شهدت أسعاره قفزة بنسبة 500% وتبحث عنه كبرى شركات العالم.. الليثيوم في المكسيك.. ما لا تعرفه عن حلم السيطرة على الذهب الأبيض

مع عثور شركة باكانورا ليثيوم على 243.8 مليون طن من الليثيوم في المكسيك عام 2018، أصبحت البلاد موطنًا لأكبر احتياطي في العالم، ويجعلها ذلك قادرة على أن تصبح موردًا عالميًا رئيسًا للذهب الأبيض، كما تطلق عليه.

ومع تزايد الطلب على الليثيوم، بدأت الحكومة المكسيكية التفكير في أخذ خطوات جادة للسيطرة على المورد الثمين من خلال تأميمه وتغيير القوانين.

ويؤدي الليثيوم دورًا مهمًا في انتقال الطاقة، وزاد الطلب عليه في السنوات الأخيرة مع استخدامه في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.

وتعوّل المكسيك على المعدن الثمين ليصبح موردًا حيويًا ومفتاحًا لتحقيق أهدافها المستقبلية.

تغيير القوانين

تستهدف حكومة الرئيس المكسيكي أندريس أوبرادور السيطرة على قطاع الطاقة من خلال مشروع قانون إصلاحي قدمته إلى مجلس النواب للموافقة عليه.

ويمكن لمشروع قانون الطاقة الجديد أن يتيح استثمارات تصل إلى 22 مليار دولار في مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، كما أنه يعطي الأولوية لتطوير توليد الكهرباء من الغاز والطاقة الكهرومائية والنووية.

وحال الموافقة على المشروع، سيقيد وجود القطاع الخاص في سوق الكهرباء بالمكسيك، وسيمنح المرافق المملوكة للدولة حصة أغلبية، والسماح لها بشراء الكهرباء من محطات خاصة إذا أرادت ذلك.

بالإضافة إلى ذلك، قال أندريس أوبرادور إنه يخطط لإنشاء شركة مملوكة للدولة لتعدين الليثيوم ومعالجته في المكسيك، ولم يتضح بعد ما إذا كان سيعتمد على الشركات الخاصة أم سيحتفظ بأعمال التنقيب والتعدين المستقبلية.

وينص الدستور في البلاد على أن الثروات المعدنية ملك للدولة، لكنها تنازلت خلال العقود الماضية عن 60% من تلك الثروات عن طريق الامتيازات.

وبخصوص ذلك، وعدت الحكومة بأنها ستراعي 8 امتيازات قائمة، من بينها امتياز يتعلق بمنجم مملوك لشركة غانغفنغ الصينية، لكنها لن تمنح أي امتيازات إلى شركات أخرى بعد ذلك، حسب ما نشره موقع سي جي تي إن.

وتمتلك شركة التعدين الصينية الحقوق في قرابة ثلاثة أرباع الليثيوم المستخرج من منجم “سونورا ليثيوم”.

تأميم الليثيوم

وسط المبالغة في التقديرات بشأن كميات الليثيوم في البلاد، فتح الرئيس أندريس أوبرادور مجالًا للنقاش حول إمكان تأميم الليثيوم في المكسيك.

ومن خلال مشروع القانون الجديد، اقترح تعديل 3 مواد في الدستور تفيد بمنع منح امتيازات جديدة لاستغلال الليثيوم.

وسبق للرئيس أن قال إن “الليثيوم معدن إستراتيجي، ويجب أن يظل تحت سيطرة الأمة، ولا يمكن تركه للسوق”.

وخلال الشهر الماضي، أشار الرئيس المكسيكي إلى اتباع نهج أكثر صرامة بشأن مقترح تأميم الليثيوم في المكسيك؛ ما قد يؤدي إلى وقوع خلاف بين الدولة وشركة غانغفنغ الصينية أكبر شركة تعدين في العالم.

إذ أكد -مرارًا وتكرارًا- أنه لن يسمح للشركات أو الحكومات الأجنبية بالسيطرة على مناجم الليثيوم في البلاد، على الرغم من التأكيدات السابقة باحترام الامتيازات الحالية.

وتخطط الشركة الصينية للسيطرة الكاملة على مشروع سونورا، الذي تبلغ تكلفته 420 مليون دولار أمريكي، وهو أكبر أصول الليثيوم وأكثرها تقدمًا في المكسيك.

لكن قرار أندريس أوبرادور تقييد الاستثمارات الخاصة في تعدين الليثيوم، وسعيه للحصول على مشورة من بوليفيا، الدولة التي اختارت الابتعاد عن الاستثمارات الأجنبية، أثار قلق الخبراء ورجال الأعمال.

ويرى الأكاديمي في قسم دراسات الأعمال بجامعة إبيرومريكانا، كارلوس أغيري، ضرورة السماح بالاستثمارات الخاصة من أجل تطوير قطاع الليثيوم، ويمكن للدولة أن تتبنى إطارًا للامتيازات والمراقبة والسيطرة على دور المستثمرين.

أما المحللة في سوق السلع الأساسية، فيولا تانونيز، فقد قالت إن حماية هذا المورد لعمليات الاستخراج والتصنيع المستقبلية يمكن أن يحقق فوائد ضخمة للبلاد.

ومع دخول المكسيك سوق الليثيوم العالمية، يمكن للسياسات الجديدة أن تحقق أرباحًا هائلة حال تمكنت البلاد من الحصول على حقوق التعدين.

التخلي عن النفط

قال الرئيس المكسيكي لوسائل الإعلام هذا الأسبوع إن المكسيك لا يمكنها التخلي عن النفط حتى تبدأ إنتاج الليثيوم، في إشارة إلى الإصلاحات المخطط تنفيذها، ومن بينها تأميم إنتاج الليثيوم، حسب موقع أويل برايس.

الليثيوم في المكسيك

جانب من عمليات استخراج الليثيوم في المكسيك- الصورة من موقع إكونمك تايمز
وأوضح أندريس أوبرادور أن الإصلاحات ستضمن استفادة الشعب من احتياطيات الليثيوم بصفته معدنًا إستراتيجيًا لتنمية البلاد، لكنه استبعد استبدال النفط حال غياب عمليات تطوير الليثيوم لدعم الوسائل البديلة لتوليد الكهرباء.

لكن خطته لإعادة سيطرة الحكومة على صناعة الطاقة في المكسيك أثارت القلق بين شركات الطاقة الخاصة وحتى في واشنطن.

وخلال زيارة للمكسيك لمناقشة قضايا الطاقة في وقت سابق من هذا العام، قالت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم: “نرى فرصة عظيمة للعمل مع المكسيك في قطاع الطاقة النظيفة وإزالة الكربون بصفته كتلة واحدة، لكننا نتوقع -أيضًا- حسم التساؤلات حول إصلاح قطاع الكهرباء”.

الجريمة المنظمة

كلما زادت المصالح الاقتصادية في منطقة ما، زاد العنف وخرج عن السيطرة، إذ تهدد قضايا العنف والجريمة المنظمة في ولاية سونورا المجتمعات المحلية وعمليات التعدين، حسب موقع “ديالوغوتشينو”.

وأشار العضو والناشط في جماعة جيوكومونيس، يانيك دينيو، إلى قرب مشروع سونورا من منطقة “المثلث الذهبي”، وهي منطقة تشهد موجة من العنف بسبب أنشطة التعدين والنزاع على الأراضي بين مجموعات الجريمة المنظمة.

وقال: “هناك صلة بين وجود مشروعات تعدين في منطقة ما، وزيادة وجود الجريمة المنظمة والقمع”.

ورغم ما يواجهه قطاع التعدين في المكسيك، يتوقع غالبية السكان في باكاديهواشي توفير 200 ألف وظيفة وعدتهم بها شركة باكانور ليثيوم، التي يمكن أن تغير مستقبلهم للأفضل.

اقرأ أيضاً: ارتفاع أسعار الليثيوم.. صداع في رأس صناعة السيارات الكهربائية

يهدد ارتفاع أسعار الليثيوم بزيادة الضغط على صناعة السيارات الكهربائية في العام الجاري، مع وصول الأسعار إلى مستويات قياسية.

وبحسب تقرير شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي، قد يواجه منتجو السيارات الكهربائية وموردوها صداعًا كبيرًا في التكلفة بدءًا من هذا العام مع توقعات زيادة أسعار الليثيوم المستخدم في البطاريات بنحو 50%.

ويأتي ارتفاع الأسعار مع نقص المعروض من المعدن، وسط الطلب المستمر من صناعة السيارات الكهربائية، التي تحقق مبيعات قياسية.

وبحلول عام 2030، فإن العالم يهدف إلى إنتاج 2700 غيغاواط/ساعة من بطاريات الليثيوم أيون سنويًا، لمواجهة الطلب من صناعة السيارات الكهربائية، وهذا يعادل 13 مرة من السعة المنتجة حاليًا، وفق بنك يو بي إس.

أسعار الليثيوم في 2022

بحسب التقرير، جرى تداول أسعار الليثيوم عند مستوى قياسي بلغ 35 دولارًا للكيلوغرام في آسيا، ومن المرجح أن تستمر في الارتفاع إلى 50 دولارًا في النصف الثاني من عام 2022.

وتتوقع ريستاد إنرجي استمرار الصعود في أسعار المعدن إلى 52.5 دولارًا للكيلوغرام في يناير/كانون الثاني 2023.

وفي الصين، وصل سعر العقود الآجلة لمعدن الليثيوم في مدينة تشانغتشو لشهر فبراير/شباط 2022 إلى أعلى مستوى خلال التعاملات عند 418.5 ألف يوان صيني (65.8 ألف دولار أميركي) للطن في 10 يناير/كانون الثاني، بزيادة 14.34% منذ بداية العام، قبل أن ينخفض إلى 345.5 ألف يوان (54.2 ألف دولار) للطن عند إغلاق تعاملات أمس الأربعاء.

وبحسب مؤشر ريستاد إنرجي، ارتفعت أسعار كربونات الليثيوم المستخدمة في صناعة البطاريات في الصين إلى 300 ألف يوان (47.2 ألف دولار) للطن في أوائل يناير/كانون الثاني 2022، بزيادة تقارب 43% عن الشهر الماضي.

أسباب الصعود

يأتي ارتفاع أسعار الليثيوم، بعد أن رفعت طفرة السيارات الكهربائية الطلب على بطاريات الليثيوم، في وقت تظل فيه الإمدادات محدودة حتى النصف الأول من العام الجاري على الأقل.

ويتزامن ذلك مع تأخر الإنتاج في الصين وأميركا الجنوبية، مع قيود المعروض واضطرابات سلاسل التوريد الناجمة عن الوباء.

ويتردد المنتجون الصينيون في بيع الليثيوم في السوق الفورية؛ بسبب القيود الناجمة عن تباطؤ إنتاج كربونات الليثيوم في مقاطعة تشينغهاي خلال الأشهر الأخيرة.

وبالمثل، يتخذ الموردون في أميركا الجنوبية موقفًا حذرًا في تخصيص أحجام للتصدير خارج العقود طويلة الأجل على الرغم من الزيادة المخطط لها في عام 2022، وذلك بسبب التحديات اللوجستية المستمرة.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version