يرتفع الاهتمام في الصين بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الرقائق الإلكترونية، من أجل التخلص من سيطرة الولايات المتحدة على التكنولوجيا عالية الأداء.
وتعددت المقترحات المتعلقة بالدوائر المتكاملة خلال “الدورتين” السنويتين في الصين، وهما دورة المجلس الوطني لنواب الشعب ودورة المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، اللتان تعقدان في شهر مارس/آذار من كل عام.
وتهدف هذه الاقتراحات إلى دعم التقدم في الرقائق الإلكترونية من خلال تعزيز الابتكار والإنتاج في هذا المجال، فضلًا عن بذل مزيد من الجهود لتعزيز استخدام الرقائق الدقيقة المطورة محليًا، حسبما نقلت صحيفة “غلوبال تايمز”.
طريق الصين نحو الاكتفاء الذاتي
قال محلل صناعة الاتصالات المخضرم في بكين، ما جيهوي، لـ”غلوبال تايمز”، إن الاقتراحات العديدة التي تركز على الرقائق خلال الجلستين تشير إلى وجود دافع أكثر إلحاحًا نحو تعزيز أداء الرقائق المنتجة في الصين.
وأضاف: “لكن بخلاف التركيز الأكثر حدة على الاكتفاء الذاتي من الرقائق؛ فإن ما تحتاج إليه الدولة هو خطط محددة تقسم الرؤية الوطنية إلى مشروعات مجدية تتناسب مع تلك الصناعات المتعطشة للرقائق”.
وشدد المحللون على أن الشركات ورأس المال الخاص بحاجة إلى لعب أدوار أكثر قوة في تسويق نتائج الأبحاث.
من جانبه، أوضح عضو المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني والنائب السابق لرئيس هيئة تنظيم التأمين بالبلاد، تشو يانلي، أنه يجب تعميق إصلاحات الاستخدام القائم على السوق لصناديق التأمين، لتحويل الأموال المستقرة طويلة الأجل إلى الشركات الملتزمة بالابتكار، في مقابلة مع صحيفة “سيكيوريتيز تايمز”.
وبدءًا من نهاية عام 2021، بلغت أموال التأمين الاستثنائية المستثمرة في مشروعات فائقة التكنولوجيا -تتراوح من المواد الجديدة والرقائق الإلكترونية إلى شبكات الجيل الخامس- 55.25 مليار يوان (8.74 مليار دولار).
الرقائق الإلكترونية في الصين
فيما يتعلق بالرقائق الإلكترونية، وهي حجر الزاوية في الدفع نحو السيارات الكهربائية، قال رئيس مجموعة قوانغتشو للسيارات ونائب المؤتمر الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني، تسنغ تشينغ هونغ، إن الاكتفاء الذاتي من رقائق السيارات في البلاد يبلغ أقل من 10%.
وأضاف تسنغ أن أقل من 5% من إمدادات الرقائق في البلاد يُحصل عليها محليًا لقطاع السيارات، وفقًا لما ذكرته صحيفة بكين نيوز.
وستحتاج الحكومة والمؤسسات البحثية ومجتمع الأعمال إلى العمل بشكل منسق لحل اختناقات الرقائق.
إذ شدد تسنغ على أن هذا يعني أن هناك حاجة إلى بذل جهد مشترك لضمان إمدادات الرقائق على المدى القصير مع تكثيف التحركات لبناء القوة عبر سلاسل التوريد للرقائق الخاصة بالسيارات.
قانون مور وصناعة الرقائق
صرح القائد العام لمشروع ستارلايت الصيني للرقائق الإلكترونية، عضو اللجنة الوطنية الـ13 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، دنغ تشونغهان، بأن حقبة ما بعد قانون مور توفر فرصة نادرة لتكنولوجيا الدوائر المتكاملة وتطوير الصناعة.
وهو ما يعزز الآمال للصين في اللحاق بالدول الغربية المتقدمة بوتيرة أسرع، بحسب ما نقلته صحيفة “تشاينا بيزنس جورنال”.
مع اقتراب عصر قانون مور من نهايته، بدأ المحرك الرئيس للتقدم التكنولوجي ينفد، ومن ثم لم يعد كافيًا تعبئة المزيد من الترانزستورات في كل شريحة إلكترونية لتحسين أدائها.
قانون مور ابتكره غوردون مور -أحد مؤسسي شركة إنتل- في عام 1965؛ إذ لاحظ أن عدد الترانزستورات على شريحة المعالج يتضاعف تقريبًا كل عامين، في حين يبقى سعر الشريحة على حاله.
وأدت هذه الملاحظة إلى بدء عملية دمج السيليكون بالدوائر المتكاملة على يد شركة إنتل؛ ما أسهم في تنشيط الثورة التكنولوجية في شتى أنحاء العالم.
سياسات أكثر قوة
اقترح دنغ أنه يمكن النظر في طرح سياسات أكثر قوة، بما يتناسب مع التحركات التقليدية المفرطة التي كشفت عنها مؤخرًا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية.
يأتي ذلك في مواجهة حملة الغرب على شركات الدوائر المتكاملة الصينية التي تمنع شراء عناصر تقويم الأقنعة المتقدمة، وتضخم النقص في المواد عالية الجودة والمواهب المهنية.
وفقًا لاقتراح دنغ، يجب أن تستمر الصين في الاستفادة على أفضل وجه من نظامها الوطني الجديد لتجميع الموارد الوطنية، وتكثيف الدعم السياسي والمالي لمبادرات الدوائر المتكاملة.
تحتاج سوق “ستار” -التي تجمع شركات التكنولوجيا في بورصة شنغهاي- إلى تسريع إدراج الشركات ذات الصلة بإنتاج الرقائق الدقيقة.
الرقائق في أوروبا وأميركا
رفعت الاقتصادات المتقدمة الكبرى مؤخرًا التوقعات في مبادراتها التي تركز على الرقائق الإلكترونية؛ إذ ضغط الرئيس الأميركي، جو بايدن، يوم الأربعاء، على الكونغرس لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون يهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية الأميركية ضد الصين.
وسيشمل مشروع القانون تمويلًا محتملًا بقيمة 52 مليار دولار لقطاع الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة.
من جانبها، اقترحت المفوضية الأوروبية قانون الرقائق الأوروبية في فبراير/شباط، والذي يتضمن مبادرة الرقائق لأوروبا مع توفير 11 مليار يورو (12.17 مليار دولار) لتعزيز البحث والتطوير والابتكار في مجال الرقائق.
كما أطلقت اليابان وكوريا الجنوبية خططًا مصممة خصيصًا في مجال الرقائق الإلكترونية بأهداف أكثر طموحًا.
المصادر: مواقع إلكترونية – الطاقة