أوروبا منقسمة على نفسها و موسكو الرابح الأكبر.. لماذا فشلت جهود الإجماع على حظر النفط الروسي؟

لجأ الاتحاد الأوروبي إلى تعديل خطته لفرض عقوبات على النفط الروسي؛ في محاولة للفوز بتأييد الدول المعارضة، وعلى رأسها المجر التي صرحت بأن وقع العقوبات سيكون بمثابة “قنبلة ذرية” على اقتصادها.

وبعد تحذيرات المجر باستخدام حق النقض ضد قرار الحظر، سارعت المفوضية الأوروبية باقتراح تغييرات في خطتها لحظر النفط الروسي؛ لمنح المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك مزيدًا من الوقت لتوفير الإمدادات من مناطق مختلفة، وتحديث البنية التحتية، حسب وكالة رويترز.

ويأتي مقترح حظر النفط الروسي، وهو جزء من حزمة جديدة من العقوبات الصارمة ضد روسيا بسبب بدء الحرب في أوكرانيا، عقب تحركات مشابهة أعلنتها بريطانيا والولايات المتحدة في مارس/آذار الماضي، لكنه واجه اعتراضات من المجر ودول أخرى؛ خوفًا من تأثير هذه الخطوة في الاقتصاد.

المقترح المعدل

ناقش مبعوثو الاتحاد الأوروبي، الجمعة 6 مايو/أيار، المقترح المعدّل دون التوصل إلى اتفاق، رغم أنه يضمن تقديم المساعدة للدول الـ3 لتحديث المصافي لمعالجة النفط من أماكن أخرى، وتأجيل إنهاء اعتمادها على النفط الروسي حتى عام 2024.


ويشمل المقترح مدة انتقالية 3 أشهر قبل منع قطاع الشحن في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي من نقل النفط الروسي، بدلًا من شهر واحد، في محاولة لتهدئة المخاوف التي أثارتها اليونان ومالطا وقبرص، ولا سيما أن لديها أكبر أساطيل الشحن في الكتلة، وتستضيف اليونان وقبرص مراكز كبيرة لإدارة عمليات الشحن.

وقال دبلوماسيون إن المحادثات واجهت صعوبات، لكن أعرب الكثير عن ثقتهم باحتمال التوصل إلى اتفاق يضم جميع حكومات الاتحاد الأوروبي الـ27 قبل الأسبوع المقبل.

وأشار أحد الدبلوماسيين إلى أن المفوضية أجرت محادثات، الجمعة 6 مايو/أيار؛ للتوصل إلى حل وسط مع بودابست وبراتيسلافا، ويُتوقع أن تشهد الأزمة انفراجة في نهاية الأسبوع.

وفي هذا الشأن، دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الجمعة 6 مايو/أيار، إلى اجتماع استثنائي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، خلال أسبوع، حال عدم التوصل إلى اتفاق.

ماذا يعني ذلك؟

بموجب المقترح الأصلي، يتعين على دول الاتحاد الأوروبي إنهاء الواردات الروسية سواء من الخام أو المشتقات النفطية بحلول نهاية هذا العام.

بدورها، ستتوقف أغلب دول الاتحاد الأوروبي عن شراء النفط الخام بعد 6 أشهر من تبني العقوبات.

في البداية، مُنحت المجر وسلوفاكيا مهلة حتى نهاية عام 2023 لتتمكن من التكيف مع الأوضاع.

وبموجب المقترحات المعدلة، ستتمكن المجر وسلوفاكيا من شراء النفط الروسي عبر خطوط الأنابيب حتى نهاية عام 2024، وقد تستمر جمهورية التشيك في الشراء حتى يونيو/حزيران 2024، حال لم تحصل على النفط عبر خط أنابيب من جنوب أوروبا قبل ذلك.


وحُددت هذه المواعيد النهائية بناءً على المدة اللازمة لتحديث خطوط الأنابيب.

وأدت هذه الاستثناءات إلى مطالبة بلغاريا بالحصول على مهلة مثل الدول الـ3، لكن لم تحصل على إعفاءات؛ لأنها ليس لديها سبب وجيه، مقارنة بما ستعانيه هذه الدول من مشكلات ملموسة.

قنبلة ذرية

تشكل المجر أكبر عقبة أمام التوصل إلى اتفاق يُلزم حظر النفط الروسي بعدما رفض رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، المقترحات ووصفها بأنها مكلفة ومتسرعة؛ حيث سيتعذر على بلاده تنفيذها.

ويمكن أن يستخدم رئيس الوزراء المجري حق النقض ضد حظر النفط الروسي ما لم يتعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم مقترحات تعترف بالعقبات التي ستواجه بلاده، حسبما نشر موقع سكاي نيوز باللغة الإنجليزية.

كما حذرت المجر من عدم قبول المقترحات؛ حيث سيكون وقعها على الاقتصاد أشبه بالقنبلة الذرية.

في الوقت نفسه، أعرب رئيس الوزراء المجري عن استعداده للتفاوض بشأن أي اقتراح يلبي مصالح المجر، لكن ما كان مطروحًا على الطاولة سيكون مكلفًا بالنسبة لبلاده، وطالب بمهلة تصل مدتها إلى 5 سنوات بعدما اقترح الاتحاد الأوروبي منح المجر سنة إضافية.

وقال نائب وزير الاقتصاد السلوفاكي، كارول غاليك، إن بلاده تصر على منحها مهلة 3 سنوات، مؤكدًا أن المفاوضات مستمرة.

في حين أوضح رئيس الوزراء التشيكي، بيتر فيالا، أن الاقتراح يسير في الاتجاه الصحيح، لكن ما زالت المحادثات البنّاءة جارية.

وتعتمد المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك على النفط الروسي، لكنها تمثل نسبة ضئيلة من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من موسكو.

اقرأ أيضًا: هل ينضم الاتحاد الأوروبي للجبهة الأميركية البريطانية ويحظر النفط الروسي؟


تزداد خطوات حصار موسكو، ويضيق الخناق عليها، بطرح بعض دول الاتحاد الأوروبي إمكان فرض عقوبات على النفط الروسي وقطاع الطاقة، ليلحق -عقب ما يقرب الأسبوعين- بالحظر الأميركي على واردات الطاقة من موسكو وإعلان بريطانيا الاستغناء بصورة نهائية عن تلك الإمدادات بحلول نهاية العام الجاري.

وأعلنت بعض دول الاتحاد، اليوم الإثنين 21 مارس/آذار، أهمية التصعيد ضد موسكو خلال الجولة الخامسة للعقوبات، وبرز النفط الروسي لأول مرة على طاولة العقوبات بالاتحاد الأوروبي، في حين قاومت بعض دول الاتحاد مقترح الحظر خوفًا على أمن الطاقة.

ورغم تباين مواقف دول الاتحاد حول الحظر، فإن اتجاهات غالبية الدول تميل لفرضه حسبما كشفت تصريحات المسؤولين قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد، استعدادًا لوصول الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية الأسبوع الجاري لمناقشة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا مع دول الاتحاد ودول مجموعة الـ7، ومن ضمنها اليابان.

في المقابل، حذّرت روسيا من تلك الخطوة، إذ ترى أن فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على واردات النفط خطوة تُلحق الضرر بالأطراف كافة، خاصة أن الغاز الروسي يلبّي 40% من الطلب الأوروبي.. فهل ينجح الاتحاد في خطوة الحظر؟

الاتحاد الأوروبي والنفط الروسي

سبق أن اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات تصعيدية عدّة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، وشملت العقوبات فرض قيود مالية على مصارف وحسابات لقيادات روسية، لكن الخطوة المرتقبة بحظر النفط الروسي تشكّل ضربة قوية لموسكو.

من جانبه، اتّهم مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، روسيا بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، خاصة مدينة ماريوبول.

وأضاف أن لقاء وزراء خارجية الاتحاد يهدف لمناقشة فرض المزيد من العقوبات على قطاع النفط والطاقة الروسي، وفق رويترز.

وشهدت رؤية بوريل تأييدًا من جانب أيرلندا وليتوانيا، إذ أكد وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني أن الاتحاد الأوروبي يتعين عليه التحرك لفرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي (خاصة النفط والفحم)، نظرًا لحجم آثار التدمير التي شهدتها أوكرانيا جراء القصف الروسي.

اتفق معه وزير خارجية ليتوانيا، غابريليوس لاند سبيرغس، مشيرًا إلى أنه يجب بدء الحديث عن عقوبات على النفط الروسي الذي يمثّل أكبر عائدات ميزانية موسكو، وكذلك قطاع الطاقة.

مخاوف أمن الطاقة

اتخذت ألمانيا وهولندا موقفًا مختلفًا، لكنهما لم ترفضا حظر الاتحاد الأوروبي للنفط الروسي، إذ تحفّظتا فقط على “توقيت” فرض الحظر الذي يتزامن مع نمو مخاوف أمن الطاقة في القارّة العجوز.

وشددت تصريحات مسؤولين بالدولتين على أهمية الإعداد الجيد لخطوة تخلّي دول الاتحاد عن إمدادات الطاقة الروسية.

قال رئيس وزراء هولندا، مارك روتي، إن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يتخلى بصورة فورية عن اعتماده على واردات النفط والغاز من موسكو، مشيرًا إلى أن المصافي شرق وغرب أوروبا تعتمد بالكامل على إمدادات الطاقة الروسية.

وأكد أنه رغم حاجة الاتحاد للتخلي عن إمدادات الطاقة الروسية، فإن ذلك لا يمكن أن يحدث بصورة فورية.

واتّسم الموقف الألماني بالتباين، إذ أوضحت وزيرة الخارجية، أنالينا بربوك، أن الاتحاد الأوروبي القائم على القواعد يتعين عليه عزل النظام الروسي، خاصة في ظل مشاهد الدمار والقصف اليومية، وفق “رويترز”.

ورغم تأثّرها بالأوضاع داخل الحدود الأوكرانية، فإن بربوك تحفّظت على توضيح سيناريوهات ما بعد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إمدادات الطاقة الروسية.

واتّسم الموقف الألماني بالانحياز لمخاوف أمن الطاقة، منذ إعلان المستشار الألماني أولاف شولتس، في 7 مارس/آذار الجاري، عدم قدرة القارّة الأوروبية -خاصة ألمانيا- على الاستغناء عن إمدادات الطاقة الروسية.

موسكو تحذّر..

في المقابل، سارعت روسيا للتحذير من اتّساع دائرة العقوبات ضدّها، بفرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على قطاع النفط والطاقة الروسي.

وأكد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن حظر الاتحاد الأوروبي للنفط الروسي سيُلقي بتبعات خطيرة على الأسواق العالمية، ومن شأنه التأثير في واردات الطاقة للاتحاد.

وأضاف في تصريحات، اليوم الإثنين، أنه رغم تبعات هذا الحظر على الأطراف كافة، فإنه سيدعم مواجهة الأوروبيين أوقاتًا صعبة، في إشارة منه لنقص مخزونات الغاز الأوروبية التي تهدد بأزمة طاقة فصل الشتاء المقبل، وفق وكالة الأنباء الروسية “تاس”.

وأوضح بيسكوف أن حظر الاتحاد الأوروبي للنفط الروسي وقطاع الطاقة يهدد موازين الطاقة بالقارّة الأوروبية، مشيرًا إلى أن الاتجاه القوي لدول الاتحاد بإقرار الحظر سيؤثّر في سوق النفط العالمية.

ولفت إلى تباين القدرة الأوروبية على تأمين إمدادات الطاقة عن القدرة الأميركية، مشيرًا إلى أن أمن الطاقة في أميركا يعدّ أفضل حالًا من مثيله الأوروبي.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version