كشفت دراسة حديثة أجرتها مجموعة من الباحثين الأميركيين عن السر وراء حفاظ أسماك “القد” أو “لينغكود” (lingcod) التي تعيش في المحيط الهادي، على حدة أسنانها التي لطالما شكلت لغزا حير الباحثين.
وأشار تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) الأميركية إلى أن نتائج الدراسة التي أجريت على أسماك “القد” التي يمكن أن يصل طولها إلى 5 أقدام ووزنها إلى 80 رطلا ولديها حوالي 500 سن تشبه الإبر الحادة، من شأنها تمكين العلماء من فهم ظاهرة استبدال الأسنان عند الأسماك بشكل أفضل.
ويمكّن العدد الكبير من الأسنان الحادة السمكة المفترسة التي تنصب الكمائن لاصطياد فريستها من افتراس شتى أنواع الأسماك، وقد كان حفاظها على حدة أسنانها المرعبة لغزا حير العلماء طويلا، قبل أن تتوصل الدراسة التي نشرت في دورية “بروسيدنغز أوف ذا رويال سوسيتي بي” (the Proceedings of the Royal Society B) إلى حله.
وبحسب الدراسة، فإن أسماك القد تحافظ على حدة ولمعان أسنانها من خلال استبدال حوالي 3% من تلك الأسنان كل يوم، أي حوالي 20 سنا يوميا.
ونقل تقرير نيويورك تايمز عن كارلي كوهين، طالبة الدكتوراه في جامعة واشنطن عضوة الفريق الذي أجرى الدراسة الجديدة، القول إن أسنان أسماك القد تشبه أسنان العديد من الأسماك الأخرى، مما يجعلها نموذجا رائعا لدراسة أسنان الأسماك.
استبدال الأسنان
ولتحديد المدة التي تستبدل فيها أسماك القد أسنانها، أخضع الباحثون القائمون على الدراسة 20 سمكة من هذا الصنف للدراسة في “مختبرات فرايداي هاربور” (Friday Harbor Laboratories) بجامعة واشنطن، وتتبعوا عدد الأسنان التي فقدتها تلك الأسماك، والتي نمت على مدة عدة أيام.
وقد وُضعت الأسماك في حوض مملوء بمياه البحر المخلوطة بصبغة حمراء، بحيث تلطخ أسنان سمكة القد باللون الأحمر، قبل أن يعيدوها إلى خزانها المعتاد لمدة 10 أيام.
وبعد مرور 10 أيام، تم وضع الأسماك في حوض يحتوي على صبغة خضراء قبل قتلها بشكل رحيم ثم فحص أسنانها، ووجد الباحثون أن الأسنان التي كانت موجودة منذ بداية التجربة مصبوغة باللونين الأحمر والأخضر، بينما كانت الأسنان الجديدة خضراء فقط.
وبعد جمع وفحص ما مجموعه 10 آلاف سن، تمكن العلماء من تحديد مدى سرعة فقدان أسماك القد أسنانها ونمو أسنان أخرى بديلة، كما تمكنوا من تتبع أي الأسنان تم استبدالها في أغلب الأحيان.
تقول رئيسة الفريق الذي أجرى الدراسة إميلي كار، الباحثة في جامعة جنوب فلوريدا، إن “عدد الأسنان التي تُستبدل (لدى تلك الأسماك) جنوني”، وقد قامت كار بفحص 10 آلاف سن بنفسها، ولاحظت أن استبدال الأسنان لم يحدث بنفس الوتيرة في الفكين العلوي والسفلي لتلك الأسماك.
ويرجح كوري إيفانز عالِم البيئة السمكية بجامعة رايس في مدينة هيوستن الأميركية، أن تكون الطريقة التي تستبدل بها أسماك القد أسنانها حاسمة في إستراتيجيتها لصيد فريستها.
ويقول إيفانز كلما كانت أسنان سمكة “القد” باهتة، كان من الصعب عليها التمسك بفريستها، لذا فإن قدرتها على التخلص من الأسنان (غير الحادة) واستبدالها أمر مهم جدا، لأنها تحتاج إلى أسنان مدببة حادة وفي موضعها الصحيح.
المصدر : نيويورك تايمز