منذ 67 عاما لعبت قوانين الاحتمالات لعبتها، ومن بين آلاف -وربما ملايين- النيازك التي تمر حولنا سقط أحدها على “آن إليزابيث هودجز”.
تبدأ الحكاية في ظهيرة 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، في مدينة “سيلاكوجا” بولاية “ألاباما” بالولايات المتحدة، حيث كانت امرأة ريفية مسيحية متدينة تدعى “آن هودجز” تأخذ قيلولة على أريكة غرفة معيشتها مغطاة بلحاف ثقيل، وربما هو ما أنقذ حياتها إلى حد ما عندما اخترقت كتلة صغيرة من الصخور السوداء السقف، وارتدت من الراديو، وضربتها في الفخذ، وتركت كدمة على شكل ثمرة أناناس، حسب ما جاء في “ناشيونال جيوغرافيك” (Nationalgeographic).
ركضت والدة “آن” التي كانت في زيارة لها لمساعدة ابنتها (34 عاما) عندما سمعت صراخها. لم تعرف “آن” ولا والدتها ما حدث؛ كل ما كانتا تعرفانه أن شيئا ما أصابها.
كرة نارية في السماء
في مقابلة مع موقع “إنسايدر” (Insider) الأميركي قالت “ماري بيث بروندزينسكي” مديرة المجموعات في متحف ألاباما للتاريخ الطبيعي الذي استقر فيه النيزك؛ إن السكان المحليين في سيلاكوجا أبلغوا عن كرة نارية في السماء، وسمعوا دوي انفجار هائل نتجت عنه سحابة بيضاء اللون.
وأضافت أنه عندما دخل النيزك الصخري -والمكون من الحديد والنيكل- الغلاف الجوي للأرض تحطم، وأصابت إحدى الشظايا “آن”، في حين عثر مزارع على قطعة أخرى على بعد أميال قليلة أثناء قيادته عربة يجرها بغل وباعها لاحقا مقابل ما يكفي من المال لشراء منزل وسيارة.
عندما حضرت الشرطة والإسعاف إلى منزل “آن” شخصّها الطبيب بأنها مصابة بألم في الفخذ واليد، ولكن لم يكن هناك أي ضرر خطير، ومع ذلك قرر الطبيب نقلها إلى المستشفى، ليس لأنها أصيبت بجروح خطيرة، ولكن لأنها كانت في حالة ذهول شديد بسبب الحادث.
نزاع على الملكية
ارتاب الحضور في معرفة ماهية الشيء الذي أحدث تصدعا في السقف وأصاب “آن”، حتى حسم الأمر عالم جيولوجي حكومي يعمل بالقرب من مكان الحادث، وحدد أن الجسم كان نيزكا يزن 8.5 أرطال، ويبلغ طوله 7 بوصات، ووجدت “آن” نفسها في كتب التاريخ بعد تلك الحادثة كأول حالة موثقة لإنسان ضربه نيزك.
وحسب ما جاء في “هيستوري ديلي” (History Daily) تم تسليم النيزك إلى شرطة “سيلاكوجا” التي سلمته في النهاية إلى سلاح الجو الأميركي.
بعد ذلك، طالبت كل من “آن” ومالكة العقار “بيردي جاي” بملكية النيزك، وادعت الأخيرة أنه سقط على أرضها (ممتلكاتها)، وأن “آن” مستأجرة فقط، وهي الأحق بملكية النيزك.
في المقابل، كانت “آن” تعتقد أنها “المختارة” بسقوط النيزك عليها، وقالت “أشعر بأن النيزك ملكي، أعتقد أن الله أرسله لي، وبعد كل شيء لقد أصابني أنا”.
لكن القانون كان في صف مالكة البيت، وبعد مفاوضات قبلت المالكة التنازل عن النيزك لـ”آن” مقابل” 500 دولار، وأعيد النيزك لـ”آن”.
النيزك في المتحف
كانت “آن” تكره الأضواء، ورغما عنها أصبحت مسلطة عليها، وكانت تتلقى يوميا رسائل من الفضوليين؛ من الكنائس والأطفال والمعلمين الذين يسألون عن النيزك، لكنها لم تجب أبدا على أي منهم، تاركة الأمر لمحاميها.
لم يؤثر النيزك عليها جسديا، لكنه وضعها تحت ضغط نفسي هائل، وفقا لـ”إنسايدر”؛ فقد كان زوجها يريد جني المال من بيع النيزك، لكنه فشل في تأمين المشتري، مما فاقم حدة الخلافات بينهما، وعانت هي من انهيار عصبي، وانفصلا في نهاية المطاف عام 1964.
كانت “آن” سئمت من كل شيء، فقررت التبرع بالنيزك لمتحف ألاباما للتاريخ الطبيعي، وطلبت في المقابل أن يسدد المتحف لها أتعاب المحاماة. وفي عام 1972، توفيت “آن” عن عمر ناهز 52 عاما بسبب فشل كلوي في دار لرعاية المسنين.