أوروبا لجأت إلى مصر لتأمين جانب من إمدادات الغاز عقب غزو أوكرانيا.. تعرف على الثروة الهائلة لعملاق الغاز العربي

تتجه الأنظار إلى دور مصر في دعم استثمارات الغاز الطبيعي خلال استضافة القاهرة قمة المناخ كوب 27، المقرر انعقادها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في مدينة شرم الشيخ.

وتتطلع الدول الأفريقية إلى الاستفادة من إمكانات الطاقة بها خاصة فيما يتعلق بالغاز الطبيعي، وأن عوائد استثماراته تُسهم في توفير الإنفاق على خطط انتقال الطاقة وتلبية الطلب على الكهرباء في القارة السمراء.

وعقب إحراز مصر إنجازات مهمة في استكشافات الغاز الطبيعي وتصدير الغاز المسال -في الوقت الذي تتوسع خلاله في الطاقة المتجددة (الرياح والطاقة الشمسية)- تعوّل الدول الأفريقية على الدور المصري في تعزيز استثماراته دوليًا خلال كوب 27.

دعم الغاز الطبيعي

قطعت مصر شوطًا كبيرًا في تحقيق التوازن ما بين استثمارات كل من الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، ما دفع أوروبا إلى اللجوء إليها لتعويض غياب إمدادات الغاز الروسي عقب غزو أوكرانيا.

وخلال شهر أبريل/نيسان الماضي، زار مصر نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية للصفقة الخضراء، فرانس تيمرمانس، لبحث إمكان تأمين مصر جانبًا من الطلب الأوروبي على الغاز، وتطرقت مباحثاته مع مسؤولين مصريين إلى ضرورة تنوع مصادر الطاقة والانتقال نحو الطاقة المتجددة.

من جانبه، أكد الأستاذ غير المقيم ببرنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط المدرس بجامعة نبرة الإسبانية، مايكل تنخوم، أن إنجازات مصر المتوازية في الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة أثبتت أن نظرية المنافسة بينهما غير واقعية.

وقال تنخوم إن مصر حققت خطوات دبلوماسية مهمة قبيل قمة المناخ كوب 27، بتوقيعها اتفاقًا مع الاتحاد الأوروبي يضمن التعاون بين أوروبا وأفريقيا في مجالات الغاز المسال والهيدروجين الأخضر.

الغاز والطاقة المتجددة.. طريقا الربط الكهربائي

نجحت مصر في المواءمة بين تطوير الغاز ومصادر الطاقة المتجددة، للحد الذي أسهم في تحقيق إنتاج المصدرين فائضًا سمح بسد العجز المحلي في الكهرباء وانطلاقها نحو مشروعات الربط الكهربائي مع أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط.

وفسر مايكل تنخوم علاقة الغاز الطبيعي بالكهرباء والطاقة المتجددة في مصر بأن غالبية الصادرات عبر خطوط الربط الكهربائي تعود إلى الغاز (الغاز عبر الأسلاك)، ويمكن الاستفادة من تلك الخطوط في تعزيز استثمارات الطاقة المتجددة والتأسيس للبنية التحتية الخاصة بها.

وتطرق تنخوم إلى جانب من إنجازات مصر في الغاز والطاقة المتجددة، ومن ضمن تلك الإنجازات اكتشاف شركة إيني الإيطالية حقل ظُهر في أغسطس/آب 2015، الذي يضم موارد كافية لاكتفاء مصر ذاتيًا تصل إلى 850 مليار متر مكعب من الغاز.

وخلال الأعوام اللاحقة لاكتشاف حقل الغاز أنشأت مصر مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، بسعة تصل إلى 1.8 غيغاواط ويضم 49 محطة تُسهم في خفض الانبعاثات بنحو مليوني طن سنويًا.

الهيدروجين والأمونيا

أكد مايكل تنخوم أن السياسات المصرية الأخيرة برهنت على أن الغاز الطبيعي يُحفّز التوسع بمصادر الطاقة المتجددة، ما يؤكد عدم وجود منافسة بينهما، وفق ما أورد في مقاله المنشور بالموقع الإلكتروني لمعهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن.

وبالتوازي مع إنجازات مصر في مجالات الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، عكفت القاهرة على تطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا، وتوقع تنخوم في مقاله إعلان مصر -رسميًا- إستراتيجيتها الوطنية حيال الهيدروجين خلال المدة من شهر يونيو/حزيران المقبل حتى قبيل انعقاد قمة المناخ كوب 27.

وخلال العام الماضي والأشهر الأولى من العام الجاري، عكفت مصر على عقد شراكات واتفاقيات من شأنها دعم تطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر المصادر المتجددة.

ولجأت القاهرة -قبل عام- إلى التكتل البلجيكي “دي إي إم إي” لدعم تحديد مراكز الهيدروجين بها بما يتلاءم مع شروط توافر إمدادات المياه، كما وقع تحالف يضم شركة سكاتك النرويجية وفيرتيغلوب الهولندية-الإماراتية اتفاقًا مع شركة أوراسكوم المصرية لتطوير مشروع للهيدروجين الأخضر بالعين السخنة.

وتواصل مصر دراسة تخزين الهيدروجين الأخضر في صورة أمونيا خضراء، خاصة أنها تحتل الترتيب الـ7 عالميًا -عقب السعودية- بين أكبر الدول المُنتجة للأمونيا.

اقرأ أيضاً: هل ينجح الغاز المصري في تأمين إمدادات أوروبا؟.. تقرير حديث يفجر مفاجأة بالأرقام


توقع تقرير حديث لصندوق النقد العربي أن يؤدي الغاز المصري دورًا مهمًا في تأمين احتياجات أوروبا، مع خطط القارة العجوز للتخلي عن الوقود الروسي.

وتستهدف دول الاتحاد الأوروبي تنويع وارداتها من الطاقة من العديد من دول العالم، مع خطط لفرض عقوبات على روسيا لغزوها أوكرانيا، خاصة أن موسكو تسهم بنحو 41.1% من إمدادات الغاز الأوروبية.

وقال التقرير إنه في الوقت الذي تُعد فيه كل من الجزائر وقطر من بين أهم المصدرين للغاز إلى أوروبا، بأهمية نسبية تقدر بنحو 7.6%، و5.2% على التوالي؛ فإن جهود الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر إمدادات النفط والغاز، تعزز من مكانة كل من مصر والسعودية والإمارات إلى جانب قطر والجزائر؛ إذ تسهم هذه الدول بنحو 72% من طاقة إنتاج الغاز الطبيعي المسوق على مستوى الدول العربية.

غاز شرق المتوسط

أكد تقرير صندوق النقد الدولي أن القاهرة من بين الدول العربية التي من المتوقع أن تستفيد في الأجل المتوسط من تنامي قدرات صادرات الغاز المصرية إلى أوروبا.


يأتي ذلك في ظل إطار تعزيز التعاون في مجال الطاقة الموقّع بين كل من مصر وقبرص واليونان في سياق منتدى غاز شرق المتوسط، وبما يخدم محطات إنتاج الكهرباء في هذه الدول.

بشار إلى أنه في شهر سبتمبر/أيلول 2021 حُوِّلَ منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية تضم 6 دول ومقرها القاهرة؛ بهدف إنشاء سوق إقليمية تنافسية للغاز.

الإمكانيات المصرية

قال التقرير: “أدت عدة عوامل دورًا مهمًا في تعزيز المكانة الإقليمية لمصر في سوق الغاز الطبيعي؛ ومن بينها ارتفاع القدرة الإنتاجية الحالية لمصر من الغاز الطبيعي إلى 73.4 مليار متر مكعب في ظل مشروعات تنمية حقول الغاز”.

وأشار التقرير إلى مشروع تنمية حقل ظهر بقدرة إنتاجية سنوية تبلغ 28 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى قدرات تسييل الغاز الطبيعي وتصديره بإجمالي قدرة إنتاجية لمصنعي الإسالة في إدكو ودمياط يقدر بنحو 12 مليون طن سنويًا.

يُصَدر حاليًا الغاز المصري إلى أوروبا في حدود الطاقة القصوى الحالية لوحدات الإسالة بمدينتي إدكو ودمياط، كما أن القاهرة لديها مشروعات ضخمة لإسالة وتصدير مخزونها الضخم من الغاز المكتشف في منطقة البحر المتوسط، ولا سيما حقل غاز ظهر.

وشدد التقرير على أن هناك فرصا لدور مصر باعتبارها لاعبًا إقليميًا معززًا لإمدادات الغاز إلى أوروبا في المدى المتوسط من خلال استقبال الغاز من الدول العربية الأخرى المصدرة الرئيسة للنفط ثم تسييله وتصديره إلى أوروبا.

يشار إلى أن الدول العربية تمتلك نحو 26.5% من الاحتياطي المؤكد من الغاز، ومسؤولة عن 15% من الغاز المسوق عالميًا، وتمتلك فرصًا للاستفادة من جهود الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر إمدادات النفط والغاز.

اقرأ أيضًا: أسبوع سيرا.. مصر تؤكد أهمية الغاز الطبيعي في إستراتيجية تحول الطاقة


أكد وزير البترول المصري، طارق الملا، خلال مشاركته في جلسة نقاشية على هامش أسبوع سيرا، المنعقد في مدينة هيوستن الأميركية، أهمية الغاز الطبيعي بأداء دور محوري في إستراتيجيات تحول الطاقة.

وشهدت الجلسة استعراض رؤية مصر في تحول الطاقة والتوجه العالمي للطاقات النظيفة والخضراء في ضوء استضافتها لقمّة المناخ كوب 27، بالإضافة إلى الدور المهم والمتنامي لمنتدى غاز شرق المتوسط والفرص الاستثمارية المتاحة أمام الشركات الأميركية.

وأكد الملا، في كلمته خلال الجلسة النقاشية التي نظّمتها غرفة التجارة العربية الأميركية بمقرّ شركة أباتشي بمدينة هيوستن، على هامش أسبوع سيرا للطاقة، الفرص الاستثمارية المتاحة بمصر في مجالات صناعات النفط والغاز الطبيعي، والتي تتوافق مع رؤية الإستراتيجية الوطنية لمواجهة تغير المناخ، وجدوى تلك الفرص في ظل ما تشهده أسواق الطاقة من متغيرات، وخاصة المتعلقة بالأسعار العالمية.

إستراتيجية قطاع النفط

أشار الملا إلى أن قطاع النفط المصري ينفّذ حاليًا استثمارات كبيرة في عدد من المشروعات من أجل تحقيق هذه الإستراتيجية، وتُقام وفق المواصفات القياسية العالمية.

وتطرّق خلال كلمته على هامش أسبوع سيرا إلى النجاحات التي تحققت لاستثمارات الشركات الأميركية في السوق المصرية، وأن هذه السوق تشهد نموًا واضحًا ينتج عنه فرص استثمارية متميزة، مما يفتح الباب أمام ضخّ المزيد من الاستثمارات، أسوة بما فعلته شركتا إكسون موبيل وشيفرون.

ولفت إلى تنفيذ عدد من مشروعات التقاط وتخزين الكربون والاستفادة منه، فضلًا عن مشروعات الاستفادة من غازات الشعلة بدلًا من حرقها في العديد من حقول النفط.

وقود انتقالي

أكد الملا أهمية الغاز الطبيعي وقودًا انتقاليًا، مستعرضًا التجربة المصرية في التوسع باستخدامات الغاز الطبيعي في كل الأنشطة الصناعية وفي تموين السيارات للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط، وكذلك التوسع في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل بديلًا عن أسطوانات الغاز المنزلي –غاز النفط المسال- بهدف استغلال ميزة وفرة موارد الغاز الطبيعي.

وأشار وزير البترول إلى أن منتدى غاز شرق المتوسط يمضي قدمًا في الطريق الصحيح، ليصبح من المنظمات الدولية الفاعلة بمجال صناعة الطاقة، مشيرًا إلى أن ما يميز نشاط المنتدى أنه يجمع كل الأطراف المعنية، سواءً الدول المنتجة والمصدّرة أو الدول المستهلكة أو دول العبور في منظومة تعاون وتكامل تهدف إلى إطلاق إمكانات منطقة شرق المتوسط.

التعاون مع شيفرون

كان وزير البترول والثروة المعدنية قد عقد أمس الثلاثاء جلسة مباحثات مع رئيس شركة شيفرون، كلاي نيف، على هامش مشاركته في أسبوع سيرا للطاقة الذي تقام فعالياته خلال خلال المدة من 7-11 مارس/آذار 2022 بمدينة هيوستن بولاية تكساس.

جرى خلال اللقاء استعراض نشاط الشركة في مصر وخططها البحثية بمناطق امتيازها غرب البحر المتوسط وفي البحر الأحمر، والتعاون المشترك بين الجانبين في نقل الغاز من حقول شرق المتوسط لإعادة تصديره من خلال الاستفادة من البنية الأساسية التي تمتلكها مصر لإسالة الغاز الطبيعي.

وأشار الملا إلى أن دخول شيفرون للبحث والاستكشاف السوق المصرية مؤخرًا يؤكد على جاذبية الفرص النفطية التي تطرحها مصر، وما تؤسس له من مستقبل واضح الرؤية لهذه الصناعة الحيوية التي ما زالت المصدر الرئيس لإمدادات الطاقة فى العالم.

وأبدى نيف تفاؤله بتحقيق نتائج أعمال متميزة بمناطق عمل شيفرون في مصر، مع الدعم الذى توفره وزارة البترول والاحتمالات والشواهد النفطية في هذه المناطق، مؤكدًا اهتمام شركته بالإسراع في تنفيذ خططها.

يجمع أسبوع سيرا كل عام القادة العالميين في مجال الطاقة والصناعة على مدار 40 عامًا هي عمر المؤتمر لتقديم أفكار جديدة ورؤى وحلول لأكبر التحديات التي تواجه مستقبل الطاقة والبيئة والمناخ

وتشهد فعاليات أسبوع سيرا هذا العام مشاركة أكثر من 840 متحدثًا ووفودًا ممّا يزيد عن مئة دولة حول العالم، وتُعقد دورته هذا العام تحت شعار “وتيرة التغيير: الطاقة والمناخ والابتكار”.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

Exit mobile version