تواجه الهند أسوأ أزمة طاقة منذ أكثر من 6 سنوات، إذ أدى نفاد مخزونات الفحم في الهند مع ارتفاع درجات الحرارة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مختلف أنحاء البلاد.
وهو ما دفع الحكومة إلى تفعيل قانون طوارئ، في محاولة لبدء التوليد في بعض محطات الكهرباء المعطلة التي تعمل بالفحم المستورد، والتي لا تنتج الكهرباء بسبب ضغوط مالية أو ارتفاع أسعار الفحم العالمية.
وأوضحت وزارة الكهرباء الهندية أن 10 غيغاواط فقط تعمل حاليًا من قدرة توليد الكهرباء في الهند المصممة لاستخدام الفحم المستورد، التي تُقدر بـ17.6 غيغاواط.
وأضافت أن معظم المحطات لديها عقود مع مشترين لا تسمح لها بتجاوز ارتفاع تكاليف الوقود، حسبما أفادت منصة “بلومبرغ”.
محطات الفحم في الهند
قالت وزارة الكهرباء في رسالة نُشرت على موقعها الإلكتروني إن الأمر الموجه إلى محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم المستورد بالعمل بكامل طاقتها، ساري المفعول حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول.
وتسمح الصلاحيات بموجب المادة 11 من قوانين الكهرباء في الدولة للحكومة بإجبار أي محطة كهرباء على العمل، وفقًا للتوجيهات في ظروف استثنائية، مثل كارثة طبيعية أو تهديد للأمن القومي أو النظام العام.
وستتخذ الوزارة خطوات لتخفيف عبء ارتفاع أسعار الفحم المستورد على المحطات، بحسب الرسالة.
وقالت الرسالة إن مشتري الكهرباء سيحتاجون إلى الاتفاق على سعر يجري التفاوض عليه بشكل متبادل للإمداد مع منتجي الكهرباء، أو قبول أسعار معيارية بموجب صيغة وضعها مسؤولون من الوزارة وهيئة الكهرباء المركزية وهيئة تنظيم الكهرباء المركزية.
تفاقم أزمة الطاقة في الهند
فشل إنتاج الفحم في الهند -وهو الوقود الأحفوري الذي يمثّل أكثر من 70% من توليد الكهرباء- في مواكبة نمو الطلب على الكهرباء، بعد تخفيف قيود جائحة فيروس كورونا وزيادة النشاط الاقتصادي، مع ارتفاع درجات الحرارة أكثر من المعتاد.
ومن المتوقع أن يتعرض نظام الطاقة لمزيد من الضغط مع تجاوز الطلب الرقم القياسي الأخير في الأسابيع المقبلة.
وقد تفاقم هذا الوضع مع ارتفاع أسعار الفحم العالمية بسبب نقص الإمدادات، ما دفع محطات توليد الكهرباء إلى استخدام الوقود المستورد للعمل بقدرة منخفضة للحد من الخسائر.
وتقدمت العقود الآجلة للفحم القياسي في نيوكاسل بأكثر من 145% هذا العام.
وستساعد زيادة توليد الكهرباء من المحطات المقيدة في سد بعض النقص في إمدادات الكهرباء في البلاد، ولكنها لن تحل وحدها المشكلات الحالية.
أسباب نقص الفحم في الهند
في الأسابيع الأخيرة، لم تتلق محطات الفحم في الهند ما يكفي من الوقود للعمل بطاقتها. ففي بداية هذا الشهر، كان لدى أكثر من 100 محطة حرارية من أصل 173 في الهند مخزونات منخفضة للغاية.
وفي نهاية أبريل/نيسان، قال مسؤولون في نيودلهي إن الفحم قد ينفد في العاصمة في غضون أيام، ما يهدد إمدادات الكهرباء للمستشفيات ونظام المترو.
وكانت محطات الكهرباء تتدافع للحصول على الوقود من شركة كول إنديا، المملوكة للدولة، وتدفع أسعارًا باهظة للفحم في المزادات، حسبما نقلت منصة “ذي إيكونوميست”.
أحد أسباب النقص هو أن الفحم مرهق في نقله، كما تعافى الطلب على السفر بالقطار سريعًا بعد تخفيف إجراءات فيروس كورونا في مارس/آذار، ما تسبب في ازدحام المسارات.
وبالتالي، ألغت الحكومة مئات قطارات الركاب خلال الأسابيع المقبلة لإفساح المجال لقطارات الشحن.
إلا أن هناك سببًا أعمق وطويل الأمد، وهو أنه ليس لدى منتجي الكهرباء أي حافز للاحتفاظ بمخزونات كبيرة من الفحم في الهند، لأنهم لا يستطيعون التأكد من أنهم سيحصلون على أموالهم بانتظام.
إذ إن نظام الفواتير والدفع مقابل الكهرباء يترك العديد من شركات التوزيع في وضع صعب، ويجعلها غير قادرة على الدفع لمحطات الكهرباء، التي بدورها تواجه صعوبة في دفع أجور عمال المناجم.
إعادة فتح مناجم الفحم في الهند
من جانبه، أعلن وزير الفحم الهندي، أنيل كومار جين، اليوم الجمعة، أن الهند تخطط لإعادة فتح أكثر من 100 منجم فحم كان يُعد في السابق غير مستدام ماليًا، إذ تجبر أزمة الكهرباء ثالث أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم على مضاعفة الفحم.
وقال -خلال مؤتمر يهدف إلى جذب المزيد من الفاعلين من القطاع الخاص إلى تعدين الفحم-: “في وقت سابق جرى الترحيب بنا بوصفنا أولادًا سيئين، لأننا كنا نروّج للوقود الأحفوري، والآن لدينا أخبار بأننا لا نوفر ما يكفي منه”.
وأضاف: “بالنظر إلى هذه الخلفية، فإن هذه خطوة شجاعة للغاية من قبل الوزارة وشركة كول إنديا لتقديم إمدادات كبيرة من الفحم بسرعة كبيرة”، حسبما نقلت وكالة رويترز.
كما شدد جين على أن الهند -ثاني أكبر منتج ومستورد ومستهلك للفحم في العالم بعد الصين- تتوقع الآن إنتاجًا إضافيًا يتراوح بين 75 و100 مليون طن من الوقود في غضون عامين إلى 3 أعوام مقبلة من المناجم التي أُعيد فتحها.
وأنتجت الهند 777.2 مليون طن من الوقود في العام المنتهي في 31 مارس/آذار وأحرقت أكثر من مليار طن.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية