كشف تقرير حديث، عن أهمية الري بالطاقة الشمسية في أفريقيا، وأجاب عن سؤال حول مدى مساهمة ذلك في تقليل اعتماد القارة السمراء على الواردات الغذائية.
إذ تناول تقرير سوق مضخات المياه العاملة بالطاقة الشمسية، الذي أصدره -مؤخرًا- مركز الأبحاث والخدمات الاستشاري الهندي “فيوتشر ماركت إنسايتس”، الوضع الحالي للقطاع الزراعي في أفريقيا.
وأوضح أن أفريقيا -التي تبلغ مساحة الأراضي الزراعية المروية فيها 5%- تشهد أنماطًا مناخية متقلبة يتعذّر فيها تلبية الطلب المرتفع على الغذاء جرّاءَ التوسع السكاني الحضري في المنطقة، وفقًا لما نشر موقع مجلة “إي إس آي أفريكا” الجنوب أفريقية.
وكشف التقرير عن أن الزراعة تُعدّ أحد القطاعات الرئيسة التي تدعم الدخل في أفريقيا، وتلعب الطاقة النظيفة دورًا فاعلًا في ري الحقول وتعزيز الإنتاجية الإجمالية.
وذكر التقرير أن تشغيل مضخات المياه باستخدام مولدات الديزل مرتفعة التكلفة يمثّل واحدًا من أكبر الأنشطة التي تستهلك التكلفة بالنسبة إلى المزارعين الأفارقة والبلدان الأخرى التي تعتمد على الزراعة، ولذلك تكتسب مضخات مكانة بارزة في أفريقيا بسبب فرص النمو الجذابة التي توفرها.
تشير الدراسات إلى أن الطاقة الشمسية تؤدي دورًا رئيسًا في التنمية الشاملة للقطاع الزراعي في أفريقيا.
ويقدم البحث الأخير الذي أجراه برنامج الأبحاث تغير المناخ والزراعة والأمن الغذائي شرحًا تفصيليًا للنتائج المحتملة للري بالطاقة النظيفة في المنطقة.
وتتمثّل إحدى أبرز فوائد نظام الري المناسب في أن اعتماد أفريقيا على الواردات الغذائية سينخفض من 54% في ظروف العمل المعتاد إلى 17-40%، ما يؤدي إلى انخفاض هائل في الجوع ونقص التغذية، ومن المرتقب أن يهيمن الري بالطاقة الشمسية على مناطق عديدة في أفريقيا.
السودان يطرح مناقصة لتنفيذ مشروع ري بالطاقة الشمسية
وتشير التقديرات المستندة إلى 13 دولة أفريقية إلى أن إمكان توسيع الري في أفريقيا كبيرة، إذ يمكن للمنطقة توسيع مساحة الأراضي المروية بمقدار 13.5 مليون هكتار.
علاوة على ذلك، يمكن أن تعتمد منطقة البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، في غضون سنوات قليلة، على التقنيات الحرارية الشمسية لضخ المياه للري، خصوصًا في المزارع الريفية.
تتجه الأنظار إلى أفريقيا في سياق تلبية طلب الأعداد المتزايدة من سكان العالم على الغذاء الذي ينبغي أن يتضاعف إنتاجه بحلول عام 2050، ولهذا تبرز أهمية الإستراتيجيات المبتكرة للمساعدة في مكافحة الجوع، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
وتمتلك أفريقيا 65% من الأراضي الصالحة للزراعة المتبقية في العالم، وتوجد فيها وفرة من المياه العذبة، ونحو 300 يوم من سطوع الشمس سنويًا.
في المقابل، يعمل أكثر من 60% من السكان العاملين في أفريقيا في الزراعة، كما أن مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية موجودة فيها منذ بضع سنوات.
وتعمل مجموعة بنك التنمية الأفريقي (إيه إف دي بي) جاهدة لدعم إنشاء التجمعات الزراعية وتطويرها واستيعاب التقنيات وتحسين الوصول إلى المياه والري في المنطقة.
وبوصفه جزءًا من شراكة استثمارية بين دول أفريقيا والهند التي تهدف إلى القضاء على فقر الطاقة، تعهدت الأخيرة بتوفير خط ائتمان ميسّر بقيمة 10 مليارات دولار لأفريقيا لمشروعات الطاقة الشمسية.
ومن المتوقع أن تُنَفَّذ الخطة من خلال التحالف الدولي للطاقة الشمسية (آي إس إيه) الذي تستضيفه الهند. ويُعدّ الري بالطاقة الشمسية أهم مجال مستهدف لهذا التعاون الفوري.
ومن ناحيته، سيستفيد مصرف التنمية الأفريقي بشكل كبير من هذه الشراكة لتحقيق أهدافه المتعلقة بتحقيق الوصول الشامل للكهرباء والقضاء على الجوع وسوء التغذية بحلول عام 2025.
وتنفذ الحكومات الأفريقية مبادرات للحد من انبعاثات الكربون المتزايدة، في محاولة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وقد نشأت مثل هذه المبادرات من الاعتماد المتزايد على استخدام المصادر المتجددة لتقليل تكاليف استهلاك الطاقة وإجمالي البصمة الكربونية على البيئة.
وتدعم مثل هذه المبادرات الطلب على المضخات الشمسية في البلدان الأفريقية، إذ تبدو سوق المضخات الشمسية في أفريقيا مهيأة للنمو.
بالإضافة إلى ذلك، تمهّد السياسات الحكومية الداعمة، التي تجعل مضخات المياه بالطاقة الشمسية بديلاً ممتازًا لتوفير التكلفة، الطريق أمام الشركات الرئيسة في السوق.
تتميز البلدان في جميع أنحاء أفريقيا بوجود مزارعين يعملون بجد لكسب عيشهم بطريقة أو بأخرى، من خلال سعيهم لإيجاد بدائل للتعامل مع الاعتماد على الأمطار لري الأراضي الزراعية.
وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 98% من المزارعين في كينيا يعتمدون على الأمطار في الري، إذ يصعب على المزارعين جمع المياه في السدود الرملية، إلى جانب التحديات المتعلقة بإمكان الوصول إلى موارد المياه.
وتعمل مضخات الري بالطاقة الشمسية على تقليل الجهد المبذول لنقل المياه والحد من انبعاثات الكربون وزيادة إمكان الوصول وتقليل التكاليف.
أفادت التقارير الإخبارية الأخيرة بأن المزارعين في قرية مويثيني الكينية راضون عن تركيب نظام جديد للري يعمل بالطاقة الشمسية، بحسب مجلة “إي إس آي أفريكا” الجنوب أفريقية.
وفي فبراير/شباط 2021، ركّب البنك الدولي وحكومة مقاطعة ماكويني الكينية وحدة شمسية مكونة من 32 خلية في قرية ماويو بمساعدة المزارعين، ويُعدّ هذا أحد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية خارج الشبكة التي ساعد البنك الدولي في إنشائها في جميع أنحاء كينيا.
جدير بالذكر أن السودان يُعدّ إحدى مناطق أفريقيا التي تتميز بتبني أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية. وأعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودانية مشروعًا للطاقة الشمسية لمدة 5 سنوات يسمى “الطاقة الشمسية للزراعة”.
ويهدف المشروع إلى تركيب 29 من أنظمة مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية بأحجام مختلفة في إحدى الولايات الشمالية في البلاد، وإلى تحسين إنتاجية المزرعة وتقليل الاعتماد على الوقود عالي التكلفة مثل الديزل.
لذلك، يحمل الري بالطاقة الشمسية مجموعة كبيرة من الآفاق الواعدة للمزارعين الأفارقة الذين يعانون قلة هطول الأمطار في المنطقة.
وسيساعد إدخال المضخات الشمسية في استخراج المياه من مصادر مختلفة، وزيادة إنتاجية الأراضي المزروعة، وتحقيق العوائد الاجتماعية والاقتصادية.
ومن المتوقع أن تعزز كينيا والمغرب وناميبيا ونيجيريا فرص نمو سوق مضخات المياه العاملة بالطاقة الشمسية.
المصادر : مواقع الكترونية عربية