحم عن طريق البحر.
وتقول الحكومة، إن شركات توليد الكهرباء لديها عقود لتوريد الفحم المستورد حتى نهاية موسم التدفئة، ومع ذلك، فإن الكميات الصغيرة من احتياطيات الفحم في المحطات الحرارية تعني أنها لا تستطيع زيادة الكميات المولدة.
كما تستورد أوكرانيا أيضًا الكهرباء من بيلاروسيا، لكن إمداداتها تعتمد على الإرادة السياسية لمينسك، حليفة روسيا، بجانب سلامة خطوط الكهرباء، لا سيما أن أوكرانيا لا تمتلك القدرة الفنية على استيراد الكهرباء من أوروبا للمستهلكين في جميع المناطق.
عواقب غزو أوكرانيا
يواجه كبار مشتري النفط الروسي مشكلات في الحصول على ضمانات بنكية، إذ تتخوف البنوك من فرض حظر على صادرات النفط من موسكو أو التعاملات المالية مع روسيا، في أعقاب غزوها لأوكرانيا.
وقالت 4 مصادر تجارية إن 3 مشترين رئيسيين على الأقل للنفط الروسي لم يتمكنوا من فتح خطابات ائتمان من البنوك الغربية لتغطية المشتريات اليوم الخميس، حسبما أفادت وكالة رويترز.
وأشارت المصادر إلى حالة من عدم اليقين في السوق بعد غزو روسيا لأوكرانيا، قائلة: “البنوك ليست على استعداد لفتح خطابات ائتمان في الوقت الحالي، لذا فإن الأمر يمثل نوعًا من المواجهة”.
خطابات الائتمان والنفط الروسي
تنشط جميع البنوك الغربية الكبرى تقريبًا في مجال السلع، وتصدر خطابات الائتمان، بحسب رويترز.
وتُعد خطابات الائتمان من بنك المشتري ممارسة قياسية في تداول السلع، وتضمن لبنك البائع أن يجري السداد بالكامل وفي الوقت المحدد.
ومن بين كبار مشتري النفط الروسي شركات النفط الغربية الكبرى، مثل بي بي وشل إيني وتوتال إنرجي وإكوينور وشيفرون وإكسون موبيل؛ وشركات تجارية مثل فيتول وجلينكور وترافيغورا.
أزمة روسيا وأوكرانيا
تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في ارتفاع أسعار الطاقة اليوم الخميس، ما زاد من المخاوف بشأن شح الإمدادات، وأثار تساؤلات جديدة بشأن تدفقات النفط والغاز من روسيا إلى أوروبا في الأشهر المقبلة، حسبما أفادت صحيفة “نيويورك تايمز”.
واخترق خام برنت مستوى 100 دولار للبرميل، مرتفعًا نحو 8% إلى ما فوق 104 دولارات للبرميل، وهو أعلى مستوى في أكثر من 7 سنوات.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط لفترة وجيزة إلى ما فوق 100 دولار للبرميل.
يقول محللون إن تدفق الغاز الطبيعي في أوروبا من المرجح أن يتعطل -بسبب الصراع في أوكرانيا- أكثر من النفط.
وقفز سعر الغاز بنسبة 19% تقريبًا إلى 105.6 يورو (117.9 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة بحسب مؤشر “تي تي إف” الهولندي.
في حالة النفط، من المرجح أن يكون السؤال الرئيس هو ما إذا كانت التدفقات قد تعطلت نتيجة للعقوبات؟، إذ تنتج روسيا نحو واحد من كل 10 براميل من النفط على مستوى العالم، لذا فإن أي صراع يتعلق بها يثير قلق تجار النفط بشدة.
وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، سيكون السؤال هو ما إذا كانت روسيا تواصل إمداد كبار العملاء مثل ألمانيا وإيطاليا، أم تختار استخدام الوقود بوصفه سلاحًا انتقامًا من العقوبات؟
إمدادات النفط والغاز الروسية
يحدث الصراع في وقت كانت فيه إمدادات النفط والغاز الطبيعي شحيحة بالفعل منذ شهور، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وخلق حالة تزيد فيها مخاطر انقطاع الإمدادات.
على المدى الطويل، من المرجح أن يؤدي عدوان روسيا على أوكرانيا والتهديد الضمني لإمدادات الطاقة الأوروبية والعالمية، إلى أن تبذل أوروبا المزيد من الجهود للتخلص من اعتمادها على النفط،، وعلى واردات الغاز الطبيعي من روسيا على وجه الخصوص، كما يقول المحللون.
إذ تزوّد روسيا الاتحاد الأوروبي بأكثر من ثلث إمدادات الغاز، والتي تصل في خطوط الأنابيب عبر أوكرانيا، على الرغم من انخفاض الأحجام عبر تلك القنوات في الأشهر الأخيرة. كما تُعد أوروبا هي أيضًا مشترٍ كبير للنفط الروسي.
وقال رئيس قسم القضايا الجيوسياسية في شركة إنرجي أسبكتس للأبحاث، ريتشارد برونز، إن حجم العملية العسكرية الروسية التي أمر بها الرئيس فلاديمير بوتين فاجأ بعض المشاركين في السوق، ويُمكن أن يفسر القفزة القوية في الأسعار.
المصادر : مواقع الكترونية عربية