كما يعرف الجميع ربما، فالبراغي واللوالب هي واحدة من أهم الأشياء التي نستخدمها في أدواتنا اليوم طوال الوقت، وسواء كنت تقرأ هذا المقال من هاتف ذكي أو جهاز لوحي أو حاسوب ربما، فالأكيد هو أن ما تستخدمه يتضمن البراغي ضمنه للتثبيت.
لكن وعلى الرغم من الانتشار الكبير للغاية للبراغي، فهي ليست موحدة حقاً، بل أن هناك عشرات إن لم يكن مئات الأشكال لمختلفة لرؤوس البراغي والمفكات المستخدمة لشدها أو إرخائها.
بالنسبة للشخص العادي يبدو وجود العدد الكبير من البراغي المختلفة أمراً مزعجاً للغاية بطبيعة الحال، فبدلاً من الاعتماد على مفك أو مجموعة مفكات واحدة فقط، فالمستخدم العادي يحتاج للعديد من الأنواع المختلفة من المفكات للتعامل مع البراغي المتنوعة اليوم.
عموماً ومن بين مئات الأنواع المختلفة للبراغي، سنركز على الأساسية منها فقط في هذا المقال، وسنتناول سبب وجوده حقاً ولماذا تستخدم تصميماتها الحالية.
البراغي ذات الشق
هذا النوع من البراغي هو الأقدم على الإطلاق في الواقع، حيث أن هناك أدلة على وجوده منذ القرن الخامس عشر في ألمانيا بل ويعتقد أنه نشأ هناك أصلاً. لكن وعلى الرغم من وجوده لقرون عديدة، فقد كانت البراغي المعدنية فكرة غير مناسبة حقاً في البداية بسبب صعوبة صنعها الشديدة ولم تصبح شائعة حقاً حتى الثورة الصناعية، التي سهلت طرق تصنيعها وجعلتها شائعة الاستخدام في العديد من المجالات المتنوعة.
مع كون البراغي ذات الشق هي الأولى في مجال البراغي واللوالب، فهي الأسوأ في كل شيء تقريباً، حيث أنها تعاني من سهولة انزلاق المفك منها بسهولة كبيرة نسبياً وبالأخص عند تقديم قوة تدوير كبيرة، حيث أن الشقوق المصنوعة ضمنها عادة ما تكون قليلة العمق إلى حد بعيد، وبالنتيجة فصنع هذه البراغي يضع المصنعين بين خيارين صعبين: جعل الشق عميقاً أكثر لتحسين استقرار المفك وهو ما يجعل متانة رأس البرغي ضعيفة جداً، أو بالمقابل جعل الشق ضحلاُ للحفاظ على المتانة، لكن بالمقابل التضحية بسهولة الاستخدام.
اليوم باتت البراغي ذات الشق قليلة الانتشار إلى حد بعيد في الواقع. حيث أن علتها الأساسية باتت مزعجة جداً اليوم، وهو ما أدى لجعلها تستخدم في حالات قليلة ضمن بضائع رخيصة جداً عموماً كونها أسهل للتصنيع من أنواع البراغي الأخرى.
البراغي ذات التجويف المربع
تم تصميم هذا النوع من البراغي مع هدف واحد أساسي: التخلص من العيوب الكبرى للبراغي ذات الشق.
من حيث المبدأ فهذه البراغي متفوقة تماماً في النواحي التي تعاني ضمنها البراغي ذات الشق، حيث أن هذه البراغي قابلة لتثبيت المفك ذمنها بسهولة كبيرة كون تجويفها عميق كفاية، كما أنها تسمح باستخدام عزوم دوران كبيرة للغاية أثناء الشد دون الخشية من إفلات المفك من مكانه وإصابة أجزاء أخرى من الآلة بالضرر.
ظهرت هذه البراغي في كندا أولاً، وهناك حققت انتشاراً منقطع النظير وسرعان ما باتت النوع المفضل هناك –ولا تزال واسعة الاستخدام في كندا حتى الآن–، كما أنها انتشرت باتجاه الولايات المتحدة وبالأخص شركة فورد للسيارات التي استفادت من كون هذه البراغي مناسبة جداً لخطوط الإنتاج وآلات شد البراغي.
في الواقع ووفق التقارير، فقد ساعد استخدام هذه البراغي في تسريع إنتاج سيارات (فورد) من طراز (تي) بشكل كبير للغاية.
على الرغم من أن البراغي المربعة هذه كانت ناجحة للغاية في البداية، فقد أدت صفقة احتيالية بين مخترع البرغي الكندي (بيتر روبرتسون) وأطراف أوروبية إلى فقدانه الثقة بالشركات التي تريد الحصول على تراخيص لصنع البرغي الخاص به.
بالنتيجة فشلت هذه البراغي بتحقيق الانتشار حقاً وبدأت العديد من الشركات بالبحث عن بديل لبراغي (روبرتسون) المربعة، وبالأخص كونها كانت تعاني من مشكلة أساسية: في حال استخدام عزم كبير بعدما يكون البرغي قد دخل إلى آخره، من الممكن أن يتثلم البرغي بسهولة وبالأخص مع استخدام أدوات شد البراغي الآلية.
براغي فيليبس
اليوم يمكن القول أن هذا النوع من البراغي هو الفائز من حيث الشعبية في العالم، حيث يتم استخدام هذه البراغي ”المصلبة“ –نظراً لشكل الصليب على رأسها– في كل شيء يخطر بالبال، بداية من أصغر الأدوات ووصولاً إلى أكبرها.
يعود هذا النوع من البراغي إلى مطلع الثلاثينيات حيث تم تطويره في الولايات المتحدة بغرض استخدامه في الطائرات، حيث أن الطائرات ذات البدن المصنوع من الألمنيوم حساسة زيادة لأي ضغط زائد من البراغي، والإفراط في شد برغي من الممكن أن يعرض سلامة الطائرة للخطر.
باختصار فقد صمم هذا النوع من البراغي لتحقيق أفضل النتائج الممكنة في عدة مجالات معاً، فشكل المفك ورأس البرغي مصمم ليدخل المفك بسهولة ويثبت بمتانة في الداخل، مع منع انزلاق المفك عند تطبيق عزوم عالية، كما أن رأس البرغي مثالي تماماً لاستخدام آلات شد البراغي، فعندما يصل البرغي إلى أقصى حالة شد له لا يتثلم ولا يشد أكثر من اللازم نتيجة العزم الكبير للغاية للآلة، بل أنه ببساطة ينزلق من مقره جزئياً عند انتهاء التثبيت.
أثبتت براغي (فيليبس) المصلبة تفوقها الواضح على كل من البراغي ذات الشق وتلك المربعة، ومع أنها قد تعرضت لبضعة تعديلات تصميمية مع الوقت، حيث أن كل من براغي Frearson وPozidrive هي تعديلات على براغي (فيليبس) من حيث المبدأ، فهي لا تزال النوع الأشهر والأكثر استخداماً اليوم، والأرجح أنها مستخدمة في أي جهاز إلكتروني تستخدمه حتى ولو بشكل جزئي، حيث أن بعض الشركات تستخدم أنواعاً مخصصة من البراغي، التي سنتناولها في فقرة تالية.
براغي النجمة
تم تصميم هذا النوع من البراغي خلال ستينيات القرن الماضي مع هدف أساسي هو الديمومة والصمود لفترة طويلة من جهة، وكون البرغي غريباً كفاية بحيث لا يتم فكه وتركيبه بالأدوات التقليدية لمنع العبث به من جهة أخرى.
عموماً بدأ هذا النوع من البراغي بالانتشار على نطاق واسع في الثمانينيات، وبالأخص مع تبني استخدامه من قبل عدة شركات للسيارات والشاحنات، حيث أنه أثبت كونه يمتلك عمراً تشغيلياً أفضل من البراغي الكبيرة ذات الشكل المسدس، ومعدل تآكل أدنى.
اليوم يستخدم هذا النوع من البراغي –بنمطيه البارز والمجوف– في السيارات بالدرجة الأولى، وحتى أنه استخدم في الهواتف الخاصة بـشركة نوكيا خلال فترة مجدها مطلع الألفية –هواتف نوكيا الحالية بعد إنعاش الشركة تستخدم براغي (فيليبس) المعتادة.
ومع أن براغي النجمة المعتادة آمنة نسبياً من العبث، هناك نوع منها أكثر أماناً يصيف نتوءاً صغيراً وسط التجويف بحيث لا يمكن فك البرغي بأي مفك آخر سوى المخصص له، وحتى أنه غير قابل للفك بمفكات النجمة التقليدية.
براغي الاتجاه الواحد
في الحالة العادية، تصمم البراغي بحيث يمكن إدخالها بمكانها ومن ثم إزالتها في أي وقت لاحق، لك في بعض الاستخدامات تكون البراغي مصنوعة لتستخدم مرة واحدة فقط وباتجاه واحد فقط هو اتجاه الشد.
عادة ما تستخدم براغي الاتجاه الواحد في الأماكن التي لا تحتاج لفكها لاحقاً، ويجب أن بقى آمنة من محاولات المتطفلين قدر الإمكان.
عادة ما تأتي براغي الاتجاه الواحد بعدة تصميمات مختلفة، لكن التصميم الأكثر شيوعاً هو براغي الشق ذات الاتجاه الواحد والتي تتضمن نتوءين متقابلين على سطح البرغي، وكل من النتوءين يمتلك حافة مدببة وأخرى ملساء تماماً، لذا يمكن شد هذه البراغي، لكن إخراجها غير ممكن بالطرق التقليدية، ومع أن هذه البراغي نادرة للغاية، فهي موجودة ولو على نطاق ضيق للغاية.
يجدر بالذكر أن حتى هذا النوع من البراغي لس آمناً تماماً من الإزالة، حيث هناك أدوات متاحة للشراء لاستخراج البراغي المثلمة، وبالطبع فهي قادرة على استخراج هذا النوع من البراغي. لكن بالطبع تبقى هذه البراغي أكثر أماناً ضد العبث من استخدام براغي عادية من نوع (فيليبس) مثلاً.
البراغي المدمجة
عادة ما توجد هذه البراغي ضمن الآلات والأدوات كثيرة الصيانة، ومبدؤها الأساسي هو السماح باستخدام أكثر عدد ممكن من المفكات عند التعامل معها.
بعض الأنماط تجمع البراغي ذات الشق وبراغي (فيليبس)، فيما أنواع أخرى تجمع براغي النجمة مع البراغي المسدسة المعتادة بالإضافة للكثير من الأنواع الأخرى. حيث أن الفكرة هنا هي جعل البراغي قابلة للفك من قبل عمال الصيانة بأي أداة متاحة دون الحاجة لأداة حصرية فقط للفك أو الشد.
البراغي المخصصة والحصرية
على النقيض تماماً من البراغي المدمجة التي تهدف لتسهيل الاستخدام قدر الإمكان، هناك في الواقع العديد من البراغي التي تصمم من قبل الشركات لتكون قليلة الانتشار وذلك لمنع الأشخاص العاديين من فكها وتركيبها، أو ببساطة للحد من قابلية الإصلاح.
بعض الموديلات تتضمن البراغي المثلثة التي عادة ما تستخدم في المصاعد وبعض وسائط النقل العامة، أو الثلاثية الأجنحة التي كانت تستخدم في صناعات الطيران أصلاً ومن ثم باتت تستخدم في بعض الهواتف مثل هواتف (نوكيا) سابقاً وهواتف (آبل) الحالية.
وبالطبع بين جميع أنواع البراغي الحصرية، فالنوع الأشهر ربما هو البراغي الخماسية الخاصة بمنتجات (آبل)، حيث قدمت الشركة هذه البراغي بداية من عام 2009، ومنذ حينها باتت أساسية في جميع منتجات الشركة من هواتف وأجهزة لوحية وحواسب مكتبية ومحمولة. بالطبع فهذه البراغي لا تمتلك أية فائدة حقاً، والغاية الوحيدة من وجودها هو منع المستخدم العادي من العبث بالجهاز ومحاولة الحد من محاولات الإصلاح من الشركات ومحال الصيانة المستقلة –حيث تمتلك الشركة سجلاً مثيراً للجدل من محاولات منع الصيانة لأجهزتها.
المصادر: Mental Floss _ Sizes – لاPopular Mechanics