في إطار تسريع وتيرة انتشار الطاقة الشمسية في مصر؛ انتشرت مبادرات فردية في عدد من المناطق لرفع المياه الجوفية من الآبار، ولا سيما في الصحراء الغربية؛ بهدف توفير مياه الري.
ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تبنت مصر خطة طموحة للاعتماد على الطاقة الشمسية في رفع المياه من الآبار، مستهدفة أن تتحول الآبار كافة -خلال عامين- إلى العمل بالطاقة النظيفة بدلًا من الكهرباء والديزل.
وأعلنت الحكومة أن لديها خطة لتنفيذ هذا المشروع بعد تجربة الأمر في عدد من المناطق والمشروعات.
وبالفعل، كانت هذه التجربة قد حققت نجاحًا عند استخدامها للمرة الأولى خلال مشروع لاستخراج المياه من أكبر بئر جوفية بمنطقة العلمين في الصحراء الغربية باستخدام الطاقة الشمسية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2013.
حقق مشروع العلمين إنجازًا كبيرًا باستخراج المياه الجوفية للري لزراعة المحاصيل في هذه المنطقة على مساحة 850 مترًا مكعبًا يوميًا من مسافة على عمق 55 مترًا تحت الأرض.
ويُعد الاعتماد على الطاقة الشمسية في مصر لتشغيل مثل هذه المشروعات اختيارًا ذكيًا مقارنة بالمولدات التي تعمل بالديزل والتي تتجاوزها بمراحل من حيث التكلفة.
وتسلط “الطاقة” الضوء على أحدث المشروعات في هذا المجال، الذي يقع في إحدى المزارع بمنطقة العسيلة بالواحات البحرية -إحدى واحات الصحراء الغربية في مصر وتتبع محافظة الجيزة.
وتُعرف هذه المنطقة بالمزارع المتخصصة في زراعة الخضراوات، ولا سيما نوع معين من البقدونس الذي يجُفف ثم يُصدّر إلى الخارج.
إذ كانت المزرعة الواقعة في منطقة العسيلة تجد صعوبة في الحصول على المياه اللازمة للزراعة؛ نظرًا لطبيعة المكان الصحراوية؛ لذا لجأت إلى استخراج المياه الجوفية من على عمق 40 مترًا من خلال حفر بئر وتركيب مواسير، وتنزيل مضخة غاطسة ومعها كابل غاطس لتزويدها بالكهرباء لضخ المياه إلى أعلى.
اعتمدت المزرعة -في البداية- على المولدات لتزويدها بالكهرباء، إلا أن المولدات على الرغم من تناسب تكلفة شرائها؛ فإن مصاريف تشغيلها باهظة؛ فهي تحتاج إلى الكثير من السولار وتجب صيانتها باستمرار وكثيرًا ما تتعرض للأعطال.
كما تحتاج المولدات إلى السولار والصيانة بصورة دورية، كما يصدر عنها الكثير من عادم الكربون الملوث للهواء، فضلًا عن ضجيجها المرتفع؛ ما جعل الاعتماد عليها مكلفًا من الناحية الاقتصادية، ومضرًا من الناحية البيئية.
وقال مدير الإدارة الهندسية لشركة “إم باور” في تصريحات إلى “الطاقة”، أحمد حندوسة، إن الاستفادة من الطاقة الشمسية في مصر كان بمثابة طوق النجاة للمزرعة؛ إذ تغذي المحطة المضخات بالكهرباء في النهار.
ومن ثَم لا يوجد أي استهلاك للديزل نهائيًا في وقت شروق الشمس، وهذا قلل من التكلفة؛ نظرًا لارتفاع سعر الديزل؛ إذ يبلغ اللتر الواحد 6.75 جنيهًا مصريًا (0.43 دولارًا أميركيًا)، بينما تحتاج المولدات إلى كميات كبيرة جدًا، كما أن هذا المولدات لا توفر سوى 4 واط/ساعة من الكهرباء.
أوضح حندوسة أن الطاقة الشمسية المتولدة تغذي جهاز التحكم في المحرك الذي يعتمد أساس عمله على دائرة الانفرتر ويسمى “سولار موتور درايفر”، وهو جهاز ذكي يتحكم في المحرك ليستهلك كهرباء على قدر الحاجة.
وأضاف أن هذا الجهاز ينظم لكمية الكهرباء المتولدة؛ فإذا كانت قليلة يجعل المحرك يدور بسرعة معينة لضمان استمرار ضخ المياه، وإذا كانت كمية الكهرباء المتولدة كبيرة يجعل المحرك يدور بسرعته الكاملة؛ أي ينظم تشغيل المحرك حسب الطاقة الشمسية المتاحة.
وهذا الجهاز ينظم عمل الطاقة الشمسية وطاقة المولد، بحيث يمكن الاعتماد على الكهرباء الناتجة من المولد حال غياب الشمس أو في الليل.
يستقبل المحرك الطاقة الكهربائية ويشغل المضخة الغاطسة التي تقوم بدورها في ضخ المياه إلى أعلى، ثم توزع الكهرباء عبر المزرعة عن طريق الأنابيب والمحابس.
وتُصفى المياه في الخزان وتُضاف لها مواد كيماوية لاستخلاص الحديد وبيعه؛ إذ تُضخ المياه الجوفية من باطن الأرض مصحوبة بالمعادن؛ فهذه المنطقة تحديدًا تُعرف بأنها غنية بالمعادن.
الطاقة الشمسية في مصر
ويعتمد تشغيل هذه المزرعة على خاصية إضافية، وهي أنه عند الحاجة للطاقة الشمسية لتشغيل محرك الرفع للمضخة الغاطسة، يُحرك المفتاح الكهربي نحو المحرك، وعند الرغبة في تشغيل المحرك الذي يضخ للمزرعة للقيام بعملية الري يُحرك المفتاح في الاتجاه المعاكس لتشغيل هذا المحرك.
وعند ضبط المفتاح الكهربي في المنتصف، يفصل الكهرباء تمامًا عن محركات المزرعة، كما أُضيف مفتاح كهربي آخر للتحكم في تشغيل المولدات.
وتبلغ قدرة المحطة الشمسية 60 كيلو واط، وتتكون من 180 وحدة من الخلايا الشمسية، وهي مصممة بطريقة جديدة ومبتكرة، بحيث تولد كمية كبيرة من الكهرباء باستخدام مساحة محدودة، وفي الوقت نفسه يكون وزنها ثقيلًا على الأرض لتتحمل الهواء الشديد.
المصادر : مواقع الكترونية عربية – الطاقة