منوعات

“برج الدموع” سحر التاريخ والجغرافيا في أجمل بقاع العالم.. أعمال ترميم “بملايين الدولارات” تعيد لسلا المغربية الألق المفقود

رغم مرور قرون على بنائه، ما زال برج الدموع في سلا المغربية شاهدا حيا على عراقة هذه المدينة وعلى أحداث مهمة طبعت تاريخها.

ولهذا البرج حكاية تناقلتها كتب التاريخ، منها كتاب “الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى” للمؤرخ السلاوي أحمد الناصري.

يقول إن سلا تعرضت لمجزرة رهيبة ارتكبها القشتاليون الإسبان سنة 1260 عندما هاجموا المدينة، والأهالي منشغلون بالاحتفال بعيد الفطر.

عاد السلطان المريني أبو يوسف يعقوب من فوره إليها، وحاصر الغزاة أسبوعين إلى أن استسلموا وفرّوا، وشارك بنفسه في تحصين المدينة وبناء سور وبرج مطل على المحيط الأطلسي.

وبينما هو يقف على أشغال البناء، كانت دموع السلطان تجري كلما تذكر فظاعة المجزرة التي ارتكبت بحق السلاويين، فحمل البرج اسم برج الدموع.

وظل البرج والسور المحيط به يحميان المدينة، وأعاد السلطان العلوي محمد بن عبد الله إصلاحه وبنى فيه سجنا للأسرى وزوّده بمدافع برونزية ما زالت فيه إلى اليوم.

ووضعت وزارة الثقافة المغربية هذا البرج ضمن المعالم التاريخية التي ستشملها أعمال الترميم والإصلاح ليعاد فتحها للجمهور، إلى جانب أبراج أخرى هي السقالة الوسطية والبرج الكبير أو برج القايد فنيش الذي بني في العهد العلوي.

وليست الأبراج وحدها التي توجد في هذه القائمة، بل توجد معالم أثرية أخرى تميز مدينة سلا وتشهد على دورها التاريخي المهم.

تخضع مدينة سلا لأعمال ترميم ضخمة في إطار مشروع كبير يشرف عليه العاهل المغربي، وتشارك فيه بعض القطاعات الحكومية والهيئات المحلية بميزانية تقدر بـ900 مليون درهم (نحو 96 مليون دولار).

يقول محمد كرومبي محافظ المآثر التاريخية لسلا -للجزيرة نت- إن الأشغال التي تشهدها المدينة تُنفّذ في إطار اتفاقية وُقّعت أمام الملك تقضي بتثمين المدينة القديمة وإعادة تأهيل نسيجها العمراني وهي اتفاقية تمتد 5 سنوات (2019 -2023).

وتشهد المدينة أعمال صيانة وترميم تشمل معالمها الروحية والتاريخية والتجارية بهدف تقوية جاذبيتها الاقتصادية والسياحية.

وانتهت أشغال ترميم الأسوار التاريخية التي تمتد على مسافة 4.5 كيلومترات وبنيت على مراحل في الفترات الموحدية والمرينية والعلوية.

وتعرضت الأسوار -حسب كرومبي- للخراب بفعل عوامل الزمن والتدخل البشري، فاستدعى ذلك تحرك السلطات المعنية لحماية هذا الإرث التاريخي المهم.

ويضيف “رُمّمت الأسوار وفق القواعد الفنية خصوصا أنها مصنفة ضمن لائحة التراث الوطني بظهير ملكي، ونطمح إلى تصنيفها في التراث العالمي مثل الرباط”.

وإلى جانب الأسوار، يتواصل ترميم الأبواب التاريخية الخمسة للمدينة وتدعيم أقواسها وإعادتها إلى شكلها الأصلي، ومن أهم هذه الأبواب باب الخميس وباب المريسة وباب الصناعة.

وباب المريسة كما يدل اسمه “المرسى” هو باب الميناء النهري لمدينة سلا، ويتصل بوادي أبي رقراق، ويعدّ هذا الباب من أهم الأبواب التاريخية، فقد بني في العهد المريني في القرن الـ13، وهو الباب النهري الوحيد في شمال أفريقيا ومن أعلى وأكبر الأبواب في المغرب إذ يتجاوز علوه أكثر من 35 مترا، ويتميز بنقوش وزخارف فريدة.

أما باب الصناعة الذي بني في الحقبة نفسها، فقد كان مخصصا لخروج السفن التي تُصنع في دار الصنعة في سلا، وهي السفن التي كانت تستخدم في حركة الجهاد البحري.

وكانت مدينة سلا قبلة للأندلسيين المهجرين من بلادهم، حيث ركزوا اهتمامهم على الجهاد البحري أو ما يسميه البعض أعمال القرصنة التي جعلت للمدينة صدى دوليا؛ لذلك سميت سلا بمدينة القراصنة.

غير أن المدينة فقدت أهميتها الاقتصادية في القرن الـ19، لتعيش حالة ركود وعزلة بسبب تراجع نشاطها التجاري.

على امتداد تاريخها الطويل، تعاقبت على سلا حضارات عديدة، وعرفت فترات ازدهار في مجالات متعددة، بخاصة في المجال العمراني حيث شكلت متحفا مفتوحا لأنواع العمارة المختلفة من أسوار وحصون وأبراج وسقايات وأبواب وفنادق وأضرحة.

واشتهرت مدينة سلا بأنها قبلة العلماء والصالحين، فعرفت بحركتها العلمية والفكرية بخاصة في الحقبة المرينية، وانتشرت فيها المساجد والزوايا والمدارس، واستقر بها الباحثون عن العلم والمعرفة، وأنجبت أعلاما ومتصوفة، حتى قال عنها الأديب والوزير لسان الدين الخطيب الذي استقر بها مدة “وإن كان بها أهل عبادة وسالكو سبيل وزهادة”.

وتعرف الأزقة الأساسية في المدينة حاليا ترميم الواجهات وتغيير الأبواب الحديدية بالأبواب الخشبية التقليدية من أجل إعادة الطابع التقليدي لها.

ويقول محمد كرومبي إن البيوت القديمة والأزقة عرفت فوضى عمرانية وتغييرات بسبب تدخلات السكان، لذلك تعمل وزارة الثقافة حاليا مع كل الشركاء على إعادتها لوضعها الأصلي؛ لتصبح ضمن المزارات السياحية في المدينة، إلى جانب الساحات التي ستُستصلح واجهاتها وإنارتها لتصبح جاهزة لتنظيم أنشطة ثقافية مفتوحة.

وتوجد الفنادق التاريخية ضمن المعالم الأثرية التي بدأت فيها أشغال الترميم، وتتميز هذه الفنادق بقيمتها التاريخية والفنية ودورها المهم في الحياة العامة للمدينة، فقد كانت مكان إيواء التجار من مختلف الجنسيات ومخزنا لبضائعهم قبل أن تتحول بعد تراجع دورها إلى أطلال وجدران متهالكة.

ويوضح كرومبي أن هذه الفنادق أصبحت في القرن الـ20 محل سكن الفقراء والمهاجرين القادمين من القرى المجاورة، وعرفت تغييرات وتدخلات عشوائية أصبحت معها تهدد حياة سكانها.

ويضيف أن بعض الفنادق التاريخية رُمّمت ويستمر العمل لترميم أخرى وتأهيلها وبعث الحياة فيها، لتصير متاحف وأندية خاصة لشباب المدينة ونسائها وسكانها.

ما زالت مدينة سلا لم تكشف بعد عن جميع كنوزها

إذ أسفرت أعمال ترميم بعض المواقع الأثرية العتيقة عن اكتشافات جديدة، وكان ترميم موقع “دار البارود” بسلا قد مكن من العثور على لقى أثرية. وحسب وزارة الثقافة، فقد مكنت الحفريات في الموقع من الكشف عن حي حرفي متكامل لصناعة الفخار يعود إلى الحقبة الوسيطية الممتدة بين القرنين الـ12 والـ14، يحتوي على 40 فرنا، وورشات حرفية وبقايا أثرية مختلفة تعود إلى عصور لاحقة، فضلا عن توفره على كميات مهمة من الخزف باختلاف أنواعه.

وخلال أشغال تهيئة وترميم فندق القاعة القديمة وسط المدينة العتيقة لسلا الصيف الماضي، عُثر على بقايا أثرية، حسب ما أعلنت وزارة الثقافة.

وأسفرت الحفريات المنجزة بالموقع عن اكتشاف العديد من اللقى الأثرية الخزفية والمعدنية التي تشهد على كثرة وغنى المراحل التي مر بها استعمال المكان، من بينها نحو 60 قذيفة للمدفعية بأحجام مختلفة.

ورجح الباحثون أن يكون الموقع استعمل لتخزين السلع أو كسجن مرتبط بالتاريخ البحري لمدينة سلا.

ويرى محافظ المآثر التاريخية لسلا -محمد كرومبي- أن الاكتشافات التي توصل إليها الباحثون في الأشهر الأخيرة تؤكد أن المدينة حبلى بكنوز أثرية ثمينة، وتحتاج إلى تنقيب وبحث دقيق للكشف عن أسرارها المدفونة التي ستعيد كتابة تاريخها وإحياءها من الرماد.

أسست مدينة سلا من طرف بني يفرن خلال القرن العاشر،واستولى عليها المرابطون سنة1028م.

و خلال القرن الحادي عشر، عرفت مدينة سلا ازدهارا حقيقيا في عهد الموحدين ثم في عهد المرينيين( القرن الرابع عشر)، بفضل موقعها الاستراتيجي على الطريق البرية فاس- مراكش و بفضل مينائها الذي شكل مركزا للتبادل بين المغرب و أوروبا .

و في القرن السابع عشر ، أعطى تدفق المسلمين و اليهود الذين طردوا من اسبانيا دفعة جديدة للمدينة (سلا القديمة)، و خلق تنافسا مع مدينة الرباط المجاورة ( والتي كانت تسمى حينها بسلا الجديدة).

و في تلك الفترة ، اشتهرت سلا بنشاطها البحري المكثف، حيث جعل منها الأندلسيون المهاجرون عاصمة للقرصنة.
و قد سمح النشاط التجاري لسلا خلال القرن الثامن عشر بامتداد تأثيرها إلى مناطق نائية.

و بحلول القرن التاسع عشر، انتهى الدور التجاري المهيمن لسلا، و انغلقت المدينة على نفسها و بقيت طيلة القرن 19 و فترة الحماية الأجنبية مكانا مهما للحركة الثقافية ولحركة المقاومة ضد المستعمر.

و بالإضافة إلى كونها قوة بحرية و مهدا للثقافة العربية-الأندلسية، فإن مدينة سلا تعتبر مهدا للعديد من العائلات الكبيرة و المشهورة و للعديد من العلماء و الشخصيات البارزة و الرائدة في مجال الوطنية و المقاومة المغربية للاستعمار.

أبواب المدينة العتيقة لسلا: باب لمريسة، هُو أكبر باب تاريخي بالمغرب بني في مدينة سلا من طرف السلطان المريني أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق حيث أنه شارك مشاركة فعلية في أعمال البناء، بين سنوات 658 و 668 هجري (1270 و 1280 ميلادي)، حسب رواية الناصري، فإن المعماري الذي أشرف على المشروع يدعى محمد بن علي، وأصله من إشبيلية، الميناء المحمي، الذي يمكن استخدامه كدار للصناعة (صناعة السفن)، والذي يوصل المدينة بوادي أبي رقراق. ويُقدم واجهة حجرية تزينها زخرفة جميلة منحوتة بنقائش كتابية وتشبيكات زهرية. يحصن برجان مستطيلان، يبلغ بروزهما 2.20 متر وعرضهما 3.50 أمتار، قوسا كبيرا على شكل حدوة حصان منكسر، تصل فتحته إلى حوالي 9 أمتار وترتفع قمته، رغم تعلية الأرضية وتراكم الرمل بالحوض والقناة وتغطيتهما، إلى 9.60 أمتار.

باب سبتة، من أكثر أبواب سلا إثارة للزائر يقع في الجانب الشمالي الغربي للسور ، يتميز ببرجه الضخم حيث كانت تدار شؤون المدينة في عهد الحاكم عبد الحق فنيش (1738-1757) سمي بهذا الإسم لأن الذاهب إلى مدينة سبتة انطلاقا من سلا كان لا بد أن يمر عبره.

باب بوحاجة، باب كبير هدم في الستينات. يحمل اسم الولي الصالح الأندلسي سيدي إبراهيم بوحاجة الرندي، وهو الذي كان يحافظ على زاوية النساك في القرن الرابع عشر.bab_elkhmiss

باب دار الصناعة، من ابواب مدينة سلا التاريخية، ويُعرف بباب الفران وباب عنتر، لأن فيه ترسانة ومصنع أسلحة القراصنة، بناه السلطان أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني سنة 1261م بإشراف المهندس الأندلسي محمد بن الحاج الإشبيلي

باب شعفة، من ابواب مدينة سلا التاريخية، ويتميز بروعة وتناسق التصميم، بعلو يقترب من خمسة أمتار ويضم كذلك باب سبع بنات.

باب معلقة، من أبواب مدينة سلا التاريخية، تطل على المقبرة والبحر، إنه لا يشبه أبواب المدينة الأخرى شكلا ولا حجما، فهو عبارة عن بوابة صغيرة لا زالت تتوفر على دفتين خشبيتين، اكتسبت أهميتها لأنها كانت تخصص للسلطان خلال زيارته لبعض الأمكنة في المدينة.

باب الخميس، بالجهة الشرقية للمدينة يقع باب الخميس، و هي التسمية الجديدة لباب فاس، الذي كان مدخل المدينة الوحيد من هذه الجهة، قبل أن يغلق نهائيا في عام 1991، و يغدو معلمة سلاوية تستقر قربها مدفعين حربيين، ليصبح المدخل الشرقي للمدينة عبارة عن بوابة صغيرة فرعية مجاورة له

برج باب سبتة، بني في سنة 1738 من قبل الحاكم عبد الحق فنيش، وهناك كانت تدار شؤون المدينة .

برج الدموع، أو السقالة القديمة تم بناؤها عام 1759 من طرف السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وتوجد بها مدافع مصنوعة من البرونز. و يسمى أيضا ببرج سيدي بنعاشرmedina43

يظل جامع المسجد الأعظم بسلا و ما يعرف لدى الساكنة السلاوية بالجامع الكبير ويُعتبر ضمن المآثر الروحية والعلمية التي تميز المدينة، ويعتبر من أعظم المساجد في العالم الإسلامي، جرى توسيعه وإعادة بنائه في عهد السلطان الموحدي أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنصور سنة 593 هـ (1196 م) ، وكان أول من ولي الخطبة فيه على عهد مؤسسه يعقوب المنصور الفقيه أبا محمد عبد الله ابن سليمان الأنصاري قاضي مدينتي سلا ورباط الفتح.

أقيم المسجد الأعظم فوق مساحة شاسعة تزيد عن 5070 مترا مربعا، تغطي مربعا منحرف الشكل، وتضم ساحته أسوارا عالية، قاعتين للصلاة وثلاثة صحون ومجموعة من الملحقات، وجاء كباقي المساجد الموحدية ليضاهي أكبر الجوامع الإسلامية بأعمدته العالية وأقواسه المختلفة الأشكال وتصميمه المحكم.medina41

هو ثاني مسجد بني بسلا من قبل السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين في النصف الثاني من القرن الحادي عشر و أعيد ترميمه في أواسط القرن العشرين.

أمر السلطان مولاي إسماعيل بن علي الشريف ببناء المسجد الذي يحمل اسم سيدي احمد حجي بمنطقة السوق الكبير بالمدينة العتيقة وهو من صلحاء مدينة سلا، اشتهر كزاهد ثم كمشارك في تحرير قصبة المهدية من الإسبان سنة 1681 ، وهو من أتباع الطريقة الجازولية.

اشتهرت مدينة سلا بوجود العديد من الزوايا و الرباطات، وأهم زاوية في مدينة سلا عصر بني مرين زاوية النساك التي بناها أبو عنان للغرباء والواردين عليها.

وتضم سلا العتيقة اليوم عددا كبيرا من الأولياء والصلحاء تضاربت أسماء بعضهم واختلفت عند العوام؛ وتفاوتت أضرحتهم من حيث الأهمية والتنظيم، منها ما هو معروف على الصعيد الوطني كضريح الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسون الذي اقترن اسمه بموكب الشموع، وضريح الولي الصالح سيدي أحمد بن عاشر، الذي اشتهر عند العوام بإبراء الزوار المصابين بالصرع والأمراض العقلية، وهناك زوايا لها أنشطة إشعاعية وموسمية خاصة في المولد النبوي الشريف، وأكثر الأضرحة في سلا عبارة عن أماكن مهجورة هي مأوى للفقراء والمساكين، وأخرى لا تعرف إلا كأسماء لدروب وأزقة.

وتتمركز أولى الزوايا والأضرحة بسلا في ثلاث مراكز كبرى، وهي الطالعة وزناتة والبليدة؛ لأن هذه الأحياء كانت النواة للمدينة عصر بني العشرة؛ وبها أقدم الأضرحة، ولما جاء المرابطون، توسعت المدينة فبنوا مسجد الشهباء، وفي عصر الموحدين بنيت بورمادة وبنوا المسجد الأعظم على أنقاض مسجد بني العشرة، الذي بقي منه جزء كان يضم أقدم صلحاء سلا وهو سيدي عبد الحليم الغماد تـ 590هـ / 1193م.

وفي عهد المرينيين تكاثرت الأضرحة بالطالعة وزناتة وباب أحساين؛ ويعود السبب في ذلك إلى المدرسة المرينية التي بناها أبو الحسن عام 1340م؛ دون أن ننسى المسجد الأعظم الذي هو المركز والنواة لكل طلاب العلم، حيث كان القضاة والعلماء منذ عصر بني العشرة يلقون دروسا، وقد ساعد على ذلك رعاية أبي الحسن حيث جلب الماء الضروري للوضوء للمدرسة والمسجد عن طريق أقواس سلا.

وانتشرت الأضرحة والزوايا أيضا بباب أحساين عندما بنى أبو عنان المدرسة التي أصبحت مارستانا.

وبقيت جغرافية الأضرحة تدور في هذا الموقع حتى القرن السادس عشر الميلادي، حين قدم سيدي عبد الله بن حسون من سلاس، وتشير الروايات إلى الإجماع الذي حصل عليه من عامة الناس والأولياء الأموات منهم والأحياء؛ والذين نصبوه سلطانا عليهم في سلا؛ ومن صلحاء الطالعة سيدي محمد مفضل 1071هـ؛ وسيدي أحمد الطالب 1072هـ.

وآخر أولياء سلا وفاة سيدي أحمد حجي 1103هـ، وابنه عبد الله الجزار 1122هـ، والحسن العايدي 1131هـ،

أما أقدم الصلحاء خارج الأسوار، فنجد ضريح سيدي بلعباس 540هـ / 1145م، الذي فضل الإنزواء بعدما تصدق بكل أمواله، وقد تم بناء ضريحه بعد قرنين على وفاته بأمر من أبي عنان، ورمم في عصر المولى إسماعيل.

والثاني هو أبو موسى الدكالي (ت 550هـ)؛ كان أيضا منعزلا يعيش من سمك البحر، ويأكل البقول، كان يقطن أول الأمر في فندق الزيت في عصره، والذي أصبح مدرسة ومارستانا في عهد أبي عنان؛ ثم دارا للقاضي بعد الحرب العالمية الأولى؛ توفي أبو موسى الدكالي برياض بني العشرة، ثم نقلت رفاته ملالة بنت زيادة الله بعد أسبوع في مكانه الحالي وبنت عليه قبة ضخمة؛ رممت بعد خمسة قرون عصر المولى اسماعيل.

وقد انتشرت الزوايا في سلا بداية القرن 19؛ وهي عبارة عن فروع لزوايا وطرق وطنية منها ما جاء شيخها متشبعا بأفكاره خارج سلا كالزاوية التهامية مثلا بالصف؛ التي أنشئت في عهد سيدي محمد بن عبد الله؛ وأصل تهامة هم شرفاء وزانيون قدموا إلى سلا؛ وأول من سكن من هذه العائلة هو مولاي إبراهيم الذي دخل سلا بإشارة من الولي الصالح سيدي الحاج العربي الوزاني.

ومن الزوايا التي يعود مقرها إلى القرن 6هـ / 12م الزاوية الدرقاوية؛ وهي في الأصل ضريح الولي الصالح أبي علي الشريشي البكاء؛ ثم انتقلت إلى أتباع مولاي أحمد الصقلي الفاسي عصر المرينيين الذين بنوا الزاوية؛ ثم انتقلت في القرن 19هـ إلى أتباع مولاي العربي الدرقاوي.

ومن الزوايا التي بنيت حديثا بسلا، الزواية الكتانية مثلا، حيث تم تصميمها وبناؤها عام 1902م من طرف مؤسس الطريقة الكتانية الأحمدية الشيخ سيدي محمد بن عبد الكبير الكتاني، والتي كانت في الأصل روضا خاصا بعائلة بن سعيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى