أصدر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مرسوما يوافق بموجبه على الاتفاقية المبرمة بين المملكة المغربية والبنك الإسلامي للتنمية، قصد ضمان التمويل بإجارة الخدمات، بمبلغ 15 مليونا و450 ألف دولار أمريكي المقدم من طرف البنك المذكور للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، للمساهمة في تمويل مشروع الدراسة التمهيدية للتصميم الهندسي لمشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب.
وأكدت وزارة الاقتصاد والمالية المغربية أن مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب يوجد حاليا في مرحلة دراسات الجدوى، وأوضحت الوزارة، من خلال تقرير مرفق لقانون المالية لسنة 2022، أنه سيتم إحداث شركة تابعة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن ستعمل على تدبير وتطوير البنيات التحتية الوطنية للغاز بشكل عام، وستواكب الشركة المرتقب إحداثها أيضا مشروع خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا.
ومنحت الحكومة الإذن للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن من أجل إحداث شركة تابعة للمكتب ستتولى نقل الغاز الطبيعي، وسيتم إحداث هذه الشركة على شكل شركة المساهمة برأسمال يبلغ 300.000 درهم، ويعتزم المكتب الزيادة في رأسمال الشركة المذكورة حسب احتياجاتها للتمويل، ويتمثل النشاط الرئيسي للشركة المزمع إحداثها، في الأنشطة ذات الصلة بنقل الغاز الطبيعي خصوصا تدبير وإنشاء وتطوير شبكات النقل وصيانة وإصلاح وتشييد البنيات التحتية المتعلقة بنقل الغاز، بالإضافة إلى الأنشطة المرتبطة بتخزين المواد داخل خزانات أو تجاويف جيولوجية تحت الأرض.
وتجدر الإشارة إلى أنه في دجنبر من سنة 2016 تم الإعلان عن مشروع أنبوب الغاز الإفريقي، وجاء الإعلان عن المشروع على هامش لقاء الملك محمد السادس مع الرئيس النيجيري محمد بخاري في العاصمة أبوجا، وفي 2017 تم الإعلان عن إعداد دراسة جدوى المشروع، ثم بعد قرابة العام تم توقيع اتفاق تعاون ضخم لمد أنبوب الغاز عبر غرب إفريقيا، وصولا للمغرب بهدف التصدير لأوروبا، حيث سيمتد طول أنبوب الغاز على 5660 كلم، ويمر عبر عدة دول إفريقية، على أن يتم تطوير الأنبوب ليصل إلى أوروبا في مرحلة لاحقة.
وسيمر الأنبوب من بلدان غانا وتوغو وساحل العاج والسنغال وموريتانيا ثم المغرب، وهو امتداد لأنبوب أنشأته نيجيريا عام 2005، لمد بلدان إفريقية بمصدر الطاقة، ومن شأن المشروع، في حال إتمامه، التشجيع على اندماج بين منطقتي شمال وغرب إفريقيا، فضلا عن تحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة، وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع مد الكهرباء.
وتم في 2018 التوقيع بين المغرب ونيجيريا على ثلاث اتفاقيات للتعاون الثنائي، واحدة منها مرتبطة بمشروع لأنبوب الغاز الرابط بين البلدين، كما عبرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، المعروفة اختصارا بـ «سيدياو»، في سنة 2019، عن دعمها للمشروع المغربي النيجيري، وشرعت المجموعة حينها في دراسة مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، وذلك رغم التحركات التي تقوم بها الجزائر من أجل عرقلة هذا المشروع الضخم الذي يهم أزيد من 13 دولة.
خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي.. تطورات المشروع وعقبات قد تعرقل إنجازه
أحرز مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي تقدمًا جيدًا، على الرغم من مواجهته لعدّة عقبات لوجستية ومالية ودبلوماسية تسبّبت في تأخير تنفيذه.
إذ يظل المشروع يمثّل تحديًا كبيرًا نظرًا لتعقيده التقني والتجاري، فضلًا عن الشكوك حول توافر كميات كافية من الغاز النيجيري، حسبما أفادت مجلة “جون أفريك” الناطقة باللغة الفرنسية.
كما إن نيجيريا لديها أولويات أخرى، بما في ذلك توسيع مجمع الغاز الطبيعي المسال، إذ لا يزال خط الإنتاج السابع قيد الإنشاء حاليًا.
أهمية مشروع خط الغاز النيجيري
في المغرب، يقود المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي.
وقد حرص المسؤولون المغاربة على مناقشة آفاق هذا “الطريق السريع” للغاز الذي يربط 11 دولة، ستتغذى وتزوّد نفسها بالغاز على طول الطريق.
جرى تصميم الخط ليُنشر في البحر من جزيرة براس في دلتا النيجر، ويبحر حول غرب أفريقيا إلى شمال المغرب، إذ سيجري توصيله في النهاية بخط أنابيب المغرب العربي وأوروبا.
وسيمرّ عبر بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.
موقع مشروع خط الغاز وتكلفته
وفقًا للخبراء، يمكن أن تتكون المراحل الأولية من خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي من تمديد خط أنابيب غاز غرب أفريقيا -غير المستغل حاليًا- إلى ساحل العاج.
بينما سيبني المغرب خط أنابيب غاز يدمج مقاطعاته الجنوبية (الصحراء الغربية) وموريتانيا والسنغال، ويُمكن ربط خط الأنابيب بحقل الغاز السنغالي الموريتاني الجديد تورتو أحميم الكبير.
وبحسب بعض التقديرات الأولية التي نشرتها وسائل الإعلام، فإن تكلفة المشروع قد تصل إلى 25 مليار دولار.
وقد دعم البنك الإسلامي للتنمية عقدين جديدين حول هذا المشروع، إذ خصّص 15.5 مليون دولار أميركي لدراسات التصميم الهندسي الأولية في منتصف عام 2021.
بدائل الغاز الجزائري
من الناحية السياسية، عزّز قرار الجزائر بالتوقف عن إرسال غازها عبر خط أنابيب غاز المغرب العربي وأوروبا رغبة المغرب في استكشاف خيارات إمداد أخرى.
ويربط خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا بين حاسي الرمل في الجزائر، بإسبانيا عبر مضيق جبل طارق، مرورًا بالمغرب، إذ يغذّي الغاز المستورد محطة تهدارت لتوليد الكهرباء ذات الدورة المركبة (384 ميغاواط).
ويمكن للمغرب أن يعيش دون غاز خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا في الوقت الحالي، ويرجع الفضل في ذلك على وجه الخصوص إلى محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، فضلًا عن صناعة الطاقة المتجددة المزدهرة، ولكن على المدى الطويل، ستحتاج البلاد إلى مصدر جديد للإنتاج.
عقبات سياسية
لا شك أن الرباط ستواصل تنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي، الذي يعدّ عنصرًا مهمًا في إستراتيجية التعاون بين دول الجنوب التي يريدها الملك محمد السادس.
ويشير المسؤولون في البلاد إلى أن هذا المشروع قد ساعده التقارب مع نيجيريا والتفاعل الشخصي الجيد بين رؤساء الدول.
ومع ذلك، ما تزال نيجيريا متحالفة مع الجزائر وتواصل دعمها الدبلوماسي لجبهة البوليساريو الداعمة لاستقلال الصحراء الغربية.
إذ كانت الرباط تأمل في أن يؤدي التقارب بين الملك محمد السادس والرئيس محمد بخاري إلى انفصال أبوجا عن جبهة البوليساريو، حسبما أكدت المجلة الفرنسية.
خط أنابيب الغاز الجزائري النيجيري
هناك شكوك مماثلة بشأن مشروع منافس أقدم، وهو خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، الذي سيربط نيجيريا بالجزائر بطول 4128 كم، ويمدّ الشمال في طريقه إلى النيجر عبر ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وجرى تصوّر خط أنابيب الغاز العابر للصحراء في الثمانينيات، وشهد تنفيذه تجدّد الحماسة خلال العقد الأول من ولاية الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بدءًا من عام 1999، الذي حافظ على علاقات قوية مع رئيس نيجيريا آنذاك، أولوسيغون أوباسانجو.
ويحظى خط أنابيب الغاز العابر للصحراء بدعم برنامج الاتحاد الأفريقي لتطوير البنية التحتية في أفريقيا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، قال وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب: إن الجزائر “تولي اهتمامًا خاصًا لإنجاز مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، الذي يربط الغاز الطبيعي النيجيري بأوروبا عبر شبكة أنابيب الغاز الجزائرية”.
الجزائر تتحرك مجدداً لعرقلة مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا
تتحرك الجزائر مجددا في مجالات مزاحمة “الغاز والمغرب”؛ فقد رفعت سقف التنسيق مع نيجيريا إلى الزيارة الميدانية، عقب لقاء وفد عن أبوجا، مع وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية.
وتدارست الجزائر مع الوفد تسريع العمل على الخط العابر للصحراء بين نيجيريا والجزائر المتجه صوب أوروبا، في وقت يراهن فيه المغرب بقوة على العمل مع نيجيريا للعمل على أنبوب الغاز “المغربي النيجري”.
ولم تفوت السلطات الجزائرية فرصة حضور الوفد النيجيري لعدم زيارة مخيمات تندوف، في خطوة قد تنعكس على أجواء العلاقات بين المغرب ونيجيريا التي اتجهت في وقت سابق لاستحضار الرهانات الاقتصادية أساسا.
ومن شأن قطع العلاقات بين الجزائر والمغرب أن يرفع حدة التنافس بين البلدين، خصوصا في القضايا التي تشكل نقطة التقاء مصالح، وعلى رأسها الغاز.
هشام معتضد، أستاذ العلاقات الدولية، اعتبر أن “عرقلة الأنبوب المغربي النيجيري كانت دائما تشكل بوصلة الدبلوماسية الاقتصادية للجزائر، خاصة بعد التقدم الكبير والانخراط المسؤول لكل من السلطة في المغرب والقيادة النيجرية في الدفع بهذا المشروع الإستراتيجي”.
وأضاف معتضد أن “هذا الأنبوب العملاق، الذي سيعبر 11 دولة بغرب إفريقيا، أزعج القيادة العسكرية في الجزائر إلى درجة تخصيص ميزانيات ضخمة واعتماد مخططات سياسية للتضييق على الاعدادات المتعلقة بهذا المشروع الضخم”.
وأوضح المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “ارتفاع درجة التحركات الجزائرية في هذا الاتجاه اتضحت بعد مضاعفة اللقاءات مع المسؤولين النيجيريين، على غرار استقبال وزير الطاقة الجزائرية للوفد النيجري وترتيب زيارات ميدانية”.
واعتبر معتضد أن هذا يترجم سعي القيادة الجزائرية في استمرارها الممنهج لمعاكسة مصالح المغرب والتشويش على المشاريع الإفريقية ذات التوجه التنموي، انطلاقا من قناعتها الضيقة المبنية على عداء المملكة.
وأشار الجامعي المغربي إلى أن “القيادة الجزائرية باتت تشكل خطرا كبيرا على الشعب الجزائري والتنمية الإفريقية، من خلال تبنيها سياسات ذات توجه عدائي تقف أمام تطلعات الشعوب المغاربية والإفريقية”.
وكان محمد عرقاب، وزير الطاقة الجزائري، قد أكد أن جميع إمدادات الغاز الطبيعي الجزائري نحو إسبانيا ومنها نحو أوروبا ستتم عبر أنبوب “ميدغاز” العابر للبحر الأبيض المتوسط.
المصادر: مواقع إلكترونية عربية