تقارير

الأقمار الاصطناعية ترصد لحظة بلحظة السفن التي تنقل النفط الروسي عبر البحار.. ثروات موسكو لن تجد مشترين بعد الٱن!

قالت وكالة “بلومبيرغ” إن روسيا استسلمت أخيرا لتأثير العقوبات التي يفرضها الغرب، حيث انخفض إنتاجها من النفط بنسبة 10 في المئة عن مستواه قبل بدء الغزو لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي.

وأضافت، في تقرير لها نشر الخميس، أن من المتوقع حدوث المزيد من الخسائر في الإنتاج مع انسحاب الشركات والتجار الغربيين من روسيا عند انتهاء عقود التوريد في الأسابيع المقبلة.

وأشار التقرير إلى أن الكرملين يبذل قصارى جهده لإخفاء التأثير الكامل للعقوبات، لكن صور الأقمار الصناعية فوق سيبيريا فضحت ذلك.

وتقيس الأقمار الصناعية كمية الضوء المنبعث من حقول النفط الروسية، من جراء حرق الغاز، حيث كلما زاد الإنتاج زاد الاحتراق وزاد الضوء والعكس صحيح.

تبين الوكالة أن البيانات الواردة من هناك إلى جنب المعلومات المتحصلة من التجار وتسريبات الإحصاءات الروسية الرسمية، تؤكد انخفاض إنتاج النفط الروسي بنسبة 10 في المئة ما قد يؤدي لموجة جديدة من ارتفاع في أسعار الخام تستمر لفترة أطول.

ومن المرجح أن ينخفض إنتاج النفط الروسي أكثر في الأشهر المقبلة، وفقا لإحصائيات شركة “أويل إكس” وهي شركة استشارية تستخدم بيانات تصوير من أقمار ناسا الصناعية لقياس حجم عمليات الاحتراق في الحقول الروسية.

وتقدر الشركة أن الإنتاج انخفض في وقت سابق من هذا الشهر إلى 9.76 مليون برميل يوميا.

وتقول بلومبرغ إن شهر أبريل الجاري شهد انخفاضا كبيرا في إنتاج النفط الروسي مقارنة بـ 11.1 مليون برميل في فبراير، قبل تأثير غزو أوكرانيا، و11 مليونا في مارس.

وتضيف الوكالة أن هذا الانخفاض يسلط الضوء على تراجع الطلب الدولي على النفط الروسي، حيث تكافح شركة “روزنفت” الحكومية من أجل بيع ملايين البراميل من النفط الخام في أوروبا وآسيا.

وعادة ما تبيع “روزنفت” النفط عبر صفقات طويلة الأجل، لكن الاتحاد الأوروبي اعطى مهلة للشركات الغربية تنتهي في 15 مايو قبل أن يقيد تعاملاتهم الشركات النفطية الروسية.

وتعد صناعة النفط والغاز العمود الفقري للاقتصاد الروسي، حيث شكلت مبيعات هذا القطاع 45 في المئة من الميزانية الفيدرالية لروسيا في 2021.

وأعلن كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان حظرا على الفحم الروسي. وكشفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، عن نيتها تقديم خطة لتخلي الاتحاد من مصادر الطاقة الأحفورية الروسية بحلول 2027.

ويشكل احتمال حظر الغاز الروسي موضع نقاش محموم بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إذ تعارض ألمانيا وغيرها الوقف الفوري لهذه الواردات التي تعتمد عليها بدرجة كبيرة، بحسب وكالة فرانس برس.

ورغم أن النفط الروسي لا يخضع لأي عقوبات غربية، إلا أن الإجراءات العقابية ضد روسيا جعلت الشركات تتردد في شرائه.

اقرأ أيضاً: ناقلات “عملاقة” في عرض البحر تبحث عن مشترين.. تعرف على خدعة موسكو لتصدير النفط الروسي وتجنب العقوبات.. تبيع 4 مليون برميل يومياً

رغم العقوبات الغربية وحظر النفط الروسي، لا تزال صادرات موسكو متماسكة بشكل كبير، إلّا أن شحنات الخام بات يتعين عليها السير لمسافات أطول للعثور على مشترين.

وتعافت صادرات النفط من موسكو في الأسبوعين المنتهيين يوم 8 أبريل/نيسان، عقب تراجعها منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط، بحسب بيانات وكالة بلومبرغ، التي تتتبّع الصادرات الروسية على متن ناقلات عابرة للمحيطات.

وبينما تتجاهل أحجام الصادرات الإجمالية قرارات حظر الاستيراد والعقوبات الأحادية، فإن المسافات التي تقطعها الشحنات للعثور على مشترين هي المتضرر الوحيد، بحسب التقرير.

شحنات النفط الروسي

بلغت الصادرات الروسية من النفط ما يقرب من 4 ملايين برميل يوميًا في أول أسبوع من أبريل/نيسان الجاري، لتكون أعلى مستوى أسبوعي هذا العام، بعد ارتفاعها بمقدار الربع تقريبًا عن الأسبوع السابق له.

والأمر نفسه ينطبق على عائدات رسوم التصدير التي تتلقّاها روسيا، إذ ارتفعت خلال الأسبوع المنتهي في 8 أبريل/نيسان لأعلى مستوى هذا العام، بعد انخفاضها في الأسبوعين السابقين، بحسب التقرير.

وحصل الكرملين على نحو 230 مليون دولار من صادرات النفط المنقولة بحرًا في الأسبوع المنتهي في 8 أبريل/نيسان، بدعم مزيج من أحجام الصادرات المرتفعة وزيادة الرسوم واجبة الدفع لكل برميل خلال هذا الشهر.

وقبل الحرب الروسية الأوكرانية، كانت موسكو -ثاني أكبر مصدّر للنفط عالميًا بعد السعودية- تصدّر تقريبًا 5 ملايين برميل يوميًا بقيمة سوقية فورية تزيد عن 500 مليون دولار، بعضها عن طريق خطوط الأنابيب مباشرة إلى مصافي التكرير في أوروبا والصين، في حين يُنقل 60% من النفط الروسي عن طريق البحر.

وجهات النفط الروسي

توقفت الولايات المتحدة عن شراء النفط الروسي، وستحذو المملكة المتحدة حذوها بحلول نهاية العام الجاري، فضلًا عن دول أخرى مثل أستراليا وكندا.

كما أعلنت شركات نفط كبرى، بما في ذلك شل وتوتال إنرجي وبي بي، التوقف عن شراء النفط من روسيا، ردًا على الحرب في أوكرانيا.

وتختفي الأسواق التقليدية شمال غرب أوروبا فيما يتعلق بصادرات روسيا من بحر البلطيق، مع العقوبات المفروضة على موسكو.

ونتيجة لذلك، فإن نصف السفن المحملة من موانئ شمال غرب روسيا في بريمورسك وأوست لوغا، الأسبوع الماضي -إمّا متجهة إلى آسيا، أو غير محددة الوجهات-، قد تتجه إلى آسيا عبر قناة السويس أو لإجراء عمليات نقل من سفينة إلى أخرى في البحر المتوسط.

بينما معظم الشحنات من نوفوروسيسك تبقى داخل منطقة البحر المتوسط​، والتي تشمل موانئ البحر الأسود في بلغاريا ورومانيا، إّ جرى تفريغ 3 من إجمالي 7 شحنات.

ومن بين 21 شحنة من خام الأورال، شُحنت من موانئ بريمورسك وأوست لوغا ونوفوروسيسك في الأسبوع المنتهي يوم 8 أبريل/نيسان، تتجه 6 شحنات إلى الهند، و4 إلى وجهات غير معروفة، والباقي داخل أوروبا، وفقًا للتقرير.

بينما تتجه معظم شحنات النفط من موانئ روسيا الـ3 في المحيط الهادئ -والتي تهيمن عليها صادرات خام إسبو- إلى الصين، بحسب تقرير بلومبرغ.

تأثير العقوبات في رحلات نقل النفط

مع حظر عدّة دول وشركات حول العالم شراء النفط الروسي، أصبحت السفن المُحمّلة من روسيا تقطع مسافات أطول للعثور على مشترين.

ورغم أن البيانات الأولية تشير إلى أن تأثير العقوبات يكمن في المسافات التي تقطعها السفن، فإن هناك مؤشرات على أن التجّار بدؤوا العمل على طرق لجلب المزيد من الخام إلى آسيا، إذ يرغب المشترون في الاستفادة من الخصومات الكبيرة على النفط الروسي.

وبحسب بلومبرغ، فإن هناك أعدادًا متزايدة من ناقلات النفط العملاقة، بعضها قادر على حمل مليوني برميل، تقوم بتحميل الخام الروسي من سفن أصغر في البحر المتوسط وأماكن أخرى.

ربما يكون التأثير الأولي الأكبر لحظر استيراد الخام الروسي هو الرحلات الطويلة وغير العادية التي بدأت بعض الشحنات في القيام بها.

وعلى سبيل المثال، عبرت سفينة (بكين سبيريت) المحيط الأطلسي بشحنة من نفط فاراندي الخام من شركة لوك أويل، شُحنت من ميناء مورمانسك، وتوجهت في البداية إلى فيلادلفيا.

وفي منتصف الطريق، عادت السفينة مرة أخرى متجهة إلى البحر المتوسط ​، لتُفرّغ النفط بنهاية المطاف في مصفاة آي إس إيه بي التابعة لشركة لوك أويل في جزيرة صقلية الإيطالية.

وفي الغالب، تُنقل الشحنات من السفن التي تحمل النفط من الموانئ الروسية إلى سفن أكبر بكثير؛ من أجل الاستفادة من وفورات الحجم في الرحلات الطويلة إلى الصين والهند.

اقرأ أيضاً: النفط الروسي.. إليك أبرز المشترين والمتوقفين مع قرارات الحظر

تواصل العديد من مصافي التكرير الأوروبية شراء النفط الروسي، في ظل استمرار الانقسام بين أعضاء الاتحاد الأوروبي بشأن حظر استيراد الطاقة من موسكو، في أعقاب غزو أوكرانيا.

وفرضت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وكندا حظرًا على مشتريات النفط من روسيا، بعد غزو موسكو لأوكرانيا، لكن الاعتماد الكبير لأوروبا على الخام الروسي، جعل دول مثل ألمانيا والمجر تعارض اتخاذ القرار نفسه.

ورغم ذلك، أعلنت العديد من شركات النفط الأوروبية الكبرى؛ مثل شل وبي بي وإكوينور وإيني وقف شراء النفط الروسي، كما يتجنب العديد من المشترين في أوروبا الخام الروسي طواعية، خوفًا من عقبات قانونية محتملة.

وترصد وكالة رويترز في تقرير حديث، أبرز المشترين للنفط الروسي حتى أوائل أبريل/نيسان الجاري.

مصافي التكرير الأوروبية

تستمر مصفاة هيلينيك بتروليوم، أكبر شركة لتكرير النفط في اليونان، شراء الخام الروسي، الذي يمثل 15% من مدخلاتها، كما لجأت وفي وقت سابق من هذا الشهر، إلى تأمين إمدادات إضافية من السعودية.

وفي إيطاليا، تواصل مصفاة آي إس ايه بي، المملوكة لشركة ليتسكو، إحدى شركات لوك أويل، معالجة الخام الروسي وغيره.

كما تشتري مصفاة ليونا الواقعة في شرق ألمانيا، النفط الروسي عبر خط أنابيب دروجبا، لكنها قد توقف الشراء، كون غالبيتها مملوكة إلى شركة توتال إنرجي، التي أعلنت توقفها عن شراء الخام والمنتجات النفطية الروسية بحلول نهاية عام 2022 على أقصى تقدير.

وفي ألمانيا أيضًا، لا يزال الخام الروسي يمثل 14% من احتياجات أكبر مصفاة في البلاد (ميرو)، المملوكة بنسبة 24%، لشركة روسنفط الروسية.

فيما تستورد مصفاة بي سي كيه شفيدت الألمانية، النفط الروسي من خط أنابيب دروجبا، مع امتلاك شركة روسنفط الروسية حصة الأغلبية (54%).

ووفقًا للتقرير، لا تزال مصفاة أم أو إل المجرية، تشتري النفط الروسي عبر خط أنابيب دروجبا، إذ تدير الشركة المجرية المالكة لها 3 مصاف في كرواتيا والمجر وسلوفاكيا.

وتجدر الإشارة إلى أن المجر تعارض فرض عقوبات على النفط والغاز الروسي، كما يشير تقرير رويترز.

وبحسب رويترز، فإن كل من مصفاة زيلاند الهولندية، المملوكة بنسبة 45% لشركة لوك أويل الروسية، ومصفاة روتردام، التي تمتلكها شركة إكسون موبيل، لا يزالا يشتريان النفط الروسي، رغم رفض التأكيد.

ورغم توقفها عن شراء النفط الروسي من السوق الفورية، فإن أكبر شركة تكرير في بولندا، بي كيه إن أورلن، مستمرة في شراء الخام الروسي لمصافيها في ليتوانيا وبولندا والتشيك، بموجب عقود موقعة سابقًا تنتهي نهاية العام أو بعد ذلك، وفق التقرير.

مصافي التكرير الآسيوية

تواصل الهند والصين، الدولتان اللتان رفضتا إدانة غزو روسيا لأوكرانيا، شراء الخام الروسي، بحسب التقرير.

واستفادت الهند من التخفيضات الكبيرة للخام الروسي، جراء العقوبات الغربية، واشترت ما لا يقل عن 13 مليون برميل منذ أواخر فبراير/شباط الماضي وحتى الآن، وذلك مقارنة مع نحو 16 مليون برميل لعام 2021 بأكمله، بحسب التقرير.

وبشكل مفصل، اشترت شركة هندوستان بتروليوم شحنة قدرها مليوني برميل من خام الأورال الروسي الشهر الماضي، بحسب التقرير.

كما اشترت أكبر شركة تكرير في الهند، إنديان أويل، 3 ملايين برميل من الخام الروسي أواخر الشهر الماضي، لتسليمها في مايو/أيّار المقبل، لتكون عملية الشراء الثانية منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط.

وكانت الشركة الهندية قد أبرمت عقدًا مع روسنفط الروسية، يمنحها خيار شراء ما يصل إلى 15 مليون برميل، من خام الأورال في عام 2022.

وتواصل شركة التكرير الهندية، نيارة إنرجي، المملوكة جزئيًا لشركة روسنفط، النفط الروسي، بعد توقفها في السابق لمدة عام، حيث اشترت 1.8 مليون برميل من خام الأورال مؤخرًا.

وفي إندونيسيا، تدرس شركة الطاقة الحكومية، بيرتامينا، شراء الخام من روسيا في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على النفط من أجل مصفاة شهدت تجديدًا مؤخرًا.

حظر شراء النفط الروسي

أعلنت شركة النفط البريطانية، بي بي، تخارجها من حصتها في روسنفط الروسية، وتوقفها عن شراء شحنات النفط الروسي، إلا إذا كانت ضرورية لضمان أمن الإمدادات.

كما علّقت شركة إيني -المملوكة للحكومة الإيطالية بنسبة 30.3%- مشترياتها للنفط من روسيا، الأمر نفسه تكرر بالنسبة إلى شركة إكوينور، التي أنهت عملياتها في موسكو.

وأوقفت شركة النفط والغاز البرتغالية “غالب إنرجيا” مشترياتها الجديدة من المنتجات النفطية الروسية، كما اتخذت شركة التعدين والتجارة جلينكور، القرار نفسه، لكنها ستواصل الشراء حتى نهاية تاريخ العقود الموقعة سابقًا.

وأوقفت شركة النفط والغاز البرتغالية “غالب إنرجيا” مشترياتها الجديدة من المنتجات النفطية الروسية، كما اتخذت شركة التعدين والتجارة جلينكور، القرار نفسه، لكنها ستواصل كذلك الشراء حتى نهاية العقود الموقعة سابقًا.

فيما أوضحت شركة التكرير الفنلندية، نيستي، أنها ستواصل الشراء بموجب العقود حتى نهاية العام، لكنها لن تعقد صفقات جديدة، كما أعلنت أكبر شركة بريم للتكرير في السويد، التوقف عن شراء النفط الروسي.

وقررت شركة شل التوقف تدريجيًا عن شراء الخام الروسي، كما وعدت توتال إنرجي بوقف شراء الخام والمنتجات النفطية الروسية بحلول نهاية هذا العام.

وأصبحت شركتا ريبسول الإسبانية وفارو إنرجي السويسرية، ضمن المتوقفين عن شراء الخام الروسي.

وفي آسيا، توقفت أكبر شركة تكرير يابانية (إينيوس) عن شراء النفط الخام من روسيا، في حين ستصل بعض الشحنات الموقعة بموجب اتفاقيات سابقة إلى اليابان حتى هذا الشهر.

المصادر: الحرة – الطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى