عبر جمع بقايا الطعام، استطاع الشاب أحمد ميري أن يؤسس لمشروعه “نبّت” الذي يعتمد على صناعة السماد العضوي المنزلي وبالتالي يمكن الاستفادة منه في منازلنا أو بيعه كمادة طبيعية يمكن الاعتماد عليها كمشروع اقتصادي.
يجلس أحمد ميري في حديقته المنزلية يوميًا، يراقب عن كثب غرساته التي ولدت والشمس في وقت واحد، يشاهدها تتفتح صباحًا وتذوي مساءً.
تعلّم ميري التعامل مع النباتات برغم قلة الإمكانيات المتاحة، فبحث طويلاً عما يمكن نباتاته من النمو بشكل أفضل، لذلك وجد مشروع “نبّت” طريقه إلى النور، وخلاصته جمع نفايات منازل الحي الذي يقطنه، وتحويلها إلى سماد عضوي لتغذية حدائق تلك المنازل.
يتابع الشاب العشريني: “بحثت على شبكة الإنترنت عن أفكار لصنع سماد طبيعي بحيث أستثمر الموارد المهدورة، واستنتجت بعد عدة أبحاث أنه بإمكاني تحويل بقايا الطعام والنفايات العضوية إلى سماد غني ومفيد للزرع، ويمكنني الاستفادة من هذا المشروع على نطاق الزراعات المنزلية في الوقت الحالي”.
يشكل مشروع “نبت” علاقة تكاملية بين حماية البيئة وإنتاج السماد العضوي، حيث يجمع أحمد نفايات حيه ليعيد تدويرها مشكلاً نموذجاً مثالياً للاستفادة من المخلفات.
يرتب ميري حديقته جيداً فيما يجتثّ الأعشاب الضارة التي تقاسم غرساته غذائها وسمادها، ويتحدث عن مراحل العمل إنتاج السماد، فيقول: “يبدأ العمل من فرز نفايات بعض المنازل من محيطي إلى نفايات عضوية وبلاستيكية وغيرها، بالإضافة لتجميع بعض الأوراق والنفايات من الشارع، نجمّع النفايات العضوية بطريقة معينة وننقلها للورشة ونطبقها مع أوراق الشجر بطريقة معينة، ثم نسقيها ونقلّبها على عدة أيام وعندما يصبح قوامها ترابي نقوم بنخلها وتصفيتها لتصبح جاهزة للاستخدام”.
يتأمل الشاب نباتاته بالغة التأنق والمفعمة بالخضرة، ويرجع ذلك إلى كون السماد العضوي الذي ينتجه له فوائد على المدى القريب والبعيد، فعلى المدى القريب يساعد النبتة على النمو بشكل صحي ويزيد من ثمارها، أما بعيداً فهو يساعد التربة ويحافظ على بنيتها وعلى التنوع البيولوجي بداخلها.
ما زال مؤسس مشروع “نبّت” يجرب باستمرار طرقاً أخرى للزراعة المستدامة بحيث يحافظ على عمر التربة والنباتات وصحتها كما يستفاد من تجارب البلدان الغربية في هذا المجال، فيما يحاول نشر الوعي بشأن الاستفادة من الموارد المهدورة في ظل الوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه جميع السوريين.
يسعى ميري لتغيير الوسم المجتمعي السلبي لكلمة “زبّال” أو “جامع نفايات”، ليظهر للمجتمع أن الشباب السوري يمكنه تحويل هذه النظرة السلبية للمهنة لنظرة إيجابية، والاستفادة من أبسط الأشياء وحتى النفايات وتحويلها لشيء مفيد.
انطلق مشروع “نبّت” من مدينة حلب السورية لينشر ثقافة إعادة تدوير النفايات العضوية، فيما يأمل مؤسسه أن يعمم هذا المشروع على امتداد الجغرافيا السورية.