بدأت الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية في الجزائر، اليوم الثلاثاء، الخطوة الأولى في طريق التوجهات الجديدة التي تتبنّاها الحكومة بالتركيز على القطاع المنجمي والاهتمام باستغلال الثروات الوطنية من المعادن النفيسة التي تزخر بها مناطق جنوب البلاد.
وضمن هذا المسعى، أشرفت اللجنة المختصة على مستوى الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية على فتح الظروف التقنية للمشاركين في المناقصات للحصول على المشروعات المعلنة حول استكشاف مناجم الذهب الصناعي واستغلاله، في خطوة تأتي عقب العملية التي جرت السنة الماضية بالنسبة لمناجم الذهب التقليدي.
فتح المجال للشركات الأجنبية
خلال إشرافه على عملية فتح الظروف التقنية بوزارة الطاقة والمناجم، قال رئيس الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية في الجزائر، إسماعيل جوزي، إن العملية الحالية تتعلق بفتح المجال أمام الشركات المحلية والشركات الأجنبية في إطار الشراكة مع الشركات الوطنية للاستثمار في هذا القطاع.
وأوضح أن العروض تتمثل في 9 مواقع، 7 منها مناجم بولاية تمنراست في أقصى الجنوب، ومنجمين في ولاية تندوف.
وأشار المتحدث الى أن 79 متعاملًا اقتصاديًا يتنافسون على استكشاف مناجم الذهب واستغلالها في المواقع المقترحة، مضيفًا بأن اللجنة المسؤولة على مستوى الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية ستدرس الملفات التقنية، قصد الموافقة عليها بناءً على استجابتها للمعايير المنصوص عليها في دفتر الأعباء وأحكام القانون المنجمي في الجزائر، قبل إجراء في أجل شهر المزاد العلني وفتح الظروف المالية، المقررة بتاريخ 20 أبريل/نيسان المقبل، لتحديد الشركة المتحصلة على الصفقة.
إنعاش قطاع المناجم
شدد إسماعيل جوزي على أن الخطوة الجديدة في استغلال مناجم الذهب الصناعي في الجزائر تنسجم مع التوجهات التي تتبنّاها الحكومة وزارة الطاقة والمناجم على وجه التحديد، ضمن إستراتيجياتها لإنعاش قطاع المناجم، خاصة بالنسبة للمعادن النفيسة، على غرار الذهب.
وأشار إلى أن ذلك من شأنه توفير الثروة في الجزائر بما يسهم في إنعاش اقتصاد مناطق الجنوب، والإسهام في المقابل بتوفير فرص العمل.
تجدر الإشارة إلى أن الدراسة الأولية لظروف العروض أدت إلى رفض 10 ملفات من بين 79 مشاركًا؛ بسبب عدم توفير كل الوثائق المطلوبة، في حين ستُدرس الملفات المتبقية بشكل دقيق خلال الأيام القليلة المقبلة، من أجل الإفصاح عن العروض المقبولة للمشاركة في المزايدة المالية للحصول على صفقات استكشاف مناجم الذهب واستغلالها.
تبدأ 57 مؤسسة شبابية عملية التنقيب عن الذهب بالمناطق الصحراوية في الجزائر، خلال أيام، وذلك بعد حصولها على ترخيص من وزارة المناجم.
جاء ذلك بعد تلقي الوزارة أكثر من 170 طلبًا على مدار الفترة الماضية، بينما خضع أعضاء المؤسسات الفائزة لتدريبات في مراكز للتكوين المهني، حول كيفية استغلال الذهب وعمليات التنقيب.
مراحل التنقيب عن الذهب
من جانبه، قال وزير المناجم، محمد عرقاب، إن معمل “أمسميسة بتمنراست” التابع للشركة الوطنية للذهب، سيتكفل باستلام الحجارة التي يتم تجميعها من مناجم المنطقة.
وأضاف -في تصريحات حسب صحيفة الشروق الجزائرية- أن المعمل بعد تجميعه للحجارة سيقوم بتصنيفها حسب المنطقة التي استخرجت منها، بعدها توضع الحجارة على منضدة الذهب لتحليلها ومنحها قيمة معينة خاصة بكل نوع.
وأضاف: “وضع الحجارة على منضدة الذهب يتم بالاعتماد على تكنولوجيا خاصة، واستعمال مواد كيميائية معينة لتحويلها للشكل النهائي القابل للتسويق”.
مناجم الذهب في الجزائر
يعدّ منجم الذهب “أمسمسا”، الواقع على بعد 460 كلم غرب ولاية تمنراست، الأكثر إنتاجًا للذهب في الجزائر، إذ تبلغ ودائع المعدن الأصفر قرابة 70 طنًّا.
كما يبلغ حجم الاحتياطات فيه زهاء 3.38 مليون طنّ، و هو عيّنة لأحد المناجم المنتشرة بمنطقة الأهقار جنوب الجزائر، ذات التضاريس الجيولوجية الصعبة، والتي توجد بها العديد من الثروات والمعادن الثمينة.
أمّا منجم تيراك، فتبلغ الاحتياطات به 730 ألف طنّ، في حين أن احتياطيات منجم تيريرين الواقع على بعد 450 كم شرق ولاية تمنراست، تصل إلى قرابة 100 ألف طنّ، وتُقدَّر الاحتياطيات بمنجم أبيجاي قرابة 3 ملايين طنّ.
في حين كشف العديد من المختصّين أنّ الجزائر تمتلك مخزونًا كبيرًا من الذهب بـ 200 طنّ، قادر على خلق ثروة صافية بقيمة 10 مليارات دولار ، غير أنّ تدني نسبة الإنتاج السنوي جعل الجزائر تتكبّد خسائر كبيرة.
وكشفت آخر الأرقام التي أقرّها المجلس العالمي للذهب، عن ثبات احتياطي الجزائر عند 173.60 طنّ دون تغيير، منذ سنة 2009، و هي الإحصائيات التي عدَّها الجزائريون بمثابة الصدمة عقب توقّعات ببلوغ مستوى الإنتاج 3 أطنان سنويًا.
تزخر الجزائر بثروات وكنوز جمّة لما لها من مناجم الذهب، حيث تمتلك من المعادن التي تدخل في خانة ندرة التركيب والإنتاج وارتفاع أسعارها، ما يجعلها تتصدّر قائمة الترتيب إفريقيًّا، من حيث قيمة الاحتياطي، على غرار الذهب الذي قُدِّر حسب آخر إحصائيات “المنظّمة العالمية للذهب” بـ173.6 طنًّا، فيما تحتلّ المرتبة الثالثة عربيًا، في قائمة الدول التي تمتلك أكبر احتياطي ذهب، بعد المملكة العربية السعودية ولبنان.
غير أن هذه الإحصائيات شبه ثابتة، بالرغم من عمليات التنقيب والإنتاج السنويّة، وتتذيّل بذلك الجزائر ترتيب الدول المنتجة للذهب في القارّة الإفريقيّة التي تتنافس على عرش الإنتاج، كدولة غانا التي أزاحت مؤخّرًا دولة جنوب إفريقيا من أعلى تصدّر إنتاج المعدن الأصفر إفريقيًّا.
ثبات احتياطي الذهب في الجزائر، وعدم تدارك السلطات الجزائرية للوضع سابقًا، واستغلال هذه الثروة، جعل من التنقيب عن الذهب موضوعًا مثيرًا للجدل للكثير من المختصّين الاقتصاديين في الجزائر، الذين طالبوا بدحر دابر التنقيب العشوائي وغير الشرعي، الذي تضاعف في السنوات الأخيرة بقوّة في الصحراء الجزائرية، بعدما تحوّلت مناطق واسعة في أقصى جنوب الجزائر إلى عنوان للبحث عن الثراء السريع، بالتنقيب العشوائي عن هذه المادّة النفيسة، التي لم تسلم حتّى من المهاجرين السريّين الحاملين لجنسيات إفريقيّة مختلفة، رغم المحاولات الجادّة من الجيش الجزائري للقضاء على الظاهرة، وتوقيف المخالفين مع حجز المئات من آلات الحفر والتنقيب عن المعادن في كلّ سنة، خصوصًا أن القانون الجزائري يمنع استغلال المعادن الطبيعية، ويعدّها ملكًا للدولة، حتّى لو كانت في ملكيّة خاصّة.
الجزائر تفتح الباب أمام الشباب للتنقيب عن الذهب
تعكف الحكومة الجزائرية، في إطار برنامج جديد، على دراسة إمكانات استغلال مناجم الذهب الموجودة في جنوب البلاد، والاعتماد على الاستغلال الأمثل لجميع الثروات الطبيعية والباطنية الموجودة على أرض الجزائر.
حيث أعلن وزير المناجم الجزائري، محمد عرقاب، في لقاء تلفزيوني عن الشروع، خلال شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، في استغلال مناجم الذهب عبر مرحلتين، حيث قال: “إن المرحلة الأولى التي جرت المصادقة عليها من طرف مجلس الوزراء، تتمثّل في الاستغلال الحرفي للمنجم، عبر مجموعة تعاونيات تتشكّل من شباب المنطقة، لديهم خبرة ستُدعَم بتكوين خاصّ من قبل الشركة الجزائرية لاستغلال مناجم الذهب (لشركة) إينور”.
وأضاف الوزير: “ستُخَصَّص مساحات للتنقيب عن الذهب بطرق حرفيّة لكلّ تعاونية، وستقوم شركة “إينور” العمومية باسترجاع حجارة الذهب ومعالجتها، مع دفع ثمنها لأصحاب التعاونيات”، مؤكّدًا “أن الهدف من هذه الخطوة القضاء على الاستغلال غير القانوني والتهريب، وأن الدولة ستقوم بمرافقة هؤلاء الشباب، ومدّهم بالتكنولوجيا اللازمة، لأن الاستغلال الحرفي لا يعني الطريقة التقليدية”.
أمّا فيما يخصّ المرحلة الثانية، فأفاد وزير المناجم بـ”أنّها تُعنى بالاستغلال الصناعي للمنجم، وستكون في وقت لاحق، بعد تهيئة كلّ الموارد والإمكانات، من خلال دفتر شروط، و البحث عن شركاء للاستغلال الباطني للذهب”. وأضاف عرقاب: “رئيس الجمهورية طلب مني الانطلاق بسرعة في هذه العملية، لتكون الانطلاقة الفعلية شهر سبتمبر/أيلول المقبل”.
المصادقة على خارطة طريق لتطوير قطاع المناجم
خارطة الطريق التي صادق عليها مجلس الوزراء، الخاصّة بقطاع المناجم، قال عنها عرقاب، إنّها ترتكز على 4 محاور أساسية، “أوّلها التأكّد والتعرّف على المجال المنجمي الجزائري، من خلال خارطة دقيقة البيانات، تكشف على المعادن الموجودة في الجزائر، ثمّ الاستثمار فيها، والبحث عن شراكة مع مستثمرين متمكّنين من التكنولوجيات العالية”، وأضاف الوزير: “الجزائر تحتوي على قرابة 1700 مادة معدنية، منها مكتشفة، ومنها غير مكتشفة، في وقت تستورد فيه الجزائر زهاء 40 مادّة من الخارج، ما يكلّف الدولة قرابة مليار دولار”.
وأضاف الوزير، يتمثّل المحور الثاني في الاستثمار في المكامن الموجودة، والانطلاق بسرعة في استغلالها وتطويرها، ويتعلّق المحور الثالث بتطوير العنصر البشري، حيث قال الوزير: “جرى الاتّصال بالخبراء الجزائريين الموجودين بالخارج، والذين أعطوا موافقتهم للمساعدة في تطوير هذا المجال”. في حين إن المحور الأخير يتمثّل في إعادة النظر ببعض بنود قانون المناجم الجزائري، ليكون أكثر تفتّحًا و أكثر جاذبية للمستثمرين.
المناجم الكبرى للذهب في الجزائر
يعدّ منجم الذهب “أمسمسا”، الواقع على بعد 460 كلم غرب ولاية تمنراست، أقصى جنوب البلاد، والذي تمّ اكتشافه وتطويره بوساطة شركة GMA Resource Plc، الأكثر إنتاجًا للذهب في الجزائر، حيث تبلغ ودائع الذهب فيه قرابة 70 طنًّا، ويبلغ حجم الاحتياطات فيه زهاء 3.38 مليون طنّ، و هو عيّنة لأحد المناجم المنتشرة بمنطقة الأهقار جنوب الجزائر، ذات التضاريس الجيولوجية الصعبة، والتي توجد بها العديد من الثروات والمعادن الثمينة.
أمّا منجم تيراك، فتبلغ الاحتياطات به 730 ألف طنّ، في حين أن احتياطيات منجم تيريرين الواقع على بعد 450 كم شرق ولاية تمنراست، تصل إلى قرابة 100 ألف طنّ، و تُقدَّر الاحتياطيات بمنجم أبيجاي قرابة 3 ملايين طنّ. في حين كشف العديد من المختصّين أنّ الجزائر تمتلك مخزونًا كبيرًا من الذهب، قدَّره المختصّون بـ200 طنّ، قادر على خلق ثروة صافية بقيمة 10 مليارات دولار ، غير أنّ تدني نسبة الإنتاج السنوي جعل الجزائر تتكبّد خسائر كبيرة.