دول الشرق الأوسط وفي مقدمتها العربية.. تملك 15% من سعة تخزين الكهرباء المثبتة في العالم.. إليك التفاصيل

تُعدّ دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوقت الحالي موطنًا لنحو 15% من سعة تخزين الكهرباء المثبتة في العالم، لكن ما زالت هناك حاجة إلى دفع هذا الرقم للأمام، لتمكين أنظمة الطاقة المتجددة المتغيرة من الاندماج في شبكات الكهرباء في المنطقة بطريقة مرنة ومستقرة، الأمر الذي يسهم في النهاية في تحقيق أهداف المنطقة الخضراء.

وسبق أن تعهدت الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتحول إلى الطاقة المتجددة، مدفوعة بالحاجة إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز أمن الطاقة، وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وتهدف دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى توليد ما بين 15% و50% من الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، إذ يؤدي انخفاض تكاليف التكنولوجيا والتركيز المتزايد على السياسات الخضراء إلى خلق بيئة مواتية لنشر مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ووفق ما أكدته المستشارة المستقلة لسياسات الطاقة، الباحثة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط، جيسيكا عُبيد، وخبير الطاقة سهيل شاتيلا، في مقال لهما على موقع “إم إي آي”، تحت عنوان “دمج المصادر المتجددة مع تخزين الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحقق الأهداف الخضراء”، فإن تنفيذ الطاقة المتجددة بالمنطقة كان بطيئًا، إذ تبلغ قدرتها المركبة نحو 10.6 غيغاواط، مقارنة بإجمالي عالمي يبلغ 2799 غيغاواط منذ 2020.

مرونة أنظمة الطاقة واستقرارها

من المتوقع -وفقًا للمقال- أن تؤدي أنظمة تخزين الكهرباء “إي إس إس” دورًا رئيسًا في زيادة تكامل أنظمة الطاقة المتجددة المتغيرة “في آر إي” في شبكات الكهرباء، إذ ستعزز أنظمة التخزين مرونة أنظمة الطاقة واستقرارها من خلال ثبات السعة والخدمات المساعدة الأخرى، مثل تنظيم التردد والجهد.

ويمكن أن توفر أنظمة تخزين الكهرباء عشرات الخدمات التي يمكن زيادتها لتعظيم القيمة، وفقًا لاحتياجات ومتطلبات نظام الطاقة والشبكة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستُعوض هذه الخدمات بصفة مختلفة، حسب احتياجات السوق.

ويتيح زيادة الخدمات -أيضًا- زيادة الإيرادات، بالإضافة إلى رفع سعة التخزين، وبالتالي إنشاء حالة أعمال مواتية لأنظمة تخزين الكهرباء، إذ ركز تصميم نظام الطاقة بصورة تقليدية على توسيع قدرة توليد الطاقة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.

وأدى ذلك إلى سباق لتعزيز توليد الطاقة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باستخدام الطاقة الحرارية في الغالب، بمتوسط معدل نمو سنوي يبلغ 7%، في حين ظل الطلب في تزايد مستمر مدفوعًا بالدعم والنمو السكاني، والحاجة إلى المزيد من التبريد والمياه.

ويتحول تصميم نظام الطاقة -حاليًا- نحو خفض أحمال الذروة، وهو أمر بالغ الأهمية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لخفض معدل ووتيرة إضافة سعة توليد الكهرباء.

مشروعات تخزين الكهرباء

تتخذ دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خطوات لتوسيع قدرتها على تخزين الكهرباء، إذ من المقرر تنفيذ 30 مشروعًا بحلول عام 2025.

وحتى الآن، تشمل مشروعات أنظمة تخزين الكهرباء المكتملة في المنطقة التخزين المائي بالضخ، الذي يشكل 55% من السعة المركبة، مقارنة بنسبة 90% على مستوى العالم، بجانب البطاريات -خاصة بطاريات الصوديوم والكبريت والليثيوم أيون- التي من المتوقع أن تنمو من 7% إلى 45% ضمن أنظمة تخزين الكهرباء في المنطقة بحلول عام 2025.


وتتباين جهود نشر أنظمة تخزين الكهرباء في المنطقة، إذ يحفز الأردن ومصر والمغرب ومعظم دول الخليج أهداف الطاقة المتجددة الطموحة، ويُترجم هذا في الغالب إلى تطبيقات قياس العداد “إف تي إم” على نطاق المرافق، وتخزين الكهرباء على نطاق الشبكة المتصلة بمصادر توليد الكهرباء أو شبكات النقل والتوزيع، خاصة عبر مزادات الطاقة المتجددة والتخزين أو الموقع المشترك للرياح وتخزين الطاقة الشمسية، إذ تمثل تطبيقات “إف تي إم” نحو 89% من السعة المركبة في المنطقة.

ومع ذلك، بالنسبة إلى البلدان التي تعاني انقطاع التيار الكهربائي بصفة متكررة، مثل العراق ولبنان، فإن النقص الكبير في إمدادات الطاقة يخلق قوة دفع أخرى لأنظمة التخزين، ويتعلق هذا في الغالب بتطبيقات ما وراء العداد “بي تي إم”، وهي الكهرباء المخزنة في أماكن العمل خلف عداد المستهلك، التي تقلل الخسائر الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بانقطاع التيار الكهربائي.

وبحسب المقال، يبلغ حجم نشر أنظمة تخزين الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -حاليًا- نحو 1.46 غيغاواط، مقارنة بالقدرة العالمية البالغة 10 غيغاواط، أو أقل بقليل من 15% من الإجمالي، أي ما يعادل تخزين البطاريات في المملكة المتحدة.

والواضح أنه للمضي قدمًا، ستكون هناك حاجة إلى تفاعل الجميع، الحكومات ومرافق الكهرباء، بجانب التمويل، كما ستحتاج المؤسسات إلى معالجة العديد من الحواجز التنظيمية والمالية وحواجز السوق لتسريع نشر أنظمة تخزين الكهرباء وأنظمة الطاقة المتجددة المتغيرة في المنطقة.

التمويل والمعايير البيئية والاجتماعية

على الصعيد التنظيمي، لم تصدر أي من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعرفات أو لوائح شاملة تحكم المعايير البيئية والاجتماعية لأنظمة تخزين الكهرباء، في حين أعلنت أهداف أنظمة الطاقة المتجددة المتغيرة دون احتساب السياسات أو أهداف التخزين.

ولا يزال من غير الواضح أين يمكن أن تتناسب أصول أنظمة تخزين الكهرباء مع سلسلة قيمة الطاقة؛ كجزء من التوليد أو النقل أو التوزيع، أو حتى المشاركة عبر سلسلة القيمة، إذ يخلق عدم وجود أطر تنظيمية شاملة تحديات إضافية لنشر هذه الأنظمة، ويزيد من نفور المستثمرين وقلقهم من المخاطرة.

وبينما اللوائح الحالية -مثل مخطط صافي القياس على الأسعار الثابتة- تعوق نشر تخزين الكهرباء، إذ إنه بموجب هذا المخطط يمكن للمستهلكين تعويض استهلاكهم من المرافق عن طريق ضخ فائض الطاقة المولدة في الموقع مرة أخرى في الشبكة.

وباستثناء البلدان التي تعاني انقطاعات كبيرة في التيار الكهربائي، يوفر مخطط التعرفة الثابتة حافزًا لتنفيذ الطاقة المتجددة على نطاق صغير، ولكن ليس تخزين الكهرباء، إذ يجب مراجعة مخطط القياس الصافي، خاصة عندما تزداد حصة مصادر الطاقة المتجددة، لتحفيز مشروعات الطاقة المتجددة الموزعة المقترنة بتطبيقات “ما وراء العداد”.

وبالنسبة إلى التمويل، يقلص نقص الاستثمار وتكاليف التمويل المرتفعة وتكاليف الدعم الكبيرة من توافر التمويل لمشروعات تخزين الكهرباء، إذ يجب تخصيص الإطار التنظيمي الذي يعتبر أنظمة تخزين الكهرباء جزءًا من استثمارات ضخمة للشبكات.

ويستقبل قطاع الكهرباء الحصة الأكبر من الاستثمارات في قطاعات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ يشكل ما يقرب من ثلث الاستثمارات المخصصة للمشروعات بين 2021 و2025، التي تبلغ 805 مليارات دولار.

ويستهدف الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات سلسلة قيمة التوليد، في حين أن 8 إلى 12% فقط مخصصة لشبكات النقل والتطوير، وبالنظر إلى أن أنظمة تخزين الكهرباء تقنية حديثة وديناميكية نسبيًا تخضع للبحث والتطوير المستمر، تتطلب المشروعات عادةً حصة أكبر من تمويل الأسهم مقارنة بمشروعات الطاقة التقليدية.

ورأى الكاتبان أن هذا الأمر يؤدي إلى زيادة تكلفة المشروعات على نطاق المرافق، ويتطلب شراكات حكومية مباشرة من خلال الشركات المملوكة للدولة.

وعلاوة على ذلك، رغم الحاجة الواضحة لأنظمة تخزين الكهرباء، وتقليل الاعتماد على مولدات الديزل في البلدان التي تعاني نقصًا كبيرًا، فإن المخاطر العالية تزيد من تكلفة التمويل وتحد من القدرة على الاقتراض، لذا من الضروري أن يوفر القطاع الخاص والقطاع العام وبنوك التنمية المتعددة الأطراف تمويلًا مرنًا لمشروعات تخزين الكهرباء.

دعم الطاقة في المنطقة

قال الكاتبان إن دعم الطاقة -الذي تتجاوز تكلفته 40 مليار دولار سنويًا- أثقل ميزانيات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأعاق نشر التقنيات منخفضة الكربون، لأن تعرفة الكهرباء لا تعكس التكلفة، إذ إن تكلفة تخزين الكهرباء تتحملها المرافق، وبالتالي الحكومات.

لذا، أكد المقال أنه يجب على الحكومات تقديم حوافز لمشروعات المعايير البيئية والاجتماعية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. ويمكن -أيضًا- نشر أدوات السياسة والسوق لتحفيز الاستثمارات، مثل الإعفاءات الضريبية والملكية المباشرة للأسهم، وائتمانات الكربون.

وبينما إعادة هيكلة تعرفة الكهرباء كانت تحديًا لحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن هناك حاجة إلى وضع تعرفة تعكس التكلفة بصورة أكبر، ليختلف السعر بناءً على وقت الاستخدام، وهو أمر بالغ الأهمية للأداء المالي للمرافق والجدوى الاقتصادية للمعايير البيئية والاجتماعية.

وعلى جبهة السوق، يمثل تصميم سوق الطاقة ومزادات الطاقة المتجددة تحدياتهما الخاصة لنشر أنظمة التخزي، إذ إن مرافق الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مملوكة للدول في الغالب ومتكاملة رأسيًا، وتتميز بنموذج المشتري الفردي، وهو نموذج يحد من آفاق استثمارات تخزين الكهرباء، لأنه يقيد أعمال زيادة الإيرادات، التي تجعل مشروعات تخزين الكهرباء مجدية اقتصاديًا وجاذبة للمستثمرين.

مشاركة القطاع الخاص

وفقًا للمقال، فقد عُززت مشاركة القطاع الخاص من خلال مزادات الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ اجتذبت هذه الاستثمارات وأدت إلى أسعار تنافسية، لكنها أعطت الأولوية لأقل سعر بين العروض المتوافقة من الناحية الفنية.

ونظرًا إلى أن تخزين الكهرباء يوفر قيمة من خلال الخدمات المكدسة بالإضافة إلى التخزين، فلا يمكن اعتبار سعر العطاء النهائي هو معيار التحفيز الوحيد، إذ يتطلب نشر أنظمة تخزين الكهرباء مراجعة المزاد وتقييمه ومعايير التحفيز لتشمل عناصر وأهدافًا محددة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المزادات عادة ما تكون مرتبطة بالحكومات، بشروط الشراء أو الدفع المكلفة في اتفاقيات شراء الطاقة طويلة الأجل، وينتج عن ذلك دفع الحكومات تكاليف الكهرباء حتى في حالة تقلص الإمداد، وهو أمر شائع بالنسبة إلى شركات أنظمة الطاقة المتجددة المتغيرة المتقطعة.

لذا، يتطلب المضي قدمًا في نشر أنظمة تخزين الكهرباء، وبيع أصول مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التخزين، ما يتيح للمتعهدين شراء الكهرباء القابلة للتوزيع.

وتتمتع العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بميزة تنافسية في نشر المعايير البيئية والاجتماعية لأنظمة تخزين الكهرباء، خاصة مصادر الطاقة المتجددة بالإضافة إلى التخزين، نظرًا إلى وفرة مصادر الطاقة المتجددة وانخفاض تكلفة الشراء وسهولة الوصول نسبيًا إلى التمويل.

وعلى الرغم من أن نطاق التطبيقات والخدمات خاص بكل حالة منفردة، فإن بعض الحواجز التنظيمية والمالية وحواجز سوق الطاقة شائعة في جميع أنحاء المنطقة، وتحتاج إلى معالجتها لتمكين نشر أنظمة تخزين الكهرباء على نطاق واسع، وتوسيع نطاق أنظمة الطاقة المتجددة.

وتوقع الكاتبان أن يكون الدمج بين أنظمة تخزين الكهرباء وأنظمة الطاقة المتجددة المتنوعة، على نطاق المرافق، أمرًا أساسيًا لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة الطموحة في المنطقة، ووضعها على الطريق نحو الحياد الكربوني.

المصدر : الطاقة

Exit mobile version