قلصت وارداتها النفطية من روسيا بقوة بعد غزو أوكرانيا.. كيف سحقت فنلندا غريمتها موسكو؟

تمكّنت فنلندا من خفض كمية النفط التي تستوردها من روسيا بعد بدء غزو أوكرانيا في أواخر فبراير.

استوردت هذه الدولة الشمالية نفطاً خاماً أقل بـ70% من جارتها الشرقية في مارس، واستبدلته بشكل رئيسي بواردات من النرويج، وفقاً لبيانات نشرها مكتب الجمارك يوم الجمعة. كما انخفضت قيمة مشتريات النفط من روسيا بنسبة 45% عن العام السابق.

كتب باسي كوباماكي، كبير الاقتصاديين في “دانسك بنك” (Danske Bank) الذي يقع مقره في هلسنكي، في مذكرة: “تنهار العلاقات التجارية بين فنلندا وروسيا تدريجياً”.

وأضاف أنَّ الزيادة الكبيرة في قيمة الواردات ستكون “ظاهرة مؤقتة”، إذ تعمل فنلندا على تقليص استخدام الطاقة الروسية.

“الاتحاد الأوروبي” يعدّل خطة حظر النفط الروسي لكسب تأييد الدول المترددة

وفي تقرير منفصل، قال مكتب الإحصاء إنَّ فنلندا استوردت 92% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا في عام 2021.

وقال مكتب الجمارك، إنَّ قيمة واردات الغاز الطبيعي ارتفعت بنسبة 282% في مارس إلى 151.4 مليون يورو (160 مليون دولار). ولم تتوفّر على الفور بيانات حول حجم واردات الغاز الطبيعي. يمثّل الغاز 5% فقط من الطاقة المستهلكة في دول الشمال.

تبدو سلوفاكيا، بين دول الاتحاد الأوروبي، الأكثر اعتماداً على روسيا في احتياجاتها من الطاقة، في حين يأتي ثلثا احتياجات الطاقة في بولندا وليتوانيا وفنلندا من روسيا، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن شركة “شل”.

اقرأ أيضاً: “شل” تجري محادثات لبيع محطات الوقود في روسيا ضمن خطتها للتخارج


تُجري شركة “شل” محادثات لبيع محطات الوقود الخاصة بها في روسيا ضمن خطتها للانسحاب من البلاد رداً على غزو أوكرانيا.

قال المكتب الصحفي لشركة “شل” في بيان: “يمكننا تأكيد المفاوضات الجارية بشأن بيع “شل نفت” التي تمتلك شبكة بيع بالتجزئة ومصنعاً لزيوت التشحيم في تورجوك.. أولويتنا الرئيسية هي سلامة موظفينا وعملياتنا، والحفاظ على التوظيف والامتثال للتشريع الروسي”.

ذكرت مجلة “فوربس” في وقت سابق يوم الجمعة نقلاً عن شخص لم تُحدّد هويته من مكتب “شل” في روسيا، قوله إن “لوك أويل” (Lukoil)، ثاني أكبر شركة منتجة للنفط في روسيا، والتي لديها شبكة تجزئة خاصة بها، هي المشترية الأكثر ترجيحاً.

تضم شبكة البيع بالتجزئة التابعة لـ”شل” أكثر من 370 موقعاً تحمل علامتها التجارية عبر 28 مدينة في روسيا، وفقاً لموقعها الإلكتروني.

أعلنت “شل” ومقرها لندن عن نيتها التخارج من روسيا في نهاية فبراير، قائلة إنها تستنكر “عمل الكرملين العدواني العسكري الأحمق”.

تتمثل استثمارات “شل” الرئيسية في شراكة مع “غازبروم” في مشروع “سخالين-2” للغاز الطبيعي المسال.

كما لعبت “شل” دوراً في تمويل خط أنابيب الغاز المثير للجدل “نورد ستريم 2″، لنقل الغاز الطبيعي، من روسيا إلى ألمانيا.

أمس الخميس، تحملت “شل” تكاليف بقيمة 3.89 مليار دولار فيما يتعلق بالتخارج المرتقب من روسيا، حوالي 15% منها متعلق بشركة “شل نفت”.

اقرأ أيضاً: العقوبات على روسيا تعزز ربحية شركات تكرير النفط


وفّرت الظروف الصعبة بعض العائدات النادرة لشركات التكرير، مع تشديد سوق زيت الوقود بسبب كبح التدفقات الروسية، وزيادة الطلب من قطاع الكهرباء.

في هذا الصدد، انتعشت في آسيا، هوامش الربح من زيت الوقود -الذي يستخدم غالباً في الشحن والمنتجات المكررة السائدة الأقل قيمة- وسجّل أعلى علاوةً له منذ أكثر من عامين يوم الأربعاء، في ظل تراجع الشحنات من روسيا، بعد أن تجنّب معظم المشترين منتجات الطاقة الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا.

كما تتجه المرافق في آسيا أيضاً إلى زيت الوقود لتوليد الطاقة بعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على مصدر الطاقة شديد التلوث. ويتزامن ذلك مع زيادة الاستهلاك الموسمي في الشرق الأوسط.

قال جيه واي ليم، محلل النفط المقيم في سنغافورة والذي يعمل لدى “ستاندرد آند بورز غلوبال كومودوتي إنسايتس” (S&P Global Commodity Insights)، إنه، وبعد الحظر الأمريكي لواردات الوقود الأحفوري من روسيا، جرى تحويل صادرات زيت الوقود عالي الكبريت من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة، بعدما كانت ترسل عادةً إلى آسيا، وقد أسهم ذلك في نقص المعروض في الأسواق الآسيوية.

يُذكر أن هوامش أرباح زيت الوقود في سنغافورة ارتفعت إلى 2.21 دولار للبرميل يوم الأربعاء، إلا أنها تراجعت منذ ذلك الحين، وفقاً لبيانات “بلومبرغ فير فاليو” (Bloomberg Fair Value). وكانت العائدات منخفضة طوال عام 2021، ومعظم عام 2020.

كما تجدر الإشارة، إلى أن الحرب الروسية في أوكرانيا، أدّت إلى قلب أسواق الوقود والنفط العالمية رأساً على عقب، حيث دفعت العقوبات المالية واحتمال إلحاق الضرر بالسمعة، معظم المشترين للبحث عن مصادر بديلة. كما أدّى ذلك إلى تضييق الأسواق الأخرى وتعزيز هوامش الربح لأنواع الوقود مثل الديزل والبنزين.

اقرأ أيضاً: إنتاج روسيا من النفط قد يتراجع 10% إضافية في حال حظر الاتحاد الأوروبي استيراد خامها


قد يؤدي اقتراح الاتحاد الأوروبي حظر واردات النفط من روسيا إلى خفض إنتاج البلاد بحوالي 10% أخرى في نهاية العام، لتتضاعف خسارة الإمدادات الفعلية الناتجة عن غزو أوكرانيا.

قال فيكتور كاتونا، رئيس تحليل النفط الخام الحامض لدى “كبلير” (Kpler): “نفترض أن تبلغ مخاطر الهبوط الفعلي في إنتاج النفط الخام والمكثفات الروسية نحو مليون برميل يومياً عن مستويات أبريل”.

سيكون ذلك إضافة إلى خفض الإنتاج البالغ مليون برميل يومياً من قبل المنتجين الروس منذ فبراير بسبب العقوبات الاقتصادية التي لم يستهدف غالبيتها النفط مباشرة. مع ذلك، أدت العقوبات إلى تعطيل الشحن والتكرير والطلب المحلي على الوقود في البلاد.

لم يتفق الاتحاد الأوروبي حتى الآن على حظر كامل لاستيراد النفط الروسي، الذي سيتم تنفيذه على مراحل خلال الأشهر الستة المقبلة للنفط الخام والوقود المكرّر في نهاية العام. تشمل المقترحات حظر جميع الخدمات المرتبطة بنقل النفط الروسي، ومنها التمويل والسمسرة والمساعدة الفنية والمساعدة المالية.

قد تتوقف المنطقة، في حال تنفيذ الإجراءات، عن شراء نحو 1.5 مليون برميل يومياً من النفط الروسي، وفقاً لتقديرات “كبلير”، بافتراض استثناء بعض دول أوروبا الشرقية من الحظر لأنه قد يصعب عليها العثور على إمدادات بديلة.

أشار كاتونا إلى أنه يُمكن إعادة توجيه نحو 500 ألف برميل يومياً من هذه الإمدادات إلى الهند، لتصل خسارة الإنتاج إلى مليون برميل يومياً. ضخ المنتجون الروس في أبريل متوسطاً يومياً قدره ​​10.05 مليون برميل، بانخفاض نسبته 9% عن المستويات السابقة للحرب.

قد يؤدي حظر الاتحاد الأوروبي إلى خفض إنتاج روسيا إلى 9 ملايين برميل يومياً، وهو أدنى مستوى منذ حوالي 20 عاماً. قدّر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف الشهر الماضي انخفاض إنتاج بلاده 17%، بناءً على الدول التي سترفض النفط الروسي.

أوان التكيّف

تمنح الفترة الطويلة التي سيتم خلالها فرض الحظر على روسيا فرصة للتكيّف. وقال جاي مارو، كبير محللي النفط الخام في “فورتيكسا” (Vortexa):”لدى البائعين الروس الكثير من الوقت لإيجاد مشترين جدد”.

لكن ذلك قد يأتي بثمن، حيث يطالب العملاء الآسيويون الذين يواصلون شراء الخام الروسي حالياً بالحصول على خصومات أكبر للتعويض. تسعى الهند، وسط تداول خام برنت القياسي العالمي عند 109 دولارات للبرميل تقريباً حالياً، للحصول على النفط الخام الروسي بأقل من 70 دولاراً للبرميل، وفق أشخاص مطلعين على الأمر.

يرى مارو احتمالاً ضئيلاً لفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ثانوية على النفط الروسي، مما يعني حظر أي دولة من شرائه، فيما يُشير كاتونا إلى أن هذه الخطوة قد ترفع فوراً أسعار النفط إلى 200 دولار للبرميل و”لن يرغب أحد في المخاطرة بها”.

قد يظل الحظر مكلفاً للغاية بالنسبة لأوروبا. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، يوم الأربعاء، إن الكتلة ستعرف أن للحظر “تأثيرين متناقضين” و”سيرتفع ثمن هذه العقوبات على مواطني الاتحاد الأوروبي يومياً”.

المصدر: اقتصاد الشرق – مواقع إلكترونية

Exit mobile version