أخذ منها 66 مليون دولار وتركها تندب حظها.. ما قصة الأمير والثرية التركية والمصرفي والملايين المفقودة؟

لم تكد تختفي الضجة والجدل اللذين أثارهما دفع أصغر أبناء ملكة بريطانيا الأمير أندرو أكثر من 10 ملايين دولار للأمريكية فيرجينيا جوفري التي اتهمته بالاعتداء الجنسي عليها عندما كانت في السابعة عشرة من العمر، حتى ظهرت فضيحة أخرى وتدور هذه المرة حول رجل أعمال تركي دفع له أكثر من مليون دولار كهدية.

وينظر القضاء البريطاني حالياً في دعوى أقامتها سيدة تركية ثرية ضد رجل أعمال تركي مقيم في بريطانيا بتهمة الاحتيال عليها والتصرف بعشرات الملايين الدولارات من أموالها دون موافقتها.

وأظهرت الوثائق المقدمة للمحكمة أن رجل الأعمال دفع أكثر من مليون جنيه استرليني للأمير أندرو ونحو ربع مليون جنيه لمطلقته الدوقة سارة فيرغسون وابنتهما وهو ما ينفيه رجل الأعمال.

وتقول الثرية التركية نبهات إيشبلن البالغة من العمر 77 عاماً، زوجة النائب السابق في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم إلهان إيشبلن المعتقل حاليا في تركيا، أنها كانت ضحية احتيال عندما قامت بدفع 750 ألف جنيه استرليني للأمير أندور بإيعاز من رجل الأعمال التركي المقيم في بريطانيا سلمان تورك الذي احتال عليها واستولى على 66 مليون دولار من ثروتها.

وقد قام الأمير أندرو بإعادة مبلغ 750 ألف جنيه استرليني إلى السيدة ايشبلن.

وتقول السيدة التركية إنه تم ايهامها أن المبلغ الذي دفعته لأندور كان عبارة عن هدية له مقابل المساعدة التي قدمها بخصوص جواز سفرها التركي في عام 2019 حين كانت تسعى للهروب من تركيا.

ولا يوجد ما يوحي بأن اندرو كان على علم بعملية الاحتيال على السيدة التركية.

كما تلقى أندرو مبلغ 350 ألف جنيه استرليني من الشركة التي يملكها سلمان تورك ألفابت كابيتال.


وتقول مطلقة أندرو التي تلقت حوالي ربع مليون جنيه استرليني إن الأموال التي حصلت عليها من سلمان تورك كانت مقابل الترويج لمنتجات شركة طاقة شمسية أمريكية وأن الشركة عرضت عليها دفع المبلغ على دفعات لكنها رفضت ذلك فتدخل سلمان تورك ودفع المبلغ دفعة واحدة إضافة إلى نحو 20 ألف جنيه مقابل الاستشارات التي قدمتها لشركة الفابت كابيتال.

وقال ناطق باسمها إنها كانت تجهل تماما ما ظهر لاحقاً من ادعاءات ضد سلمان تورك وهي معنية بهذه الادعاءات.

في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016 اتهمت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بالوقوب وراء المحاولة وألقت القبض على عشرات الآلاف من أتباع غولن ومن بينهم عدد من نواب البرلمان ورجال الأعمال والعسكريين وكان زوج نبهات ايشبلن من بينهم.

وألقي القبض على إلهان ايشبلن البالغ من العمر 76 عاماً بموجب قانون محاربة الإرهاب عام 2016 ويقضي عقوبة السجن مدى الحياة في سجن سنجان في العاصمة أنقرة وهو من بين 75 شخصاً صدرت عليهم أحكام بالسجن مدى الحياة لأنهم كبار أعضاء حركة “الخدمة” التابعة لغولن حسب قول الحكومة التركية.

وذكرت الأنباء أن إلهان ايشبلن الذي كان نائيا في البرلمان واستقال من حزب العدالة والتنمية عام 2014 قد أصيب بمرض كوفيد-19 في السجن.

وايشبلن رجل أعمال جمع ثروته من العمل في مجال النقل البحري.


في أعقاب اعتقاله هربت زوجته إلى المملكة المتحدة وحسب الوثائق التي قدمتها للمحكمة فوضت رجل الأعمال سلمان تورك إدارة ثروتها البالغة 87 مليون دولار والذي أوكلت إليه مهمة إبعاد ثروتها عن متناول يد الحكومة التركية.

وتقول نبهات إنتورك قد استولى دون وجه حق على 50 مليون دولار من ثروتها حسب الأوراق التي قدمتها للمحكمة.

وحسب الدعوى التي رفعتها السيدة التركية فإن تورك قد تجاوز الدور المحدد له وهو تقديم المشورة لها في مجال الأعمال، حيث يقول محاموها إن معرفتها باللغة الإنجليزية محدودة وأعطت تورك كامل الصلاحية للتصرف بأموالها. لكن تورك يقول إنه كان يستشيرها ويأخذ موافقتها في كل خطوة كان يقوم بها وأنها وافقت على كل التحويلات المالية وقرارات استثمار أموالها.

وتبين أن مبلغ 750 ألف جنية استرليني الذي تلقاه أندرو جاء بعد أيام من فوز تورك بمسابقة يشرف عليها أندرو لاختيار أفضل مشاريع أعمال حيث جرت المسابقة في قصر سانت جيمس في لندن. وخلال المسابقة اختير مشروع سلمان تورك البالغ من العمر 35 عاماً، حول مصرف رقمي باسم هايمان آل يهدف الى جذب جيل الألفية الثانية.

وحسب صحيفة ديلي تلغراف أفلس المصرف بعد 18 شهراً من تأسيسه.


وقالت التركية الثرية التي حضرت حفل الكشف عن المشاريع الفائزة بالمسابقة أواخر 2019 إنها تعتقد أن المبلغ الذي تم دفعه لأندرو كان مقابل فوز تورك بالمسابقة.

وأوضحت أن تورك قال للبنك لدى استفساره عن سبب دفع هذا المبلغ إنه بمثابة هدية لابنة أندرو الأميرة بياتريس بينما يقول تورك إن إيشبلن قد دفعت المبلغ لأندرو بمبادرة شخصية منها وليس بناء على طلبه.

واتصل محامي ايشبلن بالأمير اندرو عام 2021 لتقديم كشف بتعاملاته المالية مع تورك لكنه رفض ذلك واكتفى بإعادة مبلغ 750 ألف جنيه استرليني لموكلته.

الحلقة الليبية

لكن ما علاقة الأمير برجل الأعمال التركي الذي عمل سابقا في مصرف غولدمان آند ساكس؟

فقط قبل خمسة أشهر من فوز تورك بمسابقة بيتش بالاس التي يرعاها الأمير اندور التقى تورك بالأمير لأول مرة وكان الوسيط الليبي الأصل طارق قيطوني الذي يحمل الجنسية الأمريكية.

وتعود علاقة أندور بقيطوني إلى عام 2005 وهو مدان بمحاولة تهريب أسلحة من هولندا الى فرنسا عام 2005 ويقال إنه رتب أكثر من لقاء بين الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي والأمير اندرو ويحضر حفلات عيد ميلاد أندرو وكان من بين المدعويين لحضور حفل زفاف ابنته إيوجين عام 2018 في قلعة وندسور.

حفل باذخ

وصف نائب رئيس وزراء تركيا السابق بولند أرينج الذي كان من بين المدعوين لحفل الزفاف الباذخ لسلمان تورك والثرية نور الهدى جواهر عام 2013 الزواج بأنه زواج بين أعرق أسرتين في اسطنبول.

كان سلمان تورك حينها موظفا مرموقا في فرع مصرف غولدمان آند ساكس في تركيا وعكس الحفل الذي أقيم في فيلا حليم باشا ذات الأعمدة المذهبة والثريات اللامعة والمطلة على مضيق البوسفور مباشرة مكانة الأسرتين داخل الارستقراطية الاسطنبولية.

وكان من بين الحضور إضافة إلى أرينج الرئيس السابق لفرع غولدمان آند ساكس في تركيا تشاغلايان تشتين ورجل الأعمال البارز اكين إيباك.

وكان تصريح أرينج الذي عبر فيه عن انزعاجه من الضوضاء التي أثارها المتظاهرون ضد الحكومة قرب مكان الحفل مثار غضب الصحافة التركية حينها. وكان المتظاهرون ضد الحكومة قد تجمعوا قرب مكان الحفل وهم يقرعون على الطناجر والصحون لتعكير صفو الحفل حتى وقت متأخر من الليل.

وهاهو سلمان تورك يعيش في بريطانيا فاراً من بلاده إذ تتهمه الحكومة التركية بالإنتماء لجماعة غولن التي صنفتها الحكومة التركية في قائمة المنظمات الإرهابية.

علاقة قديمة

العلاقة بين الثرية التركية وسلمان ترك قديمة وحسب أوراق الدعوى فإن العلاقة بين الطرفين تعود لأكثر من 30 عاماً وكان زوجها المعتقل من بين حضور حفل زفاف تورك.

ووصفت وسائل الإعلام التركية المقربة من الحكومة تورك بأنه “مصرفي جماعة غولن”. وكانت العلاقة بين الجماعة والحكومة التركية قوية حتى أواخر 2013 حين بدأت الحكومة بعزل وطرد أتباع غولن من دوائر القضاء ووزارة الداخلية بعد اتهام ثلاثة وزراء ونجل أردوغان بلال باختلاس الملايين لكن مع محاولة الانقلاب عام 2016 انطلقت حملة لا هوادة ضد أتباع غولن حيث تم إلقاء القبض على عشرات الآلاف منهم وجرت مصادرة ثروات المقربين من غولن واتباعه.


ويقول تورك إنه ليس من أتباع غولن ولا يريد أن يربط بينه وبين حركة غولن رغم العلاقة القوية بين أسرته وغولن، وهي الصلة التي جعلت ايشبلن تختاره لمساعدتها في إدارة ثروتها.

وجاء في وثائق الدعوى: “إن جد سلمان ترك كان صديق غولن وعمه كان التلميذ الأول لديه لكن لم يكن له دور في إدارة الجماعة أو قراراتها الاستراتيجية”.

ويقول تورك إنه التقى لأول مرة بإيشبلن في أوائل 2017 عندما كان في الولايات المتحدة لحضور حفل تنصيب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وترك تورك مصرف غولدمان آند ساكس عام 2016 وبدأ مرحلة جديدة في عالم التجارة والمال مع شبكة من الشركات والمؤسسات حول العالم مثل مجموعة أس جي المالية. ويقول محامو ايشبلن أنه استخدم هذه الشبكة من الشركات لإخفاء الأموال التي استولى عليها من موكلتهم.

ويقول تورك إنه استخدم هذه الشركات لنقل أموال ايشبلن حسب القواعد المعتمدة في عالم المال وما كان بإمكانه القيام بذلك بصفته الشخصية.

وفي عام 2019 أسس سلمان ترك المؤسسة المالية هايمان أي آي وتم الاعلان عن إفلاسها في سبتمبر/ ايلول 2021.

ولا تزال المحكمة تنظر في الدعوى التي رفعتها السيدة التركية.

المصدر: BBC

Exit mobile version