الغبار الكوني هو نوع من الغبار الموجود بالفضاء الخارجي، ويتكون من حبيبات مكونة من عدة جزيئات وحبيبات تبلغ مقاييسها 0.1 من المليمتر، وهناك أنواع مختلفة من الغبار الكوني تعتمد على مكان تواجده، فمنها ما يوجد في المجرات ومنها الغبار بين النجمي وهو ما يشكل السدم، والغبار بين الكواكب.
نشر موقع “الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي” (The American Geophysical Union) -في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري- بيانا صحفيا عن دراسة أجراها فريق من علماء الاتحاد يقترح الباحثين فيها أن الغبار الكوني قد يكون مصدرا مهما للفوسفور للحياة على الأرض.
ووفقا لدراسة سابقة للباحثين في “جامعة إدنبرة” (University of Edinburgh) -نشرتها مجلة البيولوجيا الفضائية عام 2017- يرى الباحثون أن الغبار الكوني وما يحتوي عليه من جسيمات دقيقة يحمل معه بذور الحياة إلى الأرض وإلى كواكب أخرى بعيدة.
ووفق البيان الصحفي فإن ضوء الشمس ينعكس على جزيئات الغبار الصغيرة بين الكواكب، مما يخلق عمودا خافتا من الضوء المتوهج المرئي مقابل النجوم.
وعندما تدخل جزيئات صغيرة الغلاف الجوي للأرض، قد تؤدي سلسلة من التفاعلات الكيميائية الموصوفة حديثا إلى إنتاج جزيئات تحتوي على الفوسفور والتي تعتبر ضرورية للعمليات البيولوجية.
وبالتالي فإنه عندما تشكلت الأرض قبل 4.5 مليارات سنة، فإن أي فوسفور كان موجودا على الأرجح قد غرق في اللب المنصهر بسبب الخصائص الكيميائية المميزة لعنصر الفوسفور الذي يعتبر ضروريا للحياة والذي يوجد في حمض “دي إن إيه” (DNA) وحمض “آر إن إيه” (RNA) وجزيئات بيولوجية مهمة أخرى.
لذلك فمن المحتمل أن الفوسفور الذي جعل الحياة ممكنة قد وصل إلى سطح الأرض من أصول خارج كوكب الأرض، وقد اقترحت الدراسات السابقة النيازك كمصادر محتملة.
الغبار الكوني مصدرا مهما للفوسفور
لكن الفريق العلمي للاتحاد الجيوفيزيائي، قدم تحليلا جديدا يشير إلى أن جسيمات الغبار الكوني، قد تقوم بنقل الفوسفور إلى الغلاف الجوي للأرض، حيث تقوم سلسلة من التفاعلات الكيميائية بإعادة تجميع العنصر في أشكال مفيدة بيولوجيا من الفوسفات التي تستقر في النهاية على سطح الأرض.
فعند دخول الغبار الكوني إلى الغلاف الجوي، يتسبب احتكاك الهواء في خضوع الغبار الكوني لعملية تبخير وذوبان تُعرف باسم الاجتثاث.
وقد توصل الفريق لهذا التحليل بالاعتماد على الدراسات السابقة، والتي تم فيها تسخين شظايا نيزكية بحجم الغبار الكوني لمحاكاة عملية الاستئصال هذه، حيث تم في هذه العملية الكشف عن إطلاق جزيئات تحتوي على الفوسفور.
كما قدمت النمذجة الحسابية لهذه العملية مزيدا من الدعم للغبار الكوني كمصدر مهم للفوسفور على سطح الأرض.
وفي سياق هذه العملية للدراسة البحثية الجديدة، أنشأ الباحثون شبكة من التفاعلات الكيميائية التي تحدد الخطوط العريضة للعملية التي يمكن من خلالها أن ينتج عن استئصال الغبار الكوني وجزيئات الفوسفور المفيدة بيولوجيا.
وللقيام بذلك، دمجوا النتائج الواقعية من الدراسات المختبرية للتفاعلات الكيميائية مع التنبؤات النظرية للتفاعلات التي لم تتم دراستها في المختبر، وبعد ذلك دمج الباحثون شبكة التفاعل في نموذج مناخ عالمي.
كما توفر شبكة التفاعل والمحاكاة النموذجية دعما جديدا لاجتثاث الغبار الكوني والتفاعلات الكيميائية اللاحقة كمصدر لأشكال مفيدة بيولوجيا من الفوسفور.، حيث يتم دمج هذه الجزيئات في جزيئات “الدخان النيزكي” الدقيقة التي تستقر على سطح الأرض.
اقتراحات وتوقعات
يقترح المؤلفون في هذه الدراسة الجديدة أن الجسيمات يمكن أن تكون مصدرا مهما ومستمرا للفوسفور للحياة على الأرض.
بالإضافة إلى ذلك، يتوقع الباحثون أي المناطق سنويا قد تتلقى أكبر كمية من الفوسفور التي ينقلها الغبار الكوني، وعلى وجه الخصوص جبال روكي الشمالية، وجبال الهيمالايا، وجبال الأنديز الجنوبية.
ويتوقعون أيضا أن طبقة الغلاف الجوي الضيقة التي تحتوي على جزئيات الفوسفور، قد تطوق الأرض على ارتفاع 90 كيلومترا فوق سطحها.
ويمكن أن تؤكد الأبحاث المستقبلية وجود الطبقة المتوقعة، كما يمكن للباحثين أيضا استكشاف الدور المحتمل للفوسفور الناتج عن الغبار الكوني أثناء صعود الحياة على الأرض ، عندما كان من الممكن أن تؤدي الكميات المحدودة من الفوسفور إلى تقييد النشاط البيولوجي.
المصدر : الجزيرة