أعلن المغرب والسعودية، اليوم الإثنين 9 مايو/أيار، تعاونًا مشتركًا بين البلدين في الطاقة الذرية، وكذلك الطاقة المتجددة.
وفي هذا الإطار وقّع وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المملكة المغربية الدكتورة ليلى بنعلي -في مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية- مذكرة تفاهم في الطاقة المتجددة، واتفاقية للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.
ويسعى المغرب إلى التوسع في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث سعى مؤخرًا إلى نشر محطات الطاقة الشمسية؛ للمساهمة بنحو 20% في طموحاته، وبهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة بنسبة 52% بحلول عام 2030.
الطاقة المتجددة في المغرب
تحتاج الحكومة في المغرب إلى إضافة 10 غيغاواط من الطاقة المتجددة خلال المدة بين عامي 2018 و2030؛ حيث من المنتظر أن تُسهم محطات الطاقة الشمسية بما يصل إلى 4.56 غيغاواط منها.
وطرح المغرب برنامج “نور2” للطاقة الشمسية، من خلال اختيار هيئات حكومية مواقع لبناء محطات شمسية جديدة، لدعم المستهدفات الوطنية للطاقة النظيفة.
وطرحت الوكالة المغربية للطاقة المستدامة “ماسن”، في أبريل/نيسان الماضي، 13 موقعًا لبناء محطات للطاقة الشمسية الكهروضوئية، ضمن برنامج نور2، بالتنسيق مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.
وكان برنامج نور2 قد أُطلِق في يناير/كانون الثاني عام 2021؛ بهدف توليد 330 ميغاواط من الكهرباء.
مشروعات الطاقة النووية
يسعى كثير من الدول العربية والأفريقية، وفي مقدمتها المغرب ومصر وجنوب أفريقيا، إلى امتلاك التكنولوجيا النووية، التي من شأنها مساعدتها في تجاوز أزمة الطاقة التي تضرب جميع أنحاء العالم.
ووفقًا لتقرير نشره موقع “إنرجي كابيتال” في مطلع شهر مايو/أيار الجاري؛ فإن قارة أفريقيا أصبحت موطنًا لنحو 10 مفاعلات بحثية عاملة في الجزائر وغانا والمغرب ونيجيريا، ودول أخرى.
ولفت التقرير إلى أن المغرب من بين الدول الأفريقية التي أحرزت تقدمًا في خطط تشغيل محطات الطاقة النووية خلال العقد المقبل.
اقرأ أيضًا: المغرب يحتاج استثمارات إضافية في الطاقة المتجددة لتلبية الطلب على الكهرباء (دراسة)
يتمتع المغرب بإمكانات عديدة طبيعية وجغرافية وبشرية تؤهله لتحقيق نقلات رائدة في مسار تحول الطاقة، وقد تمكن من احتلال مكانة مرموقة عالميًا في مجال الطاقة المتجددة منذ عدة سنوات، نتيجة استغلال الطاقة الشمسية وغيرها من الموارد في البلاد.
وفي هذا الإطار، أجرت مؤسسة حلول الطاقة لأفريقيا “آر إي إس فور أفريكا” -مؤخرًا- دراسة لاستكشاف الطلب المتزايد على الطاقة في المغرب، والحلول الممكنة لتعزيز الإطار التنظيمي للدولة والمساعدة في تحقيق إمكاناتها الكاملة لنشر الطاقة الكهروضوئية على نطاق صغير.
وأشارت الدراسة إلى أن التنمية الاقتصادية في المغرب والزيادة السكانية السريعة كشفتا عن النمو المطرد في الطلب على الطاقة بين عامي 2000 و2020، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل، حسبما نشرت مجلة “إي إس آي أفريكا”، في 4 مارس/آذار الجاري.
إلى جانب مؤسسة حلول الطاقة لأفريقيا “آر إي إس فور أفريكا”، ومقرّها العاصمة الإيطالية روما، أسهمت في إعداد الدراسة، التي أُطلِقَت عبر الإنترنت بحضور السفير الإيطالي في الرباط، أرماندو باروكو، شركتا الخدمات الهندسية السويدية “أفري” و”سولار كلستر” الجنوب أفريقية.
وكشفت الدراسة عن أن المغرب بحاجة إلى الاستثمار في إمدادات طاقة كافية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.
تطوير سياسة الاستثمار
يُعدّ المغرب رائدًا في مجال الطاقة المتجددة في أفريقيا، مسجلًا سعة طاقة متجددة مركبة تبلغ نحو 37%، بحلول نهاية عام 2021، ومن المفترض أن تصل إلى 52% بحلول عام 2030، منها 20% من المتوقع أن تأتي من الطاقة الشمسية.
ويمكن لحلول الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة للشركات الصغيرة والمتوسطة والقطاع العام الإسهام بصفة كبيرة في تحول الطاقة في المغرب وتوسيع سوق الكهرباء المغربية بصورة مستدامة.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى التطورات السياسية والتنظيمية لفتح الاستثمارات، وإجراء تطويرات في بيئة الاستثمار وتحسين الأطر التنظيمية للاتصال بشبكة الجهد المنخفض التي تعرقل الاستثمارات حاليًا، وتبطئ من استيعاب مخطط الاستهلاك الذاتي للطاقة الكهروضوئية.
ودعت الدراسة التي أعدتها مؤسسة حلول الطاقة لأفريقيا “آر إي إس فور أفريكا” بالتعاون مع شركة الخدمات الهندسية السويدية “أفري” وشركة “سولار كلستر” الجنوب أفريقية إلى تصميم الإجراءات المستهدفة وتنفيذها لتعزيز سياسة المغرب وإطاره التنظيمي.
وأفادت الدراسة بأن الإجراءات المركزة ستمكّن المغرب من الاستفادة من الإمكانات الكاملة لنشر الطاقة الكهروضوئية على نطاق صغير، وجعل الاستهلاك الذاتي ميسَّرًا وجذابًا للشركات الصغيرة والمتوسطة والإدارات المحلية.
توصيات الدراسة
أوصت الدراسة التي أعدتها مؤسسة حلول الطاقة لأفريقيا “آر إي إس فور أفريكا” بضرورة تمكين ربط محطات توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة بشبكة الجهد المنخفض، بالإضافة إلى اعتماد مخططات القياس الصافي لتوليد الكهرباء، ودعمه باعتماد الحوكمة الواضحة للمشروعات.
وأكدت ضرورة وضع قواعد وتعريفات شفافة، وتقديم حوافز مباشرة أو استرداد تكاليف الاستثمار، وإعلان إعفاءات ضرائب الاستيراد للمساعدة في الحد من التكلفة الأولية، وزيادة جاذبية الطاقة الشمسية الكهروضوئية على نطاق صغير.
وأشارت إلى أهمية زيادة الوعي الاجتماعي، عن طريق نشر المعرفة من خلال المشروعات والأنشطة العامة التي تشارك السكان في مراحل عملهم.
تطوير الطاقة الشمسية
تبلغ سعة الطاقة الشمسية المركبة -حاليًا- في المغرب 760 ميغاواط تقريبًا، منها نحو 200 ميغاواط من الخلايا الكهروضوئية.
وتأتي القدرة المركبة للطاقة الشمسية أساسًا من محطة نور ورزازات في وسط المغرب، وهي أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، التي تمتلك 72 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
وقد دخلت الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة لأول مرة إلى السوق المغربية من خلال برنامج كهربة الريف، الذي نشر أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية في المناطق النائية، إذ لم يكن الوصول إلى الشبكة ممكنًا.
مكونات مجموعات الطاقة الشمسية
تتكوّن مجموعات الطاقة الشمسية من لوحيْن شمسيين بقدرة 290 واط وبطاريتين بسعة إجمالية 300 أمبير في الساعة، ما يوفر ما يصل إلى 3 أيام من الإمداد بالطاقة.
ورُكّب أكثر من 50 ألف مجموعة طاقة شمسية كهروضوئية خارج الشبكة، تغطي أكثر من 100 ألف منزل خلال البرنامج، وقيّمت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” قدرة إجمالية للطاقة الكهروضوئية خارج الشبكة بأكثر من 20 ميغاواط.
وعلاوة على ذلك، في عام 2019، أعلن المكتب الوطني للكهرباء والماء برنامجًا للطاقة الشمسية 2019-2023، من أجل تركيب 2015 ميغاواط من الطاقة الشمسية، وجرى تركيب بعض المجمعات الكهروضوئية على الأسطح في عدد قليل من الجامعات أو المباني العامة.
وفي عام 2015، أطلقت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة -بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية- برنامج “المساجد الخضراء” الهادف إلى تطوير كفاءة الطاقة وإنتاج الطاقة المتجددة في المساجد المغربية.
اقرأ أيضًا: الطاقة المتجددة في المغرب.. موارد المياه والرياح والشمس تعزز الاستثمارات
تشهد الطاقة المتجددة في المغرب اهتمامًا كبيرة في تلك الأونة، وخطط تهدف إلى تحقيق طفرة كبيرة في غضون سنوات.
وتهدف المملكة -التي يبلغ عدد سكانها نحو 37.13 مليون نسمة في عام 2020، وفق أحدث البيانات- للوصول إلى 20% من الطاقة الشمسية، و 20% من طاقة الرياح، و 12% من الطاقة الكهرومائية في مزيج طاقته بحلول عام 2030، ارتفاعًا من 35% في عام 2019.
وكان لدى المغرب، في نهاية عام 2020، نحو 1.4 غيغاواط من طاقة الرياح المركبة، و 530 ميغاواط من الطاقة الشمسية المركزة، و 220 ميغاواط فقط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ما يعني أن الناتج الإجمالي للطاقة الشمسية لم يحقق سوى ثلث هدفه القديم لعام 2020.
ويمتلك المغرب كمية كبيرة من الطاقة المتجددة النظيفة بنحو 3950 ميغاواط من إجمالي أكثر من 10 غيغاواط إلى جانب الطاقة الكهرومائية عند 1.77 غيغاواط و 465 ميغاواط من طاقة ضخّ المياه، وفقًا لما نشر موقع “ريثينك ريسترش”.
وتُولَّد الكمية المتبقية من الكهرباء في المغرب باستخدام الفحم، وبالاعتماد على كمية قليلة من واردات الغاز الروسية، ورغم تشغيل محطة جديدة لتوليد الكهرباء بالفحم في عام 2021، تعهّد المغرب في مؤتمر المناخ كوب 26 بعدم بناء محطات جديدة.
وساعد مركز التدريب على الطاقة النووية الذي أُنشئ في مارس/آذار 2021، على التفكير ببناء محطة طاقة نووية تستخدم المفاعلات العيارية الصغيرة أو غيرها من التقنيات الحديثة.
جدير بالذِّكر أن الساحل الجنوبي الغربي في المغرب يتمتع بسرعة الرياح في بحر الشمال نفسها تقريبًا، لكن المغرب لديه مزارع توربينات الرياح هذه على اليابسة، وهي مورد استثنائي يفسّر إعادة تأكيد احتلال المغرب للصحراء الغربية.
تحوّل الطاقة
بموجب اتفاق باريس للمناخ، في يونيو/حزيران الماضي، تمّ تحديث المساهمات المحددة وطنيًا في المغرب، مع انخفاض بنسبة 45.5% في الانبعاثات بحلول عام 2030، إذ يتوقف 60% من المساهمات على المساعدة الخارجية.
تجدر الإشارة إلى أن صناعة الفوسفات، التي يمتلك المغرب فيها 3 أرباع الاحتياطيات العالمية وثالث أكبر إنتاج، اكتسبت اهتمامًا خاصًا بصفتها هدفًا لخفض الانبعاثات.
وتمثَّل الإنجاز الأبرز في المغرب حتى الآن في مجال تحول الطاقة بمصفوفات الطاقة الشمسية المركزة – بقدرة 530 ميغاواط- وتمثّل 8% من إجمالي الطاقة الشمسية المركزة في العالم.
وأصبح المغرب بلدًا رائدًا في شمال أفريقيا بوصفه أول من خفضَ دعم الوقود الأحفوري، ولم يؤسس المغرب سوى قسم لمشروع محلّي للنفط والغاز تابع للمكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم قبل بضعة أشهر، في نوفمبر / تشرين الثاني، بحسب موقع “ريثينك ريسترش”.
ويشير المحللون إلى أنه في حال العثور على بعض احتياطيات الغاز البحرية الكبيرة والمناسبة، ستباشر شركات النفط الغربية الكبرى استثمار موارد الغاز الجديدة في البلاد، وستصبح هذه المرحلة “نهاية البداية” لتحوّل الطاقة، إذ يبدو من غير المرجح أنه سينجح.
يضاف إلى ذلك أن تجارة الغاز الحالية من نيجيريا إلى أوروبا عبر خط الأنابيب قد تلاشت بعد الفشل في تجديد اتفاق العبور مع الجزائر.
نصيب الفرد من الثروة
يُعدّ نصيب الفرد من الثروة في المغرب والجزائر وتونس وحتى ليبيا متقاربًا إلى حدّ كبير، ويتميز المغرب بعدم الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ يستورد المغرب 91% من احتياجاته من الغاز و 99% من إمدادات النفط.
ويعمل 45% من إجمالي سكان المغرب في القطاع الزراعي بالإضافة لأعمال الغابات وصيد الأسماك، ويمثّل القطاع 15% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولا يملك المغرب الأراضي المناسبة للزراعة التي لا تؤتي ثمارها بسرعة، رغم أنها كلفت البلاد عشرات المليارات خلال نصف القرن الماضي.
صناعة السيارات
في سياق الطاقة المتجددة في المغرب، تمثل صناعة السيارات نقطة مضيئة في الاقتصاد المغربي، وقد تصل إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مع وصول المحتوى المحلي إلى 60%، وتُعدّ بلدان أوروبا الغربية وجهة التمويل والمبيعات لهذا القطاع.
وستتعزز هذه الصناعة وغيرها من خلال خطط البنية التحتية للسكك الحديدية فائقة السرعة في المغرب، التي يمكن أن تمتد إلى دول غرب أفريقيا بعد النجاح العسكري الأخير ضد القوات المتمردة في الجزء الجنوبي من البلاد.
المغرب يخطط لزيادة اعتماد القطار فائق السرعة على الطاقة المتجددة إلى 50%
توليد وتخزين الكهرباء
من بين موارد الطاقة المتجددة في المغرب، التي تدعم المستقبل الأخضر، يأتي بناء الطاقة الشمسية في شمال أفريقيا المقترنة بخطوط تيار الجهد العالي المستمر التي تنقلها إلى أوروبا.
ويرتكز مشروع الربط الكهربائي بين المغرب والمملكة المتحدة على خط بحري عالي الجهد بطول 3,800 كيلومتر يصل إلى مقاطعة ديفون.
ورغم أن هذا الخط سيكلف مبالغ طائلة، سيصل فقد كهرباء إلى 15% خلال النقل، ولكنه سيظل ذا قيمة كبيرة، ويتيح للمغرب تصديرًا جديدًا، ويوفر للمملكة المتحدة قدرة أكبر على استخدام الطاقة الشمسية.
ويمكن أن يؤدي وجود الطاقة الشمسية المركزة في المغرب دورًا في تخزين الكهرباء الذي يعزز القدرة على استخدام الكهرباء باستمرار.
ويبدو أن مطوّر المشروع شركة “إكس لينكس” أكثر اهتمامًا حتى الآن بمجمع بطاريات بقوة 5 غيغاواط لمدة 4 ساعات تدعمه 10.5 غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتُعدّ منطقة الصحراء الغربية مثالية لإنتاج الهيدروجين الأخضر نظرًا لمساحات الأراضي الممتازة، وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، بالقرب من أوروبا.
وتوجد في المغرب مناقصة هيدروجين بقدرة 100 ميغاواط مخطط لها في عام 2022، إضافة إلى 200 ميغاواط فقط من الخلايا الكهروضوئية المركبة.
وقد تعهّد المغرب بجمع 1.6 مليار دولار من التمويل العالمي لبرنامج طاقة الرياح بقدرة 1 غيغاواط، على أن يجري تشغيله في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2024.
ويتضح مما سبق أن الرباط يتمتع بمكانة جيدة للاستثمارات، ويتعين عليها تحفيز مصادر الطاقة المتجددة في المغرب، في ظل المساعدة والأفكار الأجنبية المذكورة في مساهمته الوطنية بشأن تحول الطاقة.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية