“من منا لا يريد شراء جزيرة؟” يسأل مارشال ماير حين دخل قاربه المياه الساكنة في البحر الكاريبي. وفيما تتلاشى معالم مدينة بليز بسرعة في الخلف، تلمح بوضوح أكبر مجموعة من الجزر المغطاة بأشجار المانغروف في الأفق.
ويقول ماير: “أنا لا أعرف مدى قدرتك، لكنّني بالتأكيد لا أستطيع شراء جزيرة بمفردي”!
يُعد ماير أحد مؤسسي Let’s Buy an Island، وهو مشروع طموح قام عام 2018 بإجراء عملية تمويل جماعي لشراء جزيرة.
وبحلول شهر ديسمبر/ كانون الأول 2019، تحول حلم المجموعة إلى حقيقة، عندما جمعت أكثر من 250 ألف دولار لإكمال عملية شراء “كوفي كاي”، وهي جزيرة غير مأهولة بمساحة 4856 مترا مربع قبالة سواحل بيليز.
ولم يكن يشتري المستثمرون حصة من ممتلكات بيليز فحسب، بل كانوا يستثمرون أيضًا في مشروع بناء دولة فريدة من نوعها.
وأعيد تصوّر جزيرة “كوفي كاي” على أنها “إمارة أيلانديا”، وهي كاملة بعلمها الوطني ونشيدها الوطني وحكومتها.
وتعتبر أيضًا أحدث “دولة مجهرية” في العالم، وهي كيان يدعي الاستقلال ولكن لم يعترف به المجتمع الدولي على هذا النحو.
في مطلع عام 2022، يقود ماير الجولة الافتتاحية إلى “كوفي كاي”، حيث وصلت مجموعة مختلطة من المستثمرين والسياح المهتمين، إلى أول جزيرة مموّلة جماعيًا في العالم.
ويقول ماير، بعد رحلة بالقارب استغرقت 15 دقيقة من مدينة بيليز: “إنّه لشعور رائع أنك تخطو على جزيرة استثمرت فيها وامتلكتها”.
ولا يستغرق الأمر سوى دقائق قليلة كي تقطع المسافة الفاصلة بين طرف “كوفي كاي” آخر مشيًا على الأقدام، غير أنّ ماير حرص على اصطحاب المجموعة المكوّنة من 13 فردًا في أول جولة مشي على الإطلاق في الجزيرة.
وفي وقت سابق، زار ماير والعديد من المستثمرين الآخرين “كوفي كاي” في رحلات استكشافية، إلا أنّ هذه كانت أول جولة ليلية يمكن لأي شخص الانضمام إليها.
أما الفكرة الأولية للتمويل الجماعي فبدأت منذ حوالي 15 عامًا، عندما اشترى جاريث جونسون، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للمشروع، اسم letsbuyanisland.com، بعدما قرًّر أنه قد يكون من الممتع شراء جزيرة وتحويلها إلى دولة مجهرية.
وحدد الأعضاء المؤسسين قيمة كل سهم في الجزيرة، بمبلغ قدره 3,250 دولار.
وباع الأعضاء حوالي 100 سهم حتى الآن.
وبينما يمكن للمستثمرين شراء أسهم عدة، يحق لكل شخص صوت واحد فقط في عملية صنع القرار الديمقراطي.
وتمّ شراء جزيرة “كوفي كاي” لقاء 180 ألف دولار، ضمنًا الضرائب المتوجبة، واكتمل البيع في ديسمبر/ كانون الأول 2019، قبل أن يتسبب كوفيد-19 بإيقاف أي خطط أخرى.
ويمكن أن يصبح المستثمرون وزوار “كوفي كاي” مواطنون تلقائيون في “إمارة أيلانديا”، وستكون هناك أيضًا جوازات سفر جديدة، ويمكن لأي شخص أن يدعم الدولة المجهرية من خلال شراء “الجنسية” أو ألقاب مثل سيد أو سيدة الجزيرة، مقابل مبلغ صغير من الرسوم، من دون الحاجة للاستثمار.
ومن بين أفكار ماير للجزيرة، تجديد الشعاب المرجانية المحيطة، وتطوير موقع تخييم، وتحويل حاويات الشحن إلى أماكن إقامة أساسية.
ويريد ماير أن تصبح الجزيرة “مكانًا للاختلاط” من خلال إنشاء مطعم صغير أو حانة، وقوارب الكاياك والغطس، بحيث يستطيع السياح والسكان المحليين زيارتها أيضًا من مدينة بليز.
ولكن، سيكون لدى المستثمرين المحتملين أسئلة لطرحها، بما في ذلك المخاوف بشأن الأعاصير وارتفاع مستويات سطح البحر التي يمكن أن تؤثر على الجزيرة.
ورغم إعجابها بمفهوم التمويل الجماعي للجزيرة، لم تحبذ فيلفيت داليساندرو، التي انضمت إلى الجولة، فكرة الاستثمار بسبب هذه المخاطر.
وقالت: “الدولة المجهرية هي حداثة حقيقية.. ولكن مع تغير المناخ، ستكون معركة مستمرة لإبقائها فوق سطح الماء”.
ويقول أوسكار دي روميرو، الوكيل العقاري في بيليز الذي عثر على “كوفي كاي” لـ Let’s Buy an Island، إن المجموعة بحاجة إلى “تحقيق التوازن بين البيئة والنمو الاقتصادي”.
وأوضح روميرو أنهم سيحتاجون إلى تصاريح بيئية وتصاريح من الحكومة لأي تطوير، مع تمتع كل من غابات المانغروف والحاجز المرجاني القريب بوضع الحماية.
ويقول روميرو إنه إذا كان من الممكن تطوير الجزيرة بشكل مستدام، وإشراك سكان بيليز المحليين، والمساعدة في تجديد البيئة، فيمكن أن يكون المشروع قوة مستدامة.
CNN