تتميز المنطقة المقسومة أو المشتركة بين السعودية والكويت بغناها بالنفط الثقيل والمتوسط؛ الأمر الذي جذب إليها الشركات العالمية للاستثمار فيها.
وشهدت حقول تلك المنطقة العديد من الأحداث التاريخية التي توصلت إلى مشاركة إنتاجها بالمناصفة، مع توقف الإنتاج لمدة 5 سنوات؛ لأسباب أُرجعت إلى مُشكلات بيئية حينها.
وتبلغ مساحة المنطقة المشتركة بين السعودية والكويت نحو 5.770 ألف كيلومتر مربع.
خلفية تاريخية عن المنطقة المقسومة
في عام 1965 توصلت كل من السعودية والكويت إلى أول اتفاق بشأن تقسيم المنطقة المقسومة أو المحايدة بينهما، والتي كان اكتشاف النفط فيها هو الدافع الرئيس وراء سعي البلدين إلى توقيع اتفاق التقسيم.
وكانت هذه المنطقة المشتركة نتاج أول اتفاقية لترسيم الحدود البرية بين البلدين عام 1922 والتي تعرف باسم اتفاقية “العقير”، ولكن لم يحدث أي اتفاق بشأن هذه المنطقة.
ويرجع سبب تأسيس المنطقة المحايدة خلال اتفاق “العقير” إلى الرغبة في تعيين حدود المنطقة الحرة لتنقل البدو بين الدولتين.
وتقع المنطقة المشتركة التي قسمت ثرواتها الطبيعية بشكل متساوٍ بين البلدين، في النصف الجنوبي الكويتي والشمال الشرقي للسعودية.
ونصت “اتفاقية التقسيم”، التي دخلت حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 1970، على أن المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت مقسمة إلى منطقتين، وكل دولة تفرض سيادتها ونفوذها على منطقة منها، مع اشتراط تقسيم الثروات الباطنية بينهما.
اكتشاف حقول المنطقة المقسومة
تتميز المنطقة المقسومة بوجود حقلي “الخفجي” و”الوفرة” الغنيين بالنفط، وهما أحد الدوافع الرئيسة في بدء الحديث بين البلدين على ترسيم حدود المنطقة المناصفة عام 1960.
وفي عام 1954 اكتشفت شركتا “جيتي أويل” و”الأمريكية المستقلة النفطية” حقل الوفرة، الذي يُعَد امتدادًا لحقل البرقان الواقع في جنوب مدينة الكويت.
بينما اكتشفت شركة الزيت العربية اليابانية -التي أعطتها السعودية امتيازًا في المنطقة المحايدة عام 1957- حقل الخفجي البحري، وذلك عام 1960، والذي يعد امتدادًا لحقل السفانية بالسعودية.
ويشار إلى أن حقل الوفرة يقع شمال المنطقة المحايدة، بينما يقع حقل الخفجي في الجنوب الشرقي للمنطقة.
وينتج حقل الوفرة ما بين 200 و250 ألف برميل يوميًا من النفط الثقيل الحامض، بينما ينتج حقل الخفجي نحو 250 ألف برميل يوميًا من النفط المتوسط الحامض.
إدارة الحقول وعمليات مشتركة
تدير شركة نفط الخليج الكويتية حقلَ الوفرة نيابة عن الكويت، بينما شركة شيفرون تدير الحقل نيابة عن السعودية.
وفي عام 1977، اشترت شركة نفط الكويت الشركة الأمريكية المستقلة النفطية -وهي إحدى الشركات التي اكتشفت حقل الوفرة- بينما اشترت شركة تكساكو شركة “جيتي أويل” عام 1984 المكتشفة هي الأخرى للحقل، وفي عام 2001 اندمجت شيفرون مع تكساكو.
بينما يدير حقل الخفجي شركة عمليات الخفجي المشتركة، وذلك بالشراكة بين الشركة الكويتية لنفط الخليج وشركة أرامكو لأعمال الخليج -وهي شركة تابعة لشركة أرامكو-.
وكانت شركة الزيت العربية اليابانية المكتشفة لحقل الخفجي، قد ظلت تدير الحقل بشكل كامل حتى عام 2000، لكن السعودية رفضت تجديد الامتياز للشركة؛ بسبب عدم ضخ استثمارات جديدة في المنطقة.
وفي فبراير/شباط 2000، بدأت شركة أرامكو لأعمال الخليج نشاطها في منطقة الخفجي بعد استحواذها على حصة السعودية في المنطقة المحايدة المقسومة، ثم حصلت الشركة الكويتية لنفط الخليج على حصة الكويت في الحقل بعد انتهاء امتياز شركة الزيت العربية اليابانية عام 2003 مع الكويت.
توقف 5 سنوات وعودة الإنتاج
في عام 2014، تقرر وقف إنتاج النفط في المنطقة المقسومة؛ لأسباب أرجعت وقتها إلى مشكلات بيئية، وهو ما حرم السوق تقريبًا من نحو 500 ألف برميل يوميًا من النفط.
وكان إنتاج حقل الخفجي في المنطقة المقسومة قد وصل إلى ما بين 280 و300 ألف برميل يوميًا، قبل إيقافه في أكتوبر/تشرين الأول لعام 2014.
وبعد مرور نحو 5 سنوات من إيقاف إنتاج النفط من المنطقة المقسومة، وقّعت السعودية والكويت في ديسمبر/كانون الأول 2019 مذكرة تفاهم تضمّنت استئناف ضخ النفط من حقلي الخفجي والوفرة.
ووقّعت كذلك السعودية والكويت في ديسمبر/كانون الأول 2021، اتفاقًا يقضي بتسهيل عمليات الدخول والخروج إلى المنطقة المقسومة البرية.
كما شهد مطلع العام الجاري، وتحديدًا في يناير/كانون الثاني 2022، توقيع مذكرة تفاهم بين الشركة الكويتية لنفط الخليج، وشركة شيفرون السعودية، يتضمن تصدير كميات الغاز الفائض من منطقة عمليات حقل الوفرة المشترك.
ومن المتوقع بدء عمليات التصدير من هذا الحقل بكمية تصل إلى 12 مليون قدم مكعبة من الغاز، لترتفع خلال 5 أشهر إلى ما بين 40 و50 مليون قدم مكعبة، على أن تصل إلى ما بين 80 و100 مليون قدم مكعبة بعد 4 سنوات، وفقًا للرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة نفط الخليج، محمد الحيمر.
وتضمن الاتفاق إيفاء كميات الغاز المنتجة من المنطقة بشكل أولي بمتطلبات تشغيل منطقة العمليات المشتركة.
المنطقة المقسومة وهدف الكويت
تنفذ دولة الكويت إستراتيجية لرفع إنتاجها النفطي؛ من ضمنها تنفيذ مشروع النفط الثقيل الذي تتميز به المنطقة المقسومة السعودية.
وتسعى الكويت إلى زيادة إنتاجها النفطي لنحو 3.5 مليون برميل يوميًا بحلول 2025، على أن يصل لنحو 4.75 مليونًا بحلول عام 2040، وفقًا لإستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية.
وتتوقع الكويت أن تضيف المنطقة المقسومة مع السعودية نحو 350 ألف برميل من النفط يوميًا، لتُسهِم في تحقيق هدف الوصول بالطاقة الإنتاجية الكلية للبلاد من النفط لـ3.5 مليون برميل يوميًا.
وفي أغسطس/آب 2021، بدأت الشركة الكويتية لنفط الخليج التشغيل الفعلي لأول خط أنابيب بري وبحري بطول 100 كيلومتر لنقل الغاز الخفيف من مرفق التصدير بعمليات الخفجي المشتركة مع السعودية إلى الكويت عن طريق الربط مع خطوط الغاز التابعة لشركة نفط الكويت التي تغذي محطة الزور للطاقة.
وبحسب الشركة الكويتية لنفط الخليج؛ تبلغ الطاقة الاستيعابية لخط أنابيب نقل الغاز نحو 24 مليون قدم مكعبة من الغاز الخفيف، مؤكدة أن الخط يعمل على خفض تكاليف استيراد كميات الغاز المطلوبة لتغطية الاستهلاك المحلي ولا سيما في أوقات الذروة.
حقل الدرة بالمنطقة المغمورة
كانت أحدث تلك الخطوات الخاصة بالمنطقة المشتركة، توقيع كل من السعودية والكويت في 21 مارس/آذار 2022، اتفاقية لتطوير حقل الدرة المُكتشف عام 1960، والذي يقع في المنطقة المغمورة المشتركة بالخليج العربي.
ومن المقرر -بحسب الاتفاق- أن تختار شركة عمليات الخفجي المشتركة استشاريًا لعمل الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل.
وتتوقع كل من السعودية والكويت أن يؤدي تطوير حقل الدرة إلى إنتاج نحو مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميًا، بالإضافة إلى إنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يوميًا.
وتضمن الاتفاق الاعتماد على خيار “الفصل البحري”، في تقسيم المستخرج من حقل الدرة بالتساوي بينهما، وهو ما يعني فصل حصة كل من الشريكين في البحر.
وبعد الاتفاق السعودي الكويتي بشأن حقل الدرة، زعمت إيران أحقيتها في حقل الدرة باعتبارها طرفًا ثالثًا، رافضة التوقيع من دونها.
وقالت إن هناك أجزاء من حقل الدرة تقع في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت، وهي التعليقات التي رفضتها الكويت.
وأكد وزير الخارجية الكويتي، أحمد ناصر المحمد الصباح، أن حقل الدرة كويتي-سعودي خالص، قائلًا: “للكويت والسعودية وحدهما حقوق خالصة في استغلال الحقل واستثماره، وذلك وفق الاتفاقيات المُبرَمة بين البلدين”.
حقل الدرة.. 4 أسباب تعزز أهميته الإستراتيجية للسعودية والكويت
يعدّ حقل الدرة واحدًا من حقول مناطق العمليات المشتركة بين السعودية والكويت، والذي يعتزم البلَدان اتخاذ خطوات جادة لتطوير مكامن الغاز به.
وفي هذا الإطار، وقّع وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، خلال زيارته الرسمية للكويت اليوم الإثنين، مع وزير النفط، وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الكويتي محمد الفارس، اتفاقًا لتطوير حقل الدرة في الخليج العربي.
تعمل غرفة العمليات المشتركة بين البلدين من خلال خطة إستراتيجية على زيادة إنتاج النفط والغاز، وتذليل مختلف التحديات التي تواجه عمليات الاستكشاف والإنتاج والتصدير.
أهمية حقل الدرة
“الدرة” من أهم الحقول الإستراتيجية لكل من السعودية والكويت، إذ إنه يعمل على تحقيق التالي:
دعم النمو بمختلف القطاعات الحيوية في البلدين.
إنتاج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يوميًا.
إنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يوميًا.
تلبية نمو الطلب المحلي على الغاز الطبيعي وسوائله في البلدين.
ومن المقرر تقسيم الإنتاج بالتساوي بين الشريكين، استنادًا إلى خيار “الفصل البحري”، تُفصَل حصة كل من الشريكين في البحر، ومن هناك تُرسل حصة شركة أرامكو السعودية لأعمال الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافق الشركة في الخفجي، في حين تُرسل حصة الشركة الكويتية لنفط الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافقها في الزور.
تفاصيل اتفاق حقل الدرة
بموجب الاتفاق الذي وُقِّع اليوم حسب بيان وزارة النفط الكويتية، ستقوم شركة عمليات الخفجي المشتركة، وهي مشروع مشترك بين شركة أرامكو لأعمال الخليج والشركة الكويتية لنفط الخليج، بالاتفاق على اختيار استشاري لإجراء الدارسات الهندسية اللازمة لتطوير “الدرة” وفقًا لأفضل الأساليب والتقنيات الحديثة والممارسات التي تراعي السلامة والصحة والحفاظ على البيئة، ووضع التصاميم الهندسية الأكثر كفاءة وفاعلية من الناحيتين الرأسمالية والتشغيلية.
يأتي توقيع المحضر تحقيقًا لدعم النمو في مختلف القطاعات الحيوية في البلدين الشقيقين، وتنفيذًا لمقتضى مذكرة التفاهم التي وقّعتها السعودية والكويت في 24 ديسمبر/كانون الأول 2019، والتي تضمّنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية