كائنات تعتقد أنها لطيفة ولكنها بالحقيقة قاتلة.. تعرف على ضفادع السهام السامة
ضفادع السهام السامة هي برمائيات صغيرة ذات ألوان زاهية تعيش في الغابات المطيرة الاستوائية عبر أميركا الوسطى والجنوبية، تنتمي لعائلة “دندروباتيديا” (Dendrobatidae)، حيث هناك أكثر من 175 نوعا معروفا، وفقا لحديقة حيوان سان فرانسيسكو.
وضفادع السهام السامة كائنات صغيرة الحجم، حيث يبلغ طولها من 2.5 إلى 5 سنتيمترات فقط، وعلى عكس العديد من البرمائيات الأخرى، فهي نهارية، مما يعني أنها نشطة في النهار، وفقا لـ”رينفورست أليانس” (Rainforest Alliance) المنظمة الدولية غير الحكومية.
لماذا سميت بهذا الاسم؟
يذكر تقرير نشره موقع “لايف ساينس” (Live Science) في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أن ضفادع السهام السامة قد سميت بهذا الاسم بسبب السموم التي تفرزها من جلدها، والتي كانت تُستخدم في الماضي على أطراف أسلحة الصيادين.
فعلى سبيل المثال، استخدم السكان الأصليون -في “إمبيرا” (Emberá) و”نواناما” (Noanamá) في غرب كولومبيا- جلد ضفادع السهام السامة الذهبية “قيلوباتس تريبلس” (Phyllobates terribilis) على رؤوس السهام لمئات السنين، وفقا للمتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي.
وتتمتع ضفادع السهام السامة بألوان زاهية، ولذا تُعرف أحيانا باسم “جواهر الغابة المطيرة”، وتتخذ ألوانا براقة كالأصفر والأحمر كنوع من التحذير لمن يقترب منها من الأعداء، وآلية البقاء هذه تسمى التحذير اللوني أو “الإشارة المنفرة” (aposematism).
كما تستخدم بعض أنواع ضفادع السهام السامة أيضا ألوانها للتمويه، فعلى سبيل المثال، تستخدم ضفادع السهم السامة “دندروباتس تنكتورياس” (Dendrobates tinctorius) أشكالها ذات اللون الأصفر الفاتح والأسود لتتماشى مع بيئتها الطبيعية عند النظر إليها، وفقا لبحث نُشر عام 2018 في دورية “بناس” (PNAS).
وقد يكون التنوع الهائل في الألوان بين أنواع ضفادع السهام السامة نتيجة انفصال أسلاف الضفادع منذ حوالي 10 آلاف عام، عندما غمرت المياه بنما، وعزلت الضفادع في مواقع مختلفة، وبعد ذلك طورت مجموعات الضفادع المختلفة ألوانها الخاصة، وفقا لمعهد “سميثسونيان” (Smithsonian).
ما مدى سمّية الضفادع؟
تختلف سمية ضفادع السهام باختلاف أنواعها، وتنتمي أكثر أنواع ضفادع السهام السامة سُمّية إلى جنس “فيلوباتس” (Phyllobates)، حيث تفرز هذه الضفادع سُمّا قويا يسمى “باتراكوتوكسين” (Batrachotoxin)، وفقا لـ”موسوعة علم السموم” (Encyclopedia of Toxicology).
وتعتبر ضفادع السهام الذهبية واحدة من أكثر الحيوانات سمية على وجه الأرض، وفقا لـ”ناشيونال جيوغرافيك” (National Geographic).
“باتراكوتوكسين”؛ هو سم قلوي ستيرويدي يؤثر على الجهاز العصبي للجسم، ففي حين أن المخ يرسل إشارات كهربائية إرشادية إلى أجزاء مختلفة من الجسم تمر عبر قنوات الصوديوم؛ تحافظ سموم “باتراكوتوكسين” على هذه القنوات مفتوحة وتقوم بتعطيل نظام الإشارات في الدماغ، مما يتسبب في العديد من الحالات المُنهكة والمُميتة، مثل الشلل والألم الشديد وحتى السكتة القلبية.
لكن، هناك حيوان وحيد يمكنه تحمل القوى السامة لضفادع السهام الذهبية؛ إنه ثعبان البطون النارية “ليوفس إبينفلس” (Liophis epinephelus)، فهذا الثعبان هو الحيوان المفترس الطبيعي الوحيد لضفادع السهام لأنه محصن ضد سموم الضفادع، وفقا لموقع “أنيمال دايفرستي” (Animal Diversity Web).
وقد طورت ضفادع السهام السامة أيضا تقنيات لتجنيب أنفسها سموما الذاتية، فقد أشارت دراسة نشرت في دورية “جورنال أوف غينرال فسيولوجي” (Journal of General Physiology) إلى أن ضفادع السهام السامة لها جزيئات تعمل كـ”إسفنج للسم” تمنع “باتراكوتوكسين” من الارتباط بالمواقع الموجودة على خلايا الضفادع، مما يمنحها مناعة ضد سمومها.
ماذا تأكل الضفادع السامة؟
في مرحلة قبل النضج (شراغيف)، يتكون نظامها الغذائي من كل ما هو متاح لها، مثل الطحالب والحشرات الميتة وفي بعض الحالات؛ شراغيف أخرى، أما ضفادع السهام السامة البالغة فتعد من الحيوانات آكلة اللحوم والنباتات، لكنها في الغالب تتغذى على الحشرات مثل النمل والنمل الأبيض والخنافس، وفقا لاتحاد سان دييغو للحيوانات البرية.
وتحصل ضفادع السهام السامة على سميتها من خلال نظامها الغذائي، فعلى الرغم من أنه لا يزال غير معروف إلى حد كبير -أيّ أن الحشرات هي المسؤولة عن إعطاء هذه الضفادع قوتها السامة- قالت دراسة نُشرت في دورية “بناس” إن الخنافس “ميليريد” (melyrid) -جنس “كورسن” Choresine- قد تكون السبب.
حيث تحتوي هذه الخنافس على مستويات عالية من سم “الباتراكوتوكسين” وقد تم العثور عليها في بطون طيور “بيتوهوي” (Pitohui)- التي تنتج نفس السم الذي تفرزه الضفادع السامة، وقد كتب الباحثون في الدراسة أن “عائلة ميليريدي، والتي تقطن الغابات المطيرة الكولومبية في أميركا الجنوبية تعد مصدرا لسموم الباتراكوتوكسين الموجودة في ضفادع “فيلوباتس” (Phyllobates) شديدة السمية في تلك المنطقة”.
وتفقد ضفادع السهام السامة سميتها في الأسر، في حين أن الضفادع التي ولدت في الأسر لا تطور السموم على الإطلاق، وهذا يرجع إلى الاختلاف بين النظام الغذائي البري وفي الأسر، وفقا لـ”حديقة حيوان سان دييغو” (San Diego Zoo Wildlife Alliance).
ما هي دورة حياة الضفدع السام؟
يحدث التزاوج على مدار العام ولكن بشكل خاص خلال مواسم الأمطار، ولكي يحدث التزاوج، تضع الأنثى البويضات غير المخصبة على أوراق الشجر في بيئة مظلمة ورطبة، ويطلق الذكر الحيوانات المنوية على البويضات لتخصيبها، والتي يختلف حجمها، حيث في بعض الأنواع تصل إلى 40 بيضة في المرة الواحدة، وفقا لمعهد “سميثسونيان” وحديقة الحيوان الوطنية.
ويحرس الأبوان نسلهما الذي لم يخرج للحياة بعد لمدة تتراوح بين 10 و18 يوما، ويفقس البيض إلى شراغيف التي تلتصق بظهر أمها، ثم تحملها إلى بركة من الماء، ليتحول المسبح إلى حضانة للشراغيف للأشهر القليلة التالية، حتى يخضعوا للتحول ويصبحون ضفادع بالغة، وفقا لمعهد سميثسونيان.
وتشير دراسة نشرت في دورية “سيمبيوسس” (Symbiosis) إلى أن نباتات البروميلياد تستفيد أيضا من وجود الشراغيف بين أوراقها، ويقترح الباحثون أن النباتات تستفيد من امتصاص النيتروجين الناتج من فضلات الشراغيف والذي يعمل كسماد.
وتختلف ضفادع السهام السامة البالغة في الحجم بين الأنواع ويمكن أن يتراوح طولها بين 20 إلى 40 ميليمترا، وفقا لسميثسونيان، وتميل الإناث إلى أن تكون أكبر من الذكور، ويمكن أيضا تمييز الذكور عن الإناث من خلال وسادات أصابع القدم الأمامية الأكبر في بعض الأنواع، مثل ضفادع السهام الزرقاء السامة “دندروباتس أزورس” (Dendrobates azureus) وفقا لـ”حديقة حيوان بيوريا” (Peoria Zoo) في إلينوي (بالولايات المتحدة الأميركية).
ويختلف العمر الذي تصل فيه هذه البرمائيات إلى مرحلة النضج الجنسي أيضا بين الأنواع، فعلى سبيل المثال تصل ضفادع “أوفاغا بوميليو” (Oophaga pumilio) إلى مرحلة النضج بعد 10 أشهر من البلوغ، وفقا لـ”موقع أنيمال دايفرستي” (Animal Diversity Web).
بينما تستغرق ضفادع السهام السامة الزرقاء عامين قبل أن تصبح جاهزة للتزاوج، وفقا لـ”حديقة حيوان تورنتو” (Toronto Zoo)، ويتراوح متوسط عمر الضفدع السام بين 3 و15 عاما، وفقا لناشيونال جيوغرافيك.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية