تحتوي المنطقة العربية على العديد من الموانئ المهمة والإستراتيجية، بعضها يقدّم خدمة تموين السفن بالوقود، أبرزها ميناء الفجيرة في الإمارات، إذ يشغل المرتبة الثانية عالميًا، في حين يحتلّ ميناء جدة الإسلامي الصدارة من بين موانئ البحر الأحمر.
وتُعدّ هذه الموانئ العربية مهمة على مستوى التجارة العالمية، مما يؤهلها لتحتلّ موقعًا متميزًا في قدرتها على تموين السفن التي تمرّ بها.
وبينما تقدّم بعض الموانئ العربية خدمات تموين السفن بالوقود، تسعى موانئ أخرى إلى التوسع في هذا النشاط عبر جذب استثمارات عالمية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ميناء الفجيرة
يأتي ميناء الفجيرة في الإمارات بمقدمة الموانئ العربية التي تقدّم خدمة تموين السفن بالوقود، لكنه يشغل المرتبة الثانية على الصعيد العالمي لتقديم هذه الخدمة بعد سنغافورة، وفقًا للمعلومات المتوفرة في بوابة الحكومة الإماراتية.
ويتميز الميناء الواقع في إمارة الفجيرة بالإمارات بوجوده على بعد 70 ميلًا بحريًا من مضيق هرمز، والذي يمرّ منه 40% من نفط العالم المنقول عبر البحر، مما يوفر إمكان الربط بين أسواق دول الخليج العربي وشبه القارة الهندية والشرق الأوسط وأوروبا.
ويُعدّ ميناء الفجيرة -وهو المنفذ الوحيد لدولة الإمارات للمحيط الهندي- من أكبر مراكز تخزين وتصدير النفط والخدمات اللوجستية، والأشهَر كذلك بالمنطقة العربية.
ويحتوي ميناء الفجيرة على أول رصيف لناقلات النفط العملاقة، والذي يُعدّ الأعمق عالميًا، بتكلفة تُقدَّر بنحو 650 مليون درهم (176.97 دولارًا)، وفقًا لبيانات حكومية.
وكان ميناء الفجيرة قد بدأ عملية التخزين التجاري للنفط منذ عام 1994، بسعة تقارب الـ550 ألف متر مكعب، ثم ارتفعت السعة حاليًا إلى 10 ملايين متر مكعب (64 مليون برميل).
وتنفّذ شركة شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) أكبر مشروع في العالم لتخزين النفط تحت الأرض في إمارة الفجيرة بقيمة 4.4 مليار درهم (1.2 مليار دولار)، وذلك بالتعاون مع شركة إس كي إنجنيرنغ آند كونستركشن -ومقرّها كوريا الجنوبية-.
ميناء جدة الإسلامي
يتضمن ميناء جدة الإسلامي في السعودية منطقة خدمات لوجستية، من بينها خدمة تموين السفن بالوقود.
وبحسب تصنيف هيئة الموانئ السعودية، يحتلّ ميناء جدة الإسلامي، والذي يُعدّ الميناء الرئيس الذي يخدم ويستقبل حجاج بيت الله الحرام، المرتبة الأولى من بين موانئ البحر الأحمر.
ويشهد ميناء جدة الإسلامي -الذي تأسس قبل مئات السنين- في الوقت الراهن عبور نحو 75% من التجارة البحرية الواردة عبر الموانئ السعودية.
ويستقبل ميناء جدة الإسلامي -بحسب بيانات حكومية- نحو 5 آلاف سفينة، إذ يتميز بإمكانه الربط بين 3 قارّات.
ميناء الملك فهد
في فبراير 2022، وقّعت الهيئة العامة للموانئ السعودية عقدًا استثماريًا مع شركة الصفانية للملاحة، يتضمن تشغيل وصيانة محطة تموين السفن بالوقود في ميناء الملك فهد الصناعي.
وتضمَّن العقد الذي تبلغ مدته 10 سنوات، أن تقوم شركة الصفانية للملاحة بتشغيل وصيانة المحطة وتقديم خدمة إمداد وتزويد السفن القادمة باحتياجاتها من الوقود وزيت الديزل البحري.
وتتألف المحطة البالغة مساحتها 20 ألف متر مربع من خزّانات زيت الوقود الثقيل وزيت الديزل البحري، ومحطة الضخ، وأنابيب ومحابس الشبكة، ومحطة قياس كمية الزيت، وكذلك نظام التسخين للخزّانات ولأنابيب الشبكة وغيرها.
ويشار إلى أن مساحة الميناء تبلغ 6.8 كيلومترًا مربعًا، بطاقة استيعابية تصل إلى 210 ملايين طن، ويُستخدم في تصدير النفط السعودي الخام ومشتقاته المكررة إلى الأسواق العالمية، والبتروكيماويات السائلة والصلبة والغاز، وكذلك استيراد احتياجات المجمعات الصناعية بالهيئة الملكية في مدينة ينبع السعودية.
ميناء العقبة
يقدّم ميناء العقبة، الواقع في الأردن والذي بدأ نشاطه عام 1939، خدمات عديدة، ومنها تموين السفن بالوقود.
ويتميز ميناء العقبة بموقعه الذي يربط القارّة الأفريقية بالشرق الأوسط ودول غرب آسيا، كما يُعدّ حلقة وصل بين الشرق الأقصى والهند والشرق الأوسط، دون الحاجة للمرور بقناة السويس.
ويتكون ميناء العقبة من 3 مناطق رئيسة، وهي منطقة الميناء الرئيسة، والميناء الأوسط، والميناء القديم الشمالي، كما يضمّ ميناءين للنفط والغاز المسال.
وقام الأردن بإنشاء رصيف للنفط بالعقبة عام 1985، والذي كان يهدف في بدايته إلى تصدير النفط، ومع ارتفاع حاجة المملكة الهاشمية إلى استيراد النفط الخام والمشتقات النفطية الأخرى، عُدِّلَ رصيف النفط للاستيراد عام 1996.
وبتكلفة 17 مليون دولار، قرر الأردن كذلك إنشاء رصيف للغاز المسال، إذ بدأ التشغيل الفعلي له في مارس/آذار 2015، بهدف استقبال ناقلات الغاز المسال.
قناة السويس
تعتزم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إطلاق خدمات تموين السفن بالوقود خلال الشهور المقبلة، وذلك في إطار إستراتيجية المنطقة الاقتصادية خلال المدة من عام 2020 وحتى عام 2025.
وبحسب رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يحيى زكي، تقوم المنطقة بوضع اللمسات النهائية لتفعيل خدمات تموين السفن والخدمات البحرية، ودراسة العروض التي قُدِّمت إليها في هذا القطاع.
وتستهدف المنطقة الاقتصادية لقناة السويس جذبَ الاستثمارات لنحو 15 قطاعًا صناعيًا ولوجيستيًا، ومنها خدمات تموين السفن.
وتُقدَّر المساحة الإجمالية للمنطقة الاقتصادية بنحو 461 كيلومترًا مربعًا، تشمل 4 مناطق صناعية و6 موانئ بحرية، تقع حول ضفتي قناة السويس -الممر المائي الأهم في العالم-.
وتسعى مصر إلى التوسع في مجال تموين السفن عبر جذب شركات عالمية للاستثمار في هذا النشاط، من خلال اللجنة الوطنية المشكّلة لمشروع تموين السفن بالموانيء المصرية، والتي يترأّسها وزير البترول المصري، وتضم أعضاء من هيئة قناة السويس والهيئة الاقتصادية، ووزارة النقل، والهيئة المصرية العامة للبترول.
كما تسعى مصر إلى تقديم خدمة تموين السفن بالوقود الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في إطار استهداف الوصول إلى حيادية الكربون.
وفي مارس/آذار 2022، وقّعت كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، مذكّرة تفاهم مع شركة ميرسك العالمية؛ وذلك بشأن إقامة مشروع إنتاج الوقود الأخضر لإمدادات تموين السفن والوصول للحياد الكربوني.
وتقول الحكومة المصرية، إنها تستهدف تنفيذ مشروعات إنتاج واستخدام الميثانول الأخضر والأمونيا الخضراء، وخاصة في قطاع تموين السفن.
ويشار إلى أن شركة مصر للبترول -إحدى الشركات المملوكة للهيئة المصرية العامة للبترول- تقوم بتقديم خدمة تموين السفن بموانئ السويس وبورسعيد والإسكندرية، إذ تقوم بتزويد السفن العابرة بالوقود، من خلال المعدّات البحرية و المستودعات المملوكة لها في تلك الموانئ.
ميناء صحار
يقوم ميناء صحار، الواقع في سلطنة عمان، بتقديم خدمات تموين السفن بالوقود في الميناء، والذي شهد إبرام اتفاقية تعاون خلال العام الماضي مع شركة هرمز مارين، تتعلق بتقديم ذلك النشاط.
وبحسب اتفاقية التعاون، تقوم هرمز مارين بإتاحة وتشغيل ناقلة بسعة 8 آلاف طن متري لتزويد السفن بالوقود.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة هرمز مارين -والتي تتخذ من العاصمة مسقط مقرًا لها- تعمل بتوفير الوقود البحري في عدد من أبرز من الموانئ، بما في ذلك مسقط، وخصب، والسويق، وشناص، وصور.
اقرأ أيضاً: مشروع مصري لتموين السفن بالهيدروجين الأخضر
تتزايد أهمية الهيدروجين الأخضر، بوصفه وقود المستقبل، في كل القطاعات، ومن بينها قطاع النقل البحري، مع مساعي شركات الشحن العالمية -ومن بينها شركة ميرسك- للتحول نحو الحياد الكربوني.
وتلاقت خطط ميرسك العالمية لإنتاج وقود نظيف مع الخطط المصرية لأداء دور رئيس في التحول إلى مركز إقليمي لتجارة الطاقة، معتمدة في ذلك على موقعها الإستراتيجي، ومقوماتها لإنتاج الهيدروجين الأخضر من مصادر الطاقة المتجددة، معلنين شراكة إستراتيجية لإنتاج الوقود الأخضر.
وفي هذا الإطار، شهد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، اليوم الإثنين، مراسم توقيع مذكرة تفاهم بين كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة “ميرسك العالمية”؛ لإقامة مشروع إنتاج الوقود الأخضر –الناتج من الهيدروجين الأخضر- لإمدادات تموين السفن والوصول لانبعاثات كربونية صفر.
حضر توقيع مذكرة التعاون وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، محمد شاكر، ونائب رئيس شركة ميرسك، رئيس وحدة الحدّ من انبعاثات الكربون، مورتن بو كريستيانسن.
ووقّع المذكرة رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يحيى زكي، والرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، والرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، محمد الخياط، ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لنقل الكهرباء، صباح مشالي، ونائب الرئيس التنفيذي، والرئيس التنفيذي للأسطول والعلامات التجارية الإستراتيجية لشركة ميرسك العالمية، هينيريتا تايغيسين.
الطاقة النظيفة
يأتي توقيع المذكرة في إطار استهداف الدولة المصرية لمشروعات الطاقة النظيفة، والتوسع بمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، والتي تعمل على تنفيذها بالتزامن مع استضافة مصر لقمة المناخ كوب 27 في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ومن المقرر تنفيذ مشروعات إنتاج واستخدام الميثانول الأخضر والأمونيا الخضراء، وخاصة في قطاع تموين السفن، بفضل ما تمتلكه مصر من موقع متميز ومقومات فريدة تجعلها رائدة في هذه القطاعات.
وأكد مدبولي أن الدولة المصرية تواصل السعي بخطى حثيثة للتوسع في مجال الطاقة النظيفة واستخداماته، من خلال تقديم الدعم اللازم لهذا المجال، مع وضع مشروعات الوقود الأخضر على قائمة أولوياتها، والدفع نحو تنفيذ هذه المشروعات بصفتها أحد مرتكزات إستراتيجية الدولة نحو توطين صناعة الوقود الأخضر.
مكانة قناة السويس
من جانبه، أشار رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى أن المنطقة الاقتصادية تستهدف مجال الاقتصاد الأخضر وتطبيقاته الصناعية المختلفة، مثل صناعة الهيدروجين الأخضر، الذي يعدّ أحد أهم مصادر الطاقة النظيفة عالميًّا، والتي تجذب المستثمرين العالميين.
وأضاف أن ذلك يأتي انطلاقًا من الإمكانات التي تتمتع بها المنطقة الاقتصادية، وخاصة موقعها المتميز على ضفّتي المجرى الملاحي الأهمّ في العالم، وهو قناة السويس، الأمر الذي يتيح فرصًا غير مسبوقة لرفع تنافسية القناة، وتحويلها إلى مركز عالمي لتموين السفن بالوقود الأخضر.
من جهتها، قالت هينيريتا تايغيسين، إن مصر تمتلك مقومات ممتازة لإنتاج الطاقة المتجددة، لتصبح رائدة عالميًا في سلسلة قيمة الطاقة النظيفة، ونحن متحمسون جدًا للتعاون مع مصر في هذا القطاع.
من المقرر أن يقوم الطرفان (المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وشركة ميرسك العالمية) بإجراء دراسات الجدوى اللازمة قبل نهاية العام الحالي، بشأن إمدادات تموين السفن بالوقود الأخضر.
الحياد الكربوني
أوضحت المسؤولة في ميرسك أن الشركة التزمت بإزالة الكربون بالكامل من عملياتها بحلول عام 2040، مما يعني تسريع التحول للطاقة الخضراء في الوقت الحالي، فضلًا عن أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لديها المقومات والفرص لوضع المعيار وتحديد ما يشكّل وقودًا أخضر حقيقيًا في النقل البحري، وستكون شهادة اعتماد هذا الوقود الأخضر ذات أهمية قصوى لجميع الأطراف.
تجدر الإشارة إلى أن كلًا من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وشركة “ميرسك” العالمية قد ناقشا، في جلسات ورش عمل منتصف الشهر الجاري، سبل التعاون بين الطرفين لإقامة المشروع، وتوافر الطاقة النظيفة والوقود الأخضر بكميات كافية للوصول لانبعاثات كربونية صفر في الشحن البحري.
وتقوم شركة “ميرسك” العالمية بتجهيز 12 سفينة للعمل بالهيدروجين الأخضر، كما إن لديها اهتمامًا كبيرًا بإنشاء مصنع يخصَّص لإنتاج الوقود الأخضر في المنطقة الاقتصادية بالعين السخنة.
كان رئيس الوزراء المصري قد استقبل صباح اليوم الرئيس التنفيذي للأسطول والعلامات التجارية الإستراتيجية لشركة “ميرسك” العالمية، قبيل التوقيع على مذكرة التفاهم.
الوقود الأخضر
أشاد مدبولي بالتعاون مع شركة ميرسك في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر لتموين السفن، مؤكدًا دعم الحكومة غير المحدود لمثل هذه المشروعات الخضراء.
وخلال اللقاء، أثنت الرئيسة التنفيذية للأسطول والعلامات التجارية لشركة “ميرسك” على علاقات التعاون الممتدة مع مصر على مدار أكثر من 100 عام، إذ تعدّ ميرسك أكبر خطوط ملاحية من حيث حجم الأعمال في مصر.
وأعربت عن سعادتها بالتوقيع على مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر لتموين السفن، مشيدةً بما أبدته الحكومة المصرية والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس من التزام واحترافية خلال كل مراحل التفاوض.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية