الدوائر الكبرى هي عبارة عن مجموعة مكونة من 12 دائرة متوزعة في الأردن وأخرى في سوريا، على الرغم من قدم هذه المنشآت التي يُقدر عمرها بأكثر من 2000 عام فإنها لم تُعط قدراً كافياً من الإهتمام الأثري، كما أنها لا تزال مجهولة بشكل كبير حتى بين الخبراء المحليين.
اكتُشفت هذه الدوائر في عام 1920 من قبل طيار بريطاني يُدعى (ليونيل ريس) وذلك أثناء تحليقه فوق صحراء ما سيعرف لاحقاً باسم دولة الأردن، إن الصور التي التقطها ريس لهذه المنشآت هي أولى الصور الملتقطة لهذه الآثار جواً، ولأسباب غير معروفة تم تجاهل هذا الإكتشاف ونُسي مع مرور الزمن، واستغرق الأمر 60 سنة حتى ينتبه الناس لوجودها من جديد، وبدأت تحظى بالإهتمام في السنوات العشر الأخيرة بفضل أعمال باحث في جامعة غرب أستراليا يدعى (ديفيد كينيدي).
بُنيت هذه الدوائر المكونة من جدران حجرية بارتفاع منخفض لا يتجاوز عدة أمتار، وأشكالها قريبة من الشكل الدائري بطول قطر تقريبي يتراوح بين 219-365 مترا.
لا تحتوي الدوائر في محيطها على أية ممرات، وهذا يجعلنا نتوقع أن اجتيازها كان يتم قفزاً بكل بساطة، كما أن هناك بعض الجدران التي انهارت نتيجة العامل الزمني، وتحتوي اثنتين من هذه الدوائر على طرق رومانية، وهذا يرجح قدم عمر هذه الآثار الذي يمكن أن يصل لأكثر من 2000 عام.
لا يمكنك أن ترى هذه الدوائر العملاقة بشكلها الكامل إلا إذا نظرت إليها من الجو، أو باستخدام صور جوية أو عبر الأقمار الصناعية.
لم يكن بناء هذه الدوائر أمرا صعبا للغاية، فوفقاً لكينيدي يمكن بناء هذه الدوائر باستعمال صخور محلية بمساعدة عشرات الأشخاص خلال أسبوع، ولكن المعضلة هي لماذا بُنيت هذه الدوائر؟ ما السبب في ذلك يا ترى؟
من غير المرجح أن سبب بنائها كان من أجل الحفاظ على الماشية، لأن الجدران ذات ارتفاع قليل مما يسمح للحيوانات بالقفز من فوقها بسهولة، كما أنه من غير الضروري أن يكون شكل حظائر المواشي دقيقاً إلى هذه الحد!
من بين الدوائر الـ12 هناك ثمانية وسط غرب الأردن، بين (وادي الإحساء) وحافة (جرف الشرع) وأربعة في شمال (واحة الأزرق)، كما تم اكتشاف دوائر في سوريا أكبر من نظيرتها في الأردن منها دائرة حمص التي اكُتشفت في عام 2002.
لا يعرف علماء الآثار الكثير من المعلومات حول هذه الدوائر مما يجعلهم بحاجة للحفر في موقعها لكي يتبينوا الأمر بشكل دقيق، فالصور الجوية التي تبين هذه الدوائر لا يمكنها أن تدلنا على سبب بنائها.
زار علماء الآثار (غراهام فيليب) و(برادبيري) بمالشاركة مع جامعة (دورهام) في إنجلترا موقع دائرة كبيرة تقع قرب مدينة حمص السورية، وعلى الرغم من أن الدائرة كانت متضررة ونصف مدمرة، إلا أنهم تمكنوا من فحصها وأكملوا عملهم الميداني.
لقد تم إنشاء هذه الدائرة بوضع يسمح للشخص الذي يقف داخلها أن يرى المحاصيل والمستوطنات -الاكواخ التي تثنى ضمن الأراضي لحفظ المعدات الزراعية وأيضاً لتأمين ظل يسترخي تحته المزارعون عند الإستراحة- بنظرة بانورامية، قال الباحثان السابقان في ورقة بحثية نشرت عام 2010 في مجلة (ليفانت): ”ربما كان لهذا السبب الدور الأكبر في تحديد الأمكنة التي تم إنشاء هذه الدوائر فيها.“
تُظهر صور الأقمار الصناعية أن الدائرة التي تقع قرب حمص قد دُمرت تقريباً.
الدوائر الكبيرة في سوريا والأردن
هناك 8 دوائر كبيرة في الغرب الأوسط للأردن، وهناك مجموعة ثانية مكونة من 4 دوائر شمال واحة الأزرق، وإليكم أقطار تلك الدوائر الموجودة في الأردن وسوريا وموقعها:
– الدائرة J1 قطرها 390 متراً : معروفة محلياً باسم ”قصر أبو العنايا“، تقع هذه الدائرة على بعد 4 كيلومتر عن سكة الحجاز والطريق الصحراوي للأردن، شكلها يبدوا دائرياً منتظماً مع القليل من التعرجات.
– الدائرة J2 قطرها 390 متراً
: تُعرف باسم ”سيرة أم الحيان“، وتقع هذه الدائرة على بعد 5 كيلومتر من سكة الحجاز، وهي مبينة من حجارة محلية من أراضي الأردن نفسها.
– الدائرة J3 قطرها 400 متراً : معروفة باسم ”شدا“، تقع هذه الدائرة على بعد 25 متراً شرق الطريق الروماني ”Nova Traiana“، وتقع هذه الدائرة في منطقة خصبة زراعياً وتمت زيارتها لأول مرة في عام 1997.
– الدائرة J4 قطرها 420 متراً
: تقع هذه الدائرة على بعد 250 متراً شرق الطريق الصحراوي، ويبلغ ارتفاع جدارها 20 سم، مع سبع فرغات محيطية، متضمنة بوابات قيادية وثلاث مداخل خدمية، وكمائن جدارية وبوابتي جمع والتقاط.
– الدائرة J5 قطرها 400 متراً
: شكل هذه الدائرة قريب من الكمال وهي تقع عند الحافة الغربية لقرية أذرح، جدارها مكون من صخور الحقول الأردنية ولكن لم يبقى منه سوى تلة بسيطة من الحجارة بعرض متر لمترين، تتقاطع الدائرة مع الطريق الحديث الذي يصل بين وادي موسى وأودراه وهذا الطريق هو عبارة عن طريق روماني قديم كان يصل بين البتراء والحصون الغربية المجاورة.
– الدائرة J6 قطرها 400 متراً: اكتُشفت في عام 1953، وهي دائرة شبه مثالية حيث يقيس قطرها مسافة 400 متر بالضبط، ليس هناك أي فتحات في محيطها، وتقع هذه الدائرة غرب الطريق الشمالي الجنوبي لأذرح، وهي تبعد 5 كيلومترات جنوب الدائرة الخامسة.
– الدائرة J7 قطرها 220 – 250 متراً: أصغر بكثير من الدوائر السابقة كما أنها ذات شكل بيضاوي أكثر من الدوائر السابقة أيضاً، وهي مطوّقة بجدار مكون من مجموعة من الصخور والحجارة البسيطة المشابهة لمكونات جدر الدائرتين الثانية والرابعة.
لا تملك فتحات في جدارها أو ممرات وتقع على بعد 1 كم غرب طريق الحج عبر قلعة الإحساء، وعلى الخط الوهمي الشمالي الجنوبي الذي يصل بين الدائرة الأولى والثانية والرابعة.
– الدائرة J8 قطرها 350 – 360 متراً : تقع هذه الدائرة في منطقة تقاطعات الطرق السريعة الصحراوية، وهي تبعد مسافة 4 كيلومتر غرب الجدار الطويل الذي يعرف باسم خط شبيب، يقول البروفيسور كينيدي: ”يبدو جلياً بأن إنشاء هذه الدائرة قد سبق إنشاء أي حقل او قرية مجاورة لها.“
– الدائرة J9 قطرها 400 -455 متراً:
هذه الدائرة هي دائرة سيئة التصميم وتضم الكثير من التعرجات ويُقال بأن جدارها أعلى من جدر الدوائر السابقة لأنه مبني من صخور بازلتية، يبدو بأن طريقاً قد مر بهذه الدائرة مسبقاً وذلك في الفترة بين السنتين 208 – 210 ميلادية.
– الدائرة J10 قطرها 360 – 430 متراً: أيضاً سيئة التصميم وتقع على بعد 4 كيلومتر عن الدائرة التاسعة، جدرها سميك نسبياً وأيضاً مر بها نفس الطريق الروماني الذي مر بالدائرة التاسعة.
– الدائرة J11 قطرها 400 -455 متراً: تشبه شكل الدوائر التاسعة والعاشرة ولكنها أقرب بالحجم للدائرة التاسعة، وهي تقع على بعد 5 كيلو متر عن قرية وواحة الأزرق.
كتب البروفيسور كينيدي: ”أثر الطريق الروماني ليس واضحاً لنا، ولكننا يمكننا تعقبه من خلال النزول بشكل مائل وإلى اليسار في الصورة الجانبية محاذياً لهذه الدوائر.“
– الدائرة J12 قطرها 370 – 430 متراً : يقول العلماء أن التوسع السريع الذي حصل لقرية الأزرق في السنوات الماضية أزال أي أثر لهذه الدائرة، وتم رسم هذه الدائرة لاحقاً ضمن عملية رسم خرائط لمنقطة المحيطة بقرية الأزرق ويمكن حساب حجمها بصعوبة من خلال معرفة أبعاد وحجم الحصن الروماني التقريبية، يمكننا القول بأن حجم هذه الدائرة مشابه تقريباً لحجم الدائرة العاشرة.
– الدائرة S1 في سوريا قطرها 360 متراً: تقع هذه الدائرة على بعد 15.5 كيلومترا جنوب غرب مدينة حمص ويعود فضل اكتشافها لصور القمر الصناعي إيكونوس وذلك في عام 2002، تُظهر صور الأقمار الصناعية أن الدائرة قد دُمرت تقريباً.
الدائرة التي تقع قرب حمص
تُظهر صور الأقمار الصناعية أن الدائرة التي تقع قرب حمص قد دُمرت تقريباً – الصورة من أرشيف التصوير الجوي للآثار في الشرق الأوسط
المصادر:
موقع amusingplanet
موقع livescience
موقع dailymail