اقتصاد

الغاز المصري سيؤمن إمدادات ضخمة من الغاز لأوروبا.. تقارير حديثة تفجر مفاجأة بالأرقام

توقع تقرير حديث لصندوق النقد العربي أن يؤدي الغاز المصري دورًا مهمًا في تأمين احتياجات أوروبا، مع خطط القارة العجوز للتخلي عن الوقود الروسي.

وتستهدف دول الاتحاد الأوروبي تنويع وارداتها من الطاقة من العديد من دول العالم، مع خطط لفرض عقوبات على روسيا لغزوها أوكرانيا، خاصة أن موسكو تسهم بنحو 41.1% من إمدادات الغاز الأوروبية.

وقال التقرير إنه في الوقت الذي تُعد فيه كل من الجزائر وقطر من بين أهم المصدرين للغاز إلى أوروبا، بأهمية نسبية تقدر بنحو 7.6%، و5.2% على التوالي؛ فإن جهود الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر إمدادات النفط والغاز، تعزز من مكانة كل من مصر والسعودية والإمارات إلى جانب قطر والجزائر؛ إذ تسهم هذه الدول بنحو 72% من طاقة إنتاج الغاز الطبيعي المسوق على مستوى الدول العربية.

غاز شرق المتوسط

أكد تقرير صندوق النقد الدولي أن القاهرة من بين الدول العربية التي من المتوقع أن تستفيد في الأجل المتوسط من تنامي قدرات صادرات الغاز المصرية إلى أوروبا.

يأتي ذلك في ظل إطار تعزيز التعاون في مجال الطاقة الموقّع بين كل من مصر وقبرص واليونان في سياق منتدى غاز شرق المتوسط، وبما يخدم محطات إنتاج الكهرباء في هذه الدول.

بشار إلى أنه في شهر سبتمبر/أيلول 2021 حُوِّلَ منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية تضم 6 دول ومقرها القاهرة؛ بهدف إنشاء سوق إقليمية تنافسية للغاز.

الإمكانيات المصرية

قال التقرير: “أدت عدة عوامل دورًا مهمًا في تعزيز المكانة الإقليمية لمصر في سوق الغاز الطبيعي؛ ومن بينها ارتفاع القدرة الإنتاجية الحالية لمصر من الغاز الطبيعي إلى 73.4 مليار متر مكعب في ظل مشروعات تنمية حقول الغاز”.

وأشار التقرير إلى مشروع تنمية حقل ظهر بقدرة إنتاجية سنوية تبلغ 28 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى قدرات تسييل الغاز الطبيعي وتصديره بإجمالي قدرة إنتاجية لمصنعي الإسالة في إدكو ودمياط يقدر بنحو 12 مليون طن سنويًا.

يُصَدر حاليًا الغاز المصري إلى أوروبا في حدود الطاقة القصوى الحالية لوحدات الإسالة بمدينتي إدكو ودمياط، كما أن القاهرة لديها مشروعات ضخمة لإسالة وتصدير مخزونها الضخم من الغاز المكتشف في منطقة البحر المتوسط، ولا سيما حقل غاز ظهر.

وشدد التقرير على أن هناك فرصا لدور مصر باعتبارها لاعبًا إقليميًا معززًا لإمدادات الغاز إلى أوروبا في المدى المتوسط من خلال استقبال الغاز من الدول العربية الأخرى المصدرة الرئيسة للنفط ثم تسييله وتصديره إلى أوروبا.

يشار إلى أن الدول العربية تمتلك نحو 26.5% من الاحتياطي المؤكد من الغاز، ومسؤولة عن 15% من الغاز المسوق عالميًا، وتمتلك فرصًا للاستفادة من جهود الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر إمدادات النفط والغاز.

الغاز المصري.. ثروة للقاهرة ونور للمنطقة وملاذ لأوروبا

تتشارك أسر مصرية ويونانية وقبرصية وأردنية وصينية وهندية في عامل مشترك فيما بينها، رغم اختلاف اللغات والثقافات وبُعد المسافات، ألا وهو الغاز المصري، الذي تستدفئ به بعض الأسر، وتستخدمه في توليد الكهرباء أسر أخرى.

ووسط خطط ومستهدفات مصرية وأوروبية للتعاون في قطاع الغاز، فمن المقرر أن تتشارك -أيضًا- أسر ألمانية وإيطالية وبلجيكية، بجانب الأسر السعودية والسودانية والعراقية، في العامل نفسه.

ويُعدّ الغاز الطبيعي أنظف أنواع الوقود الأحفوري، إذ ينتج نصف كمية ثاني أكسيد الكربون التي تخرج من الفحم، بالإضافة إلى رخص سعره وتوافره بكميات كبيرة.

أصبح الغاز المصري ثروة للمصريين وأداة ثقل اقتصادية وسياسية واجتماعية، على المستوى الإقليمي، وغيّر خريطة العالم في أسواق الغاز، بعد أن أصبحت القاهرة لاعبًا أساسيًا في السوق، وسيزيد تأثيرها خلال المدة المقبلة مع التوسع في التصدير، في ضوء وجود المركز الرئيس لمنتدى غاز شرق المتوسط في القاهرة.

ففي الوقت الذي تسعى فيه أوروبا لتنويع مصادر الطاقة وتقليص الاعتماد على الغاز الروسي -بعد أزمة جزيرة القرم، بين روسيا وأوكرانيا- تبقى مصر في صدارة الاختيارات والبدائل، وذلك عبر اليونان وقبرص اللتين تربطهما علاقات إستراتيجية في قطاع الطاقة مع القاهرة.

ويأتي هذا بعد أن زادت معاناة القارة الأوروبية من “الاستغلال السياسي” الروسي، بالنظر إلى الأزمة مع أوكرانيا ومحاولة عزلها من خلال خط أنابيب نورد ستريم2، الذي يصل من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.

ورغم أن أوروبا تستطيع زيادة إنتاجها من الغاز، فإن لوبي المناخ يعارض وبشدة هذه الخطوة، معترضًا على تقنية التكسير الهيدروليكي التي تعتمد على ضغط الغاز المحصور أسفل طبقات الصخور، لجعله يتدفق على هيئة سائل، وهي طريقة اتُّهمت كثيرًا بالتسبب في الزلازل، وتلوث المياه الجوفية.

وازداد الأمر تعقيدًا عندما قررت ألمانيا وقف اعتمادها على الطاقة النووية بعد انفجار مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان عام 2011، وكذلك بعد توقف الاعتماد على الفحم في دول، مثل المملكة المتحدة وإيطاليا، التزامًا بأهداف تخفيض انبعاثات الكربون.

كل هذا يعطي الغاز المصري أبعادًا دولية، تتخطى الحدود والمسافات واللغات والثقافات، وذلك في ضوء توقعات بزيادة الطلب على الغاز، الذي يقاس بالوحدة الحرارية البريطانية، عالميًا خلال المدة المقبلة، مع التغيرات المناخية التي تشهدها دول العالم حاليًا، خاصة أن الغاز أقل تلوثًا للبيئة من مصادر الطاقة الأخرى.

تكلفة الإنتاج واختلافها من حقل إلى آخر

تختلف تكلفة الإنتاج بين حقل وآخر، ومنطقة وأخرى في إنتاج الغاز، فالمناطق البحرية تتطلب استثمارات أعلى من المناطق البرية، خاصة في المياه العميقة وشديدة العمق بالبحر، التي تتكلف استثمارات ضخمة لحفر آبار لإنتاج الغاز من أعماق بعيدة.

فضلًا عن تجهيز البنية التحتية البحرية اللازمة لهذه العملية، وبالطبع المياه الضحلة تتكلف أقل بكثير عن المياه العميقة.

وتختلف تكاليف إنتاج الغاز المصري عن غيره، فيما يخص تكلفة الإنتاج وإسالة الغاز والنقل والشحن، إذ تمتلك مصر بنية تحتية توفر جزءًا كبيرًا من التكاليف مقارنة بدول أخرى، وهو ما شجع إيني الإيطالية، التي اكتشفت حقل ظُهر، وغيرها من الشركات الأجنبية الأخرى لزيادة الاستثمارات في الاستكشافات الغازية.

الغاز والكهرباء

يستحوذ قطاع الكهرباء في مصر على نصيب الأسد من إجمالي استهلاك السوق المحلية من الغاز الطبيعي، بنسبة تقترب من 60%.

وسجّل استهلاك الغاز الطبيعي والوقود اللازم لمحطات الكهرباء أعلى معدلاته على الإطلاق خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس/آب الجاري، نتيجة ارتفاع حاد في درجات الحرارة.

ووفّر قطاع النفط نحو 5 مليارات و210 ملايين قدم مكعبة من الغاز المكافئ يوميًا خلال تلك المدة، بزيادة نسبتها 118% عن الاحتياجات المخططة للمدة نفسها، مع عدم تأثر باقي القطاعات المستهلكة مثل الصناعة والبتروكيماويات والمنازل وتموين السيارات بالغاز إلى جانب الاستمرار في تصدير تعاقدات شحنات الغاز، وفق بيان من وزارة البترول المصرية في 6 أغسطس/آب 2021.

وبلغت الكميات التي استُهلكت من الغاز الطبيعي لمحطات الكهرباء في الأسبوع الأول من أغسطس/آب، نحو 67% من استهلاك الغاز محليًا.

ومن المتوقع أن تعتمد مصر على الغاز الطبيعي بوصفه مصدرًا رئيسًا لتوليد الكهرباء حتى عام 2029، وفق توقعات مؤسسة فيتش عن قطاع الطاقة في مصر.

بينما ترى مؤسسة أبحاث بي إم آي، أن مصر ستبقى معتمدة بشدة على الوقود الأحفوري حتى عام 2028، إذ ستمثّل محطات الكهرباء العاملة بالغاز والفحم 85% من إجمالي الطاقة المولدة بالبلاد.

وتوقعت أن تنتج مصر 265 مليار كيلوواط/ساعة بحلول عام 2023، مقابل 231.5 مليار كيلوواط/ساعة في عام 2020، وسط توقعات بارتفاع صافي الاستهلاك إلى 234.9 مليار كيلوواط/ساعة بحلول عام 2023. على أن تمثل المحطات العاملة بالغاز الطبيعي وحدها، 75% من إجمالي الطاقة المولدة.

ويعزو ذلك إلى انخفاض تكلفة الغاز وزيادة المعروض مع استمرار الاكتشافات الغازية في البحر المتوسط، بالإضافة إلى البدء في التنقيب عن الغاز في البحر الأحمر.

وطالما تتوسّع مصر في مشروعات البنية التحتية والمشروعات الكبرى والبتروكيماويات، فاعتمادها على الغاز سيكون بمثابة دعم لاستمرار الاستكشافات ودعم -أيضًا- للمشروعات الكبرى.

أتمتة قطاع الغاز

تدخل التكنولوجيا في جميع القطاعات تقريبًا، وتوفّر الجهد والوقت والتكلفة أيضًا، غير أن استخدامها في قطاع الغاز، الذي يتطلب وجودًا في مواقع الحقول لمراقبة الإنتاج وآلات النقل والتجهيز، يحتاج توضيحًا.

ويشرح مدير قطاع صناعة الطاقة في شركة”أيه بي بي ABB” لتقديم الحلول التكنولوجية في مكتب القاهرة، المهندس أحمد الشربيني، آليات العمل عن بعد في حقول الغاز بعد أتمتة الحقل.

ويوضح الشربيني -في حديثه إلى “الطاقة”- أن هناك حلولًا تكنولوجية متكاملة تُقدّم إلى حقول الغاز، كي يجري التحكم آليًا عن بعد، من خلال استخدام تقنيات التحكم الآلي الرقمي، إذ يرتدي المهندس نظارة تتبع تقنية الهولوغرام تسمح برؤية ثلاثية الأبعاد لموقع الحقل تكون متصلة بنظام الشركة الآلي، لرؤية كل ما يحدث على الأرض عبر شاشة النظام، ومن ثم التحكم في أي عطل فني أو تقني، سواء من خلال النظام نفسه أو من خلال توجيه المهندس بعمل إجراء محدد.

وعن مدى استجابة الشركات العاملة في القطاع إلى العمل بهذه التكنولوجيا سواء من خلال الشركة أو من خلال شركات منافسة، يقول الشربيني، إن “جائحة كورونا سرّعت وتيرة الأتمتة في قطاع الغاز، لأن الناس اضطرت إلى العمل عن بُعد، ووجدوا أنه يمكن تطوير تقنيات التحكم عن بعد من خلال التكنولوجيا”.

ويضيف: “أتمتة قطاع الغاز بعد كورونا ارتفعت في مصر بنسبة 15%.. في حين هناك 20% في طور التنفيذ والباقي قيد الدراسة”.

وتعمل شركة ABB في معظم حقول الغاز التي دخلت الإنتاج في مصر، بمستويات مختلفة، فمن مورد رئيس لبعض الشركات للاحتياجات التكنولوجية كافة إلى تقديم حلول فقط إلى إدارة بعض
القطاعات.

ولكن الشربيني يشير إلى أن التكلفة المالية ما زالت تمثّل عائقًا أمام الشركات العاملة في القطاع في بداية المشروع، نظرًا إلى كون التحديات الجديدة في العمل عن بعد لم تكن مدرجة في المراحل الأولى من التخطيط، ما قد يغير من الميزانية، لكنه أوضح أنه مقارنة بالنتائج مع استدامة المشروع فإن التوفير سيكون كبيرًا.

ويقول: “أهم التحديات يتمثل في التوجه إلى التكنولوجيا.. أرى أن الشركات تحتاج إلى أن تسرع في ذلك.. وكلما كان القرار في بداية المشروع كانت الجدوى أفضل”، مشيرًا إلى أنه “ليست كل الشركات العاملة في الغاز معتمدة حاليًا على الحلول الافتراضية.. نظرًا إلى أسعار تكلفتها.. وحجم الاستثمارات وميزانية الشركات”.

غير أنه يشير إلى أن نحو 50% من الشركات العاملة في القطاع تعمل مع الشركة في الحلول الافتراضية.

وعن مدى إسهام التكنولوجيا في تحول مصر إلى مركز إقليمي في تجارة الغاز وتداوله، يقول الشربيني: “الإدارة تتطلب وضوح الصورة والرؤية.. والتكنولوجيا تستخدم من أجل هذا.. نحن نستطيع.. لدينا كفاءات وإمكانات.. نحتاج إلى وضعها على الطريق الصحيح.. وقد بدأنا بالفعل”.

القيمة المضافة داخليًا وخارجيًا

انتشر الغاز الطبيعي في المنازل والشوارع المصرية ضمن خطط المشروع القومي لتوصيل الغاز للمنازل، وإحلال السيارات المتهالكة بأخرى تعمل بالغاز.

توصيل الغاز للمنازل

يستفيد -حاليًا- نحو 12.3 مليون منزل من الغاز الطبيعي في مصر، في حين تستهدف الخطة إضافة 1.2 مليون منزل جديد لاستخدام الغاز الطبيعي بنهاية العام المالي الجاري، ليصل الإجمالي إلى 13.5 مليون وحدة سكنية.

وخلال السنوات الـ7 الماضية جرى توصيل الغاز إلى 6.5 مليون منزل، مقارنة بـ5.5 مليون منزل خلال الأعوام الـ33 الماضية، في تطور ملحوظ لمبادرة توصيل الغاز للمنازل. ووصل عدد المناطق الجديدة التي وصل الغاز فيها لأول مرة في مصر نحو 88 منطقة.

وتتضمن مميزات هذه المبادرة توفير نحو 222 مليون أسطوانة بوتاجاز سنويًا، وما يقابلها من تكلفة الدعم من الدولة الموجهة إلى هذه الأسطوانات، فضلًا عن تخفيض فاتورة استيراد الأسطوانات والبوتاجاز.

إحلال السيارات

أما القيمة المضافة الثانية محليًا، التي تتمثل في مشروع إحلال السيارات المتهالكة والتي مرت عليها 20 عامًا، بأخرى تعمل بالغاز، فتصل مميزاتها البيئية والمناخية للمستفيدين وغير المستفيدين بالمبادرة.

ومن خلال “الحافز الأخضر” الذي تقدمه الدولة لمن يرغب في إحلال سيارته التي مر عليها 20 عامًا، يصل إجمالي عدد السيارات المستهدف إحلالها خلال السنوات الـ3 المقبلة إلى 250 ألف سيارة، على أن تبدأ عمليات الإحلال في 7 محافظات مرحلة أولى، تتوافر بها بنية تحتية مناسبة لتحويل السيارات إلى العمل بالغاز، ومن المستهدف إحلال وتجديد 70 ألف سيارة العام الحالي، بواقع 55 ألف سيارة أجرة وملاكي و15 ألف ميكروباص.

ووفق الموقع الإلكتروني المخصص للمبادرة، تستهدف الدولة من خلال المبادرة الحد من تلوث الهواء، وكذا الانبعاثات الكربونية الضارة وما يتبعه من تخفيف للأمراض الناتجة عن ذلك التلوث، فضلًا عن زيادة أمن وسلامة الطرق، نتيجة لخروج السيارات القديمة من الخدمة التي كانت تتسبب في وقوع الحوادث.

فضلًا عن تخفيض الدعم الموجه إلى الوقود، وذلك من خلال تحديث أسطول السيارات القديمة التي تستهلك الكثير من لترات الوقود في أثناء تشغيلها بسيارات أخرى تستهلك لترات أقل، وبالتالي خفض كميات الوقود الذي ينجم عنه خفض الدعم الموجه إلى هذا البند.

كما أن هناك علاقة طردية بين كمية الانبعاثات الضارة ومبلغ الدعم المقدم للرعاية الصحية، وذلك فضلًا عن أن زيادة معدلات الإنتاج والمبيعات بمصانع السيارات والصناعات المغذية لها ستترتب عليه زيادة حصيلة الضرائب المفروضة عليها، فضلًا عن حجم إنتاج الغاز الطبيعي فى مصر.

تصدير الغاز

يُعدّ تصدير الغاز المصري قيمة مضافة كبيرة للميزانية العامة والاحتياطي النقدي الأجنبي والاقتصاد الكلي، فضلًا عن الثقل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للقاهرة على المستوى الإقليمي والدولي أيضًا.

ففي 21 مارس/آذار الماضي، وصلت أول شحنة من الغاز الطبيعي إلى أوروبا من مصنع دمياط لإسالة الغاز إلى محطة زيبروج البلجيكية، بحسب ما ذكرته مؤسسة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس، وذلك بعد توقف 8 سنوات عن التصدير بسبب شح الإنتاج.

وقالت مؤسسة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس إن الشحنة بيعت إلى عملاء في أوروبا من خلال شركة إيني، التي تدير مصنع دمياط لإسالة الغاز بالشراكة مع الحكومة المصرية.

وتُعد آسيا زبونًا رئيسًا لمصر في شراء الغاز بعد أوروبا، إذ باعت القاهرة 26 شحنة من الغاز المسال خلال الأشهر الـ3 الأولى من العام الجاري، أغلبها من مصنع إدكو للغاز المسال (كان مصنع دمياط ما زال مغلقًا)، حصلت الصين على 8 شحنات، والهند على 4 شحنات، وشحنتان إلى كل من بنغلاديش وكورويا الجنوبية وسنغافورة، أي 18 شحنة من 26 شحنة صدرتها مصر منذ بداية العام حتى مارس/آذار الماضي.

وبعد تشغيل مصنع إسالة دمياط في فبراير/شباط، صدّرت مصر نحو 21 شحنة غاز مسال حتى يوليو/تموز الماضي من دمياط فقط.

وخلال دراسة لمنظمة أوابك، أوضحت فيها أن النمو الأكبر في صادرات الدول العربية من الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الأول من العام الجاري، جاء من مصر، التي صدّرت نحو مليوني طن مقارنة بـ0.4 مليون طن خلال الربع المماثل من عام 2020، أي بنسبة نمو على أساس سنوي 400%.

وأوضحت الدراسة أن هذا أفضل نمو تحققه مصر في المدة الأخيرة، بعد أن كانت الأكثر تأثرًا بتداعيات الجائحة على مستوى الدول العربية خلال عام 2020، بسبب تهاوي الأسعار الفورية في الأسواق العالمية التي كانت غير مجدية لاستمرار نشاط التصدير.

كما أوضحت أن تنامي صادرات مصر من الغاز سيظل مرهونًا بديناميكية الأسعار في الأسواق الفورية، فانخفاض الأسعار دون 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، سيؤثر سلبًا على الجدوى الاقتصادية للتصدير.

خبراء: مستقبل واعد

يرى رئيس جمعية مستثمري الغاز المسال رئيس مجلس إدارة مجموعة “سعد الدين للغازات البترولية”، الدكتور محمد سعد الدين، أن قطاع الغاز في مصر واعد جدًا، قياسًا على ما تم إنجازه خلال المدة الماضية، الذي وصفه بأنه “أسس نجاح للمستقبل”.

وأشار، في حديثه إلى “الطاقة”، إلى “الإستراتيجية التي وضعتها الدولة في التوسعات والتطوير والتحديثات على معامل التكرير، وإنشاء وحدتين جديدتين.. (بالإضافة إلى) المشروعين الكبيرين في قطاع البتروكيماويات المعتمد على الغاز في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس والعلمين”.

وأضاف: “لدينا قواعد وسنجني منها على مدار السنوات المقبلة.. مؤشرات قطاع البترول كانت بالسالب والآن جميعها إيجابية”، مشيرًا إلى إسهام القطاع في زيادة الدولار في البلاد من خلال التصدير، فضلًا عن جذب استثمارات أجنبية من شركات كبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل وشل وغيرها.

وعن كون الأسعار الحالية للغاز تمثل تحديًا أمام التوسع في التنقيب وزيادة الاستثمارات، قال سعد الدين، إن مصر لديها ميزة نسبية في هذا الصدد، نتيجة البنية التحتية والموانئ ومحطات التصدير على البحر المتوسط، ومحطات الإسالة، وجميعها تخفض تكلفة الإنتاج مقارنة بالمنافسين في المنطقة.

وردًا على سؤال عن القيمة العادلة للغاز في مصر، أوضح أنه “لا توجد قيمة عادلة للغاز، لأن سعر النفط متغير، وتسعير الغاز مرتبط به، وسعر الدولار متغير في مصر، فكلما كان الجنيه المصري أقوى كانت خسارة على المصريين، وأيضًا أسعار النقل واللوجستيات…”.

وعن مدى استفادة مصر من منتدى غاز شرق المتوسط، وهل سيكون له دور في تحديد الأسعار العالمية؟ أوضح سعد الدين، أن “المنتدى يضم منتجي الغاز في المنطقة وبعض المراقبين من الخارج، والاتفاق على الإنتاج وتنظيم السوق، سيكون له تأثير على الأسعار بالطبع”، مشيرًا إلى دور منظمة أوبك وما تقوم به في أسواق النفط من تنظيم واستقرار سوق النفط.

من جانبه، يقول الخبير الدولي في صناعة الغاز المسال، محمد فرغلي، إن مستقبل قطاع الغاز في مصر واعد بكل المقاييس، فالبلاد أعلنت الاكتفاء الذاتي، وفي الوقت نفسه بدأ التنقيب عن الغاز في البحر الأحمر.

وألمح فرغلي، خلال حديثه إلى “الطاقة”، لإمكان دخول مصر إلى قائمة كبار مصدري الغاز في العالم، مثل قطر وأستراليا والولايات المتحدة.

وعن تسعير الغاز، الذي يسعّر بوحدة قياس تقيس المليون وحدة حرارية، يعتقد فرغلي، الذي عمل سابقًا مديرًا لمصنع إسالة الغاز في أدكو، أن “السعر العادل يتراوح ما بين 10 و12 دولارًا”.

وأشار فرغلي -وهو حاليًا مدير في شركة CSTS الإيطالية- إلى أن الغاز أقل ضررًا بالنسبة إلى الانبعاثات الضارة بالبيئة مقارنة بالنفط.

وأضاف أن الوفرة في إنتاج الغاز في مصر أدت إلى إنتاج ما يكفي مصر من الكهرباء وزيادة للتصدير عبر الشبكات الدولية.

وتمنّى فرغلي أن “تكون مصر مؤهلة للتنقيب عن الغاز بإمكاناتها، وتكتسب خبرات التنقيب والمشاركة فيها في العقود الجديدة”.

وعن التحديات التي تواجه قطاع الغاز، قال إنها تتمثل في تقلب الأسعار، والوضع الاقتصادي العالمي، وكوفيد- 19، ورأى أن منتجي الغاز لو أسسوا منظمة مثل أوبك، لتم تحصيل سعر عادل للمليون وحدة حرارية للغاز، وستكون خطوة محفزة لزيادة الاستكشافات.

المصادر: الطاقة – مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى