يُعدّ نشر السيارات الكهربائية صديقة البيئة أحد الإجراءات المتبعة لمواجهة التغيرات المناخية، في إطار إستراتيجية شاملة ينفذها البعض، مع توجه الدول العربية نحو الاقتصاد الأخضر والعمل على تقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة.
وبحسب إحصائيات وكالة الطاقة الدولية، يُعدّ قطاع النقل مسؤولًا عن 24% من انبعاثات غازات الدفيئة على المستوى العالمي، ويمثّل النقل البري -الأكثر استخدامًا- نحو 75% من هذه الانبعاثات الضارة بالبيئة التي يصدرها القطاع.
واعتبر تقرير للأمم المتحدة أن قطاع النقل من ضمن أسرع المساهمين نموًا في الانبعاثات الناجمة عن السيارات والمركبات الأخرى، التي يُعد الكربون الأسود وثاني أكسيد النيتروجين منها، وهو ما يتسبب في أمراض التنفس والسكتات الدماغية والنوبات القلبية والخرف ومرض السكري.
ويمتلك العرب -بالتزامن مع توجه العديد من الدول الغربية- خططًا تتضمن تيسيرات وحوافز تساعد على انتشار السيارات الكهربائية، ليس فقط بهدف تقليل انبعاثات الكربون، وإنما أيضًا لتوفير فاتورة الطاقة خصوصًا تلك التي تُعد مستوردة للوقود الأحفوري.
وفي المجمل، بلغت مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم 6.6 مليون وحدة خلال عام 2021، مقابل 130 ألف سيارة كهربائية مبيعة فقط خلال عام 2012، بحسب تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية.
السيارات الكهربائية في الإمارات
جاءت دولة الإمارات في مقدمة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اعتماد كهربة السيارات، إذ اعتبر تقرير صادر عن مجلس صناعات الطاقة النظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن نسبة محطات الشحن إلى السيارات في الإمارات من بين الأعلى عالميًا.
وتضم الإمارات -وفقًا للتقرير الذي نقلته وكالة الأنباء الإماراتية- نحو 240 محطة عامة بطيئة الشحن مرتبطة بشبكة الطاقة، يقع 80% منها في دبي.
ونقلًا عن هيئة كهرباء مياه دبي، جرى الانتهاء من تركيب 300 محطة شحن للسيارات الكهربائية بإمارة دبي توجد في مواقع مختلفة شملت الهيئات الحكومية والمطارات ومحطات الوقود ومراكز التسوق، وكذلك بعض العيادات والمستشفيات والمكاتب التجارية والمجمعات السكنية، بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية.
وتُجدر الإشارة إلى أنه في عام 2015 أطلقت هيئة مياه دبي مبادرة “الشاحن الأخضر”، بهدف إنشاء البنية التحتية لمحطات شحن السيارات الكهربائية، وتمتلك الهيئة نحو 19 سيارة كهربائية ضمن أسطولها.
وبحسب آخر الاحصائيات، ارتفع عدد السيارات الكهربائية المسجلة في إمارة دبي إلى 5 آلاف و107 وحدات بنهاية يناير/كانون الثاني الماضي 2022.
وقدّمت مبادرة الشاحن الأخضر التابعة لهيئة كهرباء ومياه دبي، أكثر من 880 ميغاواط/ساعة من الكهرباء لشحن السيارات الكهربائية في دبي منذ عام 2015، وهو ما أسهم في تحقيق وفورات بتكلفة الوقود بنسبة وصلت لـ73%.
وفي عام 2017، أصدر المجلس الأعلى للطاقة في دبي قرارًا بإنشاء محطات شحن السيارات الكهربائية وتركيبها في دبي، تضمن هدفًا بوصول نسبة السيارات الهجينة والكهربائية في الهيئات الحكومية إلى 10% من مجموع المشتريات الجديدة، ابتداءً من عام 2016 وحتى عام 2020، وذلك للوصول بنسبة السيارات الهجينة والكهربائية في دبي إلى 2% بحلول عام 2020 لترتفع إلى 10% بحلول عام 2030.
وبهدف تعميق تصينع السيارات الكهربائية في الإمارات ودعم التوجه نحو الحياد الكربوني بحلول 2050، وقعت مواصلات الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مذكرة تفاهم مع مبادرة “هلا بالصين” وشركة هندسة الماكينات الصينية CMEC، تتضمن تمهيد الطريق لإنتاج المركبات الكهربائية محليًا.
وشملت بنود مذكرة التفاهم، انعقاد شراكة بين شركة “سي إم إي سي” CMEC، ومواصلات الإمارات، في مجال السيارات الكهربائية، تقوم على تقديم خدمات الاستشارات والدعم لجهود التسويق والمبيعات لسيارات الطاقة الجديدة “NEVs” الصينية في الإمارات والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية.
وتضمنت كذلك تطبيق مرحلة من التجارب الميدانية والأبحاث في السوق الخليجية، تمهد لبناء خطوط تجميع وتصنيع للسيارات الكهربائية في الإمارات، إذ ستنشئ CMEC الصينية البنية التحتية والمرافق اللازمة لتشغيل المركبات الكهربائية وصيانتها.
ومن أجل تشجيع الأفراد على التحول نحو السيارات الكهربائية، وفرت هيئة مياه دبي عبر مبادرة “الشاحن الأخضر” الشحن المجاني لتلك السيارات منذ 2017، ومددتها حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2021 لمالكي السيارات غير التجارية، وذلك عبر محطات الشحن التابعة لها.
أما مالكو السيارات التجارية التابعة للمؤسسات والشركات والهيئات الحكومية وشبه الحكومية فلم يشملهم تمديد المبادرة.
السيارات الكهربائية في السعودية
مع إطلاق السعودية خطتها باستثمارات ضخمة للوصول إلى حيادية الكربون بحلول 2060، تسعى المملكة إلى تحويل نحو 30% من السيارات التي تسير في شوارع العاصمة الرياض إلى النسخة الكهربائية بحلول 2030.
ويأتي هدف السعودية فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية ضمن خطة لخفض انبعاثات الكربون إلى النصف في الرياض -التي يبلغ عدد سكانها 8 ملايين نسمة- وذلك خلال السنوات الـ9 المقبلة، وفقًا لما نقلته بلومبرغ عن رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض، فهد الرشيد.
ويُشار إلى أن صندوق الاستثمارات العامة -صندوق الثروة السيادي السعودي- لديه استثمارات منذ سنوات في المركبات الكهربائية من سنوات، وذلك من خلال الدخول في شراكات مع الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية.
ووفقًا لما نشرته وكالة بلومبرغ -نقلًا عن مصادر لم تسمها- تُجري شركة لوسيد محادثات مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي لبناء مصنع للسيارات الكهربائية في المملكة.
ويأتي ذلك مع إعلان شركة “إي في ميتالز” الأسترالية مشروعًا لاستثمار 3 مليارات دولار في السعودية، لمعالجة المعادن المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية.
وفي أغسطس/آب الماضي، أعلنت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، أنها استقبلت طلبات من مصنعي المركبات الكهربائية للحصول على “شهادة اعتماد طراز لمركبة كهربائية”، وإصدارها شهادة اعتماد لطراز واحد حتى الآن، وفقًا لما نقلته صحيفة الاقتصادية السعودية.
وسمحت المواصفات السعودية في يونيو/حزيران 2020، باستيراد السيارات الكهربائية وشواحنها بصورة تجارية، ولكن بشرط إصدار شهادة اعتماد الطراز السعودي للطرازات المستهدفة قبل بدء عملية الاستيراد.
السيارات الكهربائية في قطر
اتخذت دولة قطر خطوات جادة في التوسع والتحفيز للتحول نحو السيارات الكهربائية، بهدف الإسهام في خفض الانبعاثات الكربونية بحلول 2030.
وتنفذ قطر مشروعًا يستهدف تركيب 100 محطة شحن للسيارات الكهربائية داخل البلاد، وسط توقعات بأن يسهم المشروع في خفض نحو 7% من الانبعاثات الكربونية خلال العام الجاري.
وفي سبتمبر/أيلول 2021، نفّذت هيئة الأشغال العامة والمؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء إستراتيجية تستهدف التحول إلى السيارات الكهربائية.
وتضمنت الإستراتيجية قيام المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء بتوريد وتركيب أكثر من 600 من معدات الشحن الكهربائية بمستودعات ومحطات الحافلات، وكذلك مواقع محطات مترو الدوحة، والمواقف المستخدمة في عمليات النقل العام وبطولة كأس العالم 2022.
وتسعى قطر إلى استخدام الحافلات الكهربائية خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 المقامة بها، لتكون أول بطولة صديقة للبيئة ومحايدة للكربون، وذلك في إطار خطة شاملة تنفذها لتحويل نسبة 25% من أسطول حافلات النقل العام إلى حافلات كهربائية في 2022.
وتهدف كذلك إلى التحول التدريجي لخدمات الحافلات العامة والمدرسية الحكومية والحافلات المغذية لمترو الدوحة إلى الحافلات الكهربائية، لخفض معدل الانبعاثات الكربونية الضارة التي تسببها الحافلات التقليدية بحلول عام 2030.
وكانت هيئة الأشغال العامة في قطر وقعت يونيو/حزيران الماضي مذكرة تفاهم مع شركة إيه بي بي ABB السويسرية، لإنشاء مصنع أجهزة الشحن الكهربائي للسيارات والحافلات الكهربائية.
وشملت مذكرة التفاهم عقد توريد أجهزة الشحن الكهربائي للحافلات الكهربائية، وتوفير التدريب اللازم للكوادر والطلاب المعنيين وتأهيلهم لإدارة مصنع أجهزة الشحن الكهربي الجديد وتشغيله وتزويد العاملين بالخبرات والمعلومات المطلوبة.
وستوفر الشركة السويسرية عددًا من أجهزة الشحن للمركبات الكهربائية مجانًا، وتركيبها في الأماكن التي تحددها وزارة المواصلات القطرية، بالإضافة إلى القيام بأعمال الصيانة الدورية لهذه الأجهزة.
السيارات الكهربائية في الكويت
تستهدف الكويت كذلك دخول عالم السيارات الكهربائية، الذي برز مع إعلان مؤسسة المواني الكويتية في أغسطس/آب الماضي إنشاء إيه في سيتي “EV City” بصفتها أول مدينة في الشرق الأوسط لخدمة مصنعي السيارات الكهربائية.
وكان من المقرر أن تطرح الكويت مشروع “إيه في سيتي” للتصميم والإنشاء خلال العام المالي 2021-2022 -وفقًا لما نقلته مؤسسة مواني الكويت- ولكن لا يوجد أي تحديث معلن بخصوص تلك المدينة حتى الوقت الراهن.
وأكد مدير مؤسسة مواني الكويت، يوسف العبدالله الصباح، أن المواني الكويتية قادرة على تقديم الخدمات المينائية واللوجستية المناسبة لكبرى الشركات حول العالم من مصنعي السيارات الكهربائية.
السيارات الكهربائية في مصر
في أواخر عام 2021، شهدت خطة الحكومة المصرية لتصنيع السيارات الكهربائية التي تعود إلى منتصف عام 2019 بعض التغيرات، نتيجة الخلاف مع الشريك الصيني الذي اختارته مصر للبدء في تصنيع ذلك النوع من المركبات محليًا.
وكانت مصر قد اختارت شركة “دونج فينج” الصينية التي تُعد واحدة من أكبر 4 شركات منتجة للسيارات في الصين، للمشاركة في تصنيع السيارات الكهربائية عبر مصانع شركة النصر لصناعة السيارات، ولكن نتيحة الخلاف على تفاصيل العقد النهائي انتهت مفاوضات مصر مع الشريك الصيني واتجهت إلى البحث عن شركاء آخرين.
ويرجع توقّف المفاوضات مع الشركة الصينية لعدم التوصل إلى اتفاق على تخفيض سعر المكون المستورد بصورة كافية للسيارة الكهربائية المصرية، بما يمكن شركة النصر للسيارات من إنتاج السيارة الكهربائية وطرحها بسعر تنافسي.
ويُشار إلى أنه قبل توقف المفاوضات مع الشركة الصينية استوردت مصر في يوليو/تموز 2021 نحو 13 سيارة كهربائية ضمن النوع الذي سيتم إنتاجه في مصر “إي 70” لتجربتها في الشوارع المصرية، بهدف إنتاجها منتصف 2022 في شركة النصر لصناعة السيارات.
وفي مارس/آذار الماضي، وقعت شركة النصر لصناعة السيارات، مذكرة تفاهم مع شركة “فاليو إيجيبت” التابعة لشركة فاليو الفرنسية الرائدة في تصميم مكونات السيارات وتطويرها وإنتاجها.
وتضمنت مذكرة التفاهم تطوير مختلف مكونات المركبات الكهربائية التي من المقرر إنتاجها في إطار خطة وزارة قطاع الأعمال العام لتصنيع المركبات الكهربائية بأحجام مختلفة، وكذلك توطين تكنولوجيا الصناعة في مصر.
كما وقّعت شركة النصر للسيارات على عقد تقديم استشارات مع شركة إف إيه في FEV الألمانية المتخصصة في مجال الاستشارات الخاصة بالتطوير في قطاع السيارات.
وجاء في العقد متابعة إدارة مشروع إنتاج السيارة الكهربائية مع شركة النصر للسيارات، وكذلك تطوير الطراز الكهربائي الذي من المقرر بدء إنتاجه خلال عام 2023.
ومن المقرر أن تبدأ مصر في إجراءات تأسيس شركة محطات شحن السيارات الكهربائية، بالتعاون مع شركات تأهلت لإدارة الشركة وتشغيلها.
وستتولى الشركة إنشاء محطات الشحن وإدارتها داخل المدن وعلى الطرق السريعة في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، ومدينة شرم الشيخ.
وكانت وزارة المالية المصرية قد أصدرت حوافز وتيسيرات ضريبية وجمركية للسيارات المستعملة التي تعمل بالمحرك الكهربائي أو بمحركين دفع “كهرباء – بنزين”، وذلك بهدف التوسع نحو استخدام السيارات الكهربائية.
وتضمن القرار منح سيارات الركوب المستعملة التى تعمل بمحرك كهربائي أو بمحركين للدفع “كهرباء – بنزين” خصم 10% من القيمة “فوب”، التي ترد إلى مصر من أول أكتوبر/تشرين الأول لسنة الموديل حتى نهاية سبتمبر/أيلول من العام التالي.
وجدير بالذكر أن قيمة الـ”فوب” أو F.O.B، هي عبارة عن سعر السيارة في بلد المنشأ قبل الشحن والتأمين.
ومنحت كذلك سيارات الركوب المستعملة التي تعمل بمحرك كهربائي أو بمحركين للدفع “كهرباء – بنزين”، والتي ترد إلى مصر بعد نهاية شهر سبتمبر/أيلول من العام التالي لسنة الطراز خصم 10% من القيمة “فوب” عن كل سنة من العامين التاليين، بدءًا من شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.
وكذلك منح خصم 5% عن كل سنة من السنوات التالية بدءًا من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، مع عدم زيادة نسب الخصم عن 50%.
كما أصدر مجلس الوزراء المصري التعرفة المقترحة لبيع الكهرباء لمحطات شحن السيارات الكهربائية تضمنت 121 قرشًا لكل كيلوواط/ساعة، وكذا تعرفة الشحن للسيارات الكهربائية 47.5 قرشًا لكل كيلوواط/ساعة للمحطات متوسطة السرعة (بقدرة 22 كيلوواط)، و275 قرشًا لكل كيلوواط/ساعة للمحطات فائقة السرعة (بقدرة 50 كيلوواط).
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية