يشار باسم «بحر الصحراء» إلى مشروع مقترح من أجل إغراق الأحواض الجافة للصحراء الأفريقية الكبرى بمياه من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وكانت الفكرة الأساسية من وراء هذا المشروع أن هذا البحر الاصطناعي البشري سيجعل من المناخ المحيط أكثر قابلية لدعم وازدهار المشاريع الزراعية.
كان مؤيدو هذ البحر الداخلي يؤمنون بأنه من شأنه رفع نسبة الرطوبة في الجو المحيط مما يجعل الأمطار تتهاطل أكثر، وكانت فكرة بحر الصحراء الكبرى الأفريقية فكرة ذات شعبية كبيرة بشكل خاص بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
تطور مفهوم بحر الصحراء الكبرى:
كان (دونالد ماكينزي)، وهو مهندس بريطاني، أول من اقترح فكرة بحر الصحراء الكبرى في سنة 1877، حيث كان يرغب في تحويل «حوض الجوف» إلى بحر صحراوي داخلي. يمتد هذا الحوض على طول الشمال الشرقي لموريتانيا والشمال الغربي لمالي ويقع على ارتفاع 200 متر تحت سطح البحر.
تضمنت خطة (ماكينزي) حفر قناة لتوجيه المياه من منطقة «رأس جوبي» في المغرب إلى الحوض، مما يخلق بحراً ”داخلياً“ يغطي مساحة 155 ألف كيلومتر مربع، وتضمنت فكرة البحر الصحراوي الأصلية هذه في البادئ أيضاً قناة إضافية تمتد من البحر الداخلي إلى «نهر النيجر»، ويعتقد علماء الجيولوجيا أن «حوض الجوف» كان في زمن ما متصلاً بالمحيط الأطلسي.
في السنة الموالية لاقتراح (ماكنزي)، اقترح المهندسان (فرانسوا إيلي رودار) و(فيرديناند دي ليسيبس) فكرة مشابهة ليتم إنجازها في «شط الفجاج» في تونس. وفق مخططهما هذا كان ليتم ملء الحوض بمياه البحر الأبيض المتوسط عن طريق قناة تمتد من خليج قابس.
كان هذا المشروع ليكلف الخزينة حوالي 30 مليون دولار، وقد تحجج معارضو إنشاء مشروع مثل هذا على أن منافع هذا البحر الداخلي ستكون قليلة وغير مؤثرة كثيراً على المناخ المنطقة، على عكس مضاره التي ستكون كبيرة، حيث أنه في نظرهم سيخلق مناخاً مستنقعاتياً، التي ستأوي الحشرات الضارة والأوبئة.
أرسلت الحكومة الفرنسية، التي كانت تحتل تونس آنذاك، ملاحظين وخبراء إلى المنطقة من أجل دراسة المشروع وتقييمه، والذين اكتشفوا بأن الحوض لم يكن تحت مستوى سطح البحر فعليا، ومنه فشل المشروع وقطع عنه التمويل.
ماتت فكرة إنشاء بحر داخلي في عمق الصحراء الكبرى الإفريقية لمدة من الزمن إلى أن عاودت الظهور في سنة 1910 عندما اقترح (إتشيغويان)، وهو بروفيسور فرنسي، مجددا إنشاء بحر داخلي. تم تصميم القناة في مخططه لتكون أكثر عمقا وطولاً، واقترح (إتشيغويان) أنها ستكون مفيدة جدا للمساعي الاستعمارية الفرنسية، غير أن الحكومة الفرنسية رفضت مجددا تمويل مثل هذا المشروع.
ثم جاء مشروع «عملية بلوشار»، وهي مبادرة أمريكية لاستعمال القنابل النووية في مساعي سلمية، لتقترح استعمال القنابل النووية لملء «منخفض القطارة» في مصر بالمياه. اقترحت كذلك إغراق شطوط تونس بمياه البحر الأبيض المتوسط، وقبل أن يتمكن إنجاز المشروع، تم إمضاء عدة معاهدات دولية تقضي بعدم استعمال القنابل النووية في المساعي والمشاريع السلمية.
مشاريع بحار صحراوية مشابهة:
ليست الصحراء الكبرى الإفريقية هي الصحراء الوحيدة في العالم التي فكر المهندسون وعلماء الجيولوجيا بملئها بالمياه وإنشاء بحر داخلها، ففي نفس الفترة التي تم فيها اقتراح مشروع بحر الصحراء الأفريقية، كان المهندسون والعلماء يعدون المخططات من أجل ملء صحراء جنوب أستراليا بالمياه من خلال ربط «بحيرة آيري» بالمحيط بواسطة قناة طويلة.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء بحر (سالتون) في المنطقة الجنوبية من ولاية كاليفورينا في الولايات المتحدة في سنة 1905، غير أن هذا البحر الأخير أنشئ بشكل عرضي وعن طريق الصدفة عندما تسببت قناة سقي بشكل مفاجئ بإغراق حوض جاف بمياه من نهر كولورادو. اليوم يعتبر (بحر سالتون)، وهي تقنياً بحيرة مياه مالحة، أكبر بحيرة في الولاية.
المصدر: موقع World Atlas