إدارة قطاع النفط في العراق.. كيف يتحكم صاحب أضخم احتياطي عربي بثرواته؟

يواجه قطاع النفط في العراق منعطفًا جديدًا عقب إعلان الوزارة، اليوم السبت 7 مايو/أيار، الاتجاه نحو تطبيق قرار المحكمة الاتحادية، الصادر منتصف فبراير/شباط الماضي، فيما يتعلق بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان.

وشدد وزير النفط، إحسان عبدالجبار، على عدم نجاح المباحثات مع المسؤولين بالإقليم، عقب ما يقرب من شهرين ونصف شهر من الحكم، مشيرًا إلى أن هدف بغداد يتمثل -فقط- في تنظيم النشاط النفطي للعراق بهدف تحويله إلى نشاط تجاري فعلي وليس السيطرة على نشاط القطاع.

وأكد عبدالجبار أن العلاقات بين المركز وإقليم كردستان تأثرت بالتجارب التاريخية، وأدت إلى إحداث شروخ بين الجانبين.

تحديات تطبيق القرار

فسّر وزير النفط، إحسان عبدالجبار -خلال الجلسة الرابعة لاجتماع هيئة الرأي- التوجه نحو تطبيق قرار المحكمة بتأكيد مسؤولية شركة النفط الوطنية العراقية عن إدارة ملف الطاقة على الصعيد الداخلي، بالإضافة إلى إدارة الوزارة له خارجيًا ودوليًا بالتنسيق مع وزارة المالية.


وتوقع عبدالجبار مواجهة وزارة النفط تحديات كبرى، خلال المدة المقبلة، داعيًا الوزارة ومجلس إدارة شركة النفط الوطنية للاستعداد لمواجهة تحديات سريان القرار.

وتساءل عن السند القانوني الذي يتيح لجزء من البلاد تصدير بعض مواد الطاقة التي تسجل نقصًا في أجزاء أخرى، مشددًا على أن صناعة النفط هي المورد الرئيس بالبلاد، وفصلها عن التداخلات السياسية أمر مهم لحماية المنظومة الاقتصادية من الانهيار.

وقال إن التعامل بازدواجية داخل حدود الدولة ذاتها ليس من العدل، مؤكدًا أهمية أن تصبح الخزينة العامة للدولة موطنًا لعائدات إنتاج النفط من مناطق العراق كافة.

إدارة قطاع النفط في العراق

أوضح وزير النفط، إحسان عبدالجبار، أن الهدف الأساسي للوزارة وشركة النفط الوطنية التأسيس لدولة فيدرالية قادرة على إدارة نشاطها النفطي بالكامل بخلفية علمية تُحقق أعلى العائدات، بأكثر استدامة وأقل تكلفة.

وأكد احترام السلطات الدستورية بإقليم كردستان، لافتًا إلى أن الوزارة سبق أن تقدمت بمقترحات لسلطات الإقليم حول نظام عمل واضح يتلاءم مع أسس صناعة النفط في العراق.

وتابع عبدالجبار أن إدارة ملف الطاقة تقوم على أسس النشاط التجاري، وليس السيطرة على القطاع، مشيرًا إلى أنه عقب مرور 75 يومًا من المباحثات بين بغداد وسلطات الإقليم حول مد جسور الثقة لم يحقق قطاع النفط في العراق النتيجة المطلوبة.

واعتبر وزير النفط في العراق أن عدم جدوى المباحثات تدفع نحو تطبيق قرار المحكمة الاتحادية، مشددًا في الوقت ذاته على أن بدء تنفيذ القرار لا يُشير إلى انتهاء الحوار مع سلطات الإقليم.

ورحّب بإعادة طرح مسؤولي القطاع بالإقليم مناقشة الشؤون المنظمة لعمل قطاع النفط في العراق، حسبما أوضح بيان للوزارة نُشر على صفحتها في “فيسبوك”.

عدم دستورية نشاط كردستان النفطي

كانت المحكمة الاتحادية العليا قد قضت، في 15 فبراير/شباط الماضي، بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان الصادر عام 2007، واعتباره مخالفًا للمواد الدستورية.

كما تضمن حكم المحكمة الاتحادية تسليم إقليم كردستان إنتاجه النفطي إلى الحكومة في بغداد، وفق ما نشرته صحيفة بي بي سي حينها.

وتطرّق حكم المحكمة إلى تمكين وزارة النفط العراقية من استخدام صلاحياتها فيما يتعلق باستكشاف النفط واستخراجه وتصديره، ودعا لتسليم الوزارة الإنتاج النفطي الذي استخرجته وزارة الثروات الطبيعية بحكومة الإقليم.

في السياق ذاته، أعلن عبدالجبار، الشهر الماضي، تمسك وزارته بمبادئ إدارة الملف النفطي للإقليم؛ ومن ضمنها مراجعة العقود التي أبرمها الإقليم مع الدول والشركات لإدخال تعديلات وتحسينات عليها.

يأتي هذا بالإضافة إلى تأسيس شركة نفطية -مقرها أربيل- تعود ملكيتها للسلطة الاتحادية وتكون مكلفة بإدارة النشاط النفطي بالكامل، مستندة إلى صلاحيات ومعايير تحددها كل من شركة النفط الوطنية ووزارة النفط الاتحادية.

اقرأ أيضًا: مصافي النفط في العراق.. خطة طموحة لخفض فاتورة استيراد الوقود

تخطط بغداد لتحقيق الاكتفاء الذائي من المشتقات النفطية، من خلال إنشاء وتطوير عدد من مصافي النفط في العراق.

ويعاني ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك من عجز شديد في المنتجات النفطية المكررة، والتي تكلف البلاد نحو 5 مليارات دولار سنويًا، من بينها نحو 3.5 مليار دولار لاستيراد البنزين وزيت الغاز “الديزل”، لذا يخطط للتوسع في مشروعات مصافي النفط.

وكشفت شركة مصافي الشمال التابعة لوزارة النفط، اليوم الأربعاء، بالأرقام عن المشروعات الجديدة لإنشاء مصافٍ ووحدات تكرير، ضمن خطط الاعتماد على الإنتاج المحلي لسدّ الطلب على المنتجات النفطية.

مصافي شمال العراق

قال مدير عامّ مصافي الشمال قاسم حسين: إن “هناك خطة لإنشاء مصافٍ جديدة وإعمار المصافي المتبقية، إذ ستُنشَأ وحدتا تكرير نفط خام في مصفاة حديثة بطاقة كلّية مقدارها 20 ألف برميل يوميًا لرفع الطاقة الكلّية لمصفاة حديثة إلى 36 ألف برميل يوميًا”.

وأشار إلى أن الوحدتين قيد الإنشاء، ومن المأمول إنجازهما مطلع العام المقبل، إضافة إلى إنشاء وحدة تكرير تعمل على نفط خام القيارة الثقيل ومخصصة لإنتاج الأسفلت، وهي قيد الدراسة حاليًا، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية.

كان وزير النفط العراقي قد أكد أن المشروعات الجديدة التي تُنَفَّذ في قطاع التكرير تعمل على تخفيض استيراد المشتقات النفطية بنسبة 90% مع نهاية عام 2022.

قطاع مصافي النفط في العراق

أكد قاسم حسين أن خطة الاستثمار في قطاع مصافي النفط تشمل إنشاء مصفاة كركوك الاستثماري الجديد بطاقة 75 ألف برميل يوميًا، وهو قيد الحصول لى موافقة دوائر محافظة كركوك من أجل البدء في التنفيذ.

وأضاف أن الخطة تشمل أيضًا إنشاء مصفاة حديثة الاستثماري بطاقة 70 ألف برميل يوميًا، وهو قيد إنهاء إجراءات الإحالة والمراجعة، فضلًا عن إنشاء مصفاة القيارة الاستثمارية بطاقة 70 ألف برميل يوميًا.

وأشار إلى توقيع اتفاق أوّلي مع شركتين عالميتين من أجل إعداد جميع المتطلبات الفنية لمصفاة القيارة.

تحسين البنزين والنافثا

أوضح مدير عامّ مصافي الشمال أن شركته تعتزم إنشاء مشروع وحدة التكرير الرابعة في مصفاة الصينية ووحدة التكرير الثالثة في مصفاة الكسك بطاقة 10 ألف برميل يوميًا لكل منهما، وهو مشروع قيد إعداد الدراسة الفنية، إضافة إلى إنشاء مشروع وحدتي هدرجة النافثا وتحسين البنزين في كركوك، وهو مشروع استثماري بطاقة 12 ألف برميل يوميًا، وهو قيد الانشاء حالياً.

وتشمل المشروعات أيضًا -حسب قاسم حسين- إنشاء مشروع وحدتي هدرجة النافثا وتحسين البنزين في مصفاة حديثة بطاقة 10 آلاف برميل يوميًا، وهو قيد الإحالة حاليًا على شركة عالمية متخصصة.

وأشار إلى أن هناك مشروعًا لإعمار وتأهيل مصفاة الشمال بطاقة 150 ألف برميل يوميًا، وهو الآن قيد الإحالة على عدد من الشركات العالمية المتخصصة، فضلًا عن مشروع إعمار وتأهيل مصفاة الدهون -الخط الثاني- بطاقة 125 طنًا سنويًا، وهو مشروع قيد إعداد متطلبات التأهيل.

انبعاثات المصافي

أوضح المسؤول العرافي أن مسؤولية استغلال الغاز الحصصي في حقول كركوك أو أيّ حقول أخرى تقع على عاتق شركات الاستخراج، وفيما يخصّ حقول كركوك فهو من مسؤولية شركة نفط الشمال.

وأضاف أن ما يتعلق بالغازات المنبعثة من المصافي نتيجة أعمال التكرير، فقد كانت شركته سبّاقة في المجال لغرض استرجاع واستغلال غازات الشعلة، وتمّ التوصل إلى عقد مع إحدى الشركات العالمية لغرض استغلال واسترجاع غازات الشعلة لغرض الإفادة منها، وتحسين الواقع البيئي، لكن أحداث داعش في العام 2014 وتوقّف المصافي في حينها حالَ دون توقيع العقد.

وأشار إلى أنه بعد التحرير واستئناف العمل باشرت الشركة بإعداد الخطط اللازمة لغرض استرجاع واستغلال غازات الشعلة، ومنها مشروع استرجاع واستغلال غازات الشعلة في مصفاة كركوك، وهو قيد استدراج العروض من شركات عالمية متخصصة.

وأضاف أن هناك مشروع استرجاع واستغلال غازات الشعلة في مصفاة صلاح الدين/1 وصلاح الدين/2، وهو قيد إعداد المتطلبات الفنية، وستُتَّخَذ خطوات الإعلان والإحالة بعد استكمال هذه المتطلبات.

وأشار إلى أن “مشروع استرجاع واستغلال غازات الشعلة في مصفاة الشمال أُدرِج ضمن جدول كميات تأهيل وإعمار مصفاة الشمال، فضلاً عن مشروع استرجاع واستغلال غازات الشعلة في مصافي الصينية والكسك وحديثة فهو قيد الدراسة حاليًا، لاستكمال متطلبات إعلانه وتنفيذه”.

جدول زمني للتأهيل

لفت المسؤول عن مصافي النفط في العراق إلى أن شركة مصافي الشمال وضعت جدولًا زمنيًا للإعمار وتأهيل مصافي الشركة وتقسيم عملية الأعمال إلى 5 مراحل أساسية بسبب الأضرار الكبرى التي لحقت بالمصفاة والبُنى التحتية له.

وكشف عن إنجاز أعمال المراحل الأولى والثانية والثالثة، إضافة إلى إعمار وتأهيل الوحدات التشغيلية في مصفاة صلاح الدين/1 وصلاح الدين/2 والوحدات الفنية والخدمية والبنى التحتية وبطاقة مقدارها 140 ألف برميل يوميًا.

وأضاف أن المعوقات التي تمنع عودة خطوط الانتاج بكامل طاقاتها هي التي تتعلق بتحديد حصة الشركة من النفط الخام، إضافة إلى وجود أعمال صيانة على المصفاتين لكون إعمارهما تمّ حسب المسار الحرج الذي يتطلب إعمار وتأهيل المصفاتين بالإمكانات المتاحة للشركة المعتمد على الجهد الذاتي للشركة والمتوفر من المواد.

وأكد أنه “خلال العام الحالي ستُعالَج جميع نقاط الاختناق”، موضحًا أن ما يخصّ المراحل المتبقية من عملية الإعمار فقد باشرت شركته بتنفيذ إعمار بقية المراحل، وحسب الخطة الموضوعة لذلك، والتخصيصات المالية المتوفرة.

اقرأ أيضًا: زيادة إيرادات النفط العراقي بشرى خير لـ3 قطاعات


يترقّب العراق زيادة تفوق 20 مليار دولار في إيرادات النفط خلال العام الجاري، بفضل ارتفاع أسعار النفط التي سجلت أعلى مستوى خلال 14 عامًا في مارس/آذار الماضي بدعم من التوترات السياسية.

وكشف المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، عن أولويات الحكومة لصرف النفقات المتحصلة من زيادة إيرادات النفط جراء ارتفاع أسعاره عالميًا في موازنة 2022.

ويُعدّ النفط المصدر الرئيس للدخل في البلاد، إذ يُسهم بنحو 95% من إيرادات الموازنة العامة، واعتمد العراق في مسودة مشروع موازنته للعام الجاري المرفوعة من الحكومة إلى مجلس النواب سعر 55 دولارًا للبرميل.

أولويات الصرف

قال مظهر محمد صالح إن “النفقات المتحصلة من الإيرادات المتعاظمة من عوائد النفط ستُصرف على موازنة ذات نمط توسعي باتجاهين، والأولوية ستكون لـ3 مجالات؛ هي الطبقات الفقيرة والأمن الغذائي والمشروعات الاستثمارية المدرة للدخل”.

وأضاف أن الاتجاه الأول يذهب نحو تقوية الإنفاق التشغيلي صوب التصدي لمشكلات الفقر والطبقات الفقيرة، لا سيما من خلال دعم برامج الرعاية الاجتماعية لتضم في صفوفها شرائح أكثر فقرًا لتندمج في برنامج الرعاية، بالإضافة إلى توسيع برنامج عمل البطاقة التموينية ودعم منتجي الحبوب لأغراض الأمن الغذائي.

وأشار إلى أن الاتجاه الآخر سيجري فيه التحول نحو المشروعات الاستثمارية المدرة للدخل والمشغلة للعمل بحزم إنتاجية ضمن دفعات استثمارية قوية، موضحًا أن ذلك سيظهر -جليًا- في قانون الموازنة للعام 2022، والإعداد لموازنة 2023، بما يحافظ على تحقيق نمو اقتصادي يتخطى نمو السكان ويعزز فرص العمل والرفاهية في الاقتصاد الوطني.

صندوق سيادي

في وقت سابق، حدد المستشار المالي لرئيس الوزراء شرطًا لإيداع الفائض المالي في صندوق سيادي، مشيرًا إلى أن الصرف على الإنفاق الاجتماعي والتصدي للفقر سيحظى بالأولوية.

وقال: “استنادًا إلى نص المادة 19/ ثانيًا من قانون الإدارة المالية الاتحادي رقم 6 لسنة 2019 المعدل، إذا تجاوزت الإيرادات الفعلية إجمالي المصروفات أو النفقات بما في ذلك تمويل العجز المخطط في الموازنة السنوية؛ فإن المبلغ الفائض يودع في (صندوق سيادي) شريطة توافر قانون للموازنة وبخلافه فإن الفائضات المالية المذكورة ستُودع في حساب احتياطي، وتكون -بلا شك- رصيدًا افتتاحيًا في تمويل الموازنة العامة الاتحادية للعام 2023 كل أو جزء، وعلى وفق أبواب الصرف وأولوياتها المقبلة”.

فائض الإيرادات

توقّع مظهر محمد صالح، في تصريحات سابقة، تحقيق فوائد نقدية خلال العام الجاري بمقدار 20 مليار دولار بسبب ارتفاع أسعار النفط، واستبعد لجوء بلاده إلى الاقتراض لسدّ عجز الموازنة.

وقال: “على الرغم من حصول اقتراض جزئي بنسبة 15% من إجمالي العجز المخطط في موازنة عام 2021 البالغ 29 تربليون دينار، فإن الوضع المالي ومؤشراته المتوقعة خلال عام 2022 تشير إلى متوسط عالٍ لبرميل النفط لا يقلّ عن 100 دولار للبرميل، مقارنة بإيرادات موازنة عام 2021 النفطية التي قُدِّرَ متوسط إيرادات النفط السنوية بها بأقلّ من 70 دولارًا للبرميل”.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version