علّق رجل الأعمال السوري وسيم قطان على التسجيل المصور الذي نشره عبر “فيس بوك”، والذي يظهر تصميمًا حديثًا لمجمع “يلبغا”، والذي أثار جدلًا بين سوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بأن العمل عليه يتم على مراحل، وخلال ثلاث سنوات كحد أقصى سينتهي تنفيذه.
وقال قطان في تصريحات لموقع “أثر برس” المحلي اليوم، الأحد 10 من نيسان، إنه تم البدء بتنفيذ المشروع على أرض الواقع ويمكن ملاحظة العاملين في المجمع عند المرور أمامه، حيث يتم العمل على مراحل وتم إتمام 70– 80% من أربع طوابق، وتم تنفيذ الجزء المحيط بفندق المرجة.
وأضاف قطان ردًا على على الانتقادات بإمكانية تحقيقه على أرض الواقع، أن “التصميم الذي ظهر في الفيديو هو بأيادٍ سورية، وباعتبار كان هناك من صممها سيكون من هو قادر على تنفيذها على أرض الواقع”.
واعتبر أن هذه المنطقة ستصبح “دوان تاون” سوريا، ولكن الوضع أو الشكل الحالي الموجودة فيه هو بسبب المخالفات والبسطات في الشارع.
وأشار قطان إلى أن هذا المشروع هو تطوير عمراني، ويتم العمل عليه على مراحل، وخلال ثلاث سنوات كحد أقصى سينتهي تنفيذه.
وكان قطان نشر تسجيلًا مصورًا عبر صفحته الشخصية في “فيس بوك” في 7 من نيسان الحالي، يظهر تصميمًا حديثًا لمجمع “يلبغا”، نال سخرية من سوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي كانون الثاني 2019، حصلت شركة “نقطة تقاطع” التي يمتلكها قطان، على عقد استثمار “مجمع يلبغا” وسط العاصمة دمشق بصفقة مليارية.
ونقل موقع “الاقتصادي المحلي” حينها عن قطان قوله إن العمل بالمشروع سيبدأ فور تسليم البناء، لإكسائه وتجهيزه.
وأشار القطان إلى أن المجمع سيضم فنادق ومطاعم ومولًا متخصصًا يضم صالات، إضافة إلى وجود مرآب طابقي أسفل الحديقة الملاصقة للمجمع.
ويعتبر مجمع “يلبغا”، الذي توقف بناؤه أكثر من مرة خلال 35 عامًا، مثالًا للإهمال والفساد السياسي والاقتصادي والإداري في حكومة النظام السوري، إذا ما قورن مع غيره من المشاريع التي أقيمت في دول الجوار وأنجزت في أوقات قياسية.
البدايات من السبعينيات
تعود دراسات مشروع يلبغا إلى منتصف ستينيات القرن الماضي، مع بداية تسلم حزب البعث للسلطة في سوريا، لكنه بقي حبرًا على ورق، قبل أن يبصر النور في بداية عام 1973 وتبدأ بإنشائه مؤسسة الإسكان العسكرية، التي كانت آنذاك المشرف الوحيد على جميع المشاريع في سوريا، برئاسة رياض شاليش، قريب الرئيس حافظ الأسد.
لكن معوقات ومشاكل كثيرة حول المجمع حالت دون استمرار بنائه، منها نقص في مواد البناء من حديد وإسمنت في الثمانينيات، إضافة إلى تحديد حدود العقار مع محافظة دمشق.
وكانت المشكة الأكبر هي ظهور مياه جوفية في أثناء الحفر، نتيجة الفشل الذريع في دراسة البنى التحتية للمشروع من قبل خبراء وفنيين، وعدم أخذ عينات من التربة ودراستها لمثل هكذا مشاريع ضخمة، فهو يقع بالقرب من نهر بردى ويعد أحد أفرع النهر.
مدير شؤون الانتخابات ومسؤول تشكيل المجالس في وزارة الإدارة المحلية، التابعة للحكومة المؤقتة، المهندس محمد مظهر شربجي، قال لعنب بلدي في وقت سابق، إن عملية إخراج المياه استمرت مدة سنتين، في ظل عدم وجود خبراء للاستفادة من الآبار الجوفية التي كانت موجودة في المنطقة، إضافة إلى عدم الاستفادة من المياه التي خرجت في تغذية مدينة دمشق خاصة مع تراجع وجفاف نهر بردى.
توقف العمل عشر سنوات وتمت إعادة دراسته من جديد بعد تفريغ المياه من تحته، وبدأت مؤسسة الإسكان في إعماره مع بداية عام 1990 لينتهي في 2004، قبل أن يصبح برسم وزارة الأوقاف التي طرحته للاستثمار من أجل إكسائه.
مجمع “يلبغا”.. حكاية أربعين عامًا من الفساد والإهمال
بهيكله الإسمنتي الضخم المؤلف من أحد عشر طابقًا، يقف مجمع “يلبغا” عاريًا وسط العاصمة السورية، لا يمكن لأي مواطن سوري يقيم في دمشق، يريد أن يتنقل بين أزقتها وشوارعها دون أن يمر به متسائلًا: لماذا حتى الآن لم يتم الانتهاء من إكسائه وتجهيزه؟
مجمع “يلبغا”، الذي توقف بناؤه أكثر من مرة خلال 35 عامًا، يعتبر مثالًا للإهمال والفساد السياسي والاقتصادي والإداري في حكومة النظام السوري، إذا ما قورن مع غيره من المشاريع التي أقيمت في دول الجوار وأنجزت في أوقات قياسية.
البدايات من السبعينيات
تعود دراسات المشروع إلى منتصف ستينيات القرن الماضي، مع بداية تسلم حزب البعث للسلطة في سوريا، لكنه بقي حبرًا على ورق، قبل أن يبصر النور في بداية 1973 وتبدأ بإنشائه مؤسسة الإسكان العسكرية، والتي كانت آنذاك المشرف الوحيد على جميع المشاريع في سوريا، برئاسة رياض شاليش، قريب الرئيس حافظ الأسد.
لكن معوقات ومشاكل كثيرة حول المجمع حالت دون استمرار بنائه، منها نقص في مواد البناء من حديد وإسمنت في الثمانينيات، إضافة إلى تحديد حدود العقار مع محافظة دمشق.
لكن المشكة الأكبر كانت ظهور مياه جوفية أثناء الحفر، نتيجة الفشل الذريع في دراسة البنى التحتية للمشروع من قبل خبراء وفنيين، وعدم أخذ عينات من التربة ودراستها لمثل هكذا مشاريع ضخمة، فهو يقع بالقرب من نهر بردى ويعد أحد أفرع النهر.
مدير شؤون الانتخابات ومسؤول تشكيل المجالس في وزارة الإدارة المحلية، التابعة للحكومة المؤقتة، المهندس محمد مظهر شربجي، يقول إن عملية إخراج المياه استمرت مدة سنتين، في ظل عدم وجود خبراء للاستفادة من الآبار الجوفية التي كانت موجودة في المنطقة، إضافة إلى عدم الاستفادة من المياه التي خرجت في تغذية مدينة دمشق خاصة مع تراجع وجفاف نهر بردى.
توقف العمل عشر سنوات وتمت إعادة دراسته من جديد بعد تفريغ المياه من تحته، وبدأت مؤسسة الإسكان في إعماره مع بداية 1990 لينتهي في 2004، قبل أن يصبح برسم وزارة الأوقاف التي طرحته للاستثمار من أجل إكسائه.
شركات وهمية برسم وزارة الأوقاف
في 2006 بدأت وزارة الأوقاف بطرح المجمع للاستثمار، ووقعت عقدًا لإكسائه مع شركة “ميسكا” السعودية مقابل 240 مليون ليرة سنويًا، إلا أنه أوقف لأسباب فنية وقانونية.
ثم وقعت الوزارة عقدًا آخر مع شركة قصر الملكة الإماراتية، وكان من المقرر الإكساء خلال 30 شهرًا على أن تستثمره لمدة 30 عامًا مقابل 475 مليون ليرة سنويًا، ما أثار الكثير من الجدل حول العقد وصحة الإجراءات المتخذة.
وعلى الرغم من تقديم الشركتين في وسائل الإعلام بأنهما غير سوريتين، إلا أن تحقيقًا لـ”سيريانيوز” في 2007، كشف أن شركة “ميسكا” هي شركة سورية وهمية أنشئت من قبل أشخاص من أجل توقيع عقد مع وزارة الأوقاف وإكساء المجمع، كما كشف التحقيق أن شركة قصر الملكة الإماراتية هي أيضًا سورية ومنحت سجلًا تجاريًا في 2006.
وعقب الكشف عن الشركتين الوهميتين أصدر بشار الأسد مرسومًا في 2007، بإقالة وزير الأوقاف، محمد زياد الدين الأيوبي، على خلفية تحقيق في قضايا الفساد ومنها مرتبط بمجمع يلبغا.
بعد 35 عامًا.. النظام يطرح المجمع للاستثمار
في بداية العام الجاري أعلن وزير الأوقاف في حكومة النظام، محمد عبد الستار السيد، أن المرحلة الأولى من إكساء “مجمع يلبغا” قاربت على الانتهاء، ليكون جاهزًا لطرحه للاستثمار في أقرب فرصة متاحة.
وقال مدير الأوقاف، أحمد قباني، بحسب صحيفة الثورة الحكومية، في 24 شباط 2016، إن “المشروع يعدّ من أضخم المشاريع التي تقوم الوزارة بتشييدها ويشكل قفزة نوعية في حل مشكلة الازدحام وسط العاصمة من خلال المرائب لأكثر من 300 سيارة، إضافة إلى السوق التجاري والذي يتضمن محالًا ومكاتب ذات نوعية ممتازة تعكس الواقع الحضاري والعمراني لدمشق”.
كما أشار قباني إلى أن أعمال المرحلة الثانية من المشروع (المول التجاري) وصلت إلى تركيب البلوك وحاليًا في مرحلة الإكساء.
من مجمع ثقافي إلى استثماري
بعد أربعين عامًا مازال “يلبغا” شامخًا وسط العاصمة بانتظار من يتابع كسوته، بعد إنفاق الملايين عليه، ووصول كلفة بنائه إلى نحو 700 مليون ليرة سورية، وهي سبعة أضعاف الكلفة التي كانت مقدرة عند البدء بتنفيذه.
وإلى جانب عدم دراسة المشروع جيدًا، فإن النظام السوري يحاول استثماره في غير الاستثمار الحقيقي المتفق عليه، حسبما قال المهندس مظهر شربجي، فالمطلعون على المشروع يعرفون أن المجمع في المخطط هو عبارة عن مركز ثقافي وتاريخي ومعهد إسلامي، لكن حكومة النظام طرحته أكثر من مرة للشركات على أنه فندق خمسة نجوم، ومركز تجاري وتسوق، ومرآب للسيارات، وعدد من المكاتب.
كما حاول النظام تغيير اسمه والجامع بجواره إلى “مجمع وجامع الشهيد باسل الأسد” عن طريق لوحة كبيرة علقت عليه، لكنها اختفت وظهرت مكانها لوحة لشركة “سيرتيل” لصاحبها رجل الأعمال السوري، رامي مخلوف، الذي اتخذه مكانًا لوضع إعلاناته مقابل 200 ألف ليرة سورية تدفع لوزارة الأوقاف.
يبلغ عدد طوابق المجمع 11 طابقًا ويتكون من كتلتين: واحدة تجارية وواحدة برجية، ويضم فندقًا من فئة خمسة نجوم يعمل بنظام الشقق الفندقية، تجدر الإشارة إلى أن الحديقة العامة التي أنشئت مكان سوق القرماني والأبنية الأخرى التي هدمتها محافظة دمشق ستكون الواجهة الرديفة لمدخل الفندق.وسيشمل المجمع مركزًا للتسوق (مول) يشغل الكتلة التجارية من المجمع والمطلة على ساحة المرجة إضافة إلى الطوابق الأولى من الكتلة البرجية، وسيكون القبو في الكتلتين التجارية والبرجية موقفًا للسيارات يتسع لـ 500 سيارة.
جامع يلبغا و”شيخ الإسلام” ابن تيمية
أقيم المجمع على أنقاض مسجد يلبغا التاريخي، المبني سنة 1347م (في العهد المملوكي)، ويقع في ساحة المرجة بدمشق، بالقرب من شارع الثورة، ويبعد عن مبنى “المحافظة” قرابة 150 مترًا، وتحيط به عدد من الحمامات والأبنية التاريخية هدمت مع تهديم المسجد القديم، كان آخرها هدم سوق القرماني التاريخي في 2006، وتحويله إلى حديقة.
كما تقع مقابل المجمع المستشارية الثقافية الإيرانية التي تأسست في سوريا عام 1980، واتخذتها طهران مركزًا لنشر التشيع والثقافة الإيرانية.
وفي أول عهد الرئيس حافظ الأسد اتخذ قرار بتهديم المسجد بهدف الترميم، ونقلت واجهاته الحجرية الأثرية إلى متحف دمشق، على أمل إعادتها بعد انتهاء المشروع، في حين يرى مؤرخون أن أسبابًا مذهبية تكمن وراء إيقاف المشروع، فالمسجد كان مقصدًا للعلماء والطلاب، ومركزًا للعلم في دمشق، كما كان مركزًا دعويًا لشيخ الإسلام ابن تيمية، كما يقول الباحث التاريخي عماد الأرمشي. وقد حاولت عنب بلدي التأكد من صحة هذه المعلومات بالاتصال برئيس رابطة علماء الشام، الشيخ أسامة الرفاعي، لكنه أكد عدم معرفته بأي معلومات عن المجمع وخفاياه التاريخية.
المصادر: عنب بلدي – مواقع إلكترونية