على الرغم من انتهاء فعاليات قمة المناخ كوب 26 بالإعلان عن وثيقة غلاسكو؛ فإن ما دار خلال الأيام الـ14 لا يزال حديث النشطاء والمحللين حول العالم، خاصة في ظل التحديات التي تواجه قطاع الطيران، لخفض الانبعاثات.
ويؤكد العديد من المحللين أن نتائج القمة جاءت مخيبة للآمال، وسط تحديات كبيرة من أجل تأمين الطاقة، والوفاء بالالتزامات البيئية الهادفة إلى الحفاظ على درجة حرارة الأرض، مشيرين إلى مخالفة قادة القمة أنفسهم أهداف كوب 26، من خلال الاعتماد على العديد من الوسائل المسببة للاحتباس الحراري، وفي مقدمة ذلك التنقل عبر الطائرات التي تعد مسؤولة عن 3% من الانبعاثات سنويًا.
حلال فعاليات قمة المناخ كوب 26، أعلن عدد من الدول المسؤولة عن أكثر من 40% من انبعاثات قطاع الطيران والنقل الدولي تطوير أهداف انبعاثات متوافقة مع المحافظة على 1.5 درجة مئوية باعتبارها هدفًا للإبقاء على درجة حرارة كوكب الأرض، من خلال التحول إلى الوقود المستدام.
طائرات كوب 26
من ضمن الانتقادات لمؤتمر الأطراف للتغير المناخي كوب 26، الاستخدام الكثيف للطائرات الخاصة لحضور فعالياته، وهو ما يُعَد رفاهية لا مبرر لها، وتساءل عدد من حماة البيئة عن مقدار الضرر البيئي الذي تسببت به الطائرات.
لم يقتصر الأمر على أولئك الذين استخدموا الطيران لحضور المؤتمر، بل وصلت طائرات شحن محملة بطائرات هليكوبتر ومركبات مخصصة لمرافقة مواكب السيارات، على سبيل المثال الرئيس الأميركي، جو بايدن، أحضر معه عرباته المدرعة إلى مدينة غلاسكو.
البصمة الكربونية
من خلال حرق الوقود، تنتج عن الرحلات الجوية غازات الاحتباس الحراري في شكل أساسي ثاني أكسيد الكربون، ومن المعروف أن الانبعاثات لكل كيلومتر يُقطع أسوأ بكثير من أي شكل آخر من أشكال النقل، لكن هذا يختلف اختلافًا كبيرًا حسب الحجم ومستويات الإشغال والكفاءة.
تنتج الطائرات الخاصة عمومًا انبعاثات أكثر بكثير لكل راكب من الرحلات الجوية التجارية، إذا أخذنا في الاعتبار الرحلة من روما إلى غلاسكو على متن طائرة خاصة -وهي رحلة أجراها بعض قادة مجموعة العشرين للوصول إلى الدورة 26 لمؤتمر الأطراف- فقد تستغرق نحو ساعتين و45 دقيقة، وتتطلب 2356 لترًا من وقود الطائرات.
وتقول وزارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية البريطانية إن 2.52 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون تنبعث مقابل كل لتر من وقود توربينات الطيران المحترق، لذلك ستنتج الرحلة 5.9 طنًا من ثاني أكسيد الكربون.
وتُستخدم كمية هائلة من الوقود أثناء إقلاع الطائرة وهبوطها، بغض النظر عن عدد الأشخاص الموجودين على متنها؛ لذا فإن طريقة النقل الملوثة من خلال الطيران التجاري تصبح أسوأ مع الطائرات الخاصة.
انبعاثات قطاع الطيران
شكّل قطاع الطيران 2.8% من مجمل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون العالمية في عام 2019، وتراجعت النسبة بين عامي 2020 و2021، بسبب الجائحة الصحية العالمية وقيود السفر والتنقل بين البلدان، ومن المتوقع أن تزيد نسب التلوث في ظل تعافي الاقتصادات العالمية بعد الجائحة الصحية.
وعلى الرغم من التحسينات في كفاءة وقود الطائرات، فإن القطاع لا يزال من بين المصادر الأسرع نموًا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري؛ إذ إن قطاع النقل الجوي يُعَد من أصعب قطاعات الاقتصاد العالمي التي يصعب تخفيفها وخفض نسبها، مع وجود توقع بنمو الانبعاثات في هذا القطاع خلال السنوات الـ30 المقبلة.
يُعَد قطاع الطيران مسؤولًا عن نحو 3% من الانبعاثات السنوية العالمية، ولكنه يُعَد قطاعًا يصعب تخفيفه، وبغض النظر عن الوباء، فقد كان ينمو بشكل كبير من حيث عدد الركاب والانبعاثات المتولدة.
تحالف دولي لخفض الانبعاثات
خلال مؤتمر قمة المناخ كوب 26، أعلنت 20 دولة بداية تحالف دولي طموح للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطيران بمعدل يتماشى مع لوائح منظمة الطيران الدولية (آي كاو) لدعم الجهود الدولية للحد من الانبعاثات والحفاظ على عدم زيادة درجة حرارة كوكب الأرض عند 1.5 درجة مئوية.
كانت في مقدمة الدول الموقعة على هذه الاتفاقية التعاونية: الولايات المتحدة الأميركية وأيرلندا والمملكة المتحدة واليابان، ولم تنضم الصين والهند إلى التحالف.
خريطة طريق للحياد الكربوني
حددت عدد من الدول أهدفًا طموحة لتصفير الانبعاثات في قطاع الطيران والنقل الجوي بحلول عام 2050، وسيكون تحقيق هذا هدفًا ممكنًا بشرط أن تستثمر الصناعة بشكل صحيح وأن تكون مقرونة بالتقنيات المتطورة التي من الممكن أن تعمل على القضاء على ما يقرب من 25 غيغاطن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بين عامي 2022 و2050، والتخلص التدريجي من وقود الطائرات الأحفوري بالكامل بحلول عام 2050.
وستكون هناك حاجة إلى حصة أكبر بكثير لتمويل إنتاج طاقة الطاقة المتجددة والبنية التحتية ذات الصلة، وهو الحل الأكثر قابلية للتطبيق على المدى القصير، على الرغم من أن دفع البطارية الكهربائية والهيدروجين سيؤدي دورًا على المدى المتوسط والطويل في وقود الطيران المستدام.
ويعد الهيدروجين الخيار الوحيد القابل للتطبيق على المدى القريب لتقليل الانبعاثات في قطاع الطيران؛ حيث يمكن تلبية 25% من احتياجات الطاقة في هذا القطاع بحلول عام 2050.
الطلب على الطاقة المتجددة
ستتطلب إزالة الكربون من قطاع الطيران والنقل الجوي ما يقارب 10 آلاف تيراواط/ساعة إضافية من مصادر الطاقة المتجددة، والتي تشكل نحو 10% من إنتاج الكهرباء العالمي في عام 2050.
الطلب المتزايد على الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة، يأتي أيضًا من قطاعات أخرى مثل النقل البري وقطاعات أخرى، ولمواجهة الطلب المتنامي سيتطلب الأمر تعاونًا بين اللاعبين لتسهيل عملية تحول الطاقة وتصفير انبعاثات القطاع.
ويمكن أن تشمل أهداف التعاون ضمان استدامة المواد الأولية، ودعم البحث والتطوير لمسارات جديدة للسوق، وإزالة المخاطر من الاستثمارات الخاصة للبنية التحتية، وتحفيز الطلب من خلال التدابير التي تأخذ في الحسبان تكلفة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لوقود الطائرات.
الهيدروجين والشحن
خلال فعاليات قمة كوب 26، أُعلِنت مبادرة دولية لتطوير طرق شحن خالية من الانبعاثات والإعلان عما يسمى ممرات الشحن الخضراء التي ستدعم تقنيات مبتكرة للشحن منخفض الكربون مثل الهيدروجين والأمونيا والميثانول لتوليد الطاقة بحلول عام 2030.
ووقعت على الإعلان أستراليا وبلجيكا وكندا وتشيلي والدنمارك وفيجي وفنلندا وفرنسا وألمانيا وأيرلندا وإيطاليا واليابان وجزر مارشال والمغرب وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
المصدر : الطاقة