اقتصاد

صاحب الاحتياطي الأول على مستوى العالم يزيد على 400 مليون طن.. لماذا فتح العراق خزائن كنوز الكبريت؟

أعلن العراق استئناف تصدير مادة الكبريت من أراضيه لأول مرة بعد توقف دام سنوات، وكانت قد أعلنت الهيئة العامة للجمارك العراقية في فبراير/شباط الماضي عن إشرافها على تصدير 4540 ألف طن من مادة الكبريت إلى الهند على متن الباخرة “إيه آر تي” (ART) في أول شحنة من نوعها.

وعن ذلك قال مدير علاقات وإعلام موانئ العراق، أنمار عبد المنعم الصافي، إن مادة الكبريت موجودة ضمن الصناعات الاستخراجية المهمة في العراق.

وأكد الصافي للجزيرة نت أن العراق مستمر في تصدير الكبريت إلى دول العالم، وكانت الشحنة الأولى من نصيب الهند لحاجتها إلى هذه المادة في صناعاتها وخصوصا صناعة الأسمدة وغيرها.

من جانبه، قال أستاذ الإدارة والاقتصاد الدكتور أحمد صدام إن الكبريت الرسوبي يتركز في منطقة المشراق بمدينة الموصل (شمالي العراق)، وإن هناك 3 حقول، ومن ثم فإن استثمار هذه الحقول يمكن أن يرفع من مستوى الإنتاج لتغطية الحاجة المحلية وزيادة التصدير.

وشدد في حديثه للجزيرة نت على ضرورة تهيئة بيئة استثمارية جاذبة في العراق، وتوفير التسهيلات مع الحاجة إلى ترويج الاستثمار.

وأكد العراق في وقت سابق من الشهر الجاري أن احتياطي الكبريت الرسوبي في حقول المشراق الأول على مستوى العالم ويزيد على 400 مليون طن.

اقرأ أيضاً: العراق يعلن أنه الأول عالميا في احتياطي الكبريت

أكد العراق أمس الثلاثاء أن احتياطي الكبريت الرسوبي في حقول المشراق جنوب مدينة الموصل (شمال البلاد) الأول على مستوى العالم ويزيد على 400 مليون طن.

وذكر المركز الإعلامي لوزارة الصناعة والمعادن -في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع)- أن “الشركة العامة لكبريت المشراق تعد الوحيدة المتخصصة في استخراج وتنقية الكبريت، وذلك من خلال الحقول الواقعة في محافظة نينوى”، مبينا أن “صناعة الكبريت بدأت منذ عام 1971، وكان للكبريت المنتج في الشركة العامة لكبريت المشراق دور كبير في دعم الاقتصاد الوطني من خلال ما يتم تصديره إلى الدول المجاورة، فضلا عن دعم صناعة الأسمدة المحلية”.

وأشار إلى أن إنتاج الكبريت في الشركة توقف بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، نتيجة الأحداث في تلك الفترة ومنها القصف والأعمال التخريبية التي طالت مرافق الشركة، “وأدت إلى إيقاف العمل فيها بشكل كامل”.

ولفت إلى أنه كان من المؤمل استكمال تجهيز وتأهيل جميع الخطوط الإنتاجية والتشغيل التجريبي للمشروع عام 2015، غير أن دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى محافظة نينوى عام 2014 حال دون ذلك، إذ تعرضت الشركة لسرقة معظم المواد والمعدات وتدمير البنى التحتية التابعة لها.

وأكد أن “الشركة باشرت للمرة الثانية عام 2017 بإعداد دراسة جدوى اقتصادية وفنية وتجهيز ملف استثماري متكامل لمشروع إنتاج الكبريت المصفى بواقعه الحالي، إلا أن المشروع توقف بانتظار القرار المناسب بشأنه من الحكومة العراقية”.

يذكر أن حقول كبريت المشراق تعرضت لـ3 حرائق، كان أشدها عام 2003 عقب الغزو الأميركي للبلاد، ثم عام 2016 عندما أحرق مقاتلو تنظيم الدولة فضلات الكبريت في محاولة لعرقلة تقدم القوات الأمنية، وفي صيف 2019 امتدت ألسنة اللهب الناتجة عن حرائق حقول القمح والشعير لتصل إلى حقول الكبريت، مما تسبب في تلوث بيئي كبير، حسب مدير عام شركة كبريت المشراق، عبد المنعم الجبوري، في حديث سابق للجزيرة نت.

وتأسست الشركة العامة لكبريت المشراق عام 1969، وبدأ إنتاج الكبريت من خلال عقد استثماري مباشر مع إحدى الشركات البولونية يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1971، وهو اليوم الذي اعتبر بعد ذلك عيد المناجم العراقية، واستمرت الشركة البولونية بالعمل حتى عام 1990.

اقرأ أيضاً: العراق الثاني عالميا في احتياطي الفوسفات.. لماذا لا يستثمره لإنعاش اقتصاده؟

يُصنف العراق ثانيا ضمن أكبر احتياطيات الفوسفات في العالم، إذ يقدر الاحتياطي في صحراء العراق الغربية بأكثر من 10 مليارات طن؛ وهذا يعني أنه يحتفظ بما نسبته 9% من إجمالي الاحتياطي العالمي من هذه المادة، حسب هيئة المسح الجيولوجي العراقية.

ويأتي في المرتبة الأولى المغرب باحتياطي نسبته 70%، وتأتي الصين بنسبة 5%، ثم سوريا والجزائر بنسبة 3% لكل منهما، وتليهما كل من روسيا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة ومصر والأردن بنسبة 2% لكل دولة، وتتذيل دولة البيرو قائمة احتياطي الفوسفات بنسبة 1%”.

كم تبلغ معامل الفوسفات في العراق وطاقتها الإنتاجية؟

يقول إحسان علي صالح معاون المدير العام للشركة العامة للفوسفات إن معامل المجمع الكيميائي -الذي أنشئ عام 1978 على مساحة 3 ملايين متر مربع بعقد أولي قيمته مليار دولار- يضم معامل لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية كمنتج نهائي، ومنها معامل استخلاص الخامات من المنجم، وتركيز الخامات، وحمض الكبريتيك، وحمض الفسفوريك، ووحدات الخدمات الصناعية، ومعامل الأسمدة والأمونيا وأملاح الفلورين، ووحدة التداول.

وصممت تلك المعامل -وفق صالح- لإنتاج مليون و250 ألف طن سنويا من سماد أحادي الأمونيوم و”سوبر فوسفات”، والأسمدة المركبة كمنتج نهائي، ويقوم بتجهيز خاماتها منجم عكاشات (غربي القائم الحدودية مع سوريا) من 5 مقالع رئيسية تحوي ترسبات خامات الفوسفات الكلسية على مساحة 50 كيلومترا مربعا تضم احتياطي يتجاوز 700 مليون طن، حيث يحتوي الخام الرئيسي للفوسفات على نسبة 20-22% من مادة خامس أوكسيد الفسفور.

هل يوجد توجه حكومي أو خطط للشركة العامة لاستثمار الفوسفات؟

وحول التوجهات الحكومية للاستغلال الأمثل للفوسفات، يتحدث صالح عن سعي مستمر لإعادة تأهيل معامل الشركة المتوقفة عن العمل والإنتاج بشكل كامل لغاية الآن، بسبب ما تعرضت له من دمار وتخريب من تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014.

وكشف صالح للجزيرة نت عن إعداد ملف استثماري لتأهيل الشركة ومعاملها، لكن تم التريث بالموضوع لحين إجراء بعض التعديلات على قانون الاستثمار المعدني ليناسب طبيعة الاستثمار الحديث.

لماذا لم يتم المباشرة بالعقد الموقع مع الشركتين التشيكية والتركية لتأهيل معمل القائم؟

ويكشف نائب رئيس هيئة استثمار الأنبار عبد اللطيف الحلبوسي عن سبب توقف عقد تأهيل مصانع الفوسفات الموقع بين وزارة الصناعة والمعادن، متمثلة بالشركة العامة للفوسفات مع الشركتين التشيكية والتركية في أبريل/ نيسان2020.

يقول الحلبوسي للجزيرة نت إن جائحة كورونا السبب الرئيس بتوقف الفرصة الاستثمارية لتأهيل تلك المصانع، كما هو الحال مع جميع دول العالم التي أوقفت عمليات الإعمار والاستثمار بسبب كوفيد-19.

وأضاف أن هذا العقد التشغيلي من اختصاص وزارة الصناعة والمعادن بموجب قانون الاستثمار الصناعي النافذ المرقم 22 لسنة 1997، على مبدأ تأهيل الخطوط الإنتاجية وتشغيلها مع ضمان حقوق الموظفين.

وأشار الحلبوسي إلى أن تحريك العقد يكون عن طريق المستثمرين مع الجهات الحكومية المركزية، كاشفا عن مضي وزارة الصناعة بهذا القانون مع أغلب شركاتها الصناعية ومعاملها.

ما أسباب تلكؤ عمليات الاستثمار في مجال صناعة الفوسفات؟

وفي موازاة ذلك، هناك جملة من الأسباب والعوامل تعيق عمليات الاستثمار الصناعي في الفوسفات يحددها الأكاديمي الاقتصادي أحمد الراوي، منها تقادم خطوط الإنتاج في معامل الفوسفات وتضررها جراء الاعتداءات من مسلحين.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف أن خسارة شركة الفوسفات الكثير من كادرها الفني صاحب الخبرة الصناعية العالية نتيجة قانون التقاعد المعدل عام 2019 يعد سببا آخر يعيق تطوير معامل الفوسفات، كما أضاف إليه العامل السياسي الذي يقف -حسب قوله- ضد نجاح أي استثمار، فضلا عن التدخلات الخارجية والإقليمية بالقرار الاقتصادي العراقي.

كم يمكن أن يدر استثمار الفوسفات على العراق؟

حول المردودات المالية من استثمار الفوسفات، يوضح المهندس الاستشاري فؤاد الدجيلي أن الإنتاج وصل لأكثر من مليون طن سنويا من الأسمدة في ثمانينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أنه لو تم احتساب سعر طن الفوسفات الخام الذي ارتفع من 60 دولارا في فبراير/شباط الماضي إلى 152 دولارا خلال يوليو/تموز 2021 فإن ذلك سيدر على الموازنة أموالا طائلة، على اعتبار تقدير الاحتياطي نحو 10 مليارات طن وبالسعر المتوسط 140 دولارا للطن الواحد، فإن المخزون الاحتياطي تصل قيمته تريليون و400 مليار دولار.

وأضاف الدجيلي للجزيرة نت أن استخراج مادة الفوسفات بمعدل 100 مليون طن سنويا وبسعر بيع 140 دولارا للطن الواحد سيوفر 14 مليار دولار، وهو ما يشكل من 9% إلى 12% من حجم الموازنة العامة للعراق.

ويؤكد الدجيلي أيضا على ضرورة الاستغلال الأمثل لمادة الفوسفات في مشتقات الصناعة والزراعة داخل العراق، مع تصدير الفائض منه إلى الخارج.

ويستدرك الدجيلي قائلا إن سعر السماد “دي أي بي DAP” (اختصارا لفوسفات ثنائي الأمونيوم) يعد أكثر الأسمدة الفسفورية استخداما في العالم، إذ ارتفع سعر الطن الواحد من 325 دولارا إلى 705 دولارات، مما يشكل مردودا ماليا يساوي 4 أضعاف سعر طن الفوسفات الخام.

أيهما الأمثل؟ بيع مواد خام من الفوسفات أم مشتقات صناعية وزراعية منها؟

حول ذلك يجيب الاستشاري الأكاديمي والصناعي مؤيد كاصد جلهوم بأن عودة معمل القائم لإنتاج الأسمدة الزراعية الفوسفاتية -أكبر معمل كيميائي في العراق والشرق الأوسط – للعمل سينتج 400 ألف طن سنويا.

ويضيف جلهوم للجزيرة نت أن هذا قد يحقق عوائد مالية بنحو 282 مليون دولار قابلة للزيادة أو النقصان، حسب حاجة الأسواق العالمية، في حين يتوقع بأن يكون إجمالي الدخل السنوي المتوقع من هذا النشاط أكثر من 400 مليون دولار، وذلك بإضافة إنتاج حمض الفسفوريك ومنتجات تعدينية أخرى تصل لأكثر من 9 عناصر مختلفة بعضها نادر.

ويؤيد جلهوم إنتاج مشتقات زراعية وصناعية من الفوسفات وهي كبيرة نتيجة ضعف الإنتاج السنوي للفوسفات الخام.

ما الطبيعة الاستثمارية في الأنبار والطموحات الحكومية فيها؟

وبخصوص عمل هيئة استثمار الأنبار المحلية -وفق الحلبوسي- فإنها تعمل بموجب قانون الاستثمار العام رقم 13 لسنة 2006 المعدل، والذي يشمل قطاعات مختلفة، وضمن المحددات المالية لا تقل عن 250 ألف دولار ولا تزيد عن 250 مليون دولار.

وأضاف أن العديد من الشركات المحلية والأجنبية تقدمت للاستثمار في المحافظة بموجب هذا القانون، وقد وصل عدد الفرص الاستثمارية المختلفة إلى 225 فرصة استثمارية، إضافة إلى طلبات كثيرة بمختلف القطاعات في طور إكمال المتطلبات.

وختم الحلبوسي حديثه بأن الأنبار أرض خصبة لجميع أنواع الاستثمار نتيجة توفر جميع المقومات، كاشفا عن أن الحكومة المحلية الحالية في طور إعداد خارطة استثمارية وفق خطة خمسية، من أجل أن يرتقي الاستثمار إلى مستوى الطموح.

المصدر : الجزيرة – مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى