تخطط مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر من النفايات، تزامنًا مع استعدادات الدولة لاستضافة قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 27، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتتأهب مصر لاستقبال أول محطة ضخمة لتحويل النفايات إلى هيدروجين أخضر، بعدما وافقت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس -بصورة مبدئية- على إنشاء شركة إتش2 إندستريز للمحطة بشرق بورسعيد.
وأوضحت الهيئة أنها تعكف على إجراء مباحثات مع الشركات المهتمة بصناعة الهيدروجين الأخضر؛ لبحث التوسع في مشروعات الطاقة النظيفة، وفقًا لبيان لها.
اللافت للنظر -بخلاف أنها أول محطة من نوعها- أنها توفر وقودًا اصطناعيًا نظيفًا للناقلات التي ستمر بقناة السويس، عبر ناقلات الهيدروجين المسال التي ستتولى نقل إنتاج المحطة.
ويأتي مشروع أول محطة لتحويل النفايات إلى هيدروجين أخضر، عقب إعلان مصر -قبل أشهر- خططًا لإنشاء محطة للأمونيا الخضراء بقدرة من 50 إلى 100 ميغاواط بمنطقة العين السخنة، بالتعاون بين شركة سكاتك النرويجية وتحالف أوراسكوم المصرية مع فيرتيغلوب، والصندوق السيادي المصري.
تفاصيل إنتاج الهيدروجين الأخضر من النفايات
تصل تكلفة المحطة -المقرر إنشائها بالمدخل الشمالي لقناة السويس- إلى 3 مليار دولار أميركي، ويُتوقع أن تُنتج 300 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا.
وتُعالج المحطة -التي ستصل سعتها إلى 1 غيغاواط- ما يقارب 4 مليون طن سنويًا من النفايات العضوية، والمواد البلاستيكية غير القابلة لإعادة التدوير.
وتشمل خطة عمل المحطة 3 مراحل تبدأ فور حصولها على الموافقات النهائية، فيما تكتمل أهداف المرحلة النهائية طبقًا لخطط شركة إتش2 إندستريز خلال 5 سنوات.
وأوضحت الشركة أن تحويل النفايات إلى هيدروجين يُعد تقنية جديدة ضمن التقنيات المُستخدمة في إنتاجه، وبمستويات تكلفة تقارب نصف تكلفة التقنيات الحالية.
وتُسهم تقنية المحطة في حل أزمة النفايات مع فتح المجال أمام الوظائف المحلية في مصر، وهو الأمر الذي سعت شركة إتش2 إندستريز لنشره في عدة بلدان خلال الـ6 أشهر الماضية إلى أن وقع اختيارها على مصر.
وتتلقى محطة إنتاج الهيدروجين الأخضر من النفايات تمويلها عبر شركاء في كيان تأسس لهذا الغرض، غير أنه لم تُعلن تفاصيله من قبل أطراف المشروع.
وقود لقناة السويس
من جانبه، توقع الرئيس التنفيذي لشركة إتش2 إندستريز العالمية -التي تهتم بتوليد الهيدروجين وطرح حلول تخزين الطاقة وتطوير تقنيات نقل الهيدروجين الأخضر عبر ناقلات الهيدروجين العضوي المُسال- مايكل ستوش، تسليم أول إنتاج للمحطة من الهيدروجين الأخضر نهاية عام 2025 أو بداية 2026.
وفجر ستوش مفاجأة من العيار الثقيل، إذ أكد أن اختيار قناة السويس كموقع لبناء محطة الهيدروجين جاء مثاليًا، إذ تُوفر ناقلات الهيدروجين العضوي المُسال -التي ستعمل على نقل إنتاج المحطة من الهيدروجين الخضر- وقودًا اصطناعيًا للناقلات العابرة بالقناة.
وأضاف أن محطة تحويل النفايات إلى هيدروجين تنتظر الموافقات النهائية من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، وفق تصريحاته لصحيفة ذي ناشيونال، أمس الثلاثاء.
النفايات.. التكلفة الأقل
قدَّر ستوس تكلفة إنتاج الهيدروجين من النفايات، قائلًا إنها تعد الأقل مقارنة بتكلفة إنتاجه باستخدام المُحللات الكهربائية، وأقل أيضًا من تكلفة إنتاج باقي أنواع الهيدروجين (الرمادي والأزرق).
وأوضح أنه يفترض الانتهاء من مرحلة إعداد دراسة الجدوى المتعلقة بأول محطة ضخمة لتحويل النفايات إلى هيدروجين بكميات هائلة في غضون شهر ونصف.
وأشار ستوش إلى أن شركته -ومقرها نيويورك- ظلت تعمل على تطوير تقنيات تخزين الهيدروجين طوال 11 عامًا، ولم يكن يحظى باهتمام مثل الاهتمام العالمي الآن.
ورحب ستوش باستجابة مصر السريعة وموافقتها مبدئيًا على استضافة أول محطة ضخمة لتحويل النفايات إلى هيدروجين، لافتًا إلى أن العالم يحتاج إلى المزيد من مشروعات الهيدروجين الأخضر لمكافحة تغير المناخ.
ماذا يعني الهيدروجين للمناخ؟
أوضحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” أن متطلبات مكافحة تغير المناخ والالتزام الدولي بالحياد الكربوني يعزز توقعات تشكيل الهيدروجين 12% من الاستخدام العالمي للطاقة، و10% من خطط خفض الانبعاثات بحلول 2050.
ويتصدر الهيدروجين الأخضر أنواع الهيدروجين من حيث ملائمته للأهداف المناخية إذ يعتمد في إنتاجه على مصادر متجددة أو تقنيات مُحايدة مناخيًا، يليه الهيدروجين الأزرق ذو التاثير الكربوني المُنخفض على البيئة بصورة أكبر من مثيله الرمادي.
ويُشتق الهيدروجين الأخضر من مصادر متجددة، فيما يعتمد إنتاج الهيدروجين الأزرق والرمادي على الغاز الطبيعي.
وتُشكل تكلفة الإنتاج والنقل والتخزين للهيدروجين مقارنةً بالوقود مرتفع الكربون أبرز التحديات أمام التوسع في استخدامه، فيما اعتبرت مؤسسة وود ماكنزي للأبحاث أن خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر قد يعزز انتقال الطاقة.
ورغم ارتفاع تكلفة الإنتاج، إلا أن المبيعات السنوية للهيدروجين آخذة في الزيادة، إذ تُقدر المبيعات السنوية بما يقارب 174 مليار دولار، وهي قيمة ترتفع عن حجم التجارة السنوية للغاز الطبيعي المسال.
وتُشير التوقعات إلى ارتفاع القيمة السوقية لمبيعات الهيدروجين، بحلول عام 2050، إلى 600 مليار دولار.
اقرأ أيضاً: مسؤول: منطقة قناة السويس الاقتصادية مؤهلة لتصبح مركزًا عالميًا لصناعة الهيدروجين الأخضر
قال رئيس المنطقة الاقتصادية في قناة السويس في مصر، يحيى زكي، إن المنطقة مؤهلة لتصبح مركزًا عالميًّا لصناعة الهيدروجين الأخضر.
وأشار زكي إلى الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها المنطقة الاقتصادية في قناة السويس، من خلال موقعها المتميز على ضفتي المجرى الملاحي الأهم في العالم “قناة السويس”، التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط.
وتُعد قناة السويس بوابة لإفريقيا، ونقطة اتصال بين آسيا وأوروبا، وتسيطر على 12% من حركة الملاحة العالمية؛ ما يتيح فرصًا غير مسبوقة لرفع تنافسية قناة السويس وتحويلها إلى مركز عالمي لتموين السفن بالوقود الأخضر، وهو المشروع الذي أُعلن إطلاقه قريبًا، وفق زكي.
الهيدروجين الأخضر
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقّعت مصر اتفاقية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بقدرات تصل إلى 100 ميغاواط، مع شركتي “سكاتك” النرويجية و”فيرتيغلوب” المملوكة لشركة أوراسكوم وأدنوك.
ووفق بيان، حينها، تقرر أن تتولى شركة “سكاتك” النرويجية إنشاء وتشغيل مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرات تتراوح بين 50 و100 ميغاواط، على أن يورد الإنتاج إلى الشركة المصرية للصناعات الأساسية “إي بي آي سي” المملوكة لشركة “فيرتيغلوب”، التي ستستخدم الهيدروجين الأخضر بصفته مادة وسيطة تكميلية لإنتاج أكثر من 45 طنًا متريًا من الأمونيا الخضراء سنويًا، بموجب عقد شراء طويل الأجل.
كما أشار البيان إلى أن المشروع سيتخذ من المنطقة الصناعية في العين السخنة -أحد موانئ المنطقة الاقتصادية لقناة السويس- مقرًا لها.
عروض عالمية
بحسب رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؛ فإن المنطقة تلقت عددًا من العروض العالمية للمشاركة في إقامة مشروع الهيدروجين الأخضر.
جاء ذلك، خلال استقبال زكي كلًا من سفير المملكة المتحدة لدى القاهرة جاريث بايلي، وممثل الأمم المتحدة رفيع المستوى للمؤتمر الدولي للمناخ نايجل توبنج، ووفد دبلوماسي، حسبما ذكر بيان من المنطقة، اليوم السبت، تلقت “الطاقة” نسخة منه.
واستعرض زكي المزايا التنافسية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تتنوع بين حوافز استثمارية وشبكة المرافق والبنية التحتية والصناعات المستهدف توطينها، ضمن الخطة الخمسية (2020-2025).
كوب27
قال رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس: إن من بين الصناعات المستهدف إقامتها في المنطقة، تلك المتعلقة بمجال الاقتصاد الأخضر وتطبيقاته الصناعية المختلفة، مثل الهيدروجين الأخضر.
وأوضح أن هناك إمكانية لاستغلال القرب الجغرافي لأوروبا، بوصفها إحدى أهم الأسواق المستوردة لمنتجات الطاقة النظيفة، وأيضًا توفر البنية التحتية اللازمة لتصديره إلى دول أوروبا اعتمادًا على شبكة تصدير الغاز الطبيعي.
وفي الختام، ناقش زكي مع سفير المملكة المتحدة، استعدادات مصر لاستضافة قمة المناخ المُقبلة كوب27، وتجربة المملكة مع كوب26، التي أُقيمت في مدينة غلاكسو الإسكتلندية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية