ارتفع مؤشر أسعار المعادن الأرضية النادرة في الصين إلى مستويات قياسية، أمس الجمعة؛ ما دعا وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات إلى استدعاء كبار المنتجين لبحث كيفية كبح جماح الأسعار.
وطالبت الوزارة مُنتجي المعادن الأرضية النادرة بتنظيم عملياتهم وتداولاتهم، وتحديد آلية متكاملة للتسعير، للسيطرة على ارتفاع أسعار المعادن النادرة الآخذ في الارتفاع منذ أشهر.
ودعت ممثلي كبرى شركات المعادن الأرضية النادرة إلى تبني مبادرة لوضع آلية لتنظيم أسعار المعادن الأرضية النادرة، حتى تتمكن الأسعار من التحرك في نطاق ملائم، بعيدًا عن القفزات القياسية.
نطاق تسعير
شمل الاستدعاء كلًا من المجموعة الصينية للمعادن الأرضية النادرة المؤسسة حديثًا، وشركة شينغ ريسورسيز هولدينغ، والمجموعة الصينية الشمالية للمعادن الأرضية النادرة.
وأكدت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية أن الشركات المعنية بالصناعة يتعيّن عليها تحمُّل مسؤولية أوضاع السوق الحالية بصورة إجمالية، لضمان استقرار الصناعة وسلاسل التوريد.
كما دعت الوزارة -التي تمثّل المُنظم الصيني لصناعة المعادن الأرضية- ممثلي تلك الشركات إلى تنظيم التداولات والمضاربات ومنع التخزين الذي يؤدي إلى رفع الأسعار.
جاء ذلك بعدما شهدت الأسعار ارتفاعًا قياسيًا، متأثرة بعدة عوامل منها تزايد الطلب على الصعيدين المحلي والخارجي، بالإضافة إلى تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا والتوترات التي شهدتها الأسواق خلال مرحلة ما قبل الغزو بظلالها على مؤشرات السوق.
أسعار المعادن الأرضية النادرة
بصورة إجمالية، وبالتوازي مع ارتفاع الأسعار المتزايد خلال فترة التوتر الجيوسياسي بين روسيا وأوكرانيا قبيل الغزو، سجلت أسعار المعادن الأرضية النادرة -المقدرة بـ17 معدنًا- ارتفاعًا خلال النصف الثاني من العام الماضي.
وامتد ارتفاع أسعار المعادن من النصف الثاني العام الماضي إلى العام الجاري، إذ سجلت أسعار سبائك عنصري البراسيوديميوم والنيوديميوم (يستخدمان في إنتاج مغناطيسات محركات السيارات الكهربائية) ارتفاعًا إلى 1.28 مليون يوان صيني، بنسبة 32% العام الجاري، وفق تقديرات رويترز.
وقفز مؤشر الأسعار الصينية إلى 429.40 أمس، بعدما ارتفع بمقدار 0.2 نقطة الخميس الماضي، وفق بيانات رابطة صناعة المعادن الأرضية النادرة في الصين.
وتستخدم المعادن الأرضية النادرة في تصنيع السيارات الكهربائية والمعدات العسكرية، ما أثّر بصورة مباشرة على صناعة السيارات ومحاولات كهربتها المتماشية مع الأهداف المناخية.
عوامل ارتفاع الأسعار
اتفق محللون على أن هناك عدة عوامل أثرت مجتمعة على ارتفاع الأسعار الصينية للمعادن الأرضية النادرة، وهو الارتفاع الذي أثر على أسعار السوق العالمية، نظرًا إلى ما تقدمه الصين من دور مهم باعتبارها مُنتجًا رئيسًا للصناعة.
وأكدوا أن إمدادات المعادن الصينية من ميانمار شهدت تعطلًا أسهم في ارتفاع أسعار المعادن الأرضية النادرة إلى مستويات قياسية، نظرًا إلى أنها تُعد مصدرًا مهمًا للإمدادات الصينية.
إذ أكد مسؤول صيني في شركة غانشو للمعادن الأرضية النادرة -المملوكة للدولة ويُدعى يانغ- أن تسليم إمدادات المعادن من ميانمار إلى شركته لم يكن يسيرًا ومتواصلًا.
وتابع تحليل عوامل ارتفاع أسعار المعادن الأرضية النادرة، مشيرًا إلى أن نقص العمالة في مناجم ميانمار، وكذلك نقص العناصر الكيميائية في المناجم، أثرا على معدلات وصول الإمدادات إلى الصين، وبالتالي فاقم من ارتفاع الأسعار.
وأضاف يانغ أن نمو طلب الصناعات على المعادن الأرضية النادرة أدى إلى اتساع فجوة التوازن بين العرض والطلب، رغم أن الشركات المُنتجة تعمل بطاقتها كافّة، وفق ما صرح لصحيفة غلوبال تايمز.
وتوقع المحلل الصناعي المُستقل، وو تشينهوي، استمرار ارتفاع أسعار المعادن الأرضية النادرة لاعتبارات عدة، منها نقص الإمدادات وزيادة الطلب لاستخدامات تصنيع السيارات الكهربائية.
وتوقع تشينهوي ارتفاع الأسعار إلى مستويات أعلى من المستويات الحالية، مُرجعًا ذلك إلى عوامل عالمية من ضمنها التضخم وتبعات جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا.
ارتفاع أكتوبر
كانت أسعار المعادن الأرضية النادرة قد ارتفعت -في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي- إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011.
وسجلت أسعار البراسيوديميوم والنيوديميوم ارتفاعًا إلى 735 ألف يوان للطن المتري، وفق بيانات شانغهاي ستيل هوم للتجارة الإلكترونية.
وشهد العام الماضي تضاعف أسعار المعادن الأرضية النادرة، ما زاد التخوف حينها من نقص الإمدادات المحلية في صناعاتها، والتأثير على الأسواق العالمية التي تشكل الإمدادات الصينية 70% منها، وفق صحيفة ماينينغ.
وشهدت سلاسل الإمدادات اضطرابًا على خلفية ارتفاع أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي القياسي، أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار السلع وزيادة تكاليف الإنتاج.
وبارتفاع الأسعار الصينية للمعادن الأرضية النادرة، زادت مخاوف ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية، وتوربينات صناعة الرياح، في ظل الاتجاه العالمي لتعزيز صناعات خفض الانبعاثات الكربونية.
المصادر : مواقع الكترونية عربية – الطاقة