أكبر 5 مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا والعالم.. والمغرب في المقدمة بمشروعها العملاق “هيفو أمونيا المغرب”
بلغت حصة الدول الأفريقية 11% من 163 غيغاواط أُعلنت عالميًا من مشروعات الهيدروجين الأخضر خلال العام الماضي، تمثّل أكثر من نصف سعة الإنتاج الحالية البالغة 243 غيغاواط التي أُعلِنت منذ عام 2015.
ومن غير المتوقع أن يتباطأ معدل مشروعات الهيدروجين الجديدة المعلنة في أي وقت قريب، وفقًا لما نقلته مجلة “ماينينغ ويكلي” الجنوب أفريقية عن محللة أبحاث الهيدروجين والتكنولوجيات الناشئة لدى شركة الأبحاث متعدد الجنسيات وود ماكنزي، بريدجيت فان. دورستن.
وقالت بريدجيت فان. دورستن، إن أفريقيا تتمتع بإمكانات كبيرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بسبب مزاياها الجغرافية في إنتاج الطاقة المتجددة، التي تُعد محركًا رئيسًا لتكلفة الهيدروجين الأخضر، وداعمًا للتنمية الاقتصادية.
وأضافت أنه، حتى اليوم، كان لجميع مشروعات الهيدروجين المعلنة في أفريقيا شريك استثماري أوروبي، وأن الأمر ليس مستغرَبًا نظرًا إلى نقص التمويل المتاح للمشروعات.
وأشارت إلى أن أفريقيا تتمتع بإمكانات استثنائية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، نظرًا إلى وجود بعض أفضل موارد طاقتي الشمس والرياح في العالم، ونتيجة ارتفاع التكاليف الأولية لإنتاج الهيدروجين، من المحتمل أن تتطلب أفريقيا استثمارات لتنفيذ مشروعات إنتاج الطاقة المتجددة.
توجد 33 دولة أفريقية من أصل 195 دولة وقّعت اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، التي تسعى إلى الحد من الزيادة العالمية في ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين هذا القرن.
وبصفتها جزءًا من الاتفاقية، حددت الدول الموقِّعة مجموعة من أهداف الطاقة النظيفة وكفاءة الطاقة (إسهامات محددة وطنيًا) لخفض الانبعاثات.
ويمثّل قطاع توليد الكهرباء المُسهمَ الرئيسَ الشائع في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في معظم البلدان، إذ تُعنى غالبية الإسهامات المحددة وطنيًا في أفريقيا بالحد من الانبعاثات، حسبما نشرت مجلة “إي إس آي أفريكا”.
ويُعدّ الهيدروجين الناتج عن التحليل الكهربائي للماء الحل الأمثل لمشكلة الانبعاثات هذه، كما أن الهيدروجين الأخضر والأزرق، على وجه التحديد، مهيآن لمزيد من التطوير في أفريقيا.
ومنذ توقع اتفاقية باريس للمناخ، حظي تطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر في أفريقيا باهتمام كبير، مدفوعًا بإمكانات الطاقة المتجددة العالية في القارة والاستثمارات المقبلة من البلدان المتقدمة التي تبحث عن وسائل لإزالة الكربون من صناعاتها.
ويُعدّ الهيدروجين الأخضر أفضل الخيارات لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في القطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها، مثل قطاعيْ البناء وتصنيع الصلب، وأنظمة الطاقة المركزية، فضلًا عن النقل والمواصلات.
وسيشكل الغاز الطبيعي أساس تكامل الهيدروجين، إذ يصبح الميثان قابلًا للاستعمال تجاريًا، وتُحدث البنية التحتية لخطوط الأنابيب لدعم خلطات الهيدروجين.
قدّم الاتحاد الأوروبي إستراتيجيته الخاصة بالهيدروجين في عام 2020، واقترح التحول إلى الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، والاعتماد على إمدادات ثابتة تأتي من أفريقيا.
ومن المتوقع أن تصبح أفريقيا الموقع المفضل لاقتصاد الهيدروجين الأخضر نظرًا إلى وفرة الأراضي، وسهولة الوصول إلى مصادر المياه ومرافق الموانئ، ما يمكّن أفريقيا من وضع نفسها مركزًا رئيسًا لتصدير الهيدروجين.
ويُعتقد أن تصبح مؤسسة تمويل التنمية “دي إف آي” جهات التمويل الأساسية لمشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، بسبب حصولها على تفويضات للاستثمارات الخضراء، بحسب ما نشر موقع مجلة “إي إي آي أفريكا”.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تصبح وكالات ائتمان الصادرات “إي سي إيه” من المساهمين الماليين الرئيسين لمشروعات الهيدروجين الأخضر، فضلًا عن هياكل التمويل البديلة مثل السندات الخضراء وصناديق البنية التحتية الخضراء.
أهم 5 مشروعات هيدروجين أخضر في أفريقيا
تُعلّق آمال كبيرة على الهيدروجين الأخضر لتحول أنماط الطاقة والاقتصاد في شمال وجنوب أفريقيا، وذلك يعود إلى العديد من مشروعات الهيدروجين واسعة النطاق المخطط لها في عام 2022، حسبما نشر موقع منصة “إنرجي كابيتال باور” الجنوب أفريقية.
نظرًا إلى وجود وفرة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وقربها من الأسواق الأوروبية، تقود مصر عملية البناء المتسارع لأكبر مشروع هيدروجين أخضر على مستوى العالم.
ومن المتوقع أن يكتمل المشروع قبل انعقاد قمة المناخ كوب 27 في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري، في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية.
ويهدف المشروع إلى استخدام الهيدروجين الأخضر مادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، التي ستُنتج في مصنع الأمونيا الحالي في منطقة العين السخنة في خليج السويس.
ومن بين مطوري المشروعات شركات “سكاتِك” النرويجية، وفيرتيغلوب الإماراتية، وأوراسكوم المصرية، والصندوق السيادي المصري.
وستحتوي المنشأة على محلل كهربائي ضخم بقوة 100 ميغاواط توفره شركة “بلاغ باور” الأميركية، ما سيتيح إنتاج 90 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا.
بفضل موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ذات المستوى العالمي والوصول إلى معادن مجموعة البلاتين المستخدمة في المحلل الكهربائي، توفر جنوب أفريقيا إمكانات قوية للإنتاج المجدي من حيث التكلفة والتصدير العالمي للهيدروجين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، اتخذت حكومة جنوب أفريقيا مبادرة لإطلاق هذه الإمكانات واستثمارها من خلال إجراء دراسة جدوى لإنشاء وادي الهيدروجين، بالشراكة مع شركات أنغلو أميركان بلاتينيوم وإنرجي إس إيه وبامبيلي إنرجي الجنوب أفريقية.
جنوب أفريقيا تخطط للريادة العالمية في الهيدروجين الأخضر
وحددت الدراسة 3 محاور و9 مشروعات هيدروجين محتملة عبر قطاعات النقل والصناعة والبناء القادرة على نشر الحلول التي تعمل بالوقود الهيدروجين وتحفيز مجالات جديدة من النشاط الاقتصادي.
وانطلاقًا من مركز التعدين في البلاد للحصول على الفحم ومعادن مجموعة البلاتين بالقرب من مدينة موكوبان في مقاطعة ليمبوبو، سيستمر مشروع “هيدروجين فالي” المقترح في جنوب أفريقيا عبر الممر الصناعي والتجاري إلى مدينتي جوهانسبرغ ثم إلى ديربان.
منحت الحكومة الموريتانية شركة شاريوت البريطانية حقوق التطوير الحصرية، ووقعت الدولة مذكرة تفاهم لتطوير تطوير الهيدروجين الأخضر 10 ميغاواط، المعروف باسم مشروع نور، على مساحة 14 ألفًا و400 كيلومتر مربع في المناطق البرية والبحرية.
جدير بالذكر أن موريتانيا -الغنية بطاقتيْ الشمس والرياح- مهيأة لأن تكون واحدة من أرخص موردي الهيدروجين الأخضر في القارة الأفريقية، إذ تتميز بسرعات رياح بحرية تزيد على 10 أمتار في الثانية وبعض أعلى مستويات السطوع الشمسي على مستوى العالم.
ووقعت شركة سي دبليو غلوبال الأسترالية أيضًا مذكرة تفاهم في مايو/أيار الماضي لبناء محطة أمان للهيدروجين والرياح والطاقة الشمسية الخضراء بقدرة 30 غيغاواط في الصحراء الشمالية للبلاد، ما يشير إلى اهتمام المستثمرين الأجانب الشديد بإمكانات البلاد من الهيدروجين.
تعمل ناميبيا على تطوير أول مشروع هيدروجين عملاق، ومن المقرر أن ينتج ما يقرب من 300 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا.
ويقع الموقع بالقرب من متنزه تساور خايب الوطني، ويمثل أحد أكثر المواقع ثراءً بالموارد على مستوى العالم بالنسبة إلى موارد الرياح والطاقة الشمسية الموجودة على الشاطئ.
وقد وقع الاختيار على شركة “هايفن هيدروجين إنرجي” مقاولًا مفضلًا للمشروع وستكمل بناءه على مراحل، إذ تنتج المرحلة الأولى 2 غيغاواط من الكهرباء المتجددة بحلول عام 2026، لاستخدامها في إنتاج الهيدروجين الأخضر وتكلفة تقديرية تبلغ 4.4 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تجري التوسعة الإضافية في السنوات القليلة المقبلة، وزيادة سعة التوليد المتجددة إلى 5 غيغاواط، وتوليد 3 غيغاواط من سعة المحلل الكهربائي بتكلفة إجمالية تقديرية تبلغ 9.4 مليار دولار.
واتخذت ناميبيا قرارًا سياسيًا -مؤخرًا- لوضع البلاد مركزًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتوزيعه إلى أوروبا وبقية العالم، ووقعت هيئة الموانئ الناميبية (نامبورت) مذكرة تفاهم مع ميناء روتردام، وفقًا لما نشر موقع مجلة “إي إي آي أفريكا”.
وبينما هولندا في مرحلة متقدمة من التخطيط لنشر طاقة الهيدروجين الخضراء، يتوقع ميناء روتردام أن يمر 20 مليون طن من الهيدروجين سنويًا عبر المجمع الصناعي بمينائها بحلول عام 2050.
في يوليو/تموز الماضي، أطلقت وزارة الطاقة والمعادن والبيئة المغربية مشروع “هيفو أمونيا المغرب” في الرباط، الذي يمثّل أكبر مشروع أُعلن بشأن الهيدروجين والأمونيا الخضراء في البلاد حتى الآن.
وتبلغ قيمة المشروع الاستثماري أكثر من 850 مليون دولار، وسينفّذ بناء المشروع على مراحل، وتنطلق المرحلة الأولى في عام 2022.
وعند إنجاز المشروع بالكامل، ستنتج المنشأة 183 ألف طن من الأمونيا الخضراء، وتتخلص من 280 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
ويشمل مطورو المشروع مجموعة اتحاد المقاولين وشركة فيوجن فيول غرين، في حين وقعت شركة فيتول التجارية مذكرة تفاهم لإدارة شراء الأمونيا الخضراء من الموقع.
ويسعى المغرب إلى الإنتاج المحلي للهيدروجين في محاولة للحد من استيراد الأمونيا الرمادية لإنتاج الفوسفات، فضلًا عن تمكين التصدير الإقليمي إلى أوروبا والأسواق المجاورة الأخرى.
في عام 2020، أبرمت تونس اتفاقية مع ألمانيا تؤيد التحالف التونسي الألماني للهيدروجين الأخضر، وفقًا لما نقله موقع مجلة “إي إس آي أفريكا” عن بحث أجرته شركة “دي إل إيه بايبر”، بشأن مستقبل سوق الطاقة في تونس.
وتمنح ألمانيا -بموجب هذه الاتفاقية- تونس منحة قدرها 31 مليون يورو لإنشاء وحدة تجريبية لإنتاج الهيدروجين، وإجراء دراسات، وبناء القدرات، وإنشاء إطار مؤسسي وتنظيمي، من بين أمور أخرى.
من ناحية ثانية، أعرب المستثمرون الإيطاليون، الذين كانوا يشاركون تقليديًا في قطاع النفط في تونس، عن اهتمامهم بتطوير الهيدروجين الأخضر.
يُعد قطاعا التعدين والتنقل، بما في ذلك النقل الثقيل والطيران والوقود البحري، من أكثر القطاعات الواعدة من حيث الطلب على الهيدروجين الأخضر.
وقالت محللة أبحاث الهيدروجين والتكنولوجيات الناشئة لدى شركة الأبحاث متعددة الجنسيات وود ماكينزي، بريدجيت فان. دورستن: إن الهيدروجين الأخضر سيشهد على مدى السنوات الـ10 المقبلة تخفيضات كبيرة في التكلفة.
وأشارت إلى أن أفريقيا ستكون مهيأة تمامًا لإنتاج الهيدروجين والطاقة المتجددة الرخيصة، ويوفر الهيدروجين -أيضًا- المزيد من الطرق للتكامل مع مختلف القطاعات والاستخدامات، لأنه سوق تتميز بالتنافسية.
المصادر : مواقع الكترونية عربية