خط أنابيب التابلاين ( TAPLINE ) هو خط أنابيب نفطي يمتد من القيصومة ( جنوب شرق حفر الباطن ) شمال المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية حتى ميناء صيدا في جنوب لبنان.
و يُعد خط أنابيب التابلاين أكبر خط نفطي في العالم إذ يبلغ طوله 1664 كيلو مترا من الخليج العربي حتى البحر المتوسط ، و هو معبر نقل النفط من السعودية إلى أوروبا و الولايات المتحدة الأميركية ، و قد حل محله اليوم خط أنابيب الزيت الخام ( شرق / غرب ) و غيره من خطوط الأنابيب و الناقلات الضخمة التابعة لـ أرامكو السعودية.
أهداف خط أنابيب التابلاين
يهدف إنشاء الخط إلى نقل النفط للأسواق الاستهلاكية في كلٍ من أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية من خلال البحر الأبيض المتوسط.
تاريخ إنشاء الخط
بدأ إنشاء الأنبوب في عام 1948 بطول 1,664 كم ، و جرى إنشاؤه بشراكة ما بين شركات : ” إسو و شيفرون و تكساكو و موبيل ” و قد استعمل لإنشاء هذا الأنبوب 350 ألف طن من الأنابيب و 3 آلاف قطعة من الآليات و معدات البناء و قد عمل على إنشائه 16 ألف عامل بتكلفة قدرها 150 مليون دولار ، و تم الانتهاء من إنشائه في عام 1950، و بعد شهرين من ذلك بدأ ضخ النفط إلى ميناء صيدا.
و في تاريخ 2 /12 /1950م الموافق 2/ 12/ 1370هـ بدأ شحن النفط السعودي عبر خط التابلاين ثم تقوم بنقله الناقلات البحرية لنقل النفط الخام إلى الأسواق العالمية، و تُقدَّر المسافة التي يقطعها خط الأنابيب من شرق المملكة إلى البحر الأبيض المتوسط ما يُقارب 1700كم، و قد سعى القائمون على المشروع بإقامة محطات ضخ لتعمل على تقوية جريان النفط عبر الأنابيب في الأراضي التي يمر بها، و بالفعل أُنشئت محطات للضخ في القيصومة، و الشعبة، و رفحاء، و العويقلية، و عرعر، و حزم الجلاميد، و طريف.
و لم يكن المشروع نفطياً خالصاً بالمعنى الدقيق، بل تأسست بفضله مدن، و على سبيل المثال فإن مدينة القيصومة التابعة اليوم لمحافظة حفر الباطن، هي أول مدينة تنشأ عن تجمع عمالي بمحاذاة الخط و قد جاء اسم « تابلاين » من اختصار عبارة ( Trans-Arabian Pipeline ) و التي تعني بالعربية « خط الأنابيب عبر البلاد العربية » و تُعد هذه الترجمة هي الإسم الرسمي للمشروع.
قصة خط التابلاين الذي حوَّل مناطق البادية لمدن حضارية
مثَّل إنشاء خط الأنابيب (التابلاين) عصرًا جديدًا للمناطق الشرقية والشمالية من السعودية؛ إذ حوَّلها إلى مدن حضارية، ووفَّر لسكانها فرص العمل والرفاهية بعد أن كانوا بدوًا رُحَّلاً، يتبعون القَطْر والكلأ.
وقد أُنشئ خط الأنابيب (التابلاين) بعد اكتشاف البترول بكميات وفيرة في المنطقة الشرقية؛ لينقل البترول من الخليج العربي إلى ميناء الزهراني في صيدا بلبنان على البحر المتوسط مرورًا بدولتَي الأردن وسوريا؛ كي يُنقَل للأسواق العالمية.
وطُرح في البداية طرق مقترحة لخط سير هذا الأنبوب:
1- بقيق – الصرار – لينة – حائل – ضبا – الإسكندرية.
2- بقيق – الصرار – لينة – الجوف – تبوك – العقبة – غزة.
3- بقيق – النعيرية – القيصومة – بدنة (عرعر) – حيفا.
ثم اختير الخط الأخير لكونه أنسب وأقل تكلفة. ولكن بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين تغيرت غاية الخط ومنتهاه؛ ليصل إلى صيدا في لبنان بدلاً من حيفا، وكان إنشاؤه بأمر ملكي من الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه -، وأجرى على ضوئه وزير المالية الأسبق/ عبدالله السليمان الاتفاقيات، ثم وقَّع عليها مع الشركات الحاصلة على الامتياز، ويمثلها (وليم ج لنهان) لإنشاء خط الأنابيب عبر البلاد العربية (التابلاين) بطول 1664 كم؛ لتقل مسافة نقل البترول عن وضعها السابق إلى ربع المسافة؛ إذ كانت الناقلات النفطية تقطع مسافة 6000 كم تقريبًا من الخليج العربي مرورًا ببحر العرب والبحر الأحمر؛ لتصل إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس.
وقال عضو الجمعية التاريخية السعودية زاهي الخليوي لـ”سبق”: تكلَّف إنشاء هذا العمل الجبار 200 ألف قطعة أنابيب بوزن 35000 طن، و3000 قطعة من الآليات ومعدات البناء، وبلغت تكلفة إنشاؤه 230 مليون دولار، وعمل فيه 16 ألف شخص، وجذب البدو الرُّحَّل ليعملوا فيه، وقَدِم العمال وعائلاتهم من كل مناطق السعودية إلى أماكن المنشآت.
وجاء التجار إلى جواره لعرض ما لديهم على هذه التجمعات السكنية قرب خط الأنابيب. وكان من ضمن الاتفاقيات أن تتكفل الشركة بتقديم الخدمات الضرورية لموظفيها والنازلين بالقرب منها.
وفي بداية عام 1948 م بدأ العمل بإنشاء هذا الخط، وانتهى العمل منه بعد أقل من ثلاث سنوات؛ ففي 2 سبتمبر 1950 م اكتمل إنشاؤه؛ ليكون أطول خط أنابيب في التاريخ، ويبدأ جريان البترول فيه من سبتمبر. وفي نوفمبر1950م بعد رحلة تقارب الشهرين للبترول، ولأول مرة عبر هذه الأنابيب، تدفق إلى الخزانات المعدة له في ميناء الزهراني بلبنان. وقد كان سعر برميل البترول وقتها ثلاثة دولارات.
ولما كان خط التابلاين يقطع مسافات شاسعة (1664 كم)، ويمر بأراضٍ مختلفة الارتفاعات؛ وهو ما يؤثر في جريان البترول في الأنابيب، فقد وضع القائمون على إنشاء الخط محطات لضخ ودفع البترول. وأُنشئ بجوار خط التابلاين محطات رئيسة وفرعية؛ لتكون بعد ذلك نواة لمدن وقرى المنطقة، وهي من الشرق: (رأس أبو مشعاب، النعيرية، القيصومة، الشعبة، رفحاء، العويقيلة، عرعر [بدنة]، حزم الجلاميد، طريف). وقد ضُم رأس أبو مشعاب والنعيرية عام 1370هـ للمنطقة الشرقية بعد أن كانا ضمن محافظة خط الأنابيب، ثم القيصومة عام 1373هـ.
وقامت الشركة – حسب الاتفاقية – بتوفير فرص العمل لأبناء المنطقة، ودورات تدريبية لهم، ثم قامت بحفر عدد من آبار المياه على طول الخط عند مراكز الضخ والمراقبة والتشغيل، وأنشأت المدارس والمراكز الصحية، ثم الكهرباء؛ فتوطن بدو المنطقة حول هذه المحطات؛ وهو ما أدى إلى قيام نوع جديد من الاستقرار في المنطقة.
ثم أُنشئت مطارات صغيرة قرب محطات الضخ لمراقبة خط الأنابيب، وأُنشئت العديد من وسائل الترفيه والتسلية، كملاعب القولف والتنس والبيسبول، وملاعب للأطفال، وصالات لعرض الأفلام التعليمية والتثقيفية والمسلية. كما أنه كان توجد قناة تلفزيونية خاصة بالشركة، يصل بثها للقريبين من المحطات، ومطاعم للوجبات السريعة، يقدَّم فيها الستيك والبرجر، وغير ذلك من الوجبات السريعة.
كل هذه الأمور شكَّلت إغراءات لأبناء البادية للاستيطان؛ لتكون نواة لمدن المنطقة اليوم؛ فقدمت لهم حكومتنا الرشيدة الأراضي السكنية، والقروض العقارية، كما أسهم إنشاء الطريق المعبد المحاذي للتابلاين بعد ذلك بمدة في زيادة أعداد سكان هذه المدن وازدهارها.
وقد بقي (التابلاين) ينقل نصف مليون برميل يوميًّا من السعودية إلى الأسواق العالمية، ولكنه توقف مؤقتًا عام 1967 خلال حرب الأيام الستة (النكسة)، ثم عاود بعد ذلك الضخ، حتى كانت الحرب الأهلية في لبنان؛ فقررت الشركة بعد ذلك إغلاق خط التابلاين عام 1975م. وفي عام 1978م أنهت الشركة اتفاقيات لتشغيل الخط مع الدول المار بها، ثم توقف تدفق النفط في صيدا نهائيًّا عام 1983م، ثم نُقل كميات منه إلى مصفاة الزرقاء بالأردن، لكن كان نهاية ذلك بحلول حرب الخليج 1990م.
المصدر: مواقع إلكترونية